صفحات الناس

سورية تستشهد؟ أم تدفن على قيد الحياة؟!/ معتز نادر

 

 

 

هذا ليس عنوانا لعمل أدبي أو رواية مسرحية، أو مجرد تعبير رمزي عن حالة ظلم تراجيدية تقليدية يفرضها ظرف معين، “سورية تستشهد”، عبارة قالها البابا فرنسيس في ساحة القديس بطرس أمام الآلاف، مضيفا أن ما يحدث في سورية: “غير إنساني”.

والتساؤل هنا بصرف النظر عن التعاطف الإيجابي في عبارة الرجل.. هل على المجتمع الدولي أن يظل يعتبر سياسة التنديد السياسي كافية لوقف الرعب السوريالي الدموي في سورية؟

هل بالفعل يعتقد المجتمع الدولي أن التنديد وصيحات الاستهجان وسيلة ضغط فاعلة على نظام متوحش وحلفاء لا يقلون وحشية؟.. هم لا يصدقون تنديداتهم ويعلمون أننا لا نصدقهم، ومع ذلك هم مستمرون. أي بؤس هذا الذي يعتري العالم السياسي عندما يصل مستوى الزيف إلى هذا الحد على حساب شعب ينتهك كل يوم، عندما لا يحترم نظام قاتل لدولة ما قرارات صادرة من مجلس أمن يضم أقوى خمس دول في العالم. فهذا لا يعني إلا أمرا واحدا، هو أن مجلس الأمن هذا مشلول وبائس ومزيف، ولا يؤمن بقراراته أكثر من كونه لا يحترم عقول السوريين وهذا لا يهمه بطبيعة الحال.

نسمع عبر تصريحات سياسية صادرة من مسؤولين أميركيين أو أوروبيين من هنا وهناك.. لسنا مضطرين لحل مشكلات العالم؟! وهذه معركة السوريين المطالبين بالحرية، حسنا، هذا صحيح، إذاً لا تساهموا في اشتعالها أكثر عبر أجنداتكم التي تعمل على الأرض السورية، أو عبر تنديداتكم التي لا طائل منها.

الأميركيون والروس والأوروبيون يقولون إنهم حريصون على إنهاء الأزمة.. يجب أن يعلموا أن هذا التلفيق لم يعد يقنع السوريين. بعد ذلك، يأتي الأتراك والفرقاء الإقليميون يعرضون استعدادهم لاستضافة المزيد من السوريين وتقديم كل الدعم!

نقول لهم لا يمكنكم تقديم الدعم وأنتم تدعمون وتقاتلون في الأراضي السورية، أي دعم تقدمونه لهم وأنتم تساهمون في إخراجهم من ديارهم عنوة عبر حرب تشاركون بها! السوريون لا يريدون أن يخرجوا من أراضيهم، لأنهم يفرحون عندما تقدمون لهم المساعدة والدعم، هم يَخرجون من ديارهم لأنهم أجبروا على ذلك.

للسلطات التركية: ليس علينا كبشر وكأصحاب رأي وكسوريين أيضا أن نقول لكم إن ما تفعلونه هو الصواب لأنكم تستضيفوننا على أراضيكم. ليس علينا أن نغلق فمنا من أجل ذلك!..

في الغوطة الشرقية وفي مناطق عديدة سورية لم تستشهد يا سيدي، سورية تدفن وهي على قيد الحياة، إنها تقتل وتغتصب وبلا أي ثمن، ولن نواسي أنفسنا بالشهادة كبديل عادل لحدث ليس فيه أي نوع من العدالة عندما يدفن الآباء أبناءهم وهم على قيد الحياة، عندما لا توجد فسحة لدفن الموتى من كثرة الجثث.. ولن نقولها ذات يوم بطريقة فنية على طريقة الأفلام: حدث ذات يوم في الغوطة الشرقية.. بل سنقول: لقد دُمرت هذه المدينة وهي على قيد الحياة، لأن الطاعون عاد وانتصر على بقية مدن العالم، وسمم جثث سكانها.

العربي الجديد

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى