صفحات سوريةغسان المفلح

“سورية كثرت عليها المطاليب والحزن غطاها”


غسان المفلح

حوران كدوما وكحمص.. كسورية عندما تتعمد الحرية بالدم ويجمعهما غناء شعبي، بصوت ثوري ومن قلب الحدث الابرز في التاريخ المعاصر، وغناء من وحي القصيدة التي انتجتها أعظم ثورة عرفتها المنطقة، وقل نظيرها في التاريخ الانساني..” عند الكرامة ينزف الدم الحمر” يكتب مغني الثورة السورية في حوران احمد القسيم” حيوا العروبة….وبالجمهورية السورية زفوا الخبر..”….

إنها حوران باطفالها وشبابها وشيبها ونساءها، حوران التي شقت جدار المعجزة، وقدمت فن اللااستحالة للسوريين..إنها ثورة بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى وارث للاجيال القادمة، عندما أرادت العصابة الحاكمة جعل استرداد سورية استحالة..إنها حوران التي فتحت الطريق لتخليص سورية من أبشع حكم عرفته البشرية..حكم الأسد منذ مجيئه 1970غطى سورية بالحزن وبالفساد والسجون والسرقة الموصوفة وفق ابشع الآليات..لم تبق جريمة لم يقترفها هذا النظام- العصابة..طيفت سورية لأن في سورية طوائف، فاحالت التعايش إلى حقد دموي، أعطونا جريمة واحدة لم يقترفها هذا النظام؟

يستنبط احمد القسيم في أغنيته تلك، ما تعيشه سورية في تلك اللحظة من عمر الثورة..كثر المطلوب من شعب يغطيه الحزن، لم يبق بيتا في سورية، إلا وقدم شهيدا أو معتقلا..المجتمع الدولي بات يتفنن في اختراع الذرائع، لكي تكثر المطاليب في ظل هذا الحزن!! كما يعتقد الروس والإيرانيون خاصة..

المجتمع الدولي يريد ضمانات لأمن إسرائيل، ويريد أن يعرف وضع الأقليات عموما والمسيحيين خصوصا، المجتمع الدولي يريد من المعارضة أن تتوحد…وهذا أغرب طلب في الواقع..وأبشع عقل ينتجه..عقل أقل ما يقال فيه أنه عقل يريد مخالفة الطبيعة ليس البشرية بالفطرة، بل الانسانية بالتعلم، كيف يمكن توحيد المصالح والرؤى والاشخاص والاحزاب والتيارات في تنظيم واحد؟ يعتقد بعضهم ممن يطرح هذا المطلب من المجتمع الدولي على المعارضة، أنه يسهل عليه قيادة هذه المعارضة اللاموحدة..الشعب السوري الذي لم يكن مسلحا طيلة ستة أشهر وأكثر من عمر ثورته، طالبوه منذ البدء بوقف العنف من الطرفين..كل هذا الحزن وكثرة هذه المطاليب كما يغني القسيم، نسوا أن الثورة لم تحقق مطلبها الكامل بعد، وأن هذا الشعب سيحققه، مهما ابدع المجتمع الدولي والاقليمي من عنانات أممية ومن مودات رقابية، وقبله من عربيات ليس فيها من النبالة في شيئ،، ودابيات خريج نظام البشير ذو التاريخ المجازري ومشارك فيه…شعبنا يعرف بحسه العملي والتثقيفي أيضا…أن كل هذا إنما لاستمرار الجريمة الأسدية..إنها البنية الأقلياتية للشرق الأوسط، التي تكرست مع الإسرائيلية التي لم تستطع حتى اللحظة إنتاج سلام حقيقي..هذه البنية الأقلياتية التي تطالب الضحية بضمانات تقدمها للجلاد…هذه البنية الأقلياتية التي تنادي باندلس وهي تقوم بالمجازر في حماة وحوران وحمص وديرالزور ودوما وكل الاراضي السورية، ماعدا جبال الساحل وريف حمص الشرقي، ينادي بالقدس وهو يقتل يشارك بقتل السوريين حزب الله وإيران…يكتب اليوم ياسين الحاج صالح” ثقافة الامتياز حولت ما هي سلطة واقعية مطعون في شرعيتها إلى سلالة مقدسة، وأورثت السلالة وأعوانها ما يمكن تسميته هوس السلطة أو جنونها،… والاستعداد لفعل كل شيء من أجل الاحتفاظ بها…الغرور والتعالي والعجرفة، والنظر إلى العموم كحثالات وتافهين، واحتقار حتى أدوات الطغمة ذاتها ورجالها من وزراء ومسؤولين مدنيين، وعموم العسكريين، يميز السلطة الحقيقية في البلد المتكونة حول النواة الأسدية وذوي ثقتها، والتي يقول أربابها صراحة في دوائرهم إن السلطة لنا ولن نتخلى عنها (تتشكل «نحن» المُحال إليها من تقاطع الأسرة والطائفة).

في آذار حوران كانت البداية بأول طفل شهيد، لتفكيك هذه المعادلة التي صاغها ياسين ببراعة، وطرحها للتداول لتغييرها، في هذا يغني القسيم الآن…في كل هذا الحزن، يخرج العالم الغاشم الذي كان سندا للبنية الاقلياتية هذه ليقول لشعبنا، نريد بعد حزنك، ودمارك، أن تقدم ضمانات لسبب ما أنت فيه اليوم من دم…بحر من الدم…ثمن عرف شعبنا مع هذه العصابة أنه سيدفعه عاجلا أم آجلا…فكيف لمجتمع دولي يحترم الحد الادني من ذاته وقيمه ومعاييره، ان يطالب من هو غريق في دماءه، أن يعطي ضمانات، لبنية اقلياتية تنظر إليه من اعلى طاهرة الذيل!!!!!

البنية الاقلياتية ليس هذه الطائفة أو تلك، حتى وإن كانت كذلك في لحظة سورية حزينة، يقرها الغرب والمجتمع الدولي ذاته سوريا، يقولون الحكم العلوي الأقلوي…كل مراكز بحوثهم، ومبدعي سياسات إداراتهم بما فيهم الروس والايرانيون والصينييون..كلهم مجمعين على عصابة أقلاوية هي من تقوم بهذه بالمجازر،أقول هذا الكلام لأن شعبنا يعرف أيضا أنه يريد سوريته، بكل ما فيها من أديان وطوائف وقوميات، سوريته التي غناها القاشوش وسميح شقير وكل مغني الثورة وانتهاء بالقسيم ولن يكون الأخير…مع ذلك هم يدركون جيدا، ماذا تعني البنية الأقلياتية في الشرق الأوسط؟ منهم من يطالب بضمانات ليس للأقليات كبشر وكدم..بل كخطاب سياسي ومصالح ارتبطت به، روسيا نموذجا، ومنهم يطالب بذلك لأنه يعرف كم ارتكبت وترتكب وسترتكب من مجازر باسم هذا الخطاب، لهذا بعضهم يخاف من الانتقام، والانتقام ليس مسجلا باسم الشعب السوري. ولا في تاريخه…

عددوا ما هو مطلوب من الضحية وهي غالبية الشعب السوري؟ سورية” كثرت عليها المطاليب والحزن غطاها”…

عددوا لنا المطالب ستجدون ان غالبية العالم مشترك في الجريمة..لأنهم يمنحون المجرم مزيدا من الوقت لمزيد من القتل…لكن سورية:

“حيوا العروبة…..وبالجمهورية السورية زفوا الخبر…..وعاشت سورية ويسقط بشار الأسد…”

شكرا احمد القسيم عندما تغني لحمص ولسورية…

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى