صفحات سورية

«سورية: مهمة مستحيلة» على شاشة «أرتي»/ ندى الأزهري

 

 

أمسية سورية تطيّر النوم من العيون، تابعناها ونحن السوريين نعرف، ويا للأسف، كل ما جاء فيها. عشناه وعايشناه منذ عقود، واليوم ومنذ سنوات يشهده بعضنا من بعد، من دون أن يعني هذا تخفيفاً لمشاعر ألم منغرسة في العمق. أمسية نشعر بضرورة متابعتها على رغم فظاعة ما جاء فيها، وعلى رغم علمنا بكل هذه الفظاعة.

«الصراع السوري سيبقى وصمة عار لا تمحى في تاريخ الأمم المتحدة» هذه هي النتيجة التي وصل إليها الوثائقي الفرنسي «سورية: مهمة مستحيلة» الذي عرضته محطة «آرتي».

المحطة الفرنسية الألمانية كرست أمسية الثلثاء الماضي لسورية خلال هذا الشهر الذي يحمل الكثير من المعاني للصراع الدائر منذ ست سنوات فيها. في برنامجها «تيما» الذي يتناول موضوعاً محدداً، عرض فيلم المخرجة الفرنسية آن بوارييه «سورية: مهمة مستحيلة» الذي يكشف كواليس الصراع على سورية بين روسيا والغرب والجهود الديبلوماسية للأمم المتحدة للخروج بحلول تنهي المأساة السورية. جهود ذهبت هباءً كما يخلص الفيلم!

تابعت المخرجة المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا خلال ستة أشهر بدأت في آب (أغسطس) 2016، ورافقته يومين في الشهر في كواليس الأمم المتحدة وخلال محادثات جنيف وكانت تجري معه في كل مرة حواراً حول التطورات في المحادثات حول السلام في سورية. وكانت النتيجة التي تظهر يوماً بعد يوم تؤكد «عجز رجل ومؤسسة» وتحطم الأمل بإنهاء المأساة السورية بسبب «تضارب مصالح دول المنطقة والعداء السابق بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا».

كان دي ميستورا يذهب أمام عدسة المخرجة من فشل إلى آخر في إيجاد الحلول للحرب في سورية التي باتت «حرباً بالوكالة» لفئات تمثل دول المنطقة، لكنه لم يقطع الأمل ولم يتوان عن إكمال المهمة، فهو لم يستقل كما فعل كوفي أنان مثلاً، ولم يحاول التخلص من عبء هذه المهمة «المستحيلة». كان يحاول في كل مرة تقريب وجهات النظر بين الولايات المتحدة وروسيا، لكنه كان يصطدم بمقاومة الروس الذين «لديهم كل الأوراق». وكان يبتلع الصدمات المتلاحقة والخيبات من «النظام السوري وروسيا»، بخاصة حين اخترقا الهدنة وواصلا قصف حلب خلال اجتماع لوزراء الخارجية في جنيف.

يبدي الفيلم أيضاً كيف أصبح ميستورا «متفرجاً» بعد تغير موازين القوى على الأرض السورية بعد سقوط حلب، وكيف بات هامش التحرك لديه أضيق فأضيق وكيف يبتعد السلام أكثر فأكثر، أولاً بسبب استقالة الولايات المتحدة في عهد باراك أوباما من منطقة الشرق الأوسط، واليوم بسبب غموض موقف الرئيس دونالد ترامب، إضافة إلى كل العوامل الأخرى من اختلاف المواقف بين المعارضة والخلاف بين روسيا وإيران والتنافس بين تركيا وإيران…

لكنّ ميستورا مصرٌّ على متابعة مهمته!

الأمسية تتابعت مع شريط وثائقي آخر حققته السورية روشاك أحمد التي قضت «12 يوماً و12 ليلة» في مخيم اليرموك المحاصر لتبين من هي هذه المعارضة التي تقاتل النظام السوري. في اليرموك حيث الضحكة وسيلة لمواجهة الموت وحيث لا يزال هناك مقاومون سلميون يتظاهرون بوجوه مقنعة أمام الكاميرا «خوفاً من تعرف النظام إليهم» ومقاومون اختاروا السلاح وهؤلاء يكشفون وجوههم، فهي «باتت معروفة للنظام». ناس كانوا يقاومون في البدء من أجل «الحرية» واليوم يقاتلون من أجل «النجاة»!

وعلى رغم تنبيه بعدم ملاءمة البرنامج التالي من الأمسية «للأشخاص الحساسين والصغار»، فقد شاهدنا «مختفون، الحرب المخفية في سورية» التقرير الذي حققه الفرنسيان صوفي نيفيل وإتيان هوفير حول «جيش الظل» للنظام السوري ليبين مأساة أخرى يقف المجتمع الدولي أمامها عاجزاً.

يلتقي الصحافيان للمرة الأولى عائلات سورية في المنفى، أشخاصاً ناجين من المعتقل ولكن أيضاً متعاونين مع النظام كشفوا عن استراتيجيته للبقاء في السلطة. يسرد هؤلاء طرق التعذيب التي تطبقها المخابرات السورية حيث لم يكن الهدف «قتل المعتقلين» بل البرهان على مدى قدرة النظام في الترهيب. «الهدف كان قتل فلان لتأديب علان»، كما قال أحد الذين شهدوا وخدموا النظام حتى تشرين الثاني (نوفمبر) 2014.

الحياة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى