صفحات العالم

سورية والتدخل العسكري


بهنان يامين

    منذ انطلاق الحراك الثوري في سورية، والموضوع الاكثر سخونة هو موضوع التدخل العسكري في سورية، حيث يدعو له البعض متقبلا اياه ويرفضه البعض الآخر بسبب النموذج الليبي والدمار الذي الحقه بليبيا، نتيجة تعنت النظام البائد القرو- وسطي للقذافي، والبعض يستعجل هذا التدخل.

    في الحقيقة التدخل العسكري موجود على الارض بطريقة او بأخرى، فلقد جاء الفيتو الروسي ليميط اللثام على ان قيادة النظام الاسدي قد اعطت للاتحاد الروسي ليس قاعدة عسكرية بحرية في طرطوس فحسب بل ايضا لروسية قاعدة جوية وفاعدة تنصت، اي قاعدة تجسس. ومن يدري ماذا سيعطون للروسية، الوريثة غير الشرعية للحقبة السوفياتية، ثمنا للفيتو الروسي في مجلس الامن. فالزيارة التي يقوم بها وزير خارجية روسية ومدير مخابراتها ليست بالبريئة، ولكنها لقبض الثمن بالطبع سيكون ذلك على حساب الشعب السوري والوطن السوري.

   هذا التواجد في الحقيقة هو نوع من التدخل العسكري في الشأن السوري ومن الممكن ان يستعمله الروس في اية لحظة لدعم النظام القمعي في دمشق. ومن يدري فقد يكون خبراؤهم يساعدونه بشكل فعلي سواء من خلال التدخل العسكري المباشر، بمد النظام وبشكل منتظم بالاسلحة من هذه القواعد، اضافة بالطبع الى الى الدعم المخابراتي.

   ليس الروس وحدهم يتدخلون عسكريا في سورية، فالجمهورية الاسلامية الايرانية، التي تربطها بالنظام السوري اتفاقيات منها العسكرية، رهنت ارادة النظام السوري كليا لايران. ويوما بعد يوم، سيتكشف الدور الايراني العسكري المباشر في الازمة السورية. يتذكر الكثيرون زيارة القطع العسكرية الايرانية للشواطئ السورية نهاية العام الماضي بالقطع لم يكن للتنزه على الشاطئ السوري الجميل، ولكن كان قطعا لنقل سلاحا ومعدات للنظام السوري.

   ايران ايضا تتدخل عسكريا من خلال حزب السلاح، الحزب الالهي، حزب الله اللبناني الذي يأتمر باوأمر الولي الفقيه، في طهران، هذا الدور لا يخفى على احد، فالاتفاق الثلاثي ما بين سورية وايران ودولة حزب الله يجيز لهذه الاطراف دعم الواحد للآخر في حال تعرضهم الى أي خطر بتهدد اي من الاطراف الثلاث. اليوم نلحظ بأن الحزب الالهي يتدخل عسكريا  بشكل يومي بالازمة السورية سواء بشكل مباشر من خلال جيش الشبيحة اومن خلال الدعم الذي يقدمه في لبنان من خلال الحكومة اللبنانية التي يسيطر عليها هذا الحزب. فقط لتذكير ببعض الحوادث المخابراتية: خطف المناضل الدرزي شبلي العيسمي والاخوة طه وغيرهم الكثيرين من الناشطين المعارضين السوريين الذين باتوا يتحاشون بشكل او بأخر الدخول الى لبنان.

    اذا على الارض هناك تدخل عسكري خارجي من قبل كل من روسية وايران، هنا نسأل بعض القوى في المعارضة السورية، التي ترفض بشكل قطعي، واحيانا كثيرة بطريقة مشبوهة، التدخل العسكري الخارجي، انتم ترفضون التدخل العسكري الغربي، ولكن لماذا لا ترفضوا وتدينوا التدخل العسكري الشرقي، ان صحت التسمية؟ هنا، على القوى المعارضة، متمثلة ببعض قوى هيئة التنسيق، التي ذهبت الى طهران ان تجيب على هذا السؤال. فقبل قبولهم بالمبادرة الايرانية المشبوهة كان عليها ان يشترطوا على النظام القمعي الايراني، ايقاف الدعم العسكري الايراني للنظام القمعي الحليف في دمشق.

   منذ تحرك اطفال درعا الاشاوس وما تلاها من تصاعد الاحداث، وسورية قد دخلت دائرة الخطر، فالنظام المحتضر في دمشق يعمل المستحيل للبقاء في السلطة، التي امسك بزمامها لما يقارب النصف قرن، وقد اختار الحل الامني الذي ثبت عمليا على الارض فشله، بل على العكس، فقد ادى الى تحويل بعض القوى السلمية الى قوى مسلحة، وهو حق مشروع للدفاع عن النفس وعن كرامة الشعب السوري.

  فرح النظام المحتضر في دمشق بالفيتو الروسي – الصيني، ولكنه يعرف ما هو الثمن الذي سيدفعه او دفعه للروس للوقوف معه في مجلس الامن، فبتمسك بالحل الامني وبسماحه للقوى العسكرية الشرقية للتدخل المباشر بالازمة السورية، يفاقم الوضع عسكريا على الارض، ويدفع الى الحل الليبي في سورية الذي سيجر علينا الويلات، كذلك يهدد تمزق الجيش السوري،  الذي تحول الى جيش احتلال يقتل الوطن ولا يحميه.

بقي علينا ان نشير الى اي درك وصل حكم البعث الذي يشرع الابواب لكل القوى العسكرية للتدخل العسكري ولتواجد القوى العسكرية وهو الذي قام علة محاربة هذا التواجد.

   العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى