صفحات المستقبل

سوريون تحت ضربات السياط: برسم المختلفين على الثورة والوطن


لافا خالد

 لافا خالد أدناها في رسالتي المختصرة ببضعة حروف والتي تحمل في ثناياها جرح وطني الذي ينزف بغزارة سوف اسرد بعض الحقائق كما هي مستوحاة من ارض الواقع فانا أعيش في قلب الوطن. كل شيء يجري أمامي وكما يقول المثل الكردي ((dîtin û gotin nabin weke he ))” بمعنى معايشة الأحداث بتفاصيلها ليس كما الحديث عنها من بعيد، .

ويحزنني يا اخوتي في الخارج القول أن الأخبار والمعلومات التي تصلكم هي ليست كما تتصورين مطلقا من جهة: أعداد الشهداء التي تجاوزت             7000-8000       شهيد – أعداد المعتقلين تجاوزت 30000 معتقل – معاملة السلطة للأهالي لا يمكن وصفها – الثورة، المظاهرات، الناس، النخب. فالجميع تحت ضربات السلطة المتوحشة، مثل الدجاجة النصف مذبوحة يدورون حول أنفسهم في حلقة مفرغة. قطيع وقع بين مخالب الذئاب دون أن يجد راعيا يحميه. والغنم الذي يقع بين مخالب الذئاب دون حماية،يكون مصيره الفناء. نعم نحن نتعرض للفناء على نار هادئة بمباركة جميع دول العالم بغض النظر عن تصريح خجول هنا أو هناك ،نحن نتعرض للإبادة تحت سمع وبصر جميع شعوب العالم خاصة المتقدمة “qaşo” التي تبكي على حقوق الإنسان،السلطة تتحدث عن مؤامرة ،نعم هناك مؤامرة كونية الأبعاد موجودة ضد الشعب،يخطط لها بان كي مون،واوباما،واردوغان ،ونتن ياهو،وخامنئي ،وساركوزي،وووو بالشراكة مع النظام الحاكم،وإلا ما معنى أن يتعرض شعب بأكمله للذبح طوال 6 اشهر وكافة الحكوما والهيئات والمنظمات الحقوقية تكتفي بمناشدات حذرة خجولة وتصريحات مترددة تدلي بها كلينتون في المساء ليعود اوباما يصححها أو يتراجع عنها في الصباح طبعا لصالح السلطة.- احزاب المعارضة التقليدية الموجودة في الداخل أو الخارج، بشقها الكردي والعربي، أيضا تتآمر على الثورة بطريقتها الخاصة، بشكل مقصود أو غير مقصود، لسببين:

اولا : محاولة الجميع استباق الأمور على أساس أن سقوط النظام بات شيء حتمي ، فلم يبقى أمام هؤلاء البؤساء غير التنازع على المناصب التي ستكون في سوريا الغد وهذه وقاحة وخيانة للدماء المهدورة،وكان المفروض بهم بذل المستحيل لوقف نهر الدم هذا والانخراط في تشكيل هيئة تمثل الثورة وتحميها،والسعي لدى دول العالم وشعوبه للضغط عليها حتى تجبرها على التخلي عن السلطة السورية والوقوف على الحياد في الصراع الدائر.

ثانيا: مزايدة أحزاب وزعماء وشخصيات المعارضة العتيقة على بعضهم البعض في مسالة التدخل الخارجي،حيث يخرج كل تعيس منهم على الفضائيات وينهق بأعلى صوته: التـــــــــــــدخل الأجنبي خـــــــــــــــــــــــــــط احمر ،طبعا كل واحد منهم هو وأولاده قاعدين في باريس ولندن وبرلين والرياض والدوحة،آمنين،مرتاحين،نائمين على اليورو،لا مخابرات تنزل عليهم في منتصفات الليالي ، ولا جيش يقصفهم بالمدفعية في فجر سوريا الطويل،ولا شبيحة تعتدي عليهم وقت الظهيرة،ولا كهرباء تنقطع عنهم ولا دواء يحرمون منه،ولا حصار غذائي عليهم، فلماذا لا يزاودون إذا كانوا لا يدفعون الضريبة من الدم والألم والعذاب والمآسي والويلات،هؤلاء لا يهمهم إذا نجحت الثورة أو فشلت،لأنهم في الحالتين سيخرجون مستفيدين،فإذا نجحت سيستقلون أول طائرة تتجه صوب دمشق ويقولون نحن من صنع الثورة وعلينا استلام السلطة،وإذا فشلت فسوف يبقون حيث هم ويقدمون أنفسهم إلى دول المنافي على إنهم ضحية نظام ظالم وعلى العالم أن يعطف عليهم بكميات اكبر من الدولار.

الثورة تجري على الأرض أما المعارضة العليلة تسكن كوكب لم يكتشف بعد، ومن قال أن النظام قد ضعف فهو كاذب ،ولماذا يضعف إذا كانت عناصر القوة كلها بيده ،العالم معه الجيش معه …..الخ والمعارضة بوعي أو عدم وعي معه وتخدم أغراضه، بينما الثوار والناس أصابهم الإعياء والتعب تحت آلة القمع الوحشية. وما يزيد الأمر خطورة أن الثوار اخذوا يشعرون بأنهم يتامى ولا من احد على جانبهم ،وهذا يؤثر بشكل كبير على معنوياتهم ،خاصة أن غالبية الصف الأول والثاني من قادة الحراك الميداني قد استشهدوا أو تم اعتقالهم، أنا معك الشعب السوري بطل،ولكن ليس هناك ثورة ناجحة في العالم من دون حليف أو صديق ، الثورة السورية هي الفريدة من نوعها في هذا المجال ،ولكن ما لم يحدث تبدل محوري في مجريات الواقع فلن أعطيك الأمل بان الثورة سوف تستمر أكثر من سنة ، لا أريد بث اليأس في قلبك ،ولكن الناس تعبوا ،ومهما قدموا من شهداء فلن يتغير المشهد فالنظام شهيته مفتوحة على القتل طالما ليس هناك طرف داخلي أو خارجي يردعه،والموت وحده لا يصنع انتصارا،يعني إذا مات نصف مليون أو مليون أو مليونين فان السلطة لن تخسر شيء بالعكس تكون قد تخلصت من بعض الجراثيم دون أن يكلفها ذلك أي ثمن.

الخلاصة: على المعارضة البالية في الداخل و الخارج،إذا كانت لديها ذرة شرف أو ضمير أو وجدان أو مصداقية،أن تسابق الزمن على تأسيس هيئة باسم الثورة دون قيد أو شرط فلا يكون لها غير برنامج مؤلف من بند واحد لا أكثر وهو((( إنقاذ الشعب السوري من الإبادة الجماعية))) لتأخذ هذه الهيئة على عاتقها مسؤولية طلب تدخل خارجي في الأزمة السورية حماية لأرواح الناس من حرب الإبادة التي تشنها الحكومة على أبناء الشعب دون تمييز،وإذا كانت المعارضة ترفض الحماية الدولية فلتنزل إلى الشوارع وتحمل السلاح وتدافع عن الناس حيث لم يعد شعار سلمية الثورة مجديا.

عزيزتي لافا

لقد أغراني عنوان مقالتك “خطوات عملية لدعم الثورة ” ولكن اعذريني لم أجد فيها ما يطابق العنوان سوى إبداء مشاعرك الجياشة نحو الثورة، المطلوب منكم إنقاذ ما تبقى منهم قبل فوات الأوان،انتم في الخارج لديكم الكثير لتقوموا به ولكن للأسف لا تفعلون،المطلوب من الشرفاء من أمثالك فضح ليس السلطة الحاكمة بل الأحزاب والشخصيات في المعارضة البالية،والضغط عليها وإجبارها على الكف بالمتاجرة بدماء الثوار،ودفعها إلى المطالبة بحماية دولية أو حمل السلاح،وإلا فان الناس سوف يعودون إلى منازلهم ،وحينها سوف تبدأ معركة السلطة الحقيقية حين تباشر عمليات انتقام سوف تكون أفظع من عمليات القمع التي يقوم بها الآن،وربما تتذكرين ماذا فعل بنا بعد قمع انتفاضة قامشلو 2004 ،أؤكد لك أن ربع شعبنا سوف يدخل السجون وربعه سوف يموت تحت التعذيب وربعه سوف يتحول إلى عبيد والربع الباقي سوف يكون سعيد الحظ إذا أصبح لاجئا ذليلا اردوغان.

اذكرك بالمثل القائل

الذي يأكل العصي ليس كما الذي يعدها

yê ku dara dixwe ne weke yê ku dihejmê re

ملحوظة: هذه نص رسالة لقارئ كريم لم يشأ أن اذكر اسمه لضرورات السلامة على حياته وددت أن ارسلها بتفاصيلها كما وصلتني وتكون برسم اجابة المختلفين على الثورة والوطن! ماذا تراكم فاعلين؟

lavaxalid@googlemail.com

*كاتبة سورية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى