صفحات العالم

سيدي الرئيس، عليك أن تغيّر مسارك

 


اوكتافيا نصر

“علينا أن نواكب التغيير ونجاريه كدولة ومؤسّسات. عليك أن تطوّر نفسك مع تطوّر المجتمع”، هذا ما قاله الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة نادرة أجرتها معه صحيفة “وول ستريت جورنال” قبل أربعة أشهر. كان الشرق الأوسط يشهد صحوة، ولا يزال، ثم انقلبت الأوضاع في سوريا أيضاً رأساً على عقب.

فرضت الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي عقوبات على رموز في النظام السوري بينهم الرئيس الأسد نفسه، فيما أوضحت الحكومة السورية أنها ستصمد في وجه الأزمة وستخرج منها سالمة مع الرئيس الأسد على رأس السلطة.

في تلك المقابلة التي أجريت في كانون الثاني الماضي، بدا الرئيس الأسد واثقاً من أن سوريا في منأى عن الثورات التي تجتاح الشرق الأوسط، وادعى أن بلاده تسير على طريق الإصلاح، وأوحى بأنها لا تواجه مشكلات من أي نوع. إذا تمعّنا من جديد في كلام الأسد ثم نظرنا إلى الاحتجاجات الدموية التي تشهدها المدن السورية يومياً، نستنتج على الفور أن كل عيوب النظام السوري فُضِحَت في أربعة أشهر فقط.

هنا لا بد من طرح أسئلة في هذا الظرف الراهن بعدما قتلت قوى الأمن السورية أكثر من 1100 مواطن وفقاً لمجموعات حقوق الإنسان وأبعدت الأجهزة التابعة للرئيس السوري الإعلام المستقل عن البلاد، فاقتصرت التقارير على تلك التي تبثّها وسائل الإعلام الرسمية أو على ما يرويه مواطنون عاديون يتحدّون الرقابة والسلطات لكشف ما يجري في بلادهم.

يدفعنا هذا كله إلى السؤال عما تنويه السلطات السورية في الأسابيع أو الأشهر المقبلة؟ وكم من الأشخاص سيُقتَلون قبل أن يبزغ فجر جديد؟ وهل من خطّة النظام السوري القضاء على المعارضة قضاء كاملاً؟

أما المتظاهرون فيبدون مصمّمين على مواصلة احتجاجاتهم الى أن تتحقّق إصلاحات جدّية.

وعلى رغم التعتيم الذي يفرض علينا الاكتفاء بالنظر إلى الأمور من بعد، نظل نفكّر في ما قد يذهب اليه الرئيس الأسد وفي النصائح التي يحصل عليها من محيطه.

لذا قد يكون من المفيد أن نعيد قراءة ما قاله قبل أشهر عندما كانت بلدان مجاورة تمرّ في مرحلة مشابهة لما تشهده بلاده حالياً. فقد تحدّث عن “مياه راكدة” تتسبّب بـ”التلوّث” و”الميكروبات” و”الأمراض” في دول مجاورة، لكنه اليوم لا يجيب عن مصدر المياه الملوَّثة والمليئة بالجراثيم في سوريا.

خلافاً لما أعلنه الرئيس الأسد في كانون الثاني الماضي، يبدو أن سوريا تشبه الى حد بعيد مصر وتونس من حيث استياء الناس من النظام ورغبتهم في التغيير. فسوريا تشبه كثيراً ما كانت عليه مصر وتونس قبل الثورة، وما هي اليمن والبحرين الآن، في خضوعها لقيادة ديكتاتورية تحاول خنق المعارضة.

سيدي الرئيس، أنت تشبه كثيراً القادة العرب الآخرين الذين خُيِّل إليهم أيضاً أنهم في أمان وأن الثورات لن تطالهم. ربما تحصل اليوم على النصيحة نفسها التي سمعوها من قبلك، ومفادها أن تتمسّك بالسلطة وتخنق المعارضة إلى أن تتوقّف الثورة. إن كنت تصدّق ذلك، فالنظرة بعين مراقب في الخارج تشير إلى أن عليك أن تغيّر مسارك، أن تعدله على الفور وجذرياً! وربما من الأجدى أن تعيد قراءة نص المقابلة مع “وول ستريت جورنال”، فتعمل بالنصيحة التي أسديتها آنذاك للدول العربية الأخرى.

النهار

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى