صفحات العالم

سيناريو الانتقال السوري الى ديمقراطية تعددية


رفيق خوري

المسألة في سوريا ليست الحوار أو اللاحوار بل الحل أو اللاحل. ومعيار النجاح في الحوار ليس السماح بكلام فوق سقف النظام يتعرض قائله في الشارع للرصاص أو الاعتقال بل السقف العملي للاجراءات. فمن المهم، ولو بعد أربعة أشهر من التظاهر والصدام، أن يعترف أركان النظام بوجود أزمة في البلد ومعارضة في الداخل والخارج، وبالحاجة الى حوار وطني. لكن الأهم هو إرادة الخروج من الأزمة بحل سياسي، وليس بالرهان على حل أمني – عسكري لم يفعل حتى الآن سوى تعميق الأزمة.

ذلك أن اللقاء التشاوري الذي دعت اليه السلطة وقاطعه ممثلو الشرائح الأساسية للمعارضة بدأ بما تجاوز التوقعات وانتهى الى ما هو متوقع: مداخلات تدعو الى تحريم الرصاص وتفكيك الدولة الأمنية، وبيان ختامي يقدم توصيات مشغولة بلغة حمّالة أوجه، بحيث تبدو كل توصية كأنها تحمل مفتاح تعطيلها. والكل يعرف أن ما يتحكم بالحوار ليس قوة الحجة في المناظرات الأكاديمية بل موازين القوى وراء كل رأي.

فمن الصعب تصور السلطة تقدم تنازلات اذا كانت واثقة من قدرتها على حسم الأمور بالقوة. كذلك تصور المعارضة تذهب الى الحوار اذا كانت واثقة من القدرة على إسقاط النظام في الشارع.

لكن الظاهر ان الفرصة ضاعت على سياسة كسب الوقت للحفاظ على الستاتيكو أو أقله للحدّ الأدنى من الاصلاح السياسي. فاللعبة الآن هي التغيير. وأقصى ما يطلبه أي معارض وطني هو تطبيق ما تحدث عنه نائب الرئيس السوري فاروق الشرع في افتتاح اللقاء التشاوري. إذ هو استخدم تعبير الانتقال الى تعددية ديمقراطية وأضيفت اليه تعابير جديدة في البيان الختامي.

ولا مجال للألغاز في عملية الانتقال من نظام شمولي الى نظام تعددي ديمقراطي. فالتجارب معروفة في دول المعسكر الاشتراكي. والسيناريو يتضمن ثلاث مراحل: الأولى هي التسليم بالحاجة الى التغيير. والثانية هي التفاهم على الاجراءات والآليات والقوى التي تدير الانتقال الى نظام ديمقراطي تعددي. والثالثة هي صوغ دستور جديد والذهاب الى انتخابات نيابية لاعادة تكوين السلطة. فهل هذا هو السيناريو المنتظر في دمشق أم أن هناك رهانات على سيناريوات مختلفة بعضها خطر وبعضها الآخر خطير؟

مهما يكن الجواب، فان الوقائع تؤكد ان الحل الأمني – العسكري فشل حتى في منع التظاهر، ولا مهرب من الحل السياسي. وسوريا، بموقعها ودورها ووطنية شعبها الرافض لأي تدخل خارجي، تستحق انتقالا ناعما الى نظام ديمقراطي تعددي.

الأنوار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى