صفحات سوريةميشيل كيلو

شبيحة!

  

ميشيل كيلو

السيدان: وزير الداخلية ووزير المصالحة الوطنية في سوريا

تحية وبعد

قبل قرابة شهر، كتب شخص اسمه «عيسى مسوح» رسالة على «فيس بوك» يطالب فيها أحد أشقائي بالتنصل مني وبإدانة ما أقول وأفعل، وإلا تم إحراق عيادته في اللاذقية والاعتداء عليه وعلى أخوتي وبناتهم وأبنائهم وأحفادهم.

وبالأمس، نشرت مجموعة من حملة الأسماء المسيحية رسالة أخرى على «فيس بوك» يعلنون فيها بالحرف الواحد أنهم «قرروا قتلي وأن دم إخوتي وأبنائهم صار حلالا لهم». هذه المرة جاء التهديد جماعيا وبالأسماء الصريحة.

هذان التهديدان بالقتل، اللذان يطاولان أشخاصا لا صلة لهم بما أقوله وافعله، وليسوا مسؤولين عنه، كان يجب أن يثيرا اهتمامكما، بغض النظر عن موقفكما السياسي أو الشخصي مني، وأن يستدعيا تدخل أجهزتكما ضد من يدعون علانية إلى قتل مواطن سوري هو أنا، لمجرد أن آراءه ومواقفه لا تعجبهم أو لا تتفق مع آرائهم ومواقفهم، علما بأن القانون يلزمكما بالتدخل، لأنه لا يجوز لأي سوري تطبيق القانون بعيدا عن القضاء، ولأن رجال الشرطة وحدهم مكلفون بتنفيذ ما يصدر عن المحاكم من أحكام. ولعلمكما، أنا لست محكوما وهم ليسوا قضاة أو رجال شرطة، ومن غير الجائز أن يحميهم موقفهم الموالي للنظام، ولا بد من إلقاء القبض عليهم وسوقهم إلى العدالة بتهمة الشروع في القتل، خاصة أن الدولة تقول دوما: إنها تحمي المواطنين من العصابات المسلحة، وهؤلاء عصابة تدعو علانية إلى القتل، يتجول بعض أفرادها في شوارع اللاذقية ودمشق والسلاح في أيديهم، وأنا مواطن أعزل يحتاج إلى حماية، حتى إن كنت لا أعيش اليوم في سوريا، ما دام المبدأ السيادي يقول بنزع العنف من أفراد المجتمع وحصره في أجهزة الدولة، التي لها وحدها أن تحمي المواطنين وأن تقصر عقابهم على القضاء، الذي يصدر أحكامه ضدهم، وعلى الشرطة التي تنفذها.

السيدان الوزيران

أنا متهم بدعم الإرهاب، لكنني لست مدانا بعد. وفي نص القانون: كل مواطن بريء إلى أن تثبت إدانته. أنا ما زلت إذن بريئا لم تثبت إدانته، فلا يحق لأي كان الدعوة إلى قتلي ناهيك عن قتل إخوتي وأولادهم وأحفادهم، فكيف إن أتت الدعوة علنية ومنشورة على صفحات التواصل الاجتماعي الشهيرة كـ«فيس بوك»، التي يقرؤها جميع الناس، صالحين وطالحين؟! ماذا سيحل بالحياة العامة، خاصة في مقبلات الأيام، إذا كان كل من هب ودب سيأخذ القانون بيده وسيطبقه على هواه، وكانت أجهزة الدولة ستتفرج عليه دون أن تفعل شيئا ضده؟ بالمناسبة، لا أريد لفت نظركما إلى أن القانون السوري لا يعتبر آراء المواطن جرمية، وأنه يقصر هذه الصفة على أفعاله، وأن دعاة قتلي وأهلي يأخذون عليّ آرائي التي يعتبرونها مهددة للمسيحيين، الذين ينصبون أنفسهم حماة لهم، مع ما في هذا السلوك من تعدٍ على حقهم في التعبير السلمي المباشر عن أنفسهم، وعلى الرغم من أن أحدا منهم لم يفوض دعاة القتل هؤلاء بالحديث نيابة عنه، ولم يطلب إليهم تحويل اختلاف في الرأي، في حال وجد حقا، إلى أفعال جرمية تودي بحياة أبرياء لا شأن لهم بما يقوله، هم إخوته وأبناؤهم وأحفادهم.

السيدان الوزيران

إنني أطالبكما باستخدام القانون ضد هذه العصابات وبإصدار أمر إلى الشرطة بإلقاء القبض على أفرادها وتحويلهم إلى القضاء، لينالوا الجزاء على ما يريدون ارتكابه من جرائم ضد مواطنين آمنين يعيشون في كنف القانون ويخضعون له ولا يقومون بأي فعل مناف له أو معاكس لمآربه، هم إخوتي وأولادهم، الذين قد لا يشاطرونني آرائي ومواقفي، وأكرر أنهم ليسوا مسؤولين عما أقول وأفعل، أو منخرطين في تنظيمات وأحزاب تتبع لي أو تخصني، ويمنع الدستور والقانون تعريضهم لعقوبات جماعية، فكيف إن عوقبوا بسبب أفعال لم يقوموا بها، أو انتقاما من قريب لهم، خاصة إن كان مثلي لا يحسب لهم أي حساب، عندما يتخذ موقفا أو يكتب مقالة أو يدلي بتصريح أو يقوم بأي نشاط.

نشر الشبيحة أسماءهم الصريحة على «فيس بوك»، لاحقوهم واقبضوا عليهم، كي لا يقتلوا أبرياء ويحرقوا بيوتهم، كما يقول تهديدهم المعلن. أما أنا، فإنني لن أغير نهجي ومواقفي، لأن من حقي دستوريا وقانونيا تكوين آرائي والتعبير عنها بالطريقة التي أحددها بملء حريتي، على أن أرضخ لأي حكم قضائي يصدر ضدي، في حال التزم القضاة بالقانون واحترموا حقي في الدفاع عن نفسي. أما أن أغير مواقفي لأن شبيحا اسمه عيسى مسوح وآخر اسمه سامر جبور يهددان بقتلي، فهذا لن يحصل، والأعمار أولا وأخيرا بيد الله، وأنا لست خيرا من أي مواطن سوري استشهد وهو يدافع عن حقه في الحرية والعدالة والكرامة والمساواة!

أخيرا، أضع هذه القضية تحت أنظاركما وأرى أنكما ستكونان مسؤولين عن أي أذى يلحق بأي فرد من أسرتي الكبيرة في سوريا، بعد أن تقدمت إليكما بشكواي هذه، التي آمل أن تلقى منكما الاهتمام الذي تستحقه.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى