صفحات سورية

شتائم على فيسبوك…بسبب حدادي على شهداء الوطن

 


ميس الكريدي : “مجلة الثرى”

دخلنا عصر الفيس بوك..بدأنا نتورط بتلك المحادثات والتعليقات مع الأصدقاء أولا, ثم بدأنا نمتلك ناصية الجرأة  فحاولنا التعارف على أصدقاء الأصدقاء…ودخلت المنطقة فجأة عصر الحراك الشبابي ليلمع نجم شباب الفيسبوك, ويباغتوا وطن الانغلاق الفكري والتسطح بثورات من تونس لمصر …

هكذا توطدت أواصر علاقتنا مع هذا العالم الافتراضي, وبدأ يطغى على هوامش حياتنا ليصبح في قلب الاهتمامات, ودخلنا معترك التلميحات السياسية, ثم قمنا باختيار شخصيات لها باعها الطويل في التنظير والنظريات, لنجعلهم أصدقاء, والذين هم بدورهم قرروا أهمية العلاقة مع الشباب ودخلوا في شراكة الأجيال التي لم تنجح حقا بقدر ما نجحت في هذه المرحلة الفيسبوكية بامتياز…

ليس الحديث هنا مقررا لامتداح فك التشفير عن هذا الموقع التفاعلي, والذي ساهم بدور كبير في الخروج من قوقعة الصمت القسري, ولكن لأبثكم استخدامات أخرى لهذا الانفتاح الجديد بأيدي وألسن مدربة على بث الفرقعات الإعلامية الهادفة للإساءة للنشطاء أيا كانوا, وأينما كانوا, وكانه القدر الغاضب يدرككم ولو كنتم بأبراج مشيدة..

بعد أن بدات الأحداث الدامية في سورية, تغيرت النظرة للواقع…صرنا نراقب بعين المنتبه لأهمية التواصل مع مختلف شرائح الحياة, بل بالنسبة لي تولدت قناعة بضرورة التقارب مع الجميع ولو من نمطيات مختلفة باستثناء ما يدل على فجاجة لا يمكن تقبلها,وهكذا صرت أكتفي بقراءة الحائط لتقييم شخص يرغب بتلك الصداقة, أو مقارنة عدد الأصدقاء المشتركين, وبحكم العمل مع المرأة فقلما يكون هناك تحفظ بالعلاقة معها , من باب فتح المجال الواسع للدخول في سجالات ربما تفضي بنا على الوصول إلى كنه أزماتنا المجتمعية,

وفي جو التوتر والألم الحالي, والموت, والذبح , وتشييع الشهداء, توجهت نمطية التعليقات المعتادة وغلبت عليها مسحة الحزن الشديد على أرواح تزهق في وطني, ودماء تسفك على ناصية شوارعنا الثكلى, وكنت كما غالبية من يطمحون للغد أن يشرق علينا جميلا, أكتب عن الوحدة الوطنية وأركز عليها, ورفض الطائفية, و إعلان الحرب عليها وعلى من يبثها, و مدن بلادي الممتشقة دمائها بطلات للكلمات التي تحمل ما تستطيع من شجن واحترام وتطلع لشعاع الحق يصرخ فينا, فما كان من شابة كتبت بأناقة على حائطها, إلا أن دعتني لطلب الصداقة وانا بين الحزن و الحزن, أتهاوى على كومة جثث انتفخت بها بلادي…

قبلت تلك الصداقة, خاصة وأن فيس بوك يمنحنا ميزة التراجع وحظر الصديق المسيء فكان هذا عامل أمان, بالإضافة لقناعتي الشخصية بضرورة التعاطي مع المجتمع جديا إذا كنا راغبين بسبر أغواره, ونطمح للتأثير في بنيته..

وانتقلت لصفحة أخرى أقرأ فيها وفي أقل من خمس دقائق تلقيت رسالة من صديقة قديمة تنبهني لمراجعة صفحتي, فأخذتني الدهشة وأنا أقرأ ما امتلات به الصفحة من شتائم وبهذه السرعة, وكأنها يد خبير مستعجل, شتائم لا تبقي ولا تذر  بكل ما في مستنقعات القذارة من مصطلحات تتناولني بصيغة الجمع, أنتم يا من تفعلون كذا وكذا….لوهلة توقعت ان يكون سلفيا أزعجه أن أكتب عن حجاب الطفلات, أو يرفض إصرارنا على المجتمع المدني و مطالباتنا بقانون أحوال شخصية منصف للمرأة …لكن الكلام لم يحتمل اجتهاداتي فقد كان موجها لي ولكل من يندب شهيدا في الوطن, و لكل متألم على درعا وبانياس واللاذقية وحمص, وبالحرف لا يمكنني النقل لكن بتصرف(( سنفعل كذا وكذا بكم وبكل من يشد على يد درعا)).

المهم تخلصت من هذه الدخيلة التي لا أعرفها, وبدات أتخلص من كل التعليقات المكتوبة, وأجمل ما في الموضوع تدخل أصدقائي الفيسبوكيون لنصرتي بالتعليقات الرائعة, وبالتعليمات والنصائح لتجاوز هؤلاء الخارجين من مستنقع البذاءة….

السؤال الذي حيرني هو ما معنى ان نشد على يد درعا, ونحن حتى لم نزر تلك المدينة التي لم تهدا نحيبا على شبابها, ولم نشترك في تشييع شهيد فيها, فقط كتبنا قليلا من شعور نواحا على جروحها, فما هو المطلوب؟ ماذا يريد أو تريد تلك الغريبة, التي تستحق لقب مندس ومندسة, خيانة الوطن من شيم الأنذال, الحر لا يعقل عقل ولسان الأحرار..ما هو المطلوب يا من دخل محراب الثقافة بمقلب قمامة يريد سكبه في حضرة شباب يتعلمون الحوار ويلجون عصر الحداثة بانتعاش الباحث عن الحقيقة؟؟

أن نلعن روح من سقطوا على ارضها الطاهرة والتي هي بقعة من وطني, وطني الذي لا شبر فيه عليه مزايدة, أو قابل للتفريط والبيع, لا قطرة دم سورية تهون علينا, كل من روى بروحه ودمه تراب وطني هو أب وأخ وزوج وحبيب وصديق وابن…..أنا الأرملة لكل شهداء بلادي أنا الثكلى …أنا الحزينة …أنا المقهورة ولا أحد يملك حق أن يصادر انتمائي لكل بقعة في سورية…..ليعلم الجميع أني في حداد وطني على شهدائنا, وكل دم سوري هو بعض دمي.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى