صفحات الناس

شراء الألبسة الشتوية حلم السوريين/ مروان أبو خالد

تشهد أسواق الملابس الشتوية في سورية ارتفاعات كبيرة في أسعار بضائعها، حيث تراوحت نسبة زيادة الأسعار خلال هذه الفترة من العام الحالي، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي 2012، ما بين 300-400% وسطياً. الأمر الذي يعني أن شراء ملابس لأسرة مكونة من أربعة أفراد لن تقل تكلفتها اليوم عن 40-50 ألف ليرة، أي ما يعادل وسطياً راتب موظف من الفئة الوسطى لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر.

وبالنظر إلى الأسعار السائدة في الأسواق، يلاحظ أن انخفاض سعر صرف الدولار لم يحمل أي انعكاسات إيجابية على أسعار الملابس الشتوية، التي لطالما ربط تجار السوق ارتفاع أسعارها بارتفاع سعر صرف الدولار. وما تشهده الأسواق تسعيراً عشوائياً يختلف من سوق لآخر تبعاً لمزاج التجار. فسعر بنطال الجينز تراوح ما بين 4-8 آلاف ليرة، وسعر جاكيت الصوف وصل إلى 4000 ليرة، أما جواكيت الجوخ الرجالية فلا يقل سعرها عن 8000 ليرة سورية. وتراوحت أسعار القمصان الشتوية وكنزات الصوف ما بين 3000-4500 ليرة، والبيجامات الشتوية تراوح سعرها ما بين 3500-7000 ليرة.

وإذا كان كبار السن بإمكانهم الاستغناء عن شراء الملابس الجديدة وإيجاد بدائل لها، فالحال ليس كذلك في ما يتعلق بألبسة الأطفال، فنمو الطفل من عام لآخر وتغير مقاس لباسه، وتأثره الشديد بالبرد يحتم على الأبوين شراء ملابس شتوية جديدة، وحسب بعض تجار السوق فإن الطلب على الملابس الشتوية اليوم يكاد يقتصر على ملابس الأطفال. وهذا ما جعل أسعارها ترتفع بمعدلات عالية، فالطقم الولادي الذي كان يباع العام الماضي بـ2000 ليرة، يتجاوز سعره اليوم الـ5000 ليرة، وسعر البنطال الولادي تجاوز 1500 ليرة، أما سعر الجاكيت الولادي فوصل لحدود 4000 ليرة، والكنزة الصوف ما بين 2500-5000 ليرة حسب نوعها.

ولا يمل التجار من خلق الحجج واحدة تلو الأخرى لتبرير ارتفاع الأسعار. فبعدما اتضح زيف ادعاءاتهم السابقة بالتحجج بسعر الصرف، ها هم يعلنون اليوم بأن تكاليف الإنتاج باهظة جدّاً، فأسعار الخيوط ارتفعت حوالي 300%، بالإضافة لأجور النقل والعمالة ونقص المعروض المحلي وغيرها من الحجج، وإن كان هذا الكلام صحيحا جزئياً، فهو لا يمكن أن يكون السبب وراء تضاعف الأسعار لثلاث أو أربع مرات، وذلك في ظل سبات حكومي، وتعامٍ مقصود عما يمارسه تجار السوق من تلاعب في أسعار الملبوسات. إذ لم تتخذ الحكومة أي إجراء يذكر سوى كلامها عن إمكان تزويد صالات عامة حكومية بألبسة شتوية تباع للمواطنين بسعر يقل عن سعر السوق بنسبة 50% بالحد الأدنى. ومن المؤكد أن هذا الكلام كغيره من الوعود الحكومية ليس سوى بيع لوهم لن يتحقق.

وقد أفادت مصادر في أسواق الملابس أن أكثر من 70% من رواد الأسواق النظامية يأتون للفرجة دون الشراء بسبب غلاء الأسعار التي تدفع بالمواطنين، لاسيما من الطبقات المفقرة، إلى اللجوء للأسواق البديلة كالبالة والبسطات التي تفترش بعض مناطق الكراجات، نظراً لرخص أسعارها مقارنة مع أسعار الأسواق النظامية ، بعد أن أدت الحرب المشتعلة في البلاد إلى دمار واختفاء ظاهرة الأسواق الشعبية التي كانت تختص بعروض ملابس تلائم فئات الدخل المحدود كسوق شارع لوبية في مخيم اليرموك. فعلى الرغم من ارتفاع أسعار البالة بمعدل وسطي 300% إلا أنها تبقى أرخص من المنتج المحلي. علماً أن تجارة البالة مازالت غير مرخصة من قبل الحكومة لأسباب صحية ولحماية الصناعة المحلية على حد قولها، وهذا ادعاء زائف تماماً لأنه لو كانت الحكومة حريصة على الصناعة الوطنية لما دمرتها بفعل حربها، كما أن محال البالة ما زالت مفتوحة وتلبي جزءاً مهماً من طلب المواطنين الفقراء ولم تقم الحكومة بإغلاقها تطبيقاً للقانون. كيف تغلقها، أصلاً، واستيراد ملبوسات البالة من الأردن ولبنان تحديداً بشكل غير شرعي يدر عوائد كبيرة على أقنية الفساد الحكومية التي تسمح بمرورها للداخل.

يذكر أن الحرب التي تعيشها البلاد منذ أكثر من عامين قد حملت نتائج كارثية على مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني ولم يسلم من نارها قطاع الصناعات النسيجية الذي مني بخسائر كبيرة. فالإحصاءات تشير إلى دمار أكثر من 331 منشأة نسيجية خاصة غير مقدرة الكلفة بشكل دقيق بعد، في حين وصلت خسائر القطاع العام النسيجي إلى 17.6 مليار ليرة سورية، والخسائر مرشحة للارتفاع في ظل استمرار الحرب. الأمر الذي يعني أن كل المؤشرات تنذر بإرتفاعات جديدة في أسعار الملابس التي أصبح شراؤها حلماً يراود جميع السوريين.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى