صفحات العالم

شــرارة دومــا وحصانــة سوريــا

 


خليل حرب

دمشق :

«سوريا لن تسقط»، يقول المصدر المقرب من الرئاسة، لا لأنها لا تشبه تونس أو مصر أو غيرهما، بل لأنها كما يقول، تمتلك من المناعة، ما يجعلها حصينة طالما ارتبطت مناعتها هذه، بقرار التغيير الصادر من رأس السلطة.

الكلام عن الحصانة قد يكون له ما يبرره من أفعال بدأ تنفيذها، وله ما يؤكده في الدعائم التي وجدت ركائزها منذ ما قبل عهد الرئيس بشار الأسد والقائمة على: ولاء الجيش والامن، والائتلاف غير المعلن بين من توصف بأنها «أقليات»، علوية ومسيحية ودرزية، الى جانب الدعامة الثالثة التي تضم تجار الشام وصناعيي حلب، بما يمثله هؤلاء من السنة.

ووفق هذه المعادلة المتعارف عليها، يقول مصدر على تواصل مع قيادات في السلطة، ان هذه الركائز لم تتزعزع خلال الاحداث الدموية الاخيرة، ولم تظهر فيها مؤشرات تصدع، كما ان أطرافها لها ما يدفعها الى الثبات.

وبينما لم تحمل حركة الاحتجاج طابعا شموليا، سواء على الصعيد المناطقي، أو على صعيد مشاركة شرائح اجتماعية كبيرة فيها، يذكرنا محدثنا الواسع الاطلاع بأن العشائر بغالبيتها الكبرى على ولائها، وهي على سبيل المثال، تتولى بنفسها حاليا معالجة ذيول الأحداث الدموية التي جرت في منطقة حوران، وتحديدا في درعا وجوارها، وهي مناطق سنية الطابع بعمومها.

فما هي الخلاصة؟ السنة ليسوا في السلة الواحدة للمعارضة، باعتبار ان غالبية العشائر (التي بالمناسبة يتحدر منها رئيس الوزراء المكلف عادل سفر)، سنية، تماما كما غالبية شريحة تجار الشام وحلب. «وما لم تتحرك هاتان المدينتان، دمشق وحلب، فلن يكتب النجاح لأي تحركات في فرض وقائع لمعادلة جديدة».

وبينما كانت تجري محاولات بعيدا عن الإعلام لمعالجة المأساة التي حلت على درعا، فجأة اشتعلت دوما، تماما على مشارف العاصمة دمشق!

أخطأ الامن بالمسارعة الى إطلاق النار على المتظاهرين؟ ام كان هناك مسلحون كما قالت الرواية الرسمية، أطلقوا النار على الناس ورجال الامن؟ أم شعر النظام بالقلق لان الشرارة اقتربت من العاصمة التي من دونها (ومن دون حلب) كان يفترض انه لا مكان للقلق؟

ليست واضحة الاجابات عن هذه التساؤلات، لكن المصدر، المتمتع بتواصل واسع مع السلطات، يقر بأن «دوما ستحتاج الى بعض الوقت للمعالجة».

في دوما، الضاحية العشوائية بغالبتيها، الواقعة على مشارف دمشق، والتي يقطنها أكثر من مئة الف شخص، تنتشر ظاهرتان: الفقر والاصولية، وهما عنصران اذا امتزجا، تولد «خطر».

تتردد أسماء تنظيمات إسلامية متطرفة، منها من له تمويل وهابي، ولها انتشار في مناطق الارياف. كما يحضر اسم «الامير بندر» الذي سبق أن ارتبط اسمه بما قيل انها مؤامرات تستهدف استقرار سوريا.

لا ينفي المصدر المقرب من الرئاسة، وهو أساسا من المحسوبين على تيار إصلاحي داخل النظام، ان حركة الاحتجاج، سواء في دوما أو درعا أو غيرهما، لها جذورها وأسبابها المشروعة، لكنه، كما غيره من الكثيرين من السوريين المتعددي الخلفيات، يحذر مما قد يكون استغلالا أبعد من حق التظاهر المشروع.. يحذر من «فتنة».

دوما تثير هاجس الخطر. بقربها الجغرافي وديموغرافيتها. لكن السلطة، كما تقول مصادرها، قررت «التواصل مع محركي الناس… فمن يتظاهر لأنه بلا وظيفة فستعرض عليه وظيفة، أو سيتلقى إعانة شهرية مؤقتة، بانتظار خلق فرصة عمل له أو لأبنائه».

«سوريا لن تسقط…لا في الفتنة ولا في التقسيم»، يقول بثقة أحد رموز السلطة التي برغم مؤشرات ارتباك ظهرت عليها هنا وهناك، عليها أن تقدم لبعض خصومها، مكاسب. بالامس تم إغلاق كازينو دمشق، وسمح من جديد للمدرسات المنقبات بالتدريس. المبادرات تتوالى، لكن في هذه الاثناء، دعامة جديدة يضيفها الحكم بهدوء الى ركائزه: الاكراد.

الأخبار

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى