صفحات سوريةفلورنس غزلان

شكراً لك مرسي ، فقد أهديت الثورة السورية درساً يعيد لها صوابها


فلورنس غزلان

جنح مركب مرسي …بل إن طاقمه وبحارته المختصين بالمَشورة ….يُودون بقاربه الرئاسي نحو هلاك محتوم، لأنه سَخَّر الدم المصري مطية ليعتلي ظهر الشعب  وثورته كفرعون إسلامي ــ رغم أنه يدَّعي حرصه على محاسبة المسؤولين عن الذبح والقتل! ــ فكيف نلتمس العدل ممن يسعى لامتلاك خيوط السلطات والقبض عليها بيده الأخوانية؟، وكأني بحال رأسه تقول..: أني ابن الأخوان وسأوَطِنهم كحكام شرعيين على مصر وأبنائها شاء من شاء وأبى من أبى!، ويعتبر أن انتخابه فرصة لاتعوض…ليمسك بتلابيب الشعب المصري…بتأبيدة أسوأ من تأبيدات مَن سبقوه، طاوياً تراث وحضارة مصر تحت عباءة الرغبة في الاستلاب والإقصاء لكل مختلف عنه في السياسة والاقتصاد والتدبير، فطينة مرسي الأيديولجية قصيرة البصر والبصيرة…سجادة الصلاة ولطخة الإيمان لاتوهم الشعب الجائع المثخن بجراحه ياسيد مرسي ، والذي لم يكن له خيار كبير في اختيارك…فإما أنت أو رموز الفلول…وكان لك ماوصلت إليه…لكن قَسَمَك الرئاسي بدا يحمل لهم أملاً بأنك ستكافئهم وتكون رئيساً لهم لا لمن ينتمي لحزب الأخوان المسلمين فقط!…فهل تعتقد أن سلطاتك المطلقة ستمر دون عائق وأنك وصلت بر الأمان؟ ..يبدو أن العنجهية تسبق كل رئيس عربي فيوهم نفسه بأنه امتلك رقاب العباد وعَبَّدَ دربه بأجسادهم ولم يبقَ له إلا أن يعلق لهم الجرس ويقودهم حيث يشاء؟…خاب سعيك ياسيادة الرئيس الواهم ، فمصر البهية لم تقم ثورتها كي تعيد إنتاج الديكتاتورية بجبة وعمامة وخطاب مُرشد، وما عليك سوى أن تلقي نظرة على ساحات مصر في مدنها الكبيرة، لترى أن المصري الذي قام بالثورة ، تثور عليك اليوم كما ثارت على مبارك…ولن يعود ثوارها من ساحاتهم دون أن يحققوا مآربهم الوطنية وإعادتك إلى حجمك الذي منحوه لك…

لاشك أن مكة أدرى بشعابها والمواطن المصري هو صاحب القرار وهو من يصنع مصيره، وإن أبديت رأيي بالأمر، فكي أُسقِط مايجري على الثورة السورية، فتصرفاتك ياسيد مرسي تتيح للسوري فرصة التفكير والإختيار، وأن يميز بين أيديولوجية دينية أو سياسة ، أو بين من يستحق الثقة والمسؤولية ومن يخونها عند أول فرصة ومنعطف  ، وأن يفكر ويعيد النظر كل مَن يتصور أن قدوم الأخوان على ظهر الثورة السورية لن يجعل منهم بعباً! ، لكنه سيتخذ كل سبل الحرص في تعامله وتحالفه معهم، كي لايُلدغ كما لدَغتُم الشعب المصري، وخاصة أن لدى الشعب السوري وأحزابه التقليديه المعارضة تجربة لايستهان بها في التعامل مع أخوان سوريا وقد لُدغوا أكثر من مرة ، ـ وقع أخوان سورية على إعلان دمشق عام 2005، ولم يترددوا في الوقت نفسه أن ينضموا لعبد الحليم خدام ويشكلوا ماسمي آنذاك ” جبهة الإنقاذ” دون أن ينسحبوا من إعلان دمشق! ، ثم انسحبوا من التحالف مع عبد الحليم خدام وجبهته، حين بدأ العدوان الإسرائيلي الشامل على غزة بعملية ” الرصاص المصبوب”، وأعلنوا توقفهم عن اعتبار حزبهم حزباً معارضاً معتبرين  نظام الأسد ” نظاماً وطنياً ” لأنه يقف مع حماس في حربها ومقاومتها لإسرائيل!! وبدأ وا يغازلون حكم الملالي في إيران!، كل هذه التجارب يحاول الأخوان القفز فوقها ، والآن يطرحون ويقبلون بالديمقراطية والدولة المدنية!، لكن السيد البيانوني في آخر تصريح له ” يأمل قيام دولة إسلامية أساسها الشريعة الإسلامية، لكنه لن يفرضها فرضاً ، سيسعى ويعمل دون فرض!” .

ياسيادة الرئيس المصري لقد  وعدت الشعب المصري وعوداً تُذكِرنا بوعود بشار الأسد في خطاب التوريث ، فأين أنت من وعودك في خطاب القسم؟ …إنكم تغيرون مواقفكم بنفس سرعة تغييركم لملابسكم، فرغم  قصر مدة تسلمك السلطة ، وما أصدرته من قرارات تتيح لك الإمساك بكل صلاحيات السلطات الثلاث بيدك وأن تعطي لمن يصفقوا لك ولحزبك حصة الأسد في وضع دستور مصر المستقبل، وبهذا يصبح حزبك حزباً وحيداً كحزب البعث تماماً، ويتوجك ملكاً مطلق الصلاحية..وأخوانك يحيطون بعرشك ويحتلون كل المناصب الهامة ، وبهذا تعيد إنتاج الاستبداد بحلة دينية .

شكرا لك يا سيادة الرئيس المصري على هدية الدرس العظيم للثورة السورية ولمن يفكر أن يثق بالأخوان أو بالأحزاب الإسلامية لتقود وتنشي الدولة السورية  ذات الطابع الإسلامي، وأن يرى بأم عينيه ماذا يمكنها أن تفعل به وبالثورة والوطن لو تمكنت من الامساك برقبة الثورة..

باريس 25/11/2011

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى