صفحات العالم

صالح وبشار في ضيافتنا/ حـازم الأميـن

 

 

تقول إحدى الروايات إنّ عبد الملك الشامي الداعية اليمني الذي دُفن في الضاحية الجنوبية لبيروت، كان أوصى أن يُدفن هناك، وأنّ حزب الله نفّذ وصيته.

هذه الواقعة كانت لتنتهي عند هذا الحد لولا أنّ أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، قرر تحويل لبنان إلى ساحة خلفية للصراع في اليمن، لا بل إلى الساحة الخلفية الوحيدة. فجاء دفن الداعية اليمني تتويجاً لهذا لتوجه، لا تنفيذاً لوصية راحل.

نعم يبدو أنّ ثمّة مهمة جديدة أُضيفت إلى المهمة في سوريا. إنّها المهمة في اليمن، ذلك البلد الذي لا حدود لنا معه. وليس حزب الله من سيحمل الهمّ اليمني. فلبنان كلّه مُكلّف رغماً عنه بهذه المهمة. لبنان كلّه سيدفع الفاتورة اليمنية. وسائل إعلام حوثية تبثّ من لبنان، وبيانات تصدر عن أنصار الله من لبنان، والسياسي اللبناني الأبرز (نصرالله) مُكلّف من قبل إيران بإدارة الصراع اليمني، وها هو يُطلق من بيروت “أسبوع التضامن مع اليمن”.

مهمّة في سوريا، ومهمة في العراق، ومهمة في اليمن! لكن أين لبنان من كل هذه المهام؟ ألا يشعر حلفاء السيد “السياديين” أن لبنان لم يعد كياناً، ولم يعد أكثر من مكان لساكن واحد؟

ألغى حزب الله الحدود وتوجّه للقتال في سوريا زاعماً أنّه فعل ذلك لمنع “النصرة” و”داعش” من الوصول إلى لبنان، فكان أنّ فعلَتَه تسبّبت بوصولهم. دخل الحزب إلى البلدات السورية وترك الحدود لـ”النصرة” و”داعش”. المهمّة كانت حماية بشار الأسد على حساب الحدود. هذا ما جرى حرفياً. وما علينا سوى مراجعة خريطة النفوذ في سوريا. ثم قال إنّ “التكفيريين” يقيمون في مخيّمات اللاجئين في عرسال وغيرها، فكان الجواب أن سكان هذه المخيمات هم بنسبة 70 في المئة منهم من أهالي البلدات التي دخلها حزب الله في سوريا، وأنّ ادعاءه على تعسفه، لا يعني سوى أنّه هو من دفع بهؤلاء إلى النزوح، ما أدى الى توطن تكفيريين بينهم.

لبنان كلّه دفع هذه الكلفة، ولبنان كلّه معنيّ في أن يُقرر ما إذا كانت المهمة في سوريا تُشكل مصلحة. لم يُستشر أحد طبعاً، حزب الله وحده من قرر عن كل اللبنانيين مستقبلهم.

بعد هذه الخطوة لم يجد حزب الله حاجة لأن يُبرر لنا المهمة في اليمن. في سوريا قال إنّه ذاهب لحماية الحدود! لكن ماذا عن اليمن؟ ما هو التبرير “اللبناني” للمهمة هناك؟ هناك أكلاف كبيرة سندفعها كلّنا، لكنها لا تستحق تبريراً. حفلة شتائم لدول الخليج فقط هي ما سمعناه، لكن ماذا عن المصلحة اللبنانية من إدارة النزاع في اليمن من بيروت؟

من الواضح أنّ طهران اختارت بيروت لهذه المهمة كون الأخيرة عاصمة عربية، وهذا ما يوحي ببعد عربي لجماعة الحوثي. إذاً طهران لها مصلحة في هذا الدور، والحوثيون أيضاً لهم مصلحة بالإيحاء بأن ثمّة حلفاء عرب لهم. لكن لبنان خاسر من دون شك. خاسر بتصدّع علاقاته مع الخليج، وخاسر بمزيد من التوتر المذهبي، وخاسر باحتمالات الإرهاب.

الأهم من هذا كله، أن لبنان سيتحول بعد قرار مجلس الأمن الدولي الأخير إلى منفذ للالتفاف على هذا القرار. فقد انتقل جزء من ماكينة علي عبد الله صالح إلى بيروت، ومرة أخرى ستتحول أنظار العالم والخليج إلى المصارف اللبنانية بصفتها مغسل أموال هذا الرجل. وسيجلس رجال أعمال يمنيّون من أقارب صالح في مطاعم بيروت، إلى جانب رجال أعمال سوريين من أقارب بشار، وسيشربون عرقاً لبنانياً.

لبنان لم يعد أكثر من مقهى… بانتظار انتصار ولاية الفقيه.

موقع لبنان ناو

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى