صفحات العالم

صمت (الحملان) على فظائع (الأسد)


 كنت أتمنى لو أن الذين رفعوا أعلام السعودية فى ميدان التحرير يوم الجمعة الماضى، تذكروا «إخوانهم» الذين يذبحون فى بلاد الشام، ورفعوا الأعلام السورية كنوع من التضامن مع شعب شقيق يواجه حربا شرسة من حكامه الجلادين.

إن أبسط مبادئ الاتساق مع الذات إذا كنت ثوريا حقا، أو شريكا فى ثورة كما تقول ألا تتقوقع داخل نفسك وتتجاهل عذابات أشقاء لك ثاروا ضد الظلم والاستبداد.

واللافت أيضا أن الجماعة الوطنية المصرية تبدو فى هذه اللحظة مشغولة بذاتها على نحو لا تجد فيه نخبتها الوقت الكافى لإلقاء نظرة على الفظائع التى يرتكبها نظام بشار الأسد ضد أبناء شعبه، على الرغم من أن ثورتنا المصرية وجدت فى أيامها الأولى دعما هائلا فى الشارع العربى، وخرجت مسيرات فى شوارع العواصم الشقيقة ترسل أشعة دفئها من بعيد إلى الثوار المصريين.

ولا يجب أن ننسى ذلك الدور المحترم الذى لعبه المصريون المغتربون فى نقل الثورة المصرية إلى الرى العام العالمى، فى وقت تحولت فيه وزارة الخارجية والمكاتب التابعة للهيئة العامة للاستعلامات بالخارج إلى منصات لقصف الثوار وتصدير صورة شائهة وكاذبة عن طوفان الغضب الشعبى المصرى.

وإذا كان هناك من المصريين من يخرج فى مظاهرات صغيرة متقطعة أمام سفارة بشار الأسد بالقاهرة، فإن كارثية الأوضاع فى سوريا الآن تتطلب جهدا أكبر وعملا أوسع من ذلك، كى نرد الجميل لقطاعات هائلة من الشعب السورى الشقيق الذى عبر عن دعمه لثورة 25 يناير المصرية.

وأزعم أن تطورات الاوضاع فى الأيام الثلاثة الماضية ووصول وحشية النظام السورى فى تصفية الثوار إلى حد الجنون تفرض على بعض من رموز النخبة المصرية المحسوبين على التيار القومى أن يقفوا مرة أمام الضمير، ويتوقفوا عن إدارة ظهورهم للشعب الشقيق، والكف عن تقديم الدعم للقتلة والسفاحين بترديد كلام مائع عن الممانعة والمقاومة.

إن ترديد مقولة «نظام بشار الأسد يراد إسقاطه لأنه مقاوم وممانع « هو نوع من تسويق الأوهام، لأن القاصى والدانى يرى بعينيه ويفكر بعقله، ولا يحتاج إلى مزيد من الجهد ليدرك أنه لو لم يكن نظام الأسد موجودا لاخترعته أمريكا وإسرائيل، كى يمثل دور العدو منزوع الأنياب، الأليف رغم إمعانه فى إظهار ضخامته.

لقد صعقت حين سئل مثقف مصرى قبل أكثر من عشرة أيام من مذيع على فضائية سورية عن خروج السوريين فى مظاهرات حاشدة حملت شعار «أحفاد خالد بن الوليد» يوم الجمعة فقال إن خالد بن الوليد لم يكن عميلا للغرب ومنفذا لأجندة استعمارية.. بهذه البساطة يحتقر هذا المثقف «القومى» كفاح الملايين من أشقاء لنا ويصورهم على أنهم عملاء وممولون ومدفوعون من قوى استعمارية؟

إن كلاما مثل ذلك قيل عن نبلاء الثورة المصرية بميدان التحرير فى أيامها الأولى، والنتيجة كما ترون الآن: بقيت الثورة وسقط الكذابون الدجالون من ذاكرة وضمير الوطن، وسيأتى يوم قريب بإذن الله يتنفس فيه أحرار سوريا نسائم الحرية والكرامة الإنسانية، وساعتها ربما يتوارى هذا المثقف «القومى» خجلا من ذاته، أو يقفز فى أحد قوارب التحول المطاطية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى