صفحات الناس

صورة المستقبل في مواقع التواصل/ نذير رضا

 

الهتاف يشغل الساحات

جودة الصورة، وحدها، تؤكد أن الزمن على التقاطها لا يتخطى الساعات. لكن مضمونها، هو نفسه: شعب ثائر على نظام جائر، يخاطبه بلغة الهتاف، والرفض، والتحدي، غير عابئ بآلته العسكرية التي قد تثأر، ولا بموروث كبير من الموت والدمار والتهجير، يحمله، منذ خمس سنوات.

الصورة، تعيد عقارب الزمن إلى خمس سنوات خلت. السوريون هم أنفسهم: خارجون على النظام، مطالبون بالحرية، ومتظاهرون سلميون. سكتت أصوات المدافع قبل أسبوع، فخرجوا إلى الساحات مجدداً، في أول يوم جمعة بعد دخول اتفاق وقف اطلاق النار حيز التنفيذ.

الهتاف نفسه يتكرر من خمس سنوات. كان دويّ الرصاص قد حجبه في وقت سابق، لكن الهدنة أفرجت عنه. أخرجته إلى العلن، وطعنت فيه شكوك المجتمع الدولي بأن ما حدث، ويحدث، هو حرب ضد الارهاب فقط.

لا تجد في مواقع التواصل إلا الوجوه المبتسمة. الثورة السورية استعادت بريقها مرة أخرى، كما خرجت لأول مرة. لا قلق يعتري المتظاهرين، ولا ارتباكاً في هتافاتهم. يتناقل الجميع مقاطع الفيديو من 110 نقاط تظاهر. تقلص عددها بالطبع عما كانت عليه قبل أربع سنوات، أو ثلاث… انحصرت اليوم في مواقع محدودة، ربما لا تساوي 5 في المئة من مساحة الارض التي يشغلها المعتدلون، بعدما سيطر التطرف على المساحات الاكبر.

غير أن التظاهر في المساحات الضئيلة، يوازي خمس سنوات حرب. هي تأكيد جديد على أن الثورة، هي ابنة الشعب، ابنة معاناته. ابنة موروثه من الاعتدال، والتوق إلى الحرية. وفي المساحة المتقلصة، هتافان: الأول ضد النظام، والثاني ضد الارهاب والتطرف. الخصم بات اثنين اذاً. والخطر لا يقبل القسمة على اثنين فقط. مع ذلك، ثمة ما يدفع إلى الهتاف. وما يدفع إلى التظاهر. الحنجرة هنا، أقوى من كل آلات القتل واستباحة الحرمات والاماكن. أقوى من النظام، وطائراته وبراميله.. واقوى من داعش والنصرة وانغماسييهما وسياراتهما المفخخة.

لا عزاء، يوم الجمعة الماضي، لجمهور النظام، أو مقاتلي التنظيمين المتشددين.. كما لا أعذار لارتباك المجتمع الدولي. أمام المشهد الماثل في مواقع التواصل الاجتماعي، لا ارهاب، ولا تكفير. لا تشدد، ولا قتال. المشهد القديم، من غير تداعياته، هو نفسه يُستعاد لصناعة المستقبل.

ما تبقى من شعب، يهتف ويطالب… وما تبقى من توق إلى الحرية، يخرج بأكمله، لوضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته: السوريون تواقون للحرية.. فقط لا غير.

المدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى