صفحات العالم

ضوء أصفر


ساطع نور الدين

هو اشبه بالضوء الأصفر للتدخل الدولي الذي يقترب ويتحول الى خيار حتمي لا مفر منه لانهاء الازمة السورية. لكن الحل العربي لا يزال متاحا ويمكن ان ينجح، على الرغم من ان الرد الرسمي السوري عليه هو اغرب ما يمكن ان يخطر في البال، ويكاد يوحي بان النظام في دمشق هو الذي يستدرج الغرب الى التدخل اكثر بكثير مما يحاول ان يتفاداه.

القرار العربي مفاجئ فعلا، ومتقدم جداً عما كان يمكن توقعه من مؤسسة عربية تنتمي الى عصر مضى وتقارب أزمة تطل على المستقبل. في التعريف والتكليف والتقليد، الثورات الشعبية ليست من شأن الجامعة العربية ولا هي من اختصاصها الذي يقتصر على مواجهة عدو او خصم خارجي، ويشمل في بعض الحالات الاستثنائية تسوية صراعات وخلافات بين الدول الاعضاء. التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة عربية كان وسيبقى بمثابة مغامرة خطرة على المؤسسة العربية وعلى اي مؤسسة. والحالة الليبية ليست مثالا صالحا ونموذجا قابلا للتعميم، لأن ما جرى كان مجرد مصادقة عربية على قرار دولي كان قد اتخذ سابقا بالدخول في حرب اهلية ليبية كانت تنذر بحدوث مذابح مروعة.

لم يصل العرب الى هذا الحد الليبي، او بتعبير آخر لم يطلب منهم حتى الآن على الاقل ان يوفروا غطاء لتدخل دولي ما زال الغرب يهابه ويخشى ان يصبح مدعوا اليه او مدفوعا نحوه لانه لن يكون نزهة مهما تضاءلت شعبية النظام في سوريا. والدليل هو ما جرى بالأمس سواء في القاهرة او في شوارع المدن السورية من تحد للقرار العربي، يندرج في السياق العام للموقف السوري الذي كان حتى ما قبل الاجتماع الاخير للوزراء العرب يريد ان يستضيف وفدا وزاريا عربيا كي يثبت له ان الأزمة مضخمة من قبل وسائل اعلام عربية مغرضة.

حتى اللحظة يمكن ان يُنسب القرار العربي القوي الى الحاجة (وربما التوصية الدولية) بممارسة اشد انواع الضغط السياسي والدبلوماسي والنفسي على النظام في سوريا، كي يغير سلوكه، كما يمكن ان يعزى الى الرغبة العربية في الرد على الاستخفاف الرسمي السوري بورقة الحل المقترحة من قبل الجامعة، التي لم تفهم حتى الآن كيف يمكن للنظام في دمشق ان يرفض العرض الوحيد الذي كان يوفر له مخرجا لائقا من الأزمة. وهو عرض لم يحظ بمثله العقيد معمر القذافي الذي كان اقصى ما تلقاه هو ضمانات للخروج الآمن من السلطة.

قبل ان يتحول الضوء الاصفر الى ضوء اخضر للتدخل الدولي، لا شك في ان الأزمة السورية تحولت الى أزمة عربية خطيرة. التهديدات التي وجهتها دمشق الى العرب لا تحتاج الى توضيح. وهي توحي بان النظام سينتقل من حالة إنكار الأزمة الى حالة إنهائها على مختلف الجبهات من دون استثناء، بدءا من الداخل السوري الذي خاطبه القرار العربي بشكل مباشر لم يسبق له مثيل، وانتهاء بكل من رغب او تمنى او تورط او توقع تغييرا في سوريا.

السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى