صفحات العالم

طرابلس: معارك التطهير!

محمد شبارو

تعيش عاصمة الشمال طرابلس في هذه الأيام على وقع جولات العنف الطائفي المسلح، التي لا ترقى إلى مستوى الحرب المفتوحة، لكنها تصل إلى حد المعركة الكبرى. إشتباكات وإطلاق نار ثم حذر وترقب ومفاوضات من أجل التهدئة لساعات يتخللها تصريحات حادة ونافرة من هنا وهناك.

وعلى وقع الإنعكاسات السورية وخاصة في القصير، تتحول طرابلس إلى قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة وتتحول الى جولة دموية لا تنتهي، مما دفع الأجهزة الأمنية والسياسية الى تكثيف الإتصالات والمشاورات من أجل التوصل إلى تهدئة وتنفيذ خطة أمنية صارمة في المدينة.

الأجواء صباح الخميس كلها كانت تشير إلى فشل محاولة عقد اجتماع في منزل النائب محمد كبارة يضم “قادة المحاور” وفاعليات طرابلس، من أجل التهدئة، ساعات إنقلب الوضع ليخرج كبارة ويؤكد أن الأمور تتجه نحو التهدئة والتوصل إلى قرار لوقف النار. موقفه تؤكده مصادر متقاطعة وتشير إلى اتصالات سياسية وامنية على أرفع المستويات تتم من أجل التوصل إلى إتفاق بين كل الاطراف خلال ساعات لوقف إطلاق النار ونشر الجيش.

الجولة الجديدة التي إنطلقت الأحد الماضي لم تكن الأولى، فقد سبقتها معارك عديدة كانت تتوقف بعد إتصالات أيضاً لينتشر الجيش ويفرض القليل من الأمن. السيناريو نفسه قد يتكرر تقول مصادر سياسية مطلعة، وتجزم أن الأمور ليست ذاهبة بإتجاه إستقرار طويل الأمد لأن الحلول لا تزال مجتزأة. وتصف ما يحصل بأنه هدنة مؤقتة. مصادر سياسة أخرى تؤكد أن الهشاشة الأمنية واضحة، ونابعة من هشاشة ودقة الوضع السياسي في المدينة وفي البلاد ككل، وارتباطها بالأحداث السورية وإرتداداتها، وخاصة في القصير وريفها، بالإضافة إلى تداخل الأمور الإقتصادية والإجتماعية بعضها ببعض.

الأكيد أن الدافع الأساس نحو هذه المفاوضات والمشاورات المكوكية للتهدئة هي معطيات خطيرة. تشرح مصادر أمنية أن “الوضع خطير ومقلق وأشبه بقنبلة موقوتة، وننتظر تفاهم القوى السياسية وقادة المحاور على أن تلحق هذه الخطوة وقف إطلاق النار بين جبل محسن وباب التبانة. خاصة أن المجموعات المسلحة تسيطر على جزء كبير من الأحياء في طرابلس”.

أما عن الإجراءات، فيؤكد المصدر الأمني أن القوى الأمنية بصدد تنفيذ خطة صارمة في طرابلس وفي شارع سوريا، وستعود لتضبط الوضع بين الأطراف المتنازعة، خاصة بعد مجموعة إتصالات ومطالبات دعت إلى عودة الامن وفرضه قبل إشتعال الجولة الجديدة وتحولها إلى دموية لا تنتهي.

وتشير مصادر أمنية الى أن لقاء المدير العام للامن الداخلي بالوكالة روجيه سالم عدداً من الشخصيات والمسؤولين الأمنين أعطى دفعاً مهمّاً لتحرك الأجهزة، كما أن الجيش اللبناني بصدد التحرك خلال الساعات القليلة المقبلة.

ومع كل جولة جديدة يعود التوتر المذهبي إلى التحكم بالمدينة، يعترف بذلك أحد المصادر السياسية في المدينة، ويؤكد توسعه مع كل جولة عنف جديدة، بإعتبار أن “التوتر المذهبي قائم ويتمدد في الفترة الاخيرة”. لينتقد أيضاً “تصريحات رفعت عيد خلال الساعات ال48 الماضية التي ساهمت بتوتير الأوضاع وإشعالها”.

تصريحات عيد قابلها في الجهة الأخرى، تصريحات من العيار نفسه من قبل اللواء أشرف ريفي في حديث تلفزيوني، في كلام هو الأول من نوعه منذ احالته إلى التقاعد من مديرية قوى الأمن الداخلي التي كان يتولى رئاستها.

تصريحات ريفي الملفتة، تؤكد مصادر تيار “المستقبل” في طرابلس أنها لا تعبر عن رأي التيار، لكنها تبرر بالقول ان ريفي تخلص من وظيفته الأمنية واصبح سياسيا وله رأيه، ثم تجزم  أن تيار المستقبل هو مع التهدئة وفتح المجال أمام القوى الأمنية لممارسة دورها، رغم أننا نعلم أن هناك إختراقات ضمن المؤسسات الأمنية تؤدي إلى ممارسات خاطئة لكن في الوقت نفسه الخيارات المتوفرة بين أيدينا هي فقط القوى الرسمية الأمنية.

جولة جديدة من العنف قد تنتهي، لكن الشحن وإحتمال تجددها في أي وقت أمر مؤكد أيضاً، رغم الإجراءات الأمنية التي تستعد مؤسسات الدولة لإتخاذها، ما لم يتم اخراج طرابلس من دائرة الرسائل المتبادلة التي تدور فيها وحولها منذ أعوام.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى