صفحات الحوار

طيفور لـ«الحياة»: إيران عرضت علينا الحكومة في دمشق… شرط القبول ببقاء الأسد رئيساً


اسطنبول – حازم الأمين

يعتبر نائب المراقب العام لجماعة «الإخوان المسلمين» السوريين محمد فاروق طيفور الشخصية التنظيمية والسياسية الأقوى في الجماعة، فإضافة إلى أنه ممثلها الأبرز في المجلس الوطني السوري، يشكل طيفور إلى جانب المراقب العام للجماعة محمد رياض الشقفة ورئيس مجلس الشورى فيها محمد حاتم الطبشي، الثلاثي الحموي (من مدينة حماه) الذي يمسك بالجماعة بعد تغيير القيادة فيها. وطيفور من الشخصيات التاريخية في الإخوان، غادر سورية كغيره من قياداتها مطلع ثمانينات القرن الفائت. «الحياة» التقته في مكتبه في مقر المجلس الوطني السوري في اسطنبول.

> هل تشعر بأن الثورة السورية بدأت تستجيب لمساعي التسلح، وما هو أفق المواجهات مع النظام؟

– أعتقد أن المسؤول الأول عما يجري هو النظام. الثورة السورية ما زالت سلمية. هناك نقطتان يصر عليهما المتظاهرون، سلمية الثورة ووطنيتها. هناك إصرار على هذين الأمرين. الوطنية تعني عدم الانجرار إلى أي زاروب طائفي.

النظام يحاول حرف المسيرة باتجاه السلاح وباتجاه طائفي، لكنه لن يتمكن، والاستجابات ما زالت متواضعة. فالسلاح وطائفية الشارع ما زالا محدودين. أما إلى أين يذهب الوضع في سورية فأعتقد أن بعد خطبة (الرئيس السوري) بشار الأسد وتهديداته واتهاماته صار الجميع مقتنعاً بأنه ما زال معتمداً الأسلوب نفسه، والشعب ليس أمامه سوى أمرين: استمرار التظاهر مهما كان القمع قوياً، ثم العمل على المستوى الإقليمي والدولي للوصول إلى التدخل لحماية المدنيين بطريقة أو بأخرى.

> هلى ما زلتم تعتقدون وتدعون إلى دور عربي أم تفضلون دوراً لمجلس الأمن؟

– جامعة الدول العربية قامت بجهد وتقدمت بمشروع أحبطه النظام، فلم يُفسح المجال أمام المراقبين والصحافيين للعمل والدخول والمراقبة. لا بد من الاتجاه نحو الجامعة لإصدار تقرير وتحويله إلى مجلس الأمن. هناك مسؤولية على المجتمع الدولي تتمثل بضرورة حماية المدنيين عبر طرح وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، أي الممرات الآمنة، وكذلك إيجاد منافذ للإغاثة. فالحالة التي يعيشها السوريون اليوم صعبة وشاقة، خصوصاً لجهة نقصان الأغذية والأدوية وسبل التدفئة في البرد القارس. لا بد من دخول الملف السوري إلى إطار جديد ليخرج من ثنائية النظام والمتظاهرين المأسوية. لا بد من تدخل دولي.

> ألا تخافون من أن تُدانوا باستدراج تدخل عسكري أجنبي إلى بلدكم؟

– يدان النظام وليس نحن. لن ندان بسبب التدخل الدولي، المسؤول الأول عن التدخل الدولي هو النظام وليست المعارضة، وليس أيضاً المواطن السوري.

> هناك دعوات لتوحيد المعارضة السورية، ومطالب دولية ومن المحتجين على الأرض. ويبدو أنكم لا تستجيبون كثيراً لهذا الأمر؟

– المجلس الوطني السوري يمثل أكثرية المعارضة. المعارضة بكل شرائحها الطائفية والعرقية والسياسية. أما أن نستطيع جمع الكل فهذا طلب غير منطقي وغير واقعي. هيئة التنسيق شرطها أن لا تدخل المجلس، وأن يحصل محاصصة بينها وبين المجلس. وهي تضم شخصيات وطنية ولكن فيها شخصيات تدافع عن النظام. وهذا يعني أن نقبل بالنظام داخل المجلس أو نشركه بالمعارضة! وفي الشارع تم إسقاط هيئة التنسيق منذ زمن طويل. نعم، لقد طلب منا غربيون وعرب التوحد، ولكن ذلك بمثابة زواج بالإكراه.

> يبدو أن تمثيلكم في المجلس الوطني كإخوان يعكس انقساماً مناطقياً داخل الجماعة، فهناك تمثيل التنظيم الرسمي وهناك ما يسمى بجماعة «الكتلة الوطنية» أو ما يسمى بجماعة «حلب». ما حقيقة ذلك؟

– في البداية كان مشروع المجلس الوطني منبثقاً عن رغبة مجموعة من التكنوقراط السوريين المقيمين في الغرب، فشكل هؤلاء مجموعة عمل لتأسيس المجلس، وفي هذا الإطار لم تدخل في المجلس إطارات سياسية، ولاحقاً جرى العمل على إعادة بناء المجلس فدخل إليه جماعة إعلان دمشق وأكراد ويساريون ومكونات مجتمعية أخرى. واستغرق العمل على توسيعه نحو عشرة أيام.

وبالنسبة لنا كإخوان مسلمين فنحن لدينا مؤسسات معتمدة ولدينا مجلس شورى منتخب هو جزء من عملية ديموقراطية. ولدينا أيضاً مراقب عام منتخب، ومنذ تأسيس الجماعة سنة 1945 تعاقب على القيادة عشرة مراقبين عامين.

> ما حقيقة العرض الذي سبق أن كشفته عن أنكم تلقيتم عرضاً من النظام السوري عبر وساطة إيرانية؟

– ما جرى هو أن علاقة تربطني ببعض رجال الأعمال الأتراك، وأحد هؤلاء جاءني وقال إن هناك ثلاثة رجال أعمال إيرانيين مرسلين من قبل مكتب مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي يطلبون لقائي من أجل البحث في الموضوع السوري على أن يبقى الأمر طي الكتمان. حصل هذا الأمر قبل نحو 3 أشهر، وحينها أجبت أننا نعتبر أن إيران مع النظام وأنها تساعده أمنياً وعسكرياً ولوجيستياً، ويقال إن القناصة معظمهم من إيران ومن لبنان أيضاً. وقلنا له إذا عدل الإيرانيون موقفهم فلا مشكلة لدينا في لقائهم وهم دولة لها حضورها ووجودها. بقوا في اسطنبول نحو أسبوع، وخلال ذلك صدرت تصريحات للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أشار فيها إلى ضرورة إنصاف الشعب في سورية، وهم سوقوا ذلك بصفته تغييراً في الموقف الإيراني، واتبعوا ذلك بعرض قدموه لنا يتمثل بحصولنا على أربع وزارات واشترطوا أن نُسقط مطلب تغيير بشار الأسد من شعاراتنا. هذا في المرحلة الأولى. لكن لاحقاً تغير الوضع وقالوا إنهم مستعدون للمفاوضة على كل الحكومة شرط بقاء بشار رئيساً، فأبلغناهم بأننا لا يمكن أن نقبل ببقائه. ثم عادوا واستدعوا رجل الأعمال التركي إلى طهران، وهذا حصل قبل ثلاثة أسابيع وقالوا له إن لا مشكلة في أي شرط من شروطهم عدا مسألة عدم بقاء بشار في السلطة، وهو ما رفضناه طبعاً.

> ما هي علاقتكم بحركة «حماس»، وما حقيقة الكلام عن توسطها بينكم وبين الحكومة السورية؟

– علاقتنا بحماس تكاد تكون متوقفة في شكل كامل. نحن نقدر ظروفهم بخاصة أنهم يعتبرون أن ما يجري في سورية شأن داخلي لا يريدون الخوض فيه. أما ما تشير له عن وساطة تولتها «حماس» بيننا وبين النظام، فنحن لم نكن نعتبر «حماس» وسيطاً وهي ضعيفة حيال النظام ونعتبر أن بعض مواقفها مؤسفة وبعضها نفهمه. أنا عاتبت أبو الوليد (خالد مشعل) على تصريحات ذكر فيها عبارة سورية الأسد، فأرسلت له أن سورية هي سورية خالد بن الوليد وليست سورية الأسد.

> لكن لماذا تتفهمون موقف «حماس» ولا تتفهمون موقف «حزب الله»؟

– هذه معادلة غير صحيحة، فحزب الله اتهم الثورة بأنها مؤامرة ودعا الناس إلى أن يكونوا مع النظام. ونحن نعتقد أن حزب الله مساند قوي للنظام ومشارك في عمليات القمع والتعذيب. «حماس» لم تتورط وموقفها شبه حيادي.

> هناك مخاوف من وصولكم إلى السلطة، وتساؤلات حول مستقبل الأقليات في حال سقوط النظام؟

– نحن موجودون في سورية قبل «البعث». ومنذ عام 1945 كان تاريخنا تاريخ مشاركة. الإخوان كانوا شركاء حقيقيين في العهد الحر. كنا مشاركين في الديموقراطية في العهد الحر وكنا في السجون في زمن الديكتاتورية نتيجة اعتراضنا عليها. في أيام المراقب الدكتور مصطفى السباعي كان اسم قائمة الإخوان في الانتخابات قائمة «الجبهة الاشتراكية الإسلامية» وكانت تحتوي على أسماء مسيحيين في دمشق وحلب وحماه. وقد عرض على المراقب العام الاستاذ مصطفى العطار قبل انقلاب العام 1963 ان يستبق الانقلاب، بأن يستولي مجموعة من الضباط على السلطة وأن يسلموها له استباقاً لانقلاب «البعث» فرفض العرض.

> لكن جماعة الإخوان اتخذت قراراً في أواخر السبعينات بحمل السلاح وهو أمر أدى إلى كارثة بحق السوريين أولاً ثم الجماعة أيضاً؟

– قرار الإخوان بحمل السلاح في الثمانينات كان بعد صدور القانون الرقم 49 عام 1980 والذي يقضي بإعدام كل منتمٍ للإخوان المسلمين. وبعد صدور القانون والمباشرة بتنفيذه صدر قرار داخل مجلس شورانا يقضي بأن يخرج الجميع إلى خارج سورية أو حمل السلاح للدفاع عن النفس.

> ألم يتسبب قراركم بمجزرة حماه في عام 1980. ألا تشعرون بضرورة الاعتراف بخطأ ارتكبتموه في حماه، فاليوم في المعارضة وفي حماه نفسها شخصيات تتطالبكم باعتذار أو مراجعة لتلك الحقبة؟

– الحقيقة أن الذي تفضلت به جرى نقاش موسع له داخل الجماعة. يجب توضيح أن جماعة الطليعة التي أسسها الشيخ مروان حديد عام 1970 صدر قرار فصلها من الإخوان في ذلك التاريخ. لقد أُعدم الشيخ حديد في عام 1976 وعلى أثر استشهاده نشطت جماعته وباشرت تنفيذ اغتيالات لشخصيات في النظام انتقاماً لإعدامه. وهذا كله لم يكن للإخوان علاقة به. الشيخ حديد فُصل من الإخوان وهو كان التحق في عام 1970 بمعسكر الشيوخ في الأردن الذي أقامته حركة «فتح» لتدريب شيوخ من الإخوان المسلمين، وفي ذلك التاريخ تم فصله من الإخوان. وأذكر أنني كنت نائباً لرئيس مجلس الشورى وكُلفت أن أذهب للقائه وإبلاغه قرار فصل كل من يتعامل معه، وقلت له يجب أن تتخلى عن منهج الجهاد العنفي أو سنفصل كل من يتعامل معك، ولم نصل في حينها إلى نتيجة، فأعطاني قائمة بأسماء الذين يتعاطى معهم وقال شاوروهم فمن أراد منهم أن يكون معكم فليكن ومن أراد البقاء على منهجي فليبقَ. وبعد إعدامه تحت التعذيب جاء عبدالستار الزعيم وقاد المجموعة وأطلق عليها اسم «الطليعة المقاتلة». ثم حصلت حادثة مدرسة المدفعية في مدينة حلب في عام 1979 حيث قتل عدد من الضباط على يد ضابط لم يكن أصلاً من الإخوان إنما كان بعثياً واتصل بجماعة الطليعة الذين ساعدوه بالمهمة. علماً أن الإخوان أصدروا بياناً في حينها أدانوا فيه عملية مدرسة المدفعية. وبعد ذلك ارتكب النظام مجزرة حماه.

> لكن في المرحلة التي سبقت المجزرة في حماه كان الإخوان بطرفيهم الشامي والحلبي قد أجروا تسوية مع جماعة الطليعة، ما يعني أنهم قرروا الانخراط في حمل السلاح، وحين حصلت المجزرة كانوا مسلحين، وهذا ما نعنيه بضرورة أن يقدم الإخوان روايتهم، فهناك قرار فاشل بالمواجهة اتخذتموه وهو وفق كثيرين ما أدى إلى ارتكاب النظام المجزرة؟

– نحن نشعر بضرورة التوضيح، لكن انطلاقاً من أن النظام هو من ارتكب المجزرة. ما جرى في حماه أن هناك قراراً لقيادتنا بالخروج أو بالدفاع عن النفس. جماعة الطليعة في حينها كانوا يعدون أنفسهم وكان قرارنا أنه لا يجوز. عدنان عقلة قائد الطليعة في حينها هو الذي جر المدينة الى المواجهة رداً على عنف النظام وبطشه. أما قرار الإخوان فأنا أؤكد لك أنه كان تجنيب المدينة المجزرة، وكنا نرى أنها مواجهة فاشلة، وخرج جزء منا إلى تركيا وإلى العراق ولبنان والأردن. النظام كان يخطط للمجزرة وبعض الناس في الطليعة لم يقدروا الموقف. أعتقد أن ما قلته في سؤالك هو طلب حق وعلينا أن نبني وجهة نظرنا لا سيما أن هناك الكثير مما قيل.

وزير الدفاع في حينها قال إن هناك نحو 300 مسلح للجماعة يحتلون حماه! ولنفترض أن ما قاله صحيح، فهل تدمر مدينة ويقتل نحو 30 ألف من أبنائها بسبب 300 مسلح. كنا نعرف أن النظام مجرم لكننا لم نقدر أنه سيرتكب مجزرة بهذا الحجم.

> ألا تشعر بأن المراجعة يجب أن تشمل أيضاً علاقتكم مع نظام «البعث» في العراق، فأنتم اليوم جزء من ثورة ضد البعث في سورية، ولكنكم أقمتم علاقة مع البعث العراقي في المرحلة التي كان يضطهد فيها الأخير العراقيين، فكيف تبررون ذلك؟

– خرجنا من سورية وكنا نريد أن ننجو بأنفسنا. فكانت المرحلة الأولى هي الخروج بكل الاتجاهات أي إلى الأردن ولبنان والعراق وتركيا. وبعد الخروج الأول جاء من يأوينا ويعرض علينا الحماية وتقديم يد العون. العراق في حينها كان ضد النظام في سورية ففتح لنا معسكرات تدريب خلافاً للأنظمة الأخرى. وفي العراق أقمنا ما أسميناه «التحالف الوطني لانقاذ سورية» سنة 1981، والذي ضم أطرافاً سورية أخرى. كنا ضيوفاً في العراق، ولا رأي للضيف في المضيف.

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى