مراجعات كتبياسين الحاج صالح

«عبرنا جسراً، وقد اهتزّ»، وندي بيرلمان وأنسنة القصة السورية/ ياسين الحاج صالح

 

 

مثلما الثورة فعل جمعي، ظهرت بموازاتها أعمال كتابية جمعية، لم يكن مثالها شائعاً من قبل. هناك صنفان من هذه الأعمال. أولها كتبٌ أسهم فيها كتاب سوريون وشركاؤهم، حاولوا فيها سرد جوانب من السيرة السورية المجهولة لعالم غافل، ومن هذا الصنف كتاب سورية من الداخل، مشاهد وشهادات، الذي جمعت مواده وحرّرته لاريسا بندر، وصدر بالألمانية ثم بالعربية (دار الجديد، بيروت، 2016)؛ وسورية تتحدث: الثقافة والفن من أجل الحرية، الذي نُشر بالإنكليزية ثم بالعربية (دار الساقي، بيروت، 2014)، وحرره كل من زاهر عمرين ومالو هالاسا ونوارة محفوض.

الصنف الثاني من «الكتب الجمعية»، يتضمن سيراً وقصصاً لمن ليسوا كتاباً أو كاتبات، شاهدات وشهود يقدمون مروياتهم في إطار القصة السورية الكبيرة. من هذه الكتب الأخيرة، إلى أن قامت الحرب: نساء في الثورة السورية، الذي حرره وقدم له جولان حاجي، وتروي فيه 17 امرأة سورية سيرهن في الثورة والحرب (دار رياض الريس، بيروت 2016)، ومنها كتاب وندي بيرلمان الذي أتناوله هنا: عبرنا جسراً، وقد اهتزّ: أصوات من سورية.

We crossed the bridge and it trembled, voices from Syria.

بيرلمان أستاذة متخصصة في شؤون الشرق الأوسط السياسية في جامعة نورث وسترن الأميركية، تتكلم العربية، وسبق لها أن نشرت كتابين عن فلسطين:

Occupied Voices; Stories of the Daily Life from the Second Intifada.

Violence, Non- violence and the National Palestinian Movement.

we-crossed-a-bridge-cover

كتاب «عبرنا جسراً…» الذي سيصدر بعد أسابيع قليلة (هايبر كولينز، شيكاغو) يجمع 85 شهادة سورية، 20 منها لنساء. الكاتبة التي قضت نحو نصف عمرها للتمكن من العربية، وأجرت بها معظم المقابلات، جمعت الشهادات في الأردن وتركيا ولبنان، وكذلك في بلدان أوروبية: ألمانيا والسويد والدانمرك، وحيثما وجدت سوريين يتكلمون، من شيكاغو إلى دبي. من بين ملايين السوريين الذين اضطروا إلى هجر بلدهم، قابلت بيرلمان شهودها في «مخيمات لاجئين مغبرة، في تجمعات غير رسمية بائسة، في قاعات رياضية تحولت إلى ملاذات لجوء، وفي شقق متناثرة لا تُعد». وخلال ذلك قامت بأعمال تطوعية، من تعليم الصحافة لتلامذة في الصف الثامن على الحدود التركية السورية، إلى توزيع الألبسة في وسط برلين. وفي لقاءاتها مع أناس بالغي التنوع لعبت مع أطفال وغسلت صحوناً وجالت بين صور وفيديوهات، وتنشقت دخان المدخنين، وشاركت في وجبات طيّبة مُتقنة وإن حسبت كلفتها بحرص.

أرادت بيرلمان أن تفهم كيف غيرت الانتفاضة السوريين، فيما كانوا هم يغيرون مسار التاريخ. وفقط بعد أن جمعت الشهادات وترجمتها إلى الانكليزية، تقول: «أمكن لي أن أدرك أن المرويات التي جمعتها عبر السنين تتلاحم في مروية جمعية، هي راهنة ولا زمنية في آن».

قسّمت الأستاذة والناشطة الأميركية متن كتابها إلى ثمانية أقسام من المرويات الشخصية، تحت العناوين التالية: التسلطية، أمل خائب، الثورة، القمع، العسكرة، العيش في الحرب، الهروب، تأملات. وفي مقدمة الكتاب رسمت بخطوط عريضة سيرة ثلاثين عاماً من حكم حافظ الأسد، تحت عنوان التسلطية، تناولت فيها تكوين المجتمع السوري، وتحالفات النظام الداخلية والخارجية، وحال الطوارئ المؤبدة ونسبة 99% لفوز حافظ على لا أحد في خمسة استفتاءات، وعلى الخوف العام الذي يكثفه تعبير دارج: للحيطان آذان! تشير أيضاً إلى موجة أولى من الصراع في مطلع ثمانينات القرن الماضي توجت بمذبحة حماه الشهيرة 1982. وتقدم للقسم الثاني، أمل خائب، بذكر ملامح عقد من حكم بشار الأسد قبل الثورة، فتتكلم على «ربيع دمشق» المقموع، وعلى الانتفاضة الكردية عام 2004، وعلى موجة جفاف في المناطق الشرقية بين عامي 2006 و2010، تضررت منها في وقته 300 ألف أسرة. وكذلك على «إصلاح اقتصادي» وفق النسق الليبرالي الجديد، في غياب أية مساءلة سياسية لنخبة السلطة، وهو ما أفضى إلى اغتناء شريحة ضيقة في بعض المدن، وأفقرَ الأرياف وعموم السكان.

الفقرة التي خصصتها بيرلمان للثورة في المقدمة تتكلم على «الربيع العربي»، واستبعاد مراقبين كثيرين أن يشمل الموسم «مملكة الصمت» السورية. تذكر مظاهرة الحريقة يوم 15 شباط، وتتكلم على شرارة درعا وقت اعتُقلَ أطفال كتبوا على جدران مدرستهم شعارات ضد النظام، وأُهين آباؤهم وقتَ قابلوا عاطف نجيب، ابن عمة بشار الأسد، المسؤول الأمني في المدينة وقتها. التقاطع بين مناخات الربيع العربي المفعمة بالأمل ونزعات الاحتجاج المتنامية، أثمر تحطم «جدار الخوف»، واندلاع الثورة في سورية.

ويوفر القسم الرابع تخطيطاً لقمع النظام للثورة، من وقائع القتل في درعا إلى مذبحة الساعة في حمص (سيقول عنها أحد الشهود، كريم، في المتن: إن كان هناك احتمال بنسبة 50% لعدم التراجع [عن الثورة] قبل المجزرة، فقد صارت النسبة 150% بعدها)، ودور الشبيحة في القمع إلى جانب الأجهزة المتخصصة. برزت هنا ظاهرة المواطنين الصحفيين، وظهرت التنسيقيات التي كانت لجان التنسيق المحلية أبرز تشكيلاتها.

في القسم الخامس من المقدمة، المخصص لإعطاء خلفية عن العسكرة، يجري الكلام على ظهور الجيش الحر، وعلى تشكل أجسام سياسية محدودة الفاعلية مثل المجلس الوطني ثم الائتلاف الوطني، وعلى ظهور القاعدة بدءاً من مطلع 2012. ترصد المؤلفة كذلك فشل محاولات متكررة لوقف إطلاق النار وعدم تأمين القوى الدولية المناهضة إسمياً للنظام لمناطق حظر طيران أو لأسلحة تحمي المناطق الثائرة على النظام من قصف الطيران، هذا بينما كان حلفاء النظام أصلب في مساندتهم له. أما القسم السادس المخصص للعيش في الحرب، فيعرض لتدهور الخدمات، وكثرة الضحايا المدنيين. ومن باب إعطاء فكرة عن شروط العيش، تقول بيرلمان: «في آذار 2015، أوردت الأمم المتحدة معلومات تفيد أن 6% من السوريين قد قتلوا أو أصيبوا، ونحو 80% يعيشون في فقر، وأن أكثرية الأطفال لا يذهبون إلى المدارس. وتُظهر صور الأقمار الصناعية أن البلد يغمره الظلام فعلاً، مع انطفاء نحو 83% من الأضواء».

الفقرة المخصصة لتقديم القسم السابع، الخروج من البلد، تتكلم على معطيات بات أكثرها مألوفاً. محطة اللاجئين الأولى هي البلدان المجاورة، ومنها يمكن أن يقصدوا مناطق أبعد. نصف السكان مهجرون من ديارهم، وحسب المعطيات المتاحة حالياً 2017، فإن نحو 6,6 ملايين مهجرون داخلياً و4,9 ملايين مهجرون خارجياً (موقع UNCHR  يعطي رقم 5,052 مليوناً في البلدان المجاورة وشمال أفريقيا)، ونحو مليون لجأوا إلى أوروبا (937 ألفاً حتى آذار 2017). موجة اللجوء الواسع إلى أوروبا بدأت في 2015، وقت رفعت مقدونيا القيود عن عبور الحدود من اليونان إلى أوروبا الغربية. وقد ازدهرت صناعة تهريبٍ للبشر يصل رأسمالها إلى مليار دولار، وتدر مرابح هائلة على مديريها. لكن ألوفاً غرقوا في البحر، في سياق أسوأ كارثة لجوء منذ الحرب العالمية الثانية. الولايات المتحدة، تقول بيرلمان بسخط مكتوم، قبلت حصة من 10 آلاف لاجئ.

وما يخص القسم الثامن، تأملات، من المقدمة، يحيل إلى ما انضوى تحت هذا القسم في المتن من شهادات تستجمع معنى تلك الحوادث المهولة: «تلقي الأصوات الواردة هنا ضوءاً على القيمة الإنسانية للتمرد السوري، وذلك من أجل أولئك الذين يشاركون في أمل التغيير. فعبر ما فيها من مزيج من الفخر والذنب والأسى والتوق والأمل، تُحفزِّنا كلماتهم على التفكير بما كان يمكن أن نكون نحن لو واجهنا محن الثورة والحرب والمنفى ذاتها. قد نتساءل عما كان يمكن أن يكون مختلفاً لو أصغينا إلى أصوات السوريين في أوقات أبكر. ليس الوقت متأخراً جداً لأن نصغي الآن».

أُنوّه إلى أن الكاتبة أرادت في فقرات المقدمة السابقة أن تعطي لقارئ الانكليزية فكرة عن خلفية الشهادات الواردة في متن الكتاب. المتن ذاته مكونٌ من شهادات السوريات والسوريين في شتاتهم الواسع.

هذا المتن مستعصٍ على التلخيص ولا يُحاط به، يُقرأ وتعاد قراءته، يُحَسُّ به ويروى للغير. التقطته بتنبّه وحساسية كاتبة وناشطة جمعت بين الأمانة في نقل مرويات السوريين، وبين التضامن والمشاركة مع الرواة.

وزعتْ ونْدي بيرلمان المرويات على المحاور الثمانية تحت مداخل متعددة في كل محور، سُميّت بأسماء المتكلمين الأولى: فادي، حسام، محمد، ريم، مرسيل… بعض الأسماء صريحة، بينما أبدلت أسماء من لم يشأن أو لم يشاؤوا التصريح عن أسمائهم بأسماء غيرها. وتتراوح المداخل بين سطر واحد وبين خمس صفحات أو ست. يقول فادي في أول شهادة في الكتاب: «المواطن رقم في سورية، والحلم ممنوع». وفي سطرين يقول شادي: «مظاهرتي الأولى كانت أفضل من يوم عرسي. حين سمعتني زوجتي أقول ذلك، قاطعتني طوال شهر». أما يُسرى، الأرملة الأمّية والأم لابن وحيد، فتروي في نحو خمس صفحات قصة ترحلها من مكان لم يُسمّ في سورية إلى الأردن فإلى تركيا فألمانيا. قصة مذهلة لامرأة كانت قد تزوجت وهي في الخامسة عشرة وتوفي زوجها، ثم تزوجت من جديد بمبادرة من يتيمها المراهق، فأنجبت بنتاً وولداً، وقادت أسرتها في غياب الزوج الجديد، في رحلة بطولية إلى اليونان، ثم عبر البلقان وهنغاريا إلى ألمانيا، حيث التحق بها الزوج. أولادها يتعلمون الألمانية اليوم، وهي نفسها تتعلمها، وتسوق الدراجة الهوائية. وقعت أكثر من مرة، لكنها مستمرة.

العنوان الدال للكتاب مُستمد من شهادة طارق عن محاولة المتظاهرين الوصول إلى ساحة العباسيين في يوم «الجمعة العظيمة»، نيسان 2011. يقول: «كان تجمعاً ضخماً، أكثر من مائة ألف شخص. جاء الناس من العديد من ضواحي دمشق: دوما، حرستا، زملكا، كفر بطنا… أتذكر أننا عبرنا جسراً وأنه اهتز تحت أقدامنا لأننا كنا كثيرين جداً».

تيسير من درعا يتكلم على اقتحام درعا وحصارها يوم 24 نيسان 2011، وعلى حظر التجوال الذي استمر 13 يوماً وقتها. تكلم أيضاً على عيشه متوارياً في المدينة لأنه كان مطلوباً للنظام، وعلى اعتقال ابنه الذي استمر ستة أشهر تعرض خلالها لتعذيب شديد، ولم يفرج عنه إلا برشوة للمخابرات: «صار اعتقال الناس مهنة ابتزاز منظمة. من يستطع ذووهم دفع المال يُفرج عنهم، ومن لا يستطيعون يبقون في السجن ويقضى عليهم». صاحب هذه الشهادة هو تيسير مسالمة المعتقل السياسي السابق (وزميل كاتب هذه السطور في سجن عدرا في تسعينات القرن الماضي). أبو علاء كان لاجئاً في الأردن، ثم في فرنسا، وقد رحل في الشهر الأول من عام 2015.

عمر الذي كان عمره خمساً وأربعين يوماً وقت اعتُقِلَ والده، وعشر سنوات وقت خرج من السجن، واعتُقِلَ هو نفسه بعد الثورة، فجرب الكرسي الألماني، وحمل كل يوم جثث المعتقلين المقتولين تحت التعذيب إلى مستودع خاص، عمر يقول: «مرة بعد أن أفرج عني كنت أتكلم مع أبي. سـألته كيف استطاع أن يكون سوياً من جديد بعد تلك الفترة الطويلة في السجن. نظر إلي وقال: من قال لك أني عدتُ سوياً في أي وقت؟».

عبد العزيز اللاجئ في مخيم الزعتري في الأردن يقول إن المخيم منطقة جرداء لا حياة فيها: «لقد وضعونا في منطقة لا أشجار فيها ولا حيوانات. قبل أيّام شاهدنا فراشة في المخيم. تنشط الجميع وابتهجوا برؤيتها. كنا نهتف لبعضنا أن تعالوا وشاهدوا الفراشة. لا بد أنها أضاعت طريقها حتى وصلت إلى هنا».

يظهر بعض الرواة في أكثر من قسم واحد من أقسام المتن الثمان. مرسيل تتكلم ثلاث مرات في القسم الخاص بالثورة، حيث تروي قصة مقتل والدتها وعزاء رفاقها الثائرين لها، وكيف جلعت من هذا العزاء فعلاً ثورياً؛ ثم في قسم العيش في الحرب حيث تتكلم عن نشاطها الثوري في مناطق حلب الخارجة، وقتها، عن سيطرة النظام وتعرضها للتهديد بالخطف من قبل داعش، واضطرارها للخروج من حلب إلى تركيا: «كنت أبكي مثل طفلة صغيرة»؛ ثم في القسم الأخير، حيث تنظر في مشاعرها، في علاقتها بنفسها، وبغيرها. في مواعدة مع شاب، كان أول سؤال طرحه عليها: هل تعتقدين أن المعارضة ستذهب إلى مباحثات السلام في جنيف؟ مرسيل قالت إنها تبحث عن مساحة لتكون هي.

ريما تتكلم غير مرة أيضاً. هنا شهادتها القصيرة من القسم الثالث/ الثورة: «كنت في مظاهرة. كان هناك من يهتفون، وانضممت إليهم. بدأت بالهمس: حرية. وبعدها أخذت أسمع صوتي يكرر: حرية، حرية، حرية. ثم بدأت أصرخ: حرية! فكرت أن هذه أول مرة على الإطلاق أسمع صوتي. وقلت لنفسي إني لن أدع أيّاً كان يسرق صوتي بعد اليوم».

وتقول تاليا التي طلّقت زوجاً لم تكن ترتاح له، وعاشت مستقلة مع أولادها، تتدرب وحيدة على أن تصير مذيعة، قبل أن تنجح في اختبار للعمل كمذيعة، تقول في القسم الأخير: «لقد اكتشفت أني شخص يمكن أن يؤثر على الآخرين. الثورة هي من علمتني أن أكون مؤثرة. والثورة هي من أتاحت لي أن أرى الناس على ما هم عليه فعلاً. أظهرت لي أن لدى كل سوري مئات القصص المخبوءة في قلبه. أن كل سوري هو قصة بذاته».

وندي بيرلمان نفسها تغيرت بفعل لقاءاتها، وما شهدت وسمعت من السوريين الذي عبروا الجسر: «علّموني معنى الكرامة والالتزام والصمود (…) تغيرتُ إلى الأبد، وسأبقى دوماً خاشعة ممتنة لما أتيح لي من امتياز اللقاء بهم».

أعود إلى القول إن الكتاب لا يقبل عرضاً تلخيصياً، وهذا مثلما أن المتكلمين في الكتاب لا يختزلون إلى نموذج أو نماذج قليلة. «عبرنا جسراً…» كتابٌ يُقرأ ويُرجع إليه، وتوضع نصوص منه في قراءات مدرسية في متناول الأولاد السوريين في يوم آت، مأمول. كل من الرواة الخمس والثمانين قصة وقصص، كما تقول ريما. والتحدي الذي نجحت فيه المؤلفة الأميركية هو تقديم تقرير مؤنسن، لا يُذيب السوريين في خطابات متعالية أو في مثل مجردة (مثل الخطاب الجيوسياسي، والخطاب الثقافوي، غير الإنسانيين وغير المسكونين بالبشر)، ولا يُغيِّب أصواتهم المتعددة وراء صوت وحيد عارف بكل شيء، ولا يحجب تناقضاتهم وكثرتهم. لكنه ينحاز بوضوح وعلى نحو قطعي إلى كفاحهم الشاق.

وفي إيماءة مؤثرة جداً، وتذكرٍ للراحل تيسير مسالمة، أهدت وندي بيرلمان الكتاب إلى «أولئك الذين لم يعيشوا كي يكملوا قصصهم».

موقع الجمهورية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى