صفحات مميزةغسان ياسينلن ننساكم -بمثابة تحية الى شهداء سورية -

عبودي . . أخي الصغير – غسان ياسين

 

غسان ياسين

بعد نجاحه قي الثانوية العامة قرر إعادة العام الدراسي لأن مجموع علاماته لم يتح له دخول كلية الصيدلة التي يحلم بها, إنه عبودي أخي الذي يصغرني بخمسة عشر عام والذي تأثر كثيراً أثناء إعتقالي ولازلت أذكر نظرة عينيه المتوعدة حين شاهد آثار النعذيب على جسدي لحظة خروجي من السجن في بداية الثورة ,منذ أول أسبوع كان يسألني ..هاي الجمعة وين في مظاهرة, كان شديد الحماس للمشاركة الفعالة ويخبرني كل فترة بأنه استطاع جمع عدد من رفاقه من أجل أن يشاركوا معنا في المظاهرة القادمة.
ومع خروجي من سورية نهاية عام 2011  إنقطعت اخبار نشاطاته عني لأتفاجئ لاحقا أنه يعمل مع عدة تنسيقيات في تصوير المظاهرات ووضعها على شبكة الانترنت وبعد أن اخبرني أحد أصدقاءه عن نشاطه سألت عبودي كيف استطعت العمل مع التنسيقيات وكيف وثقوا بك أجابني ضاحكاً ..بسيطة كتير كنت أقول لهم أنا أخوه لغسان .
في نهاية شهر آذار من عام 2012 ومع بداية تشكيل كتائب مسلحة في ريف حلب الشمالي إتصلت بي أمي وهي خائفة ومرتبكة وقالت لي أنت في تركيا وأخوك عبد الباسط التحق بالثوار وقرر الانضمام للكتائب المسلحة,
لا أخفيكم أنني صعقت في بداية الأمر وبادرت فورا للإتصال به وطلبت منه أن يعود الى حلب المدينة لكنه رفض وقال لي هل تريدني أن أُقتل في إحدى المظاهرات من قبل شبيحة يحملون السكاكين والأسلحة فيما أحمل أنا الكاميرا !
في نهاية شهرحزيران قمت يزيارة إلى معسكر للتدريب أقامه الثوار في ريف حلب الشمالي حيث يقيم ويتدرب عبدالباسط مع مجموعة من المتطوعين والمنشقين شاهدت عبد الباسط بصورة مختلفة كلياً بعد غياب سبعة أشهر ..كان يبدو رجلاُ بكل معنى الكلمة وكان يتحدث كالرجال ..كان قائد المجموعة أبو عبدو الجابر “صياد شبيحة حلب” يحبه كثيراً وأيضاً الضابط المسؤل الملازم أول المنشق أحمد طلاس كان يعتمد عليه في الكثير من الأمور, من بين المتطوعين كان أيضا معهم حسام أرمنازي طالب الطب الذي استشهد لاحقاً واستشهد أبو عبدو والملازم أول أحمد ايضاً.

مع دخول الجيش الحر إلى حلب كانت تلك المجموعة من المجموعات الرئيسية التي شاركت في بدء معركة تحرير حلب
في بداية شهر إيلول كنت في حلب وأثناء تواجدي في أحد الحياء حلب القديمة صادف أن اجتمعنا أنا وأخوتي الخمسة برفقة مجموعة من االصحفيين الأجانب, سألتني صحفية فرنسية بعد أن علمت أننا أخوة منضمين للثورة كل في نشاط مختلف..أنت أكبرهم سناً لماذا كلكم مع الثورة الا تخاف عليهم.
كانت الساعة الثانية ظهراً جاء عبد الباسط مسرعاً وفتح الباب بسرعة وهو يصرخ فرحاً هيا تعال معنا أنت والصحفيين سنبدأ أهم عملية في حلب .. سنحرر ثكنة هنانو.
ذهبنا مسرعين وصورنا قليلا لحظات بدأ المعركة ..وفي اليوم التالي إضطررت للسفر بسرعة إلى مصر للقاء الأخضر الإبراهيمي مع مجموعة من النشطاء, وخلال رحلتي إلى تركيا برا كنت أتواصل معه عبر السكايب، أخبرني حينها عن تحرير أكثر من ثلاثمئة معتقل كانوا هناك وكيف أن أحد المعتقلين ركض نحوه وقبل يده شكرا وعرفاناً..قالي لي صرت أبكي يا غسان رجال بعمر البابا باس إيدي وهو عم يبكي.
وأثناء تحرير الثكنة قام عبودي بإعطاء أحد الضباط سيارة عسكرية محملة بكمية كبيرة من الذخائر وعدد من قاذفات الآر بي جي ..فقام الضابط بإهدائه سيارة صغيرة كانت بحوزت أحد ضباط النظام نظراً لمشاركته الفعالة في عملية تحرير الثكنة ولأنه سلم كل الغنائم التي حصل عليها “يحدث أن يقوم بعض أفراد الجيش الحر بأخد الغنائم وبيعها لاحقاً” ,حدثني أحد الموجودين هناك عن قصة الذخائر والسيارة الصغيرة وأضاف بأن عبودي قال لصديقه سآخذ هذه السيارة في جولة خارج المدينة لمدة أسبوع، أريد إجازة ..أريد أن ارتاح..

في اليوم التالي إستشهد عبودي .. وأرتاح.

خاص – صفحات سورية –

اللوحة للفنان السوري بشار العيسى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى