صفحات الرأينارت عبد الكريم

عصر الشعوذة وأطوار الإدمان/ نارت عبد الكريم

 

 

الكُلّ، في عصرنا الحالي، يُشِيد بالعلم، كما كان هذا الكُلُّ، سابقاً، يُشِيد بالدين، وقبل ذلك كانوا يُشيدون بالسِّحر ويرونه أعظم إنجازٍ بشري. مع أنَّ الهدف كان دائماً صرف النظر عن الحقيقة والتشويش عليها. فاستلابنا للعلم الحديث لا يختلف عن الاستلاب الذي كان سائداً للدين وقبله للسِّحْر.

إنَّ شكل العلاقة بين الإنسان وتلك العقائد الثلاث الكبرى هو الذي يثير الريبة والشك ويدفع لتسليط الضوء عليها لكشف ما تحاول إخفاءه وطمسه. فالعلم الحديث لا يقل سوءاً وفجاجةً عن السِّحْرِ القديم بل حتى أنَّ نتائجه السلبية أَشَّدُ أَذًى وتدميراً، بما لا يقاس، للإنسان وللحياة بمجملها على هذا الكوكب. وللأسف قد تحتاج البشرية إلى المزيد من النكبات والكوارث والمزيد من المآسي حتى تستيقظ من سباتها الطويل. فلم ينته بعد طور الإدمان على العلم كما كان سائداً في الماضي القريب طور الإدمان على الدين وقبل الدين كان الإدمان على السِّحْرِ هو الشائع.

إنَّ تحالف رجال العلم مع الحكومات والساسة وأصحاب رؤوس الأموال لا يختلف عن تحالف رجال الدين مع السلاطين والملوك وقبله تحالف السَحَرَة مع زعماء العشائر والقبائل. وكما كان الناس، في الماضي، يرتادون المعابد كالقطعان ها هم، الآن، يرتادون المدارس والجامعات ويلتصقون بشاشات التلفزة كالقطعان أيضاً، ومن يدخل في القطيع سيبتلعه القطيع.

* كاتب سوري

الحياة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى