صفحات الناس

عم نكبت الذاكرة/ مارسيل شحوارو

 

 

 

في مظاهرة طلعناها قدام المخابرات الجوية بالزهراء بحلب، ما بتذكر تاريخا بدقة ” بدها فخري هي القصة” كانت المظاهرة حمقاء للغاية أو شجاعة للغاية “حسب كل لحظة زمنية كنت شوفها بطريقة”، الفرع هو من أكثر الفروع وحشية والمنطقة ما بتسمح حدا يتخبى فيها كتير مكشوفة واول ما وصلنا لمكان المظاهرة كان واضح انه المظاهرة مخترقة وفي سيارات للأمن عم تستنانا لنطلع ..

اول واحد اجا مننا قال، تعوا ما نطلع شكلها مخترقة، كل شوي يجي حدا يقول تعو ما نطلع مخترقة .. وهيك الكل متأكد انها مخترقة

ومع أول هتاف كلياتنا ردينا وطلعنا ، يمكن اقصر مظاهرة منطلعها ، رصاص وشبيحة ومخابرات وشوي كانوا يفوقونا بالعدد كتير..

انا ما بركض “كنت اتحجج انه حجمي ما بيسمحلي”، حالياً اتأكدت انه لأ .. انا كائن ما بيعرف يركض .. بركض بكل الاتجاهات وبصير عائق وبطبش عخلقتي وهكذا

وكوني ما بهرب .. فأول ما بيقوصو علينا .. بفوت عأول بناية وبتخبى ..

وهيك قوصوا علينا، فتت عالبناية تخبيت

فات معي عالبناية شب من جامعة الثورة، استشهد لاحقا، ونحن متخبيين وعم نرجف .. بيبدا صوت صوي وولولة لصبية، ووقتها ما كنت غليظة ومفزلكة كفاية لأفكر بحماية نفسي من الصدمة النفسية، قربت عشباك البناية وصرت اتفرج ..

صبية بيطلع عمرها 25 وعم يشحطوها من إيديها الاتنين وشلحوها حجابها، واحد معو عصاية سودا جلد ومزينها “شيء مقيت بيفوق الوصف” وعم يضربها فيها .. شحطوها وزتوها بعدين بالسيارة

ما منعرف مين الصبية ، ما منعرف شو صار فيها .. ومن هديك اللحظة بالبناية انا ما بفكر فيها ، ما بحكي بقصتها، لا مع فخري ولا مع حليم ولا مع زيد أو عارف او عهد .. او .. أو

نادراً ما منرجع منفتح ذاكرتنا الحقيقية، يمكن ما منسترجي ويمكن ما بدنا ويمكن مخنا هيك عم يقاوم

أنا عشت بس تلت سنين جوا الثورة، تلت سنين يومية كثيفة ، وتجربتي أقل حدّة من تجارب ناس كتير،365 يوم * 3، اعملوا انتوا الحسبة ما ألي انا خلاق ..

كل يوم عنا موقف او مواقف، أما بالغة الفخر والعزة أو بالغة العنف والتعب

طلعت ععنتاب، وبديت أتصرف كأنه هاد كله ما حصل، وقت بشتغل ما بفكر بنوب كأنه أنا ماكينة، بنوب ما بفكر بذاكرتي، لهيك بعشق الشغل

بس الليل !! الليل الواطي … وقت برجع بتذكر .. اوقات بعمل حالي كأنه هدول الأحداث متخيلة، وبأقنع مخي أنه هي قصة .. انا اخترعتها، اوقات بعمل حالي ما متذكرة وبصير مزعجة .. بيكون حدا عم يحكيلي ويسألني ما متذكرة ؟ ومصّرة انا أني ما متذكرة

اوقات مخي لحالو بيخلط الاحداث، والأزمنة والاشخاص .. فالترتيب بيكون فايت ببعضو .. هي قبل تحرير داعش ؟ قبل تحرير الشرقية ؟ إلخ إلخ ..

أوقات فعلاً ما بكون متذكرة، صفحة بيضاء .. أوقات بعتبر انها حصلت مع حدا تاني، وبصير بحكي عنها بهيك الصيغة أنها صارت مع “هديك” ..

أمبارح قبل ما نام، مدري ليش رجعتلي هي الحادثة بالتفصيل الممل، وعرفت أنها حصلت معنا وأنها حصلت بالواقع مو بفيلم ولا بتخيل .. وعملت كل اكل الهوا المؤذي تبع كان لازم ما نطلع لأنها مخترقة ؟ كان لازم ما نطلع ثورة ؟ هالمخلوقة راحت ببلاش؟ ماسكة مرسيل جوا راسي ونازلة صفق فيها …

بشار الأسد وأزلامه والنظام اللي بانيه، شحط الصبية .. ضربها بالعصاية ام البسامير، بشار الأسد وأزلامه والنظام اللي بانيه، قتل الشب اللي تخبى معي بالبناية ، وشرد حليم وزيد وعارف وعهد وفخري .. ..

بشار الأسد وإزلامه والنظام اللي بانيه .. هو اللي حطنا قدام تجارب بهالعنف ..

نحن عم نكبت الذاكرة، ونعمل حالنا أنه ما صارت معنا صارت مع حدا تاني، عم نكبت الذاكرة ونتصرف وكأنه تجربة حياتنا المؤلمة الكثيفة ما صارت ، ونتصرف كأنه نحن مو أوبة مجانين

بس يعني كل هالمحاولات هي ما رح تقدر تنسينا مين هو بشار الأسد وأزلامه والنظام اللي بانيه

الفيس بوك

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى