صفحات سورية

عندما تقف مع المقاومة.. ومع حرية التعبير عن الرأي في سورية

 


علي الزين

منذ بدء التظاهرات في سورية, بدأنا نرى عشرات الصفحات على الفيس بوك. منها مع النظام ومنها ضده. وأول ملاحظاتي هي أنني لا أستطيع إبداء رأيي بصراحة على صفحات الأصدقاء. يعني إذا كتبت عند معارض وسألت سؤالا فأنا سأُتّهم أنّي مع النظام, وإذا كتبت عند موالي وسألت سؤالا فأُتهم أني متآمر على سورية.

أنا أحترم الشعوب وخياراتها, وأعرف تماماً كيف يقف الشعب السوري مع المقاومة ضد العدو الصهيوني.

ولأني اعرف هذا فأنا أكتب ما أكتب. أنا مع المقاومة ضد إسرائيل وهذا طبيعي, فأنا إبن الجنوب اللبناني الذي كان محتلا لأكثر من 22 سنة. وأعرف عن قرب معاناة أبناء بلدي وكيف كانت إسرائيل تدخل إلى أي قرية وتفعل ما تشاء, تقتل وتدمر وتعتقل.

لذلك فإنه من الطبيعي أن أكون مع المقاومة, وهذا ليس اتهاماً.

فأنا أشعر بفخر انتمائي لهذا الشعب العظيم الذي هزم إسرائيل وأثبت للعالم أن إسرائيل غير عصيّة عن الهزيمة.

أنه لمن اللا طبيعي أن يكتب لي أحد الذين يقولون انه من المعارضة أن قلبه مع 14 آذار وأنه يعتبر سمير جعجع رجل عظيم وبطل, وأنه تمنّى لو كان معهم في مظاهرة 13 آذار الماضية والتي كان عنوانها “اهجم على سلاح المقاومة خدمة لإسرائيل”..

إلا إذا كان جزءاً من مشروع 14 آذار في سوريا. أو أنه ينتمي إيديولوجياً لفكر مفاده ” سوريا أولاً ” كما يحب أن يروّج الأميركيين. وهذا الكلام يجعلني أفكر ملياً.. وأنا لا أدّعي هنا أن كل من عارض النظام هو مع 14 آذار.

لكن بعضهم يعتبر أن أي جهة ضد النظام في سورية هي بالضرورة صديق للمعارضة, وهذا ليس صحيحاً.

وبعض الذين يدّعون أنهم في المعارضة يقفون فعلاً وبالمبدأ مع حركة 14 آذار التي أثبتت وثائق ويكيليكس ارتباطها العضوي بالمشروع الإسرائيلي في المنطقة. وقرأنا كيف قام مسؤوليها بدون استثناء بالتآمر مع إسرائيل في حرب تموز 2006.

أما بالنسبة للكثير من الأصدقاء الذين يدخلون على الفيسبوك ويهاجمون وهم لديهم موقف مسبق ويعتقدون أنني مع النظام فقط لأني مع المقاومة ضد إسرائيل, فأنا أقول لهم:

أنا دعوت النظام أن يقدم برنامج إصلاحات فوراً وأن يلغي قانون الطوارئ وأن يقوم بالبدء ليس بدراسة المشاريع, بل الشروع فوراً ببرامج تنتشل سورية لتجعلها دولة عصرية تحترم خيارات شعبها وتعطيه الحق باختيار ممثليه وتشعره أن لديه الحق الأدنى على الأقل من حقوقه كإنسان.

أنا لا أريد أن أرى الفوضى تعمّ سورية, ولا أريد أن أرى إراقة دم في سورية. أريد تغييراً وإصلاحات وانتقال بشكل سلمي وحضاري يعطي للعالم أمثولة عن حضارية الشعب السوري الذي أجلّ وأحترم كثيراً.

وأريد أيضاً ألّا تهتز صورة سورية الدولية والتي هي ركيزة الممانعة ضد مشاريع أميركا وإسرائيل في المنطقة. وهي كذلك فعلاً وليس قولاً وأستطيع إعطاء العديد من الأمثلة حول دعم المقاومات في المنطقة.

أنا مع ما يريده الشعب وفي النهايه فالشعب سيحصل على ما يريده..هكذا علّمنا التاريخ.

وفي سورية يلفت انتباهنا أن المعارضة هناك ليست معارضة منظّمة, والأسباب لذلك موضوعية وذاتية في نفس الوقت ولست هنا بصدد النقاش حول هذا الموضوع. لكن ما نقرأه يومياً من خلال رسائل على شكل برقيات على الفيس بوك ومن خلال ما نراه على اليوتيوب, يجعلنا نرى في مطالب هذا الشعب العظيم مطالب حد أدنى من الحياة بكرامة, فيقولون “الشعب السوري ما بينهان” و ” لا خوف بعد اليوم”.

أي إنسان في العالم لا يقبل هكذا شعارات فهو ليس إنساناً. هل تريدون وضوحاً أكثر من هذا؟

فكيف نطالب بكرامة وحرية شعبنا في لبنان ونرفضها لشعبنا في سوريا..؟ وإذا فعلنا ذلك فهذا قمة العهر السياسي.

لكن التغيير والإصلاح شعار يحتاج إلى نفس طويل وأنا اعرف تماماً ما يعانيه الشعب السوري على مدى أكثر من 40 سنة من قانون الطوارئ والفساد على مستوى الدولة.

وأنا كنت من الذين انتظروا خطاب الرئيس بشار وكنت أيضاً من الذين حزنوا عند نهاية الخطاب. واعتبرت أن الخطاب لم يعبّر عما يريد أن يسمعه الشعب. يعني كان خطاباً بعيداً عما كان يتوقعه الناس. كنت أتوقع في الحد الأدنى أن يعلن رفع قانون الطوارئ وحتى لو حدد تاريخ 1 أيار مثلاً.

كنت أتمنى أن يقوم الرئيس بشار بمدّ يده إلى الناس, علماً أني لا استبعد تدخلات الخارج, لكني لا أعتقد أن التدخلات الخارجية لها علاقة بكرامات الناس وإهانتها في الداخل. ولن أفند الخطاب بنداً بنداً.. لكني سأقول رأيي الصريح والحقيقي:

أنا اعتقد أنه لا يزال هناك المجال, لأن يقوم بمبادرة تجاه الشعب, ويبدأ بإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين أو معتقلي الرأي. وكما سمح للفيسبوك بالحرية فعليه أن يطلق سراح كل المعتقلين. وأنا بالمبدأ ضد قمع الفكر حتى لو كان يتناقض مع فكري..

أريد لإراقة الدم أن تتوقف فوراً ونطلب من الدولة أن تقوم بإعطاء الأوامر بعدم إطلاق النار وإعطاء الناس الفرصة ليعبروا عن رأيهم.

ونطالب الدولة بالتحقيق الجدي ومحاسبة المسؤولين عن المجازر في درعا وجميع المدن السورية. ونطالب ايضاً بالكشف عن أسماء جميع المتورطين, فالمصداقية هنا هي معيار الإنتماء للوطن.

وندعو الناس للتظاهر بشكل حضاري ومسالم وأن يعطوا الصورة الصحيحة عن مستوى الثقافة عند هذا الشعب العظيم.

أما في ما يتعلق بالرأي الحر وحرية التعبير. علينا أن نمارس بالفعل ما نقوله. يعني احترام الكلمة الحرة وحرية التعبير عن الرأي موضوع مهم جداً. ونحن عندما نطالب بحرية الكلمة علينا ألّا ننسى أن حرية الكلمة تنطبق على الجميع.

وما نراه على صفحات الفيس بوك من آراء وتعليقات ونصوص تعبّر عن أصحابها. لكن الملفت هو التشبث بالرأي ورفض الرأي الآخر. لذلك أسأل أصدقائي الذين يكتبون هنا على الفيسبوك وهم المعنيون أكثر من غيرهم لأنهم هم من يطالب بالحرية والكرامة وأنا أكيد معهم, فأسأل:

كيف يمكن لي أن أطالب بحرية التعبير وأرفضها لغيري..؟

كيف أطالب بالتوقف عن الإهانات وأنا أكتب إهانات ضد من لا يتفق معي بالرأي..؟

كيف تطلب من لبناني أن لا يتدخل في شؤون سورية وبعدها تذكّرني أننا شعب واحد..؟

هل تعلمون أن حركة 14 آذار هي حركة عنصرية, وأول التصريحات العنصرية أطلقت ضد السوريين..؟

هل تعلمون أن عشرات العمال السوريين قتلوا في لبنان بعد مقتل الحريري فقط لأنهم سوريين..؟

كيف أطالب بتحرير شعبي وأرفضها لشعب آخر..؟

أنا يا أصدقائي لست بحاجة لشهادة انتماء وطني من أي إنسان وأنا كنت أول المتظاهرين ضد الدخول السوري في لبنان وكوني علماني, أرفض النظام الطائفي السياسي التافه في لبنان, رفضت كل أنواع الوصايات على شعبنا.. وعندما كانت سورية موجودة بجيشها في لبنان, كنت أنا ضد ذلك الوجود وكنت أول المتظاهرين ضد الدخول السوري, وسقط لي رفاق أمام عيني نتيجة القصف السوري لمدينة صيدا.

لكني لم أقف مرة واحدة مع إسرائيل فقط لأنها ضد سوريا!!

ملاحظة أخيرة أنا أدعو جميع الأصدقاء إلى احترام الآخرين عندما يكتبون, فلا يستعملون لغة متدنية مهينة لا تليق بإنسان يطالب بحريته.. فالإنسان الذي يطالب بعدم إهانته.. أول ما يجب أن يفعله هو التوقف عن إهانة الآخرين. مع احترامي وتقديري للجميع..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى