صفحات سورية

عندما رفع بشار الأسد المصحف


محمد فوزي راشد

كان يوماً صعباً على الجميع فقد أشتد هجوم مالك الأشتر على جند معاوية , وباتوا على مقربة من خيمة معاوية ابن ابي سفيان .

و عندها همس ابن العاص في أذن معاوية فقام معاوية وطلب من جنده رفع المصاحف على رؤوس الرماح.

فأنقسم جيش علي ابن ابي طالب على نفسه , حتى كادوا يفتكوا بعلي , ونجحت خدعة معاوية .

و توقف القتال , ونجا معاوية من الهزيمة .

ليأتي التحكيم الذي انتهى بخدعة عمرو بن العاص لأبي موسى الأشعري ذالك الشيخ طيب النية والذي كان يريد حقن دماء المسلمين ورأب صدع الأمة .

انتهى التحكيم بخدعة تشبه الفضيحة .

لقد اشتد الطوق حول عنق بشار الأسد و بدأ رغاء الجمال الآنفة يتراءى لمخيلته لا بل يسمعه حول خيمته .

وصار من المستحيل صم السمع عن صوت السوريين , و غض البصر عن هرم الجثث الذي يرتفع كل يوم , فقد أصبح يُشاهَد من أقصى اصقاع الأرض.

وهنا عادت صور صفين , وغبارها ليلف عاصمة الأمويين وارتفع صوت صليل السيوف , فلم يكن من بد من رفع المصاحف.

ولكن من يصدّق بشار الأسد و في فنائه أكثر من أربعة آلاف قتيل سوري

وقد قُتِلوا ظلماً .

وهنا ولج الخيمة شيخ مهيب , دامع العينين خافت الصوت ناجى بشار طالباً منه حقن الدماء .

فتنهد بشار وبكى و قال للشيخ : ما أعقلك من شيخ فخذ عني هذه المصاحف وارفعها على الرماح ليتوقف شلال الدماء.

فقد هممت أن أفعل ولكن وقارك أطمعني بالعافية و سلامة طويتك حببت إلى العفو و الخير فتقدمني إلى هذه الجموع لنحقن دماء السوريين .

فخرج الشيخ المهيب ونادى: “هذا كتاب الله بينكم وبين بشار, فاحقنوا دماءكم و احفظوا شجرتكم ;و البقية البقية يا أهل الشــــــام” .

كان القتال لايزال مستمراً وكانت أصوات الصياح تملأ الفضاء .

كان بشار في خيمته يبتسم و هو يتخيل الشعب السوري ينقسم على نفسه و يهاجم بعضهم بعضاً ,فيكفيه بعضُهم شرَّ بعضٍ .

وكاد يضحك وهو يتخيل كيف ستتجادل أحياء العرب في أمصارهم و ينقسم كلُّ بنو أبٍ على أنفسهم ,

وأصبح يستشعر أن خيول بني الأصفر بلا سروج بل أن ظهورها باردة .

الشيخ لايزال على باب الخيمة ينتظر توقف سيل الدماء , و الغبار لا يزال يملأ سماء الشام ,

كان الشيخ يرتجف كلما ارتفع هرم القتلى .

ضاعت صرخات الشيخ المبحوحة , فقد كان غضب السوريين , أكبر من أن يُخدعوا ,

كان هرم الموتى يرتفع والشيخ يصيح

والسوريون يقولون : ” مه ياشيخ , مه يا أخا تميم . لو قبلنا تحكيمك لقَتلَنا ابن حافظ واحداً واحداً بالسم أو بالسيف أو كمداً في السجون.

لف الشيخ عباءته وركب بغلته وهو يهز رأسه ويتمتم رحم الله أبي موسى فلأذهب قبل أن يحمّلني بشارالأسد أسفاراً.

و مضى يطلب مضارب تميم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى