صفحات العالم

عن المندفعين لنصرة سورية

 

بيسان الشيخ *

حمّلت أوساط 14 آذار وفي شكل خاص كتلة «المستقبل» النيابية الحكومةَ اللبنانية مسؤولية تسلل شبان من طرابلس الى سورية للمشاركة في القتال الى جانب الجيش الحر، ومقتل بعضهم بكمين نصبه لهم الجيش النظامي في بلدة تلكلخ. وذلك على اعتبار أن الدولة اللبنانية لم تقم بواجباتها كاملة في حماية الحدود وضبطها منعاً لحوادث من هذا النوع.

وإذ حض البيان من سمّاهم «الشباب المندفع» الى عدم مناصرة أحد عسكرياً، حمّل «حزب الله» وأمينه العام «مسؤولية إرساله عناصر مسلحة للقتال إلى جانب جيش النظام»، «ما أجج حال الاحتقان لدى عدد من الشباب وأوجد لديهم المبرر للتصرف من منطلق الاندفاع لنصرة المظلوم في مواجهة تجبّر الظالم».

هذا موقف أو بالأحرى نداء، يستحق التأمل فيه لمضمونه السياسي واللغة المستخدمة فيه.

صحيح أن سلاح «حزب الله» غير القابل للتفاوض يدفع ببقية الفرقاء الى التسلح، لا سيما أن هذا السلاح استخدم في الداخل في 2008 ويستخدم اليوم في قتل أبناء بلد مجاور كان أهله أول من احتضن أهل الجنوب في 2006، إلا أن اعتبار أن نشر الجيش على الحدود كفيل بضبطها بما يمنع تسلل مجموعات مقاتلة أو غير مقاتلة، يبدو اقرب الى السذاجة إن لم الإنكار التام لواقع الامور. فبغض النظر عن عدم امكانية ضبط الحدود في شكل كلي نظراً للطبيعة الجغرافية والتداخل السكاني في تلك المناطق، يبقى أن ثمة اتفاقاً ضمنياً مسكوتاً عنه للإبقاء على هشاشة الحدود على ما هي عليه والاستفادة منها. ذاك أن رئيس حكومة «النأي بالنفس» نجيب ميقاتي ابن البيئة الطرابلسية نفسها التي ارسلت أبناءها الى سورية، يدرك جيداً ان تلك الثغرات الحدودية تمثل شريان حياة أساسياً لعبور اللاجئين السوريين والجرحى والمساعدات عبر قنوات سياسية معروفة. لذا، فإن ضبط الحدود بهذا المعنى لا يمكن ان يكون انتقائياً ويفترض أن يسري على هؤلاء أيضاً، هذا في وقت يرسل «حزب الله» رجاله عبر الحدود الشرعية.

إلى ذلك، يبدو تيار المستقبل متنصلاً من كل مسؤولية حيال قاعدته الشعبية وخصوصاً الشمالية أو دور له في انجرار شبانها الى خيارات دينية عنفية. فهذا الشباب الذي يؤخذ عليه اليوم اندفاعه للثورة السورية، هو نفسه الذي اندفع في السابق لفريق سياسي خذله بخياراته الخاطئة.

ومن التحالف الانتخابي مع «حزب الله» وحركة أمل الذي سمّي بالاتفاق الرباعي، وصولاً إلى جبهة التبانة – جبل محسن النازفة من سنوات، ماذا فعل هؤلاء غير النأي بنفسهم عن قاعدتهم والأسئلة الشائكة؟

* صحافية من أسرة الحياة

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى