صفحات العالم

عن الموقف الأميركي من الأرهاب والازمة في سورية –مجموعة مقالات-

 

“داعش” أقوى من ٦٠ دولة؟/ راجح الخوري

في ٩ حزيران من العام الماضي سقطت الموصل في يد “داعش”، قبل ذلك لم يكن هناك لا “داعش” ولا “نصرة” ولا هذا المسلسل المتصاعد من الترويع، الذي لن يكون آخره شريط الذبح في درنة الليبية، حيث تعمّد “المخرجون الكبار” الإيحاء عبر فقش الموج الأحمر بأنهم على إستعداد لصنع بحار من الدم!

لم يكن هناك “داعش” كان الذبح يتمّ بالكيميائي في الغوطتين وقطع الرؤوس والأطراف بالبراميل المتفجرة في حمص وحلب والاحياء السورية التي سوّيت بالأرض، وكان باراك اوباما يشيح النظر عن مئات آلاف القتلى بينما كان فلاديمير بوتين يسهر على جسره الجوي لتغذية المعارك التي تدمّر سوريا.

ذُبح المراقبون العرب الذين أرسِلوا لوقف النار في سوريا، ثم ذُبح المراقبون الدوليون ومن بعدهم كوفي أنان ونقاطه الست، ثم ذُبح الأخضر الابرهيمي، والآن يذبح دو ميستورا وأوهامه… ويا حصرماً رأيته في حلب!

الوضع في العراق لم يكن أفضل لأن نوري المالكي ذبح بلده مرتين، مرة عندما صنع جيشاً من الأشباح واستولى على المليارات، ومرة ثانية عندما طبق سياسات كيدية مذهبية فتنوية بغيضة ضد البعثيين والمناطق السنّية، فكان أسوأ من صدام حسين، والأسوأ ان الأميركيين كانوا في العراق يراقبون ويضحكون في سرّهم، فقد جاء من يشعل النار ويوقظ الماضي ويُحيي الأحقاد لتشتعل حرب المئة عام بين الشيعة والسنّة ولا من منتصر، يرتاح الأعداء في اسرائيل وتتفرج أميركا والغرب.

في ٨ آب من العام الماضي بدأ الطيران الاميركي بقصف “داعش” لمنعه من الاستيلاء على سد الموصل وإغراق بغداد، ثم عُقد مؤتمر جدة الذي حضره جون كيري، ثم أُعلن عن قيام “التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب” الذي يضم ٤٠ دولة، وبعد ثمانية اشهر واصل الدواعش الضرب في العراق وسوريا وباريس وكوبنهاغن وليبيا وسيناء ونيجيريا، وقبل يومين اختطفوا ١٢٠ عراقياً ربما لتصوير فيلم جديد عن مذبحة جديدة!

كل هذه المقدمة لأطرح سوالاً واحداً:

هل عرفت الحربان العالميتان الأولى والثانية قيام تحالفات فاشلة من عشرات الدول، وكيف يسقط صدام حسين في ٩ أيام وتتمدد داعش في ٩ أشهر؟

مجرد اسئلة بسيطة أطرحها، أولاً على المؤتمر الدولي الذي يستضيفه أوباما ويضم ٦٠ دولة للبحث في مواجهة الإرهابيين، وثانياً على الإجتماع الخامس لقادة الجيوش ورؤساء الأركان في ٢٦ دولة يجتمعون في جدة للغرض نفسه، في حين يستمر “داعش” في التحرك والتوسّع!

عجيب، كل العالم لا يقوى على “داعش”… كل الطيران والجيوش والمخابرات تعجز أمام ذبّاحين يعيشون في الأوكار… فكروا جيداً وتساءلوا لماذا والى أين من هنا أيها الأذكياء؟!

النهار

 

 

 

 

حيث تلتقي واشنطن والنظام السوري..و”داعش”/ خيرالله خيرالله

إلتقط النظام السوري الرسالة الأميركية. كشف أنّه في مركب واحد مع واشنطن… ومع «داعش«، وذلك بعد احراق التنظيم الإرهابي الطيار الأردني معاذ الكساسبة.

هناك بكل بساطة غياب للمنطق الأميركي في شأن كلّ ما له علاقة بالحرب على «داعش«. غياب المنطق الأميركي حمل النظام السوري على الإعلان بلسان وزير الخارجية وليد المعلّم أنّه ضد أي عمليات برّية تستهدف «داعش«. هذا يعني في طبيعة الحال وجود وحدة حال بين النظام السوري والإدارة الأميركية في ما يخصّ التنظيم الإرهابي. الجانبان مع إطالة الحرب على «داعش« إلى ما لا نهاية…

بعد إحراق الطيّار، يتصدّى الأردن وحده تقريبا بإمكاناته المحدودة لهذا التنظيم الإرهابي الذي دلّت تصرفاته على أن هناك من يريد الإساءة إلى الإسلام والمسلمين قبل أيّ شيء آخر.

في الواقع، لم يكن الأردن وحيدا تماما، ذلك أنّ دولة الإمارات العربية المتحدة سارعت إلى إرسال سرب من طائراتها إلى المملكة الأردنية الهاشمية. ونفّذت طائرات من السرب سلسلة طلعات ووجّهت ضربات إلى «داعش«. جاء ذلك لتأكيد أنّ هناك بين العرب من يسعى إلى أن تكون هناك استراتيجية متكاملة في شأن كلّ ما له علاقة بتخليص المنطقة من وباء «داعش« السنّية والدواعش الشيعية…

لعب التحالف الدولي دوره في التصدي لـ«داعش« والحد من تمدّده. نجح في ذلك نسبيا. ما لم ينجح به هو الخروج بأجندة حقيقية تؤدي إلى اقتلاع «داعش« من جذوره. لا وجود لرغبة في عمليات برّية للإنتهاء من «داعش«. وهذا ما جعل النظام السوري يلتقي مع الإدارة الأميركية في إطالة الحرب على «داعش« خدمة لمصالحه.

اعتمدت الإدارة الأميركية، أقلّه إلى الآن، على توجيه ضربات إلى مواقع لـ«داعش« من دون أخذ في الإعتبار للأسباب التي مكنت هذا التنظيم الإرهابي من ايجاد بيئة حاضنة له في سوريا والعراق. أكثر من ذلك، هناك رغبة أميركية، ظهرت من خلال تصرّفات المسؤولين في الإدارة، في اقتصار الدور العربي على ما تطلبه واشنطن وما يخدم توجّهاتها فقط. يبدو مطلوبا، أميركيا، من العرب توفير الغطاء لضربات جوّية اميركية من دون أي مشاركة فعلية في القرار السياسي.

بكلام أوضح، مطلوب من العرب أن يكونوا تابعين للولايات المتحدة وليس شركاء لها. وهذا ظهر بوضوح عندما أسرت «داعش« الطيار الأردني. كشف ذلك، غياب ما يمكن وصفه بإجراءات يمكن أن توفرّها الإمكانات العسكرية الكبيرة التي تمتلكها الولايات المتحدة من أجل حماية الطيارين المشاركين في ضرب «داعش«.

هناك باختصار رفض عربي للعب دور التابع المساهم في المماطلة التي لا تخدم سوى النظام السوري من جهة والميليشيات التابعة للأحزاب المذهبية العراقية التي تلعب دورا مهما في انتعاش «داعش«. همّ هذه الميليشيات يبدو محصورا في تطهير بعض المناطق العراقية، على رأسها بغداد والمناطق المحيطة بها من أي وجود سنّي تحت غطاء محاربة «داعش«.

يعبّر عنه السرب الإماراتي الموجود في الأردن عن رفض لكلّ هذه التوجّهات الخاطئة. هذا السرب يؤكّد وجود قرار عربي مستقلّ يخدم المصلحة العربية التي لا تفرّق بين إرهاب وإرهاب بغض النظر عن توجّه الإدارة الأميركية الحائرة التي تعتبر أنّ الملف النووي الإيراني يختزل كلّ قضايا المنطقة ومشاكلها.

ليس سرّا أنّه سبق للعرب الواعين أن رفضوا سيطرة الإخوان المسلمين على مصر خلافا لتوجّه إدارة أوباما التي كانت تمتلك كمّية لا بأس بها من الأوهام في شأن دور الإخوان وما يمثّلونه في الدول العربية، خصوصا في مصر.

كان رأي إدارة أوباما، وربّما لا يزال، أنّ في استطاعة الإخوان لعب «دور إيجابي« على صعيد تعزيز الديموقراطية في كلّ دول المنطقة.

كان لا بدّ من ثورة مصر كي يتبيّن أن هذا ليس صحيحا وأنّ المصريين يرفضون، بأكثريتهم الساحقة، رفضا قاطعا حكم الإخوان الذي لا يختلف في شيء عن حكم العسكر. بل إنّه أكثر تخلّفا بكثير من حكم العسكر. الفارق الوحيد بين الإنقلابات العسكرية وحكم الإخوان يتمثّل في أنّ العسكر يستولون على الحكم عن طريق الإنقلابات والبيان الرقم واحد، في حين أنّ الإخوان يتسللون إلى السلطة عبر صناديق الإقتراع، ويرفضون بعد ذلك أيّ تبادل سلمي لها…

كان تأييد ثورة الشعب المصري بمثابة نقطة تحوّل على الصعيد العربي. كشف هذا التأييد الذي جاء على الرغم من الموقف الأميركي المؤيّد للإخوان أنّ هناك موقفا عربيا مستقلّا. هذا الموقف قادر على مقاومة الضغوط الأميركية وتأكيد أنّ لا شيء يعلو على الأجندة العربية، مهما فعلت إدارة أوباما ومهما مارست من ضغوط.

ما نشهده حاليا هو متابعة لتكوين القرار العربي المستقلّ في ما يخصّ الحرب على «داعش«.

ليس هناك من يستخفّ بالدور الأميركي والقدرات العسكرية للولايات المتحدة. على العكس من ذلك، سيكون هناك دور أميركي حاسم في هزيمة «داعش« ولكن لا يوجد هناك، بين العرب الواعين، من لديه أيّ وهم في شأن الحاجة إلى مقاربة شاملة للحرب على هذا التنظيم الإرهابي المتخلّف. مثل هذه المقاربة تتطلّب أوّل ما تتطلّب الإعتراف بأنّ «داعش« جزء من المشكلة وليس كلّ المشكلة. لا يمكن عزل تمدّد «داعش« من دون معالجة الأساس. هذا الأساس متمثّل في وجود نظام سوري لا يقلّ خطورة عن «داعش« ووضع عراقي يساهم، بدعم من ايران طبعا وتشجيع منها، في إثارة الغرائز المذهبية.

ليس أمام العرب الواعين، على رأسهم دولة الإمارات والأردن، سوى أخذ العلم بذلك وبأنّ لا مجال للإكتفاء بلعب دور الغطاء لسياسة أميركية ليس معروفا هل هي مع «داعش« أو ضدّه.

جاء إحراق الطيّار الأردني، لحسن الحظ أو لسوئه، ليكشف كم الحاجة كبيرة إلى أجندة عربية مستقلّة وإلى دور أميركي مختلف في حال كان مطلوبا إجتثاث «داعش« بدل الرهان على إحتوائها خدمة لأهداف أخرى. من بين هذه الأهداف تفتيت سوريا بدل السعي إلى لملمة الوضع فيها عن طريق حلّ سياسي يؤمّن أساسا قيام دولة مدنية بعيدا كلّ البعد عن النظام الطائفي القائم الذي لا مستقبل له.

ليس ما يخدم النظام الذي أخذ على عاتقه الإنتهاء من الكيان السوري بشكله الحالي، سوى إطالة عمر «داعش«. ولذلك يقف وزير خارجية النظام، الذي لا حول له ولا قوّة، في وجه أي عملية برّية. هل «داعش« نقطة التقاء بين النظام السوري، الذي لم يعد سوى دمية ايرانية، والإدارة الأميركية؟ يبدو أن على العرب الواعين لخطورة «داعش« التفكير في هذا السؤال طويلا ومليّا.

المستقبل

 

 

 

مكافحة الإرهاب بلا استراتيجية وحلول سياسية؟/ روزانا بومنصف

يفتقد مؤتمر مكافحة الارهاب المنعقد في واشنطن وفق مراقبين ديبلوماسيين ايا تكن اهمية الاجراءات والقرارات التي يمكن الوصول اليها وهي كثيرة على صعيد تشديد الرقابة الامنية على مختلف الصعد، إلى مكوّنين رئيسيين: احدهما غياب وجود استراتيجية اميركية في المنطقة والآخر غياب العزم لوضع اسس الحل السياسي في دول تشهد صراعات دموية ونشوء تنظيمات متطرفة يقر الجميع ان طبيعة بعض الانظمة السياسية واداءها مسؤولان مباشرة عن نشوء التطرف واعطائه الزخم الهائل كما الحال في العراق وسوريا. وفي الوقت الذي يصر كبار الزعماء والقادة على ان لا حلول لأي من ازمات المنطقة الا سياسيا، فان اي جهد حقيقي لوضع استراتيجية حلول ليس على طاولة الاهتمام الجدي بما يمكن من اقفال البؤر ومنع انتشارها.

فالاستراتيجية العسكرية الاميركية غير واضحة وغير ناجحة حتى في مواجهة داعش في العراق وسوريا فيما يعول على ان تقود الولايات المتحدة التحالف الجديد من اجل مكافحة الارهاب كما تقود التحالف ضد داعش.

وغياب الاستراتيجية الاميركية ضد التنظيم حال دون حصولها على دعم دول اوروبية لم توافق على شن حملات ضد مواقع للتنظيم في سوريا يستفيد منها النظام السوري. اذ ليس واضحا لا وتيرة العمليات العسكرية ضد داعش ولا الاهداف في الوقت الذي عاد التنظيم إلى تسجيل تقدم له في العراق كما لا يفهم كيف يمكن العمليات العسكرية وحدها ان تنجح في مواجهة هذا التنظيم، وهي عمليات حددت لها مدة ثلاث سنوات وفقا للتفويض الذي طلبه اوباما من الكونغرس الاميركي؟ فالولايات المتحدة التي دعمت انطلاق حملتها العسكرية ضد داعش بالدفع نحو حل سياسي في العراق مبني على اعادة استيعاب الطائفة السنية في الدولة وتقديم الضمانات لها بما يساعدها على نبذ تنظيم الدولة الاسلامية ومحاربته يتعثر مشروعها في المواجهة المفتوحة في العراق على خلفية مذهبية في الوقت الذي تتعاظم ازمة الثقة بين دول المنطقة والولايات المتحدة على خلفية المفاوضات التي تجريها مع إيران حول ملفها النووي، وما يظهر من صمت اميركي على ما يعتبره كثر تهديد إيران لأمن المنطقة. وسبق للرئيس باراك اوباما ان اعلن في احد احاديثه الصحافية ان الخطأ الاكبر الذي ارتكب في المنطقة هو القيام بعملية عسكرية في ليبيا لإطاحة معمر القذافي من دون متابعة الوضع الليبي لاحقا ومساعدته ما أدى إلى ما أدى إليه. وهو الامر الذي سرى على العراق بعد مغادرته من القوات الاميركية ومحاولتها راهنا استعادة ما بنته قبل رحيلها.

من جهة اخرى، من الصعب ان يكون ممكنا رأب الصدع مع دول المنطقة اذا كان الاعتقاد ان التفاوض الذي تجريه الولايات المتحدة مع إيران انما يهدف ويؤول إلى تنفيذ سياسة الادارة الحالية بالانسحاب من المنطقة انطلاقا من اقتناع بان الملف النووي هو جل ما يهم هذه الادارة وانها حريصة على انجاح التفاوض على قاعدة انه جزء من انهاء انخراطها في المنطقة خصوصا بعد تضاؤل حاجتها إلى النفط. وهي تاليا تترك دول المنطقة لتتدبر امورها في اليوم التالي للاتفاق النووي أو هي في احسن الاحوال تعمم انطباعا بان الحلول السياسية الجدية لن تجد طريقها إلى ما هو ممكن قبل دفع إيران إلى الانخراط في دور بناء في مناطق تدخلها في دول المنطقة بدلا من الدور التحريضي الذي تقوم به راهنا.

النهار

 

 

 

 

مصر على الخط العسكري في الحرب على “داعش”/ راغدة درغام

دخلت مصر رسمياًَ وعملياً الحرب على «داعش» عبر البوابة الليبية هذا الأسبوع، وعزز الاردن في الأسبوع الماضي عملياته العسكرية على «داعش» عبر البوابة السورية. العراق تعهد بسحق «داعش» في الساحة العراقية التي تشهد غارات مكثفة لقوى «التحالف الدولي» بقيادة الولايات المتحدة والتي هي أيضاً ساحة شراكة الأمر الواقع لإيران في هذه الحرب المتعددة الأطراف والمتنوعة الشركاء. تجييش الدول العربية في هذه الحرب تزامن مع تكاثر الكلام في الساحة الأميركية عن ضرورة تصدّر العرب للمعارك قبل أن تتخذ الولايات المتحدة إجراءات نوعية تتعدى الغارات الجوية الى قوات داعمة برّياً على الأرض تكون مكملة للقوات العربية. المدهش المثير للفضول هو ان تنظيم «داعش» يبدو أنه إما يسير في الخطى المرسومة له فيرتكب أبشع الجرائم التي ستؤدي الى سحقه أو انه يرسم عبر جرائمه الوحشية الخطى التي يسير عليها أركان الحرب ضده فيزيد هؤلاء الأقطاب استدراجاً وتوريطاً.

الواضح هو ان ذلك الـ»داعش» الذي نصّب نفسه منارة تستدعي الانصباب عليها بات عملياً متستراً على عدو زعم انه أولويته، وتحديداً النظام في دمشق وحلفاءه في ساحة الحرب السورية ايران و «حزب الله». واضح ان «داعش» سوّق نفسه على أنه العدو الجبّار الذي لا حدود تعيقه ولا جيوش تهزمه لأنه توغّل في العقول والعاطفة واعتمد الفظائع سلاحاً وأداة اعلامية عالمية تبقيه حيّاً حتى لو تم تدميره في المواقع العسكرية. العسكريون يقولون انه لو توفّر العزم الجدي على سحق «داعش» لتمكنت الآلة العسكرية لقوى التحالف الدولي من اتمام تلك المهمة في غضون أسابيع وشهور وليس سنوات، وان دخول مصر على الخط العسكري في الحرب على «داعش» في ليبيا تطور فائق الأهمية بغض النظر إن أتى بصلاحية من مجلس الأمن أو عبر تحالف آخر يضم مصر وروسيا. مصر قادرة عسكرياً على إلحاق الهزيمة بـ «داعش» في ليبيا، إنما حلقة الانتقام لن تُقفل فوراً وإمكان توريط مصر جدية. ثم ماذا عن ليبيا بعد سحق «داعش» فيها؟ هل ستعود الى النسيان الدولي لها، أم ان هناك استراتيجية متكاملة تتعدى مجرد «داعش» ومخاوف أوروبا من تدفق اللاجئين والإرهابيين اليها؟ «داعش» قد يسجل له التاريخ انه ظاهرة تفشت كالطاعون، وانتهت. أما سورية وليبيا والعراق، وكذلك اليمن، فإنها دول مزّقها طغاة السياسة المحلية والدولية عبر لعبة الاقدام والامتناع باسم المصالح والسلطوية.

أية استراتيجية تتعلق بليبيا يجب أن تأخذ في حسابها ان الأسرة الدولية مسؤولة جزئياً عما آلت اليه الأمور في ليبيا. الرئيس باراك أوباما سبق وحمّل أوروبا بالدرجة الأولى – من دون أن يعفي الولايات المتحدة – ارتكاب خطأ ترك ليبيا تتخبط في مرحلة انتقالية لم تكن مهيأة لها لا سياسياً ولا عبر المؤسسات. الجميع هرول مغادراً بعد الاحتفاء وتبادل التهنئة والقبلات على انجاز اسقاط الطاغية في طرابلس عبر قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي قصفت على أساس صلاحية من مجلس الأمن تحدّتها روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا لاحقاً.

قوى التطرف الإسلامي تربّصت ضاحكة على تصريحات الأميركيين والأوروبيين بأن ما حدث في ليبيا أثبت فشل «القاعدة» وأمثالها وأثبت نجاح الاستراتيجية الغربية، أي ضرب الطاغية و «القاعدة» معاً، وكما قالت مناضلة ليبية منذ ثلاثين سنة، ما حذّر منه وأسهب في شرحه سيف الإسلام القذافي عندما نبّه الى الآتي «حدث بحذافيره».

وهكذا، أصبحت ليبيا اليوم الساحة الثالثة في الحرب على «داعش» – بعد العراق وسورية – انما بتلكؤ ملفت من قِبَل الدول الراغبة ذاتها التي تعانق كبار مسؤوليها احتفاءً بإنجازهم فيها قبل ثلاث سنوات في العواصم وفي قاعة مجلس الأمن الدولي.

أجواء هذه القاعة اليوم مختلفة تماماً عما كانت عليه حينذاك. فلقد توجه اليها كل من وزير خارجية مصر سامح شكري ووزير خارجية ليبيا محمد الدايري مفترضين ان زخم الجريمة المروعة بذبح جماعي لـ21 قبطياً مصرياً على شاطئ في ليبيا سيثير دعم مجلس الأمن القاطع لإصدار قرار يعطي صلاحية عسكرية لسحق «داعش» في ليبيا.

ايطاليا كانت في غاية الحماس في البداية لعمليات عسكرية بصلاحية دولية، ثم تراجعت في خطابها أمام مجلس الأمن الذي عقد بطلب من الأردن، العضو العربي الوحيد، تلبية لرغبة مصرية وليبية. فرنسا كانت جاهزة على مستوى الرئاسة للتقدم بطلب مشترك مع مصر لانعقاد الجلسة، ثم تسلقت هبوطاً وتنصّلت من الدعوة كما من مشروع القرار.

وفيما اندفعت مصر وليبيا لتنفيذ ما أعلن عنه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي من عزم على طلب صلاحية دولية للتدخل العسكري في ليبيا، تعمدت الولايات المتحدة وبريطانيا وايطاليا وفرنسا والمانيا واسبانيا إصدار بيان تزامن عمداً مع التحرك المصري – الليبي وشدد على الحل السياسي حصراً وإعطاء المبعوث الدولي برناردينو ليون (اسباني) فرصة جمع الفئات الليبية للتحاور بهدف تشكيل حكومة ائتلافية.

وتعمّد مجلس الأمن، برئاسة الصين، ان يشارك ليون في الجلسة العلنية عبر الأقمار الإصطناعية للتشديد على وجهة النظر الأوروبية ووجهة نظر الأمم المتحدة بأن هذا ليس وقت الصلاحية العسكرية، وقد لا يكون لاحقاً والأسباب متعددة.

الديبلوماسيتان المصرية والليبية استدركتا بسرعة، بعدما كانتا تسرّعتا الى الحديث علناً عن صلاحية تدخّل عسكري عنوانه محاربة «داعش» في ليبيا. أدركتا ان مجلس الأمن لن يوافق على قرار التدخل وان هناك تردداً كبيراً لدى دول عربية في دعم هذا الطلب منها الجارة المهمة لهما، الجزائر، التي توجه نائب وزير خارجيتها عبدالقادر مسهّل الى مجلس الأمن للمشاركة في المداولات برسالة واضحة فحواها ضرورة التمييز بين الاستقرار والأمن في ليبيا وبين مكافحة الإرهاب المتمثل بـ «داعش» أو غيره.

قلّصت الديبلوماسيتان المصرية والليبية مطالبهما وسعتا وراء مشروع قرار يرفع حظر التسلح عن الجيش الليبي ليقوم هو بمهمة مكافحة «داعش». انما حتى ذلك الطلب لاقى مقاومة الولايات المتحدة والدول الأوروبية على أساس: أولاً، ان التجربة أثبتت ان الحكومة الليبية والجيش الليبي في غاية الضعف والتشتت لدرجة عدم ضمان بقاء الأسلحة في حوزتهما. وثانياً، عارضت هذه الدول تعريف كل من ليسوا في صفوف الحكومة والبرلمان الموالي لها انما يُصنَّفون «ارهابيين».

قطر تحفظت أساساً على الطروحات المصرية والليبية على أساس تمسكها بالحل السياسي، لكن تفسيرات الآخرين لموقفها صبّت في خانة رفض تصنيف «الاخوان المسلمين» في ليبيا «ارهابيين»، أما تركيا المعروفة بدعمها لـ «الاخوان» فإنها كانت أوضح في رفضها القاطع لأي تدخل عسكري في ليبيا وأي محاولة من قبل الحكومة الليبية للتواصل معها كما أكد وزير الخارجية الليبي في حديثه الى «الحياة».

الديبلوماسيتان المصرية والليبية المدعومتان سعودياً واماراتياً شددتا على ضرورة محاربة «داعش»، سواء بصلاحية من مجلس الأمن تدعم التدخل العسكري، أو بصلاحية عربية، أو من دون صلاحية. فـ «داعش» يشكل لهذه الدول تهديداً وجودياً، ومصر عازمة على الاستمرار في غاراتها وتوسيع تدخلها العسكري تلبية لطلب الحكومة الليبية وطبقاً لحقها بالدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، كما أوضح وزير خارجية مصر في حديثه الى «الحياة» الذي نشر أمس.

الوزيران المصري والليبي كانا واضحين داخل قاعة مجلس الأمن وخارجها في تحذيرهما من التلكؤ الدولي وانعكاساته عملياً على أوروبا وليس فقط في الساحة الأفريقية، حيث يتباهى امثال «بوكو حرام» بقدرتهم على الإرهاب القاطع في ظل انحسار الاستعداد الدولي لمواجهة جدية معهم. لكن هذا التحذير لم يؤدّ الى تغيير جذري في المواقف الأوروبية.

الغربيون يسرعون الى القول ان ما يعارضونه ليس تكثيف الحرب على «داعش» ولا انشاء تكتل أو تحالف جديد ضد «داعش» في ليبيا وإنما يعارضون تعزيز انماط الاقصاء لـ «الاخوان المسلمين» وغيرهم تحت ذريعة محاربة الارهاب بتسمياته المختلفة. يقولون ان حرصهم على العملية السياسية يجعلهم يعارضون الصلاحية العسكرية للتدخل.

الملفت هو ان روسيا والصين، كما أكد وزير الخارجية الليبي، أكثر تجاوباً مع الطرح الليبي – المصري من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. هل يمثّل ذلك الموقف الرد الروسي – الصيني على ما تعتبره الدولتان استغلالاً غربياً لقرار مجلس الأمن الذي تحدث عن اجراءات في ليبيا تمثلت بعمليات عسكرية لحلف «الناتو» لم توافقا عليها؟ أم ان روسيا والصين تشمتان مما أدى اليه تدخل «الناتو» العسكري في ليبيا من دولة فاشلة وساحة مفتوحة على ارهاب «داعش» وأمثاله.

السؤال الأهم هو لماذا تتباطأ الولايات المتحدة وبريطانيا في تناول المسألة الليبية، وكذلك المسألة اليمنية، لدرجة تحول البلدين الى مشروع حروب أهلية مروعة؟

قد يقال ان التباطؤ في اليمن عائد جزئياً الى أهمية ايران في الاعتبارات الأميركية والبريطانية والألمانية والفرنسية في مرحلة حاسمة من المفاوضات النووية بين ايران وهذه الدول زائد الصين وروسيا. فهذه الدول غضّت النظر عمداً عن الدعم الإيراني للحوثيين في اليمن، وروسيا عارضت اصدار مواقف عن مجلس الأمن تحدد مسؤولية الحوثيين عمّا آلت اليه الأمور نتيجة انقلابهم على الشرعية اليمنية.

اليمن مشروع جاهز لإنماء «القاعدة» التي تمثّل قوة مهمة في موازين القوى مع الحوثيين. ورغم ذلك، لا يتصدر اليمن الأولوية لدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والمسؤولة عن الأمن والسلم الدوليين. فالاستنزاف بات سياسة مقبولة في المقابر العربية الممتدة من سورية الى العراق الى اليمن الى ليبيا وهذا بقرارات دولية وإقليمية ومحلية على السواء.

ليبيا مرشّحة اليوم لتكون دولة فاشلة بكل معنى الكلمة يمتلكها قلة من الإرهابيين قادرة على بسط سلطتها لأن ليبيا دولة تناست الأسرة الدولية حاجتها الى بناء مؤسسات الدولة.

مصر غير قادرة بمفردها على تولي مهام ترميم ليبيا لدرجة تمكينها من التعافي. فالمهمة ضخمة ومكلفة وصعبة ومعقدة. مصر قادرة، ربما، على سحق «داعش» عسكرياً في ليبيا. لكن المشكلة ان مصر التي تحتاج الى التركيز على نفسها في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها قد تكون مشروعاً جاهزاً للتورط في ليبيا بأكثر من قدراتها.

من هو ذلك الـ «داعش» الذي يستدرج مصر الى التورط لإضعافها؟ وهل ستكون مصر يقظة الى تداعيات تورطها في ليبيا أو انها ستسير في خطى مرسومة لها على أيدي «داعش» وأشباح دولية؟

مهم جداً لمصر ألاّ تتسرّع وان تستعيد سمعة ديبلوماسيتها البارعة. فمصر مهمة ليس فقط لشعبها وإنما هي في غاية الأهمية للوزن العربي في موازين القوى الاقليمية والدولية. وفي هذه الحقبة الدقيقة على مصر ممارسة براعتها الديبلوماسية والقيادية.

الحياة

 

 

 

أوباما النجيب… والمجانين/ زهير قصيباتي

فلنصفّق للرئيس النجيب باراك أوباما الذي اكتشف بحكمته وخبرته السياسية على مدى ولاية ونصف ولاية، أن الظلم والفساد والقمع بيئة خصبة للإرهاب، تفرّخ أجيالاً من صنف “القاعدة” و “داعش”. وصفة الرئيس الأميركي “قوة ناعمة” في مواجهة “التطرف العنيف”، ولأنها ناعمة تثير في المنطقة مخاوف من أن الحرب على “داعش” وأمثاله قد تمتد لعقد وأكثر، وتطيح دولاً وتمحو مدناً عن خريطة ما بعد انهيار النظام العالمي.

أجاد أوباما أكاديمياً في قمة واشنطن لمكافحة “التطرف العنيف”، والأكيد أنه رمى كرة النار في ملعب دول المنطقة العربية التي تكتوي بنار تنظيم “داعش” وأمثاله من بقايا استبداد تجدد شرعيتها أو تحاول – بتواطؤ دولي – تحت ستار التصدي لـ “خلافة” أبي بكر البغدادي… ومشاريع موجات من الإرهاب، قادرة على عبور ضفتي المتوسط، لتضرب قلب أوروبا.

ما نسيه أوباما محاضراً في قمة واشنطن، أنه حين لام حكومة نوري المالكي السيئة السمعة في إقصائها السنّة العراقيين وتركهم تحت رحمة ميليشيات مذهبية و “فرق موت”، لم يعلن ندماً على سكوت واشنطن التي كانت ولا تزال الغطاء الدولي الأول لنظام المحاصصة في العراق. هي التي تركت المالكي طليق اليدين في تصفية كل خصومه المعارضين من السنّة، بمباركة من النظام الإيراني…

وقد لا يجانب الصواب القول إن المالكي الذي كوفئ بقرار إيراني، فبات نائباً للرئيس العراقي، كان أميناً على خطى ما فعله الأميركيون في سجن أبو غريب وسجن كوبر، فزرع مزيداً من بذور العنف المضاد والإرهاب الأعمى، ومهّد لولادة “داعش” من زنزانات الحقد المذهبي.

تناسى أوباما في القمة أن احتضان كل الإدارات الأميركية الإرهاب الإسرائيلي في فلسطين، ضاعف مشاعر الإذلال لدى العرب، وأن الأصل في الكراهية لسياسة الولايات المتحدة ليس الدين، بل الظلم الذي يُبرَّر بالدفاع عن أمن إسرائيل، مهما قتلت من الفلسطينيين وشرّدت، ومهما أذلتهم بمشاعرهم الدينية.

والحال أن براكين المنطقة العربية بكل “دواعشها”، لن ترغم الأميركي حتماً على أن يتلو فعل ندامة عن احتضان إسرائيل وعنصريتها. وإن كانت الدولة العبرية “أبا الإرهاب”، فتواطؤ الولايات المتحدة في تراخيها إزاء الهيمنة الإيرانية على دول عربية، يشجع طهران على المزيد، لتتحول أماً لأجيال أخرى من الإرهابيين.

لعل كثيرين يذكرون محمود أحمدي نجاد حين وقف في بغداد وقفة الفاتح المنتصر. خال كثيرون أنه يكمل ثأراً من عراق صدام حسين… بعده قاسم سليماني يرفع أعلامه من شمال العراق إلى أرياف سورية، مطمئناً إلى حلفائه في لبنان، وإلى تطاول أذرع حلفائه الجدد على البحر الأحمر، جماعة عبدالملك الحوثي.

أمام كل ما يحصل من محاولات الإذلال للعرب، وبعد الجريمة الكبرى في سورية، يعدّد لنا أوباما المحاضر وصاياه عن الظلم والقمع، والفقر ووصفة مكافحة البطالة، والتواصل عبر شبكة الإنترنت لكسب قلوب المهمّشين وعقولهم.

بعد أبي الإرهاب وأمّه، ينصحنا الرئيس بالقوة “الناعمة” الأميركية، وبألّا نصدق أن الغرب عدو للإسلام. والكارثة أن العالم العربي وبقاعاً أخرى في مرحلة انهيار النظام العالمي، متروكة للمجهول المرعب الذي يترنح، بين جهل قادة وجنون بعضهم وغطرسته.

الرئيس فلاديمير بوتين ضلّل العالم والأوروبيين، أغرقهم في شرق أوكرانيا فنسوا ابتلاعه شبه جزيرة القرم. الرئيس “الحكيم” أوباما يتغاضى عن تصدير إيران حرسها الثوري إلى عواصم وشطآن عربية، فيهبها جَزرة على حساب كيانات المنطقة ودماء أبنائها، لينزع العصا النووية.

وبين أبي الإرهاب وأمه، هل يمكن العرب أن يراهنوا على صديق أو حليف، ينصحهم بكسب العقول فيما يحرّض المجانين على مزيد من المجازر؟

الحياة

 

 

رسائل أوباما وخامنئي.. و«تدعيش» المنطقة!/ راجح الخوري

طلب التفويض الذي أرسله باراك أوباما إلى الكونغرس في 12 من الشهر الحالي، لإجازة استخدام القوة العسكرية ضد «داعش»، لن يغيّر شيئا من الأسلوب الاستعراضي الذي غلب حتى الآن على الأداء الأميركي ضد الإرهابيين منذ 8 أشهر، وتحديدا في العراق.

المشهد بدا مثيرا للتساؤل، عندما وقف أوباما متوسطا نائبه جو بايدن ووزيري الخارجية والدفاع، ليقول إن طلب التفويض لا يعني أن أميركا سترسل قوات برية إلى العراق أو سوريا، وإنها لن تنجرّ إلى التورط في حرب برية طويلة، وإن طلب إرسال قوات خاصة قد يقتصر على إرسال خبراء ومستشارين لدعم الجيش العراقي في الميدان!

عظيم، ولكن ما الجديد في طلب التفويض، إذا كان المعروف أن المستشارين العسكريين الأميركيين يعملون مع العراقيين منذ أشهر، ويحاولون إعادة لملمة شتات الجيش العراقي، الذي تبيّن أن نوري المالكي لم يجعل منه جيشا وهميا على الورق فحسب، بل جعله فئويا عمّق المشاعر المذهبية بين الشيعة والسنة، وهو الأمر الذي لم يتم التخلص منه حتى الآن؟!

وإذا كان أوباما قد شدد تكرارا على أنه لا ينبغي لأميركا أن تتورط في حرب برية طويلة في الشرق الأوسط، فإنه اعترف مرة أخرى أن القتال ضد تنظيم داعش مهمة شاقة وستستغرق وقتا طويلا، ولهذا من المفيد الحصول على دعم الكونغرس «لأن هذا سيبعث برسالة قوية مفادها أن الولايات المتحدة موحّدة في معارضتها وتصديها للإرهابيين»!

يدفع هذا الكلام إلى التوقف مليا أمام الغموض والالتباس في موقف أميركا من هذه الحرب، رغم أن أوباما كان قد أعلن بعد قيام التحالف الدولي الذي يضم 40 دولة، أن الأمور تتجه إلى إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش بداية في العراق، ريثما يتم الانتهاء من تدريب المعارضة السورية المعتدلة بعد ثلاث سنوات!

واضح أن أوباما يحرص على أن يبعث برسالة عن أن أميركا موحّدة في مواجهة «داعش» لأنه ليس هناك في الواقع موقف موحد من هذا، لا بين البيت الأبيض والكونغرس، ولا بين الجمهوريين والديمقراطيين داخل الكونغرس، ولا حتى بين البيت الأبيض والبنتاغون، ولعل التعارض في المواقف هو الذي يدفع المستشار السابق للبنتاغون أنطوني كوردسمان إلى تكرار القول: «أوباما لا يملك استراتيجية لمحاربة الإرهاب، بل يملك فوضى استراتيجية»!

التناقض في مواقف أوباما يبدو واضحا ومحيّرا؛ ففي 12 من الشهر الحالي قدم مشروع قرار طلب التفويض باستخدام القوة، لكنه كان قبل 4 أيام فقط، وتحديدا في 8 فبراير، قد حذّر من مغبة اتخاذ قرارات متسرعة في إدارة أميركا للأزمات الدولية، داعيا إلى التحلي «بصبر استراتيجي»، والحديث عن هذا الصبر الغريب جاء في سياق مهم جدا، وهو مقدمة «وثيقة استراتيجية الأمن القومي»، التي ترسم سياسة أميركا لسنوات.

عندما يرى أوباما أنه في عالم معقد «لا يجوز مواجهة عدد من التحديات والمسائل الأمنية التي نواجهها بأجوبة سهلة وسريعة»، وأنها «تفرض علينا الصبر الاستراتيجي والمثابرة»، فذلك يعني أنه لن يكون هناك أي قيمة للتفويض الذي يطلبه، ولن يغيّر شيئا في مسار السياسة الخارجية التي يطبقها، ومن الواضح أنه يريد عبر تلك الوثيقة إلزام من يخلفه بهذه الاستراتيجية، ولكن لا «أيوب» ربط صبره بالاستراتيجية، ولا معارضو أوباما يقبلون هذه السياسة!

ولعل أفضل تعليق على وثيقة أوباما ما قاله السيناتور ليندسي غراهام من أن إضافة المزيد من الصبر إلى سياسة أوباما الخارجية لن تؤدي إلا إلى إطالة أمد فشل هذه السياسة، وإنني أشك كثيرا في أن تكون سياسة الصبر الاستراتيجي قد أخافت تنظيم داعش والملالي الإيرانيين أو فلاديمير بوتين.. فمن وجهة نظرهم، كلما تحلّى أوباما بالصبر ازدادوا قوة!

ما هو أسوأ من «استراتيجية الصبر»، يتضح عبر مسلسل الانتقاد اللاذع الذي دأب رئيس مجلس النواب الأميركي جون بينر على توجيهه إلى أوباما؛ فقد سبق له أن قال تعليقا على تهافت أوباما على مصالحة إيران «ما مصلحة أميركا في الابتعاد عن حلفاء موثوقين ومحاولة التقرّب من أعداء مؤكدين؟»، في إشارة إلى تهافت أوباما على اتفاق مع إيران وبأي ثمن، ليستعمله بديلا، ولو سيئا، لفشل سياساته الخارجية حيال القضية الفلسطينية والوعد بإقامة الدولتين، وبإزاء تعاميه عن المذبحة السورية وتركه العراق نهبا لنوري المالكي رجل طهران، وترك بوتين يعربد في أوكرانيا!

في هذا السياق لم يكن كافيا صدور بيان إيراني ينفي أن يكون المرشد علي خامنئي قد رد على مبادرات أوباما وإيجابياته بإرسال رسالة سرية إليه، ذلك أن صحيفة «وول ستريت جورنال» كانت قد نقلت عن دبلوماسي إيراني أن رسالة خامنئي جاءت ردا على رسالة كان قد تلقاها من أوباما في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي «تتسم بالاحترام»، وتتضمن اقتراحا حول إمكان قيام تعاون بين أميركا وإيران في القتال ضد «داعش»، إذا تم التوصل إلى اتفاق في الملف النووي!

ما يؤكد تبادل الرسائل بين أوباما وخامنئي إعلان المرشد في الأسبوع الماضي أنه يمكن أن يقبل بحل وسط في المحادثات النووية، وفي هذا المجال كان من اللافت أنه قدم أقوى دفاع له حتى الآن عن قرار الرئيس حسن روحاني التفاوض مع الغرب، هذا في حين كان المتشددون يطالبون باستجواب محمد جواد ظريف، لأن صورا التقطت له وهو يتمشى مع جون كيري في شوارع جنيف!

ومن شأن تهافت أوباما على إيران وعرضه على خامنئي التعاون في مواجهة «داعش» أن يطرح طوفانا من الأسئلة الدقيقة والحساسة؛ فهل يريد أوباما مثلا أن يؤجج النار في المناطق السنية العراقية التي تشكو من أن عناصر في قوات «الحشد الشعبي» الشيعية التي تقاتل مع الجيش والبيشمركة لم تتوانَ عن إحراق البيوت في المناطق السنية، وحتى عن قتل البعض، وهو ما دفع المرجع الأعلى علي السيستاني إلى إدانة هذه الأعمال؟

وإذا كان أوباما يريد أن يتحالف مع إيران للقتال في المناطق السنية، فهل يعني ذلك فعلا أنه يريد أن يلحق الهزيمة بـ«داعش»، أم أنه يريد أن يلحق الهزيمة بالمسلمين سنّة وشيعة عبر محاولة «تدعيش» معظم السنة، وإشعال فتنة مذهبية شاملة تحرق المنطقة كلها، لينام على وسادة صبره الاستراتيجي ويعربد الإسرائيلي في المنطقة؟!

كاتب لبناني

الشرق الأوسط

 

 

 

 

 

كي تنجح الحرب على “داعش”/ الياس حرفوش

أصبحت الحرب على «داعش» ومحاولة منع هذا التنظيم الارهابي من التمدد، وصولاً الى القضاء عليه، هي عنوان المرحلة الحالية من الصراع الذي تخوضه الانظمة العربية والحكومات الغربية، جنباً الى جنب. الدول العربية قلقة من هذا الانتشار المدمر لتنظيم يسعى الى سحب الشرعية الدينية والسياسية من تحت اقدام الانظمة القائمة. والدول الغربية اكثر قلقاً، ليس خوفاً على العرب ومصيرهم، ولا حرصاً على سمعة الدين الاسلامي التي تسيئ اليها ممارسات إرهابيي «داعش»، وتوحّشهم الفائق، بل لأن هذه الدول باتت تشعر بخوف حقيقي على أوضاعها الأمنية الداخلية، بعد تغلغل أفكار «داعش» في عقول موجات متزايدة من الشباب المسلم المقيم على اراضيها.

كانت الحرب على «داعش» عنوان اجتماعين مهمين عقدا هذا الاسبوع في الرياض وواشنطن. في العاصمة السعودية التقى رؤساء هيئات الاركان في دول التحالف التي تشارك في الحرب على التنظيم. وأكد الجنرال لويد اوستن، قائد القيادة الوسطى الاميركية، الذي شارك في الاجتماعات، ان الحملة العسكرية ضد «داعش» ستستغرق وقتاً. «لكننا سنهزم هذا العدو». وأشار اوستن ايضاً الى ان قدرة التنظيم تراجعت في سورية، وبات غير قادر على السيطرة على أراض جديدة في العراق.

أما في العاصمة الأميركية فقد انتهى الاجتماع الذي دعا اليه الرئيس باراك أوباما واستغرق ثلاثة ايام، وشارك فيه مسؤولون عرب وغربيون، من دون الاعلان عن اجراءات عملية او قرارات. لكنه كان مناسبة للتأكيد على مشاركة اكثر من ستين دولة ومنظمة في هذا الجهد العالمي ضد العنف والتطرف، ولم يترك المشاركون فرصة من دون ان يؤكدوا أن أعمال العنف غريبة عن تعاليم الاسلام وقيمه.

كانت الارقام التي عرضها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في اجتماع واشنطن مثيرة للقلق، رغم انها ارقام متداولة منذ وقت طويل بين اجهزة الاستخبارات الغربية. قال بان انه خلال الاشهر الاخيرة التحق بتنظيم «داعش» اكثر من عشرين ألف مقاتل أجنبي جاؤوا من حوالى مئة بلد، بينهم اكثر من اربعة آلاف جاؤوا من اوروبا. هذا الرقم يوازي عدد المقاتلين الذين التحقوا بتنظيم «القاعدة» في افغانستان على مدى عقد كامل في تسعينات القرن الماضي.

ماذا يعني هذا سوى ان الحرب التي خاضها الغرب مع تنظيم «القاعدة»، وقال انه «انتصر» فيها، وصولاً الى قتل اسامة بن لادن، لم تحقق الانتصار الذي كان الجميع يأمله، بمنع انتشار هذا الفكر المتطرف، الذي يشكل الغطاء لارتكاب اعمال ارهابية، يسقط ضحيتها ابرياء من كل الاديان؟ فنظرية بن لادن التي أطلقها في حربه ضد الغرب، والتي قسّم فيها العالم الى فسطاطين، ما تزال قائمة، بكل ركائزها «الفكرية». ومثلما سعى زعيم «القاعدة» من خلال «غزوتي» نيويورك وواشنطن الى جرّ القوى الغربية الى مواجهة معه على «أرضه»، يمارس أبو بكر البغدادي الاسلوب نفسه اليوم، فيجزّ رؤوس «الكفار» حيثما عثر عليهم، ويأخذ الحرب الى عقر دار الغرب وعواصمه، بأسلوب اكثر تطوراً، ومن دون حاجة الى تطويع «جهاديين» من بلدان عربية والعمل على زرعهم في الدول الغربية لتنفيذ اعتداءاتهم، ذلك ان وسائل الاتصال الحديثة توفر لـ «داعش» فرصة ثمينة لتجنيد «جهادييه» في الاماكن التي يعيشون فيها والتي يعرفونها جيداً، مستفيدين من الغطاء الذي تؤمنه جنسياتهم الغربية التي تحميهم من ضغوط التحقيقات الامنية. ويأمل البغدادي من حربه هذه ان يجر القوى الغربية الى مواجهة معه على «ارض الخلافة»، حيث تأخذ الحرب كل ابعادها الدينية التي يستفيد منها «داعش» في كسب الموالين وحشد المؤيدين.

ان الحرب الحقيقية التي يجب خوضها والانتصار فيها على «داعش» يجب أن تكون حرب افكار وعقول، قبل ان تكون حرب طائرات ومدافع. واذا كانت لـ «داعش»، كما لـ «القاعدة» من قبله، مصلحة في جر الغرب الى هذه الحرب التي يريدانها «حرباً دينية»، فإن المسؤولية الكبرى تقع على المجتمعات العربية والمسلمة للتصدي لهذه الموجة التكفيرية، وانقاذ شبابها وأجيالها الجديدة من دعاة العنف والتطرف، الذين يشكلون خطراً على هذه المجتمعات أشد من أي خطر آخر.

الحياة

 

 

 

 

أوباما يدفع المنطقة نحو الهاوية/ خالد الدخيل

مثل سلفه الرئيس جورج بوش الابن، تحتل الحرب على الإرهاب العنوان الأبرز لسياسة باراك أوباما في المنطقة، وإدارته تقترب من نهايتها. ليس هناك خلاف على ضرورة هذه الحرب، لكن أوباما يسير على نهج سلفه في هذا الموضوع حذو القذة بالقذة. وهو نهج نعرف ويعرف الرئيس مآلاته ونتائجه. فقد دفع بوش الحرب على الإرهاب إلى ذروتها آنذاك باحتلال العراق، وتدمير الدولة فيه، ثم فتح المجال أمام تعاظم النفوذ الإيراني بعد تسليم الحكم إلى طبقة سياسية رثة مسكونة بالطائفية وروح الانتقام. ويعرف الرئيس أيضاً النتيجة التي انتهت إليها هذه السياسة. فبدلاً من مواجهة تنظيم إرهابي واحد، هو «القاعدة» عام 2001، يجد أوباما نفسه، وقبله كل المنطقة، في مواجهة أكثر من 50 تنظيماً إرهابياً في العراق وحده، إلى جانب تنظيمات أخرى في كل من سورية وليبيا ومصر.

أوباما يكمل مسار بوش، على نحو يهدد بأن يكون أكثر خطورة على استقرار المنطقة، فهو من ناحية لا يدرك أو يتجاهل أن المصدر الذي يغذي الإرهاب بعد احتلال العراق هو الطائفية. ومن ناحية ثانية، وفي الاتجاه نفسه، يغامر بمحاولة التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران انطلاقاً من فرضيات سياسية تتجاهل تماماً الإطار السياسي الإقليمي للبرنامج النووي، وتداخل البعد الطائفي في هذا الإطار مع البرنامج ذاته. فرضيات الرئيس وإدارته هي بهذا المعنى أقرب إلى الوهم، أو سذاجة سياسية مدمرة.

تجاهل أوباما البعد الطائفي للإرهاب واضح في ناحيتين: الأولى أن حربه على الإرهاب لا تزال، مثله في ذلك مثل سلفه بوش، من دون برنامج أو استراتيجية سياسية واضحة. يتجاهل أوباما بعناد واضح السؤال المركزي: لماذا فشلت الحرب العسكرية على «القاعدة»؟ وهل يمكن أن تنجح مع «داعش» الآن؟ إذا كان من الواضح أن القدرات العسكرية للتنظيمات الإرهابية لا تداني بأي معنى قدرات الولايات المتحدة والتحالف الدولي معها، يصبح من الواضح أيضاً أن الفشل هنا هو فشل سياسي بامتياز. ومع ذلك، وهذه هي الناحية الثانية، لا يزال أوباما مهجوساً بتنظيم «داعش»، مثلما كان سلفه مهجوساً بـ «القاعدة». كأن «داعش» حالة معزولة، كما كان تنظيم «القاعدة»، يتجسد فيه الإرهاب دون غيره، بالتالي فإن القضاء عليه كفيل بوضع حد لهذا الإرهاب. يبدو «داعش» في سياسة الإدارة حالة منبتة عما حولها، ليس لها بيئة اجتماعية وسياسية تنتمي إليها وتتغذى منها، ولا علاقة لها بسياسات وممارسات أطراف الصراع في المنطقة قبل أن يولد، وبعد أن ولد هذا التنظيم. يعرف الرئيس أن محاولة سلفه، ثم محاولته هو القضاء على «القاعدة» قد فشلت فشلاً ذريعاً. لا يزال «القاعدة» معنا، ولا يزال مصدر تهديد بعد حوالى 14 سنة من الحرب عليه. بدلاً من «القاعدة» قادت هذه الحرب عملياً إلى تفريخ «داعش»، وتفريخ أخوات وإخوان له على ضفتي الصراع. وعلى رغم ذلك يصر أوباما على السير في الطريق ذاته الذي قاد إلى هذه النتيجة.

أما مغامرة الرئيس بالتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، فتتمثل في الفرضية التي يستند إليها كمبرر لذلك، وبالتالي في الصيغة التي يبدو أن الاتفاق سينتهي إليها. الإسرائيليون هم أفضل من كشف عن الجانب المغامر في هذه الفرضية، وذلك لأنهم الطرف الأكثر معرفة بتفاصيل الموقف الأميركي حيال هذه القضية بعد الأطراف الخمسة التي تتفاوض مع إيران. ففضلاً عن أن إسرائيل هي الحليف الأقرب والأهم للأميركيين، هي الأكثر خوفاً وعرضة لاختلال موازين القوة التي قد يؤدي إليها امتلاك إيران، أو أية دولة عربية أو إسلامية سلاحاً نووياً. من هنا، تنقل صحيفة الـ «واشنطن بوست» عن وزير الاستخبارات الإسرائيلي، يوفال ستاينتش، قوله أن الاتفاق الذي يأمل أوباما بالتوصل إليه ينطوي في النهاية على الاعتراف بإيران كدولة على عتبة امتلاك السلاح النووي. لماذا يرى أوباما ضرورة التوصل إلى مثل هذا الاتفاق؟ لأن هدف الرئيس من ذلك هو تقييد يد الإيرانيين مدة 10 أو 15 سنة على أمل أن تكون إيران بعد ذلك دولة بقيادة جديدة، وبالتالي دولة مختلفة، أي ربما دولة ديموقراطية أو أقل طموحاً لامتلاك سلاح نووي. هنا يبدو أن أوباما يبني سياسته حيال هذا الموضوع الخطر على أمان، وليس على حسابات سياسية، وهنا تظهر المغامرة بمستقبل المنطقة. أوباما نفسه هو من وصف النظام الإيراني بأنه ثيوقراطي، لكنه يحلم بأن تتخلص إيران بعد عقد من الزمن أو أكثر، من هذا النظام، وتصبح أكثر عقلانية وديموقراطية. هل يجوز في هذه الحال رهن مستقبل المنطقة بأحلام من هذا النوع هي أقرب الى الأوهام؟!

في الأخير، الولايات المتحدة، وهي دولة ديموقراطية، أول من دشن السلاح النووي، وأول من استخدمه في الصراعات الدولية.

أمام ذلك، على الدول العربية مواجهة الجانب الآخر في الموقف الأميركي، وهو لا يقل خطلاً وخطورة. ويتمثل هذا الجانب بأن رؤية أوباما المشهد في المنطقة تستند إلى قناعة تبدو حاسمة: وهي أولاً: أن الخطر الذي يهدد العالم حالياً هو التطرف السنّي والإرهاب المتولد منه. وثانياً: أنه لا يمكن تحقيق الاستقرار في المنطقة إلا بالتعاون مع إيران. والأرجح أن هذا العنصر الثاني، إلى جانب الأمل بتغير إيران مستقبلاً، هو ما يدفع أوباما للتوصل إلى اتفاق مع إيران. لكن رؤية الرئيس هذه سطحية وعرجاء. فهي من ناحية مبنية على أحلام أقرب إلى الأوهام، ومن ناحية ثانية لا تريد أن ترى إلا الطرف السنّي في معادلة الطائفية التي تعصف بالمنطقة. وترجمة ذلك عملياً حتى الآن، أن الطرف السنّي هو المستهدف في حرب أميركا على الإرهاب. ولعله من المسلّم به أن الإصرار على حرب من هذا النوع، وتفتقد رؤية سياسية أوسع وأشمل، لن يزيد الوضع إلا سوءاً وطائفية. السؤال الذي يجب أن يشغل صانعي القرار في الدول العربية هو الآتي: لماذا، وكيف توصلت هذه الإدارة، والتي قبلها، إلى هذه القناعة؟ ألا يمثل هذا مؤشراً آخر أكثر خطورة إلى حال الضعف العربي، وأن الحليف الأميركي لم يعد مقتنعاً بقدرة الدول العربية – على رغم كثرة عددها وكبر حجمها معاً – على تحقيق الاستقرار في المنطقة من دون إيران؟ ولماذا إيران تحديداً، لا تركيا مثلاً، أو تحالف إقليمي يحقق التوازن، ويأخذ في الاعتبار اهتمامات ومصالح دول المنطقة؟ إذا كانت إيران دولة ثيوقراطية، كما يقول أوباما، فلماذا يريد أن يفرض دورها على المنطقة على أساس من آمال وتمنيات حالمة، وليس حسابات وتوازنات ملموسة؟ غطت أميركا من قَبْل السلاح النووي الإسرائيلي، وها هو أوباما يريد أن يغطي، وإن بأسلوب مختلف، البرنامج النووي الإيراني. أليس في هذا دفع آخر للمنطقة نحو هاوية أخرى؟ لكن، أين الدول العربية من كل ذلك؟ لماذا نسمع من واشنطن وتل أبيب عن هذا الموضوع، ولا نسمع من هذه العاصمة العربية أو تلك؟ قد يغني السؤال أحياناً عن كثير من الإجابات.

* أكاديمي وكاتب سعودي

الحياة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى