صفحات الثقافة

عن شهداء سوريا


    عبد الكريم بدرخان

الشهيد هادي الجندي

كان يكتبُ ورْقةَ نعيٍّ لهُ،

قال: “أمي… وحيدٌ أنا

إخوتي كلُّ أحرارِ هذا البلدْ”

لم تصدّقْ/ وقالتْ: “جنونُ ولدْ”

ولكنّها بعد يومٍ تصدّقُ

وهْي تفتّشُ عن وجههِ في المرايا

تصدّقُ… حين ترى إبنها

وهْو يصعدُ نحوَ السماءِ شظايا.

¶¶¶

الشهيد غزوان السيروان

جالساً فوق قبرِ ابنهِ:

هنيئاً لنا يا بنيَّ

النتائجُ قد أُعلِنتْ، ونجحتَ،

فلا تتأخَّرْ

لتذهبْ مع الأصدقاءِ إلى الجامعَهْ

أو إذا شئتَ… فابْقَ مكانكَ

أصبحتَ أكبرَ منّي

وأقربَ من نبضتي الدامعَهْ.

¶¶¶

الشهيد يامن النجار

حين كان الرجالُ يصلُّون حول الشهيدْ

كانتِ النسوةُ النائحاتُ يزغردنَ في بيتهِ

حولَ طفلٍ جديدْ

حول زوجٍ تمنَّتْ أوانَ تُجمِّدُ دمعاتِها:

“لو تأخَّرَ، يوماً، رحيلُ الشهيدْ

أو أتى، قبلَ يومٍ، صراخُ الوليدْ”

ثم تسبِلُ أهدابَ نارٍ

على دمعةٍ من جليدْ.

¶¶¶

الشهيد ابرهيم القاشوش

كان في حلْقهِ بلبلٌ

يبعثُ الدفءَ في رجفةِ الخائفينْ

قطعوا حبْلَ صوتِ المغنِّي

وألقوهُ في النهرِ أغنيةً من أنينْ

هو ذا النهرُ يسقي البلادَ

ومن صوتهِ… تحبَلُ الأغنياتُ

وينتشرُ الياسمينْ.

¶¶¶

الشهيد غياث مطر

كانَ غيثاً… وكان مَطَرْ

كان يعطي الورودَ لمنْ يقتلونَ البشرْ

ربما ما استطاعوا أمامَ الورودِ

وخافوا هتافاً يُذيبُ الحجرْ

ولذا أرجعوهُ إلى زوجهِ

وإلى طفلهِ المُنتظَرْ

جثةً ذاتَ سبعٍ وعشرين عاماً!

فماذا نقولُ لمولودنا المنتظَرْ؟:

“كان لا بدَّ أنْ تصعدَ الروحُ نحو السماءِ

ليهطلَ فوق البلادِ… مَطَرْ”!

¶¶¶

الشهيد باسل شحادة

وكان يقولُ لوالدةٍ من حنينْ:

“أنا لا أموتُ

لماذا على خشيةٍ تنزفينْ؟

أنا لا أموتُ…”

مضى…

ليصوِّر عينَ الحقيقةِ

وسْطَ عماءِ الفجيعةِ

وسْطَ انفصامِ اليقينْ

“أنا لا أموتُ…”

وما عادَ من يومها

لوالدةٍ حضنَتْ خوفَها

كالصليبِ على صدرها

ثم ذابَ الحنينْ/ غيمةً في مهبِّ السنينْ

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى