صفحات الناسوليد بركسية

“عَلَمنا”: جنسيات العالم في أغنية سورية/ وليد بركسية

 

 

بعيداً عن الحرب الأهلية وظلام داعش وواقع الدم والموت اليومي في البلاد، أطلق الفنانان الشابان عامر وكاع ونور الخوري أغنيتهما المشتركة “علمنا” على “يوتيوب” يوم السبت الماضي، بروح إيجابية عالية لترسيخ صورة المحبة والسلام. هي أغنية مختلفة، مليئة بالفرح، تعلن استمرار الحياة من قلب العاصمة دمشق.

تقدم الأغنية نفسها بعيداً عن نطاق الكليشيهات التي رافقت التجارب الغنائية السورية منذ انطلاقة الثورة السورية عام 2011. تبتعد عن المباشرة في الطرح وعن تقديم الأزمة السورية كعنوان عريض لها، متخذة منحى آخر تماماً بمخاطبتها الفردية والذاتية لدى المتلقي لتحفيزه بطريقة إيجابية، وهو السبب الرئيس وراء نجاحها.

تمزج الأغنية بين الراب العربي وموسيقى أغنية عالمية شهيرة هي أغنية الفنان الصومالي كنعان “Waving flag” التي رافقت كأس العالم عام 2010. وتم إنتاج النسخة السورية منها بغرض محاكاة محلية لمعنى الأغنية الأصلي الداعي أساساً للمحبة والسلام بين البيض والسود وبين الفقراء والأغنياء، على حد تعبير الخوري ووكاع في حديثهما مع “المدن”، مضيفين: “كان لكأس العالم هذه السنة تأثير مباشر على قرارنا باختيار نمط الأغنية. أجواء كأس العالم 2014 في دمشق ومتابعة الشباب السوري له والفرحة والحزن على كل منتخب، كلها عوامل شجعتنا على أن نقوم بإحياء الأغنية بروح وطابع سوري”.

اختيار اسم “علمنا” كعنوان للأغنية، يبدو غريباً، في وقت يختلف فيه السوريون في وجهات نظرهم حول العلم الوطني الذي يمثلهم. ويوضح المغنيان الشابان: “عندما يرى المشاهد السوري عنوان الأغنية سينتابه الشك، أي علم سوف يظهر؟ وإلى أي طرف ينتمون؟ نحن لم نقصد العلم بالعموم (أعلام الدول والأحزاب)، بل الفكرة الأساسية أن لكل إنسان في هذه الدنيا علم بحد ذاته. العلم أصلاً ظهر للدلالة على جهة أو مجموعة معينة، ونحن علمنا هو المحبة والسلام والتسامح”.

“صوت ورا صوت ينادي، الحب موجود لما نمحي الحدود، لما تعمر البيوت، نمحي دمعة عخدود، نرسم بحبر الورود.. بسمة”، كلمات تتكرر بإيقاع راب بطيء. اختيارها كان مقصوداً من أصحاب الأغنية لكسر روتين الراب العربي على حد تعبيرهما، فيما يأتي الكلام العربي على وزن إفريقي كعنصر تجديدي آخر في الموسيقى من وجهة نظر وكاع والخوري. ويشكل صوت الخوري المميز جداً إضافة للأغنية في القسمين العربي والانجليزي على حد سواء.

تبتعد الأغنية عن الهم الإنساني اليومي للشعب السوري.. وتنأى بنفسها عن تسجيل المواقف السياسية لصالح أي طرف من الأطرف، خلافاً للموضة السائدة اليوم. ويقول المغنيان: “كل شخص اشترك في هذا العمل يحمل رأياً سياسي معيناً، وينتمي لدين أو طائفة معينة، لم يكن لدينا مشكلة في ذلك بل كان همنا الأول والأخير هو نجاح الأغنية من جميع النواحي”. ويضيفان بتفاؤل: “استطعنا أن نعمل سوياً لأجل الأغنية، فحتماً سنستطيع أن نجتمع كسوريين للإزدهار وتطوير وطننا. الأغنية ليست حيادية بل الأغنية وطنية. تعبيرنا عن حب الوطن لا يعتبر حياداً”.

كتب وكاع كلمات القسم العربي من الأغنية بنفسه، وتم اللقاء بين الفنانين الشابين في استديو “Sham Sound Records” أثناء تسجيل أغنية خاصة لنور الخوري دون تحضير مسبق للقاء. “كانت هناك نية من مهندس الصوت في الاستوديو محمد حبال للقيام بعمل مشترك، ووجدنا أنه من الأفضل أن يكون الموضوع عملياً وهادفاً وشاملاً تسمعه كل فئات المجتمع”.

تتمحور رسالة “علمنا” العامة حول “المحبة والتعاون والسلام بين أفراد المجتمع السوري كافةً ونبذ العنف والكراهية، وأن كل إنسان جزء من لوحة الحياة لا تكتمل الصورة من دونه”، ولا يشكل ابتعاد الأغنية عن واقع الأزمات وانتشار داعش والدم والموت انفصالاً او هروباً من الواقع، ولا تنضوي دعوتها للسلام والفرح في إطار الطوباوية والمثالية، بل على العكس تماماً. جو الأغنية العام يؤكد أنها خرجت من “أخطر مكان في العالم” تجعل المشاهد العربي المتخم بأخبار الدم والموت، يجد بين سطور الأغنية الأمل والدافع للاستمرار في الحياة، “نحن لا نقدم له جرعة مخدرة”.

على الصعيد البصري، أتى كليب الأغنية مبهجاً ومليئاً بالحيوية بالتوازي مع إيقاعات الأغنية، حيث ركز مخرجه محمد علي على اللقطات القريبة للوجوه في الشوارع وخلال القيام بالأنشطة المختلفة لعكس جو من الأمل و الإيجابية، وأتت المشاهد المتتالية جديدة وغير مألوفة على الفيديو كليبات العربية برمزية بصرية مستوحاة من كلمات الأغنية لحظة بلحظة بشكل أقرب لروح الأغاني العالمية، ورغم بساطة المشاهد إلا أنها حملت درجة عالية من الحساسية والإتقان في المونتاج، وتظهر اللقطة الختامية بعفوية مدى استمتاع فريق العمل خلال التصوير والغناء أمام الكاميرا وكأنهم يلتقطون صورة سيلفي جماعية أمام الكاميرا.

يوضح وكاع والخوري أن الكليب بكامله صور في دمشق على مدى شهر كامل. “كانت لدينا مشاكل بالنسبة للمعدات المستخدمة وعدم إمكانية التصوير في كل الأماكن، لم نتعرض لأي مضايقات من أي جهة بل شهدنا تعاوناً من المعارض الفنية والأماكن السياحية، والمشاركون في التصوير هم رسامون وراقصون ولاعبو منتخبي سورية لكرة القدم وكرة السلة، ممثلو مسرح والعديد من الشخصيات البارزة وبعض الناس العاديين”، كما تظهر في الكليب مجموعة من الأجانب والأعراق المختلفة من ناحية اللون “لإيصال فكرة أنه رغم الحرب الطاحنة في سوريا، لا تزال بعض الجاليات من جنسيات أخرى تعيش في دمشق”.

 

 

علمنا – عامر وكاع & نور خوري / Amer Wakka FT Noor Khoury – Our Flag

 

 

 

<iframe width=”640″ height=”360″ src=”//www.youtube.com/embed/jK9L1nUVHyk?feature=player_detailpage” frameborder=”0″ allowfullscreen></iframe>

المدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى