صفحات الثقافة

عَلَمُ فلسطين يرفرف


أحمد بزون

هل نسينا فلسطين؟ ربما. فالأحداث التي تدور في المنطقة تفعل أكثر من ذلك. إذ إن المشغولين في انتفاضاتهم تركوا هذا الموضوع جانباً ليتفرغوا لهمومهم الوطنية في مرحلة حاسمة، وهم معذورون إلى حين، لكن الباقين من العرب يبدون أكثر انشغالاً من هؤلاء، بعضهم يجدها حجة مناسبة للتطنيش عن واجبه تجاه قضية ساهم في تعقيدها، وبعضهم الآخر يعيد ترتيب الأولويات في المنطقة فيجد فلسطين أصبحت في المشهد العربي والدولي في آخر درجات سلّمه، فيقنع نفسه وينام قرير العين، وهذا البعض لا عذر له.

إن المآسي التي نشاهدها يومياً على الفضائيات، تغني عن الحديث عن المأساة الكبرى التي يعيشها هذا البلد من العالم. تغني من لا تهمهم الأيديولوجيات والقضايا القومية والتفكير في الاستراتيجيات والصراعات الإقليمية وسواها، لأن الانتماء إلى فلسطين قد يتخطى الالتزام بدين أو عرق أو جغرافيا، ويمكن أن يرتكز أولاً وآخراً على القضايا الإنسانية والموقف من الممارسات الإسرائيلية الشاذة التي تجري أمام أنظار العالم وأسماعه… لأن الأمر كذلك يجب ألا ينشغل أحد، لا من العرب ولا من العالم، عن فلسطين. الكل مسؤول، وإن بدرجات متفاوتة، عن استمرار هذه المعاناة اليومية التي لم نلتمس بَعْدُ أفقاً لها، ما دامت إسرائيل تمسك بزمام المبادرة.

ربما يخفف وطء ما يجري في قطاع غزة والضفة من مظالم، ذلك العلم الذي من المفترض أن يرفرف فوق مقر منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، بعد شهر ونصف الشهر من التصويت الذي فرض عضوية فلسطين في هذه المنظمة، رغم رفض الولايات المتحدة وتهديدها بمنع استكمال الخطوة التالية التي من شأنها انتزاع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة من خلال استخدام حق الفيتو، ورغم توقفها عن دفع مساهمتها في اليونسكو، واضطرار هذه المنظمة لاتباع طريق التقشف لسد هذه الثغرة.

علم فلسطين يرفرف اليوم. إنه حدث تاريخي بالطبع، ذلك أنها المرة الأولى التي يرتفع فيها علم فلسطيني في مؤسسة دولية، وتلك، في أي حال، خطوة أولى في طريق فرض مكاسب أكثر على المستوى الدولي، خصوصاً أننا على أبواب مسيرة عالمية من 20 دولة تنطلق من أربع دول عربية في اتجاه حدود فلسطين المحتلة تحت عنوان دعم الفلسطينيين ودعم القدس.

الكلام القديم عن الرأي العام العالمي المتضامن مع إسرائيل غيرت معادلته جهود الفلسطينيين الذين انتشروا في عالم شتاتهم وجهود المتضامنين معهم من غير جلدتهم، وإلا فكيف صوتت 107 دول في الجمعية العامة لليونيسكو في مقابل 14 لصالح جعل فلسطين العضو الـ195 في المنظمة. هذا الأمر لم يكن يحدث من قبل. وتحرك مجموعات من الدول الغربية وغير الغربية يؤشر إلى أننا أمام مرحلة جديدة يصحو فيها الرأي العام العالمي على الحقائق التي لا بد من انكشافها وإن طال الزمن.

علم فلسطين عندما يرتفع نصفق طويلاً لنشحذ هممنا الصدئة، فنرفعه فوق كل شرفة.

السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى