صفحات المستقبل

غداً عندما سنعود إلى البيت/ نور دكرلي

 

 

غداً عندما سنعود، سنتسابق أنا وأفراد عائلتي على الوصول إلى بيتنا، لن نستخدم أي وسيلة للعودة، سنعود جرْيّاً. سنركض حفاةً مسرعين، سنتناوب أنا وأخوتي على حمل أمي والركض بها، سيتعب أبي ويغار من أمي ويبدأ في الصراخ “يا أولاد، ألا تحملوني أيضاً؟”.

سنتابع الركض ونحن نضحك بكل ما في قلوبنا من شوق. سنجري من كل حدبٍ وصوب، قاطعين آلاف الكيلومترات على الأقدام، كلما تعب أحدنا من حمل أمي سيرمي بها إلى الآخر. وهكذا.. كأننا نلعب، سنقفز فوق الأبنية، ونقطع الأنهار، لا شيء سيوقفنا في سباقنا.

عندما يتقدم أخي مبتعداً عنّا مسافة طويلة، سأحمل صخرة وأرميه بها، سيسقط ويشجّ رأسه، لكنه سيقوم ويلتفت إليّ ضاحكاً وينادي: لن أموت قبل أن أصل أيها اللعين. عندما نقترب من مكان بيتنا لن نجد سوى حجرة واحدة قد تبقت منه.

سنقفز كلنا معاً. كلّ منا يطمع أن يلمسها أولاً ليكون أول الواصلين. حتى أمي التي بالكاد تستطيع المشي، ستقفز برشاقة وكأنها كات وومن، ولكنّ أول الواصلين إليه سيكون أبي الذي لن يمنعه كرشه، حينها، من التفوق علينا.

ستقترب أمي وتحتضن الحجر معه، ثم نهجم، أنا وإخوتي، ونتشاجر عليه، وكلما أفلح أحدنا في القبض عليه سيحمله على رأسه ويجري به وكأنه “كأس العالم”. سنستخدم الحجر مرّة كحائط، ومرّة كسقف، وربما في النهاية كشاهدة لقبرنا الجماعي.

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى