صفحات الناس

غرفة تجارة دمشق: انتخابات بنتائج “مسبقة”/ مروان أبو خالد

 

 

على وقع فوضى الأسواق وجنون الأسعار التي يفرضها التجار المحتكرون، صدرت اليوم الإثنين نتائج انتخابات مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق في مقر الغرفة بمنطقة الحريقة، علما أن النتائج كانت متوقعة سلفاً.

الإنتخابات التي جرت أمس، أسفرت عن فوز قائمة “سوا” المدعومة من النظام بـ 11 مقعداً، في حين ذهب المقعد الوحيد المتبقي للمرشح محمد الخطاب بدلاً من حسان عزقول، الذي يعتبر الخاسر الوحيد من قائمة “سوا”، ولا يعتبر هذا الأمر خرقاً للقائمة، فنجاح شخص واحد من خارج قائمة النظام، يعد مسرحية هزلية للإيحاء بأن النتائج لم تقرر سلفاً، وأن بإمكان أي تاجر الوصول لمجلس إدارة الغرفة.

ووفق مصادر غرفة التجارة، فقد شارك في الانتخابات قرابة 6 ألاف عضو، من أصل 6410 اعضاء، وهذا أمر يدل على أن ضغوطاً شديدة مورست على التجار لإجبارهم على المشاركة في الانتخابات. فالدورة الأولى لانتخاب مجلس إدارة الغرفة والتي جرت في 2 الجاري فشلت بسبب عدم مشاركة أكثر من 50% من الأعضاء الذين يحق لهم التصويت. وتأتي هذه النتيجة في ظل توقع استمرار غسان القلاع الذي يرأس قائمة “سوا”، في منصبه كرئيس للغرفة للمرة الثانية على التوالي، وهو أمر ليس بالمستغرب نظراً لثقافة احتكار المناصب السائدة في معظم المؤسسات العامة والخاصة على حد سواء، وغرفة التجارة ليست استثناءا من ذلك. فبدر الدين الشلاح، على سبيل المثال، تسلم رئاسة الغرفة لمدة 20 عاماً، ثم راتب الشلاح لمدة 16 عاماً، وللمفارقة، فإن راتب هو نجل بدر الدين.

ويرى الباحث في “مركز دراسات الفكر والشأن العام”، ومقرها لندن، مازن علي، والذي كان مقرباً من أجواء غرفة التجارة، أن الانتخابات شكلية، فقائمة “سوا” كانت فائزة سلفاً. ويضيف لـ”المدن” ان التوجه لإجراء الانتخابات حتى ولو لم يكتمل النصاب القانوني، وانسحاب عدد من المرشحين قبل يوم من الانتخابات لصالح قائمة “سوا” هما قفز فوق القانون، ودليل على انتصار حتمي لهذه القائمة المدعومة من النظام وكبار التجار، لكون الغرفة هي صلة الوصل لتنسيق المصالح بين الطرفين، وبالتالي فإن نهج غرفة التجارة المحابي لكبار التجار المحتكرين سيستمر، والمواطن المفقر هو الضحية الأول والأخير”.

وأشار إلى أنّ “غرفة تجارة دمشق قد فقدت خلال الأزمة نصف أعضائها تقريباً، وهناك أعضاء مسؤولون في الغرفة قد تركوا البلاد، وبالتالي يبدو هدف الانتخابات حالياً هو إعادة إنتاج مجلس إدارة يوثق العلاقة العضوية بين النظام والتجار المتحالفين معه، ويضم التجار الذين ما زالوا يدعمون الحكومة في الداخل، ويقصي التجار المقيمين في الخارج”.

تأتي هذه الانتخابات في ظل تصاعد الانتقادات للنهج الذي تتبعه غرفة التجارة والتي لم تقم بجهد يذكر لحماية مصالح المستهلكين ودفع التجار لخفض الأسعار التي ارتفعت خلال الفترة الحالية بمعدل وسطي يقارب 20%. فالتجار باتوا يسعرون وفقاً لعنصر الندرة وليس حسب الكلفة، أو يستغلون احتكار كميات كبيرة من السلع في مخازنهم ويرفعون أسعارها بما يحقق لهم أرباحاّ طائلة غير مشروعة. وغرفة التجارة كانت دائماً تبرر لهؤلاء المتلاعبين بقوت الشعب السوري بحجة أن التجار يمولون مستورداتهم عبر شراء دولار السوق السوداء بسعر مرتفع يبلغ حالياً 205 ليرة للدولار، لكون البنك المركزي لا يمول أكثر من 20-25% من إجمالي تمويل المستوردات. وهذه حجة زائفة فالأسعار كانت دائما تصعد بصعود الدولار ولكن لا تهبط بهبوطه، ومن جهة أخرى فإن الاحتكارات التي تهيمن على السوق باتت لا تلتزم حتى بسعر الصرف. ويعبر يزن وهو بائع صغير لأجهزة الكمبيوتر والقطع الالكترونية، لـ”المدن” عن هذا الأمر، بقوله: “نحن كباعة صغار بتنا لا نشتري أي قطعة أو جهاز إلا بتوصية مسبقة من الزبون، فالأسعار تتغير يومياً، وأحياناً عدة مرات في اليوم الواحد، والتجار المحتكرون لمراكز التوزيع، باتوا لا يبيعوننا السلعة وفقاً لسعر الصرف الراهن في السوق، بل يسعرون قيمة السلعة بناء على سعر صرف يزيد ما بين 5-7 ليرات عن سعر الصرف الراهن، وليس أمامنا وأمام الزبون إلا الرضوخ أو الامتناع عن الشراء نظراً لغياب المصادر البديلة وسيادة الاحتكار”.

المدن

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى