صفحات الرأي

فاطمة المرنيسي وشهرزاد ومقصلة الاستشراق/ يحيى بن الوليد

 

 

-1-

جاءت الباحثة السوسيولوجية والكاتبة المغربية فاطمة المرنيسي للكتابة عن “ألف ليلة وليلة”، وعن شهرزاد بصفة خاصة، بعد مرور ما يقرب من ستين سنة على ظهور أوّل كتاب حول “الليالي”؛ والمقصود كتاب “ألف ليلة وليلة” (1943) للرائدة سهير القلماوي. وهي مدّة ليست قصيرة أو هيّنة بالنظر لما شهدته الثقافة خلالها من متغيّرات وتبدّلات ومنعطفات وانقلابات… في الأنساق الكبرى والصغرى لأشكال من الإدراك والتفكير والتأثير… وعلى النحو الذي أفضى إلى التأكيد على نوع من الإحكام المعرفي الهائل من خلال مدارس ونظريات ومناهج وأبحاث وحوارات… في مجالات الهيمنة الذكورية والجنسانية (Sexuality) والإنتاجية (Productivity) والسلطة والمعرفة والجنون ونقد الاستشراق ذاته… وفي إطار من السوسيولوجيا الثقافية والأنثروبولوجيا التاريخية وحفريات المعرفة والسيميائيات والتفكيكية والنقد الثقافي ودراسات الجندر ودراسات التابع ونظرية الخطاب ما بعد الكولونيالي… إلخ.

شهرزاد ترحل الى الغرب

وقد أفادت المرنيسي، دون تفريط في مرجعيتها الإسلامية، من هذا الإحكام النظري الهائل في الجبهات التي خاضت فيها وضمنها “حفرياتها” في التراث الغربي من خلال كتابيها “شهرزاد ترحل إلى الغرب” و”هل أنتم محصّنون ضد الحريم”؟ غير أنه لا ينبغي أن ننخدع بالعنوان الظاهري لكتاب “شهرزاد ترحل إلى الغرب” الذي ظهر أوّل مرة باللغة الفرنسية تحت عنوان مغاير هو “الحريم والغرب” (Le Harem et l’Occident) (2001). أجل إن الغرب هو المختبر، في حال الكتاب، إلا أن المنطلق هو الشرق ذاته، والغاية هي فهم تعامل العرب مع تراثهم كذلك. على أن هذا لا يحول دون التشديد على أنها تدرج شهرزاد ضمن مقولة “الحريم” التي تفيد على مستوى استخلاص أهم مقولات الثقافة ومستندات التصوّر بخصوص المرأة في الشرق والغرب على حد سواء. ومن هذه الناحية سيتواصل “التشويه”، الذي طاول الحريم في الشرق، داخل الغرب لكن بصيغ أخرى مغايرة ذات صلة بأنساق الثقافة الغربية ذاتها. وحصل ذلك ابتداءً من القرن الثامن عشر الذي يؤرّخ لميلاد التنوير في أوروبا أو “ثورة التنوير السلمية” كما يصطلح مؤرخون فرنسيون عليها. وقد تمّ تصريف “النظرة”، في إطار أشكال من “التمثيل” (Représentation)، ومن خلال شبكة من المفاهيم (الفكرية) حرصت المرنيسي على جردها وتفكيك مرجعياتها الأساسية ومقولاتها المركزية.

ومن هذه الناحية تميّز المرنيسي، في “شهرزاد ترحل إلى الغرب” (ترجمة: فاطمة الزهراء أزرويل)، وفي سياق المقارنة بين الحريم في الشرق والحريم في الغرب، وبما تستلزمه المقارنة من عدة منهجية وشبكة مفاهيمية، بين “الحريم المتوهَّم” [أو “التخييلي”، كما نسميه] و”الحريم التاريخي”. وتشير إلى أن الحريم الشرقي يحيل على سياق تاريخي وواقع معيش، وقد استمرّ إلى عهد قريب قبل أن يفكّـك نهائياً في العقد الأوّل من القرن التاسع عشر خلال حكم الإمبراطورية العثمانية على عهد السلطان عبد الحميد الثاني. ففي نهاية العام 1909 أنهت “حركة الشباب الأتراك”، بقيادة أتاتورك، الحريم في تركيا؛ بل أجبرت السلطان على أن يتخلّى عن حريمه (الإمبراطوري) (ص126). هذا وإن استمرّ الحريم في شكله العائلي فيما بعد.

حريم الشرق

أما الحريم في الغرب فهو “متخيَّل” (كما أسلفنا قبل قليل)، نتيجة تعرّضه لـ”تشويه” محكم ومقصود ومستثمَر. فـ”الحريم بالنسبة إليهم [الغربيين] يرتبط بالجنس والإباحية، ولا علاقة له بحريم الشرق البتة” كما تقول المرنيسي جازمة (ص24). وقد تحقّق ذلك، ابتداءً، من خلال الفن… وتعيينا من خلال رسّامين ــ نعدّهم ــ عالميين مع أنهم كانوا يخدمون ماكينات الاستشراق بمقولاته ذات الصلة بمهام القولبة والتنميط والتلفيق… والتخييل. ومن ثم تركيز لوحات/ أعمال ماتيس أو أنجر أو بيكاسو… على الشهوانية والفراغ والعري… إلخ. ثم إن ما أقدم بيكاسو عليه، بين سنة 1954 و1955، من  رسم لأربعة عشر مشهداً للحريم، إضافة إلى رسومات عديدة، هو بمثابة تنويعات بشأن لوحة دولاكروا [الشهيرة] التي تحمل اسم “نساء الجزائر في بيتهن”؛ كما تذكّرنا المرنيسي. ويمكن تلخيص الأعمال بأكملها في الحرص على الاستجابة للعصر من منطلق “خلق تكامل بين الفن والتطبيق في الحياة” وتأكيداً لمبدأ “الرغبة البيضاء” التي تقع ضمن خطاطة “نحن والآخرون” في إشارة إلى أحد عناوين تزفتان تودوروف (T.Todorov) في مرحلة تحوّله إلى النقد الثقافي. والعلاقة، كما يشرح تودوروف، بين “نحن” (باعتبارها مجموعة ثقافية واجتماعية) و”الآخرين” (الذين هم غير جزء منّا) قوامها التأكيد على التراتبية العرقية وتمجيد الاستعمار وليس الإقرار بالوحدة البشرية التي تقرّ بتنوّع الشعوب (الطبعة الفرنسية، ص12، ص57، ص1959).

وتلفت أنظارنا الباحثة السورية رنا قباني، في كتابها “أساطير أوروبا عن الشرق ــ لفّقْ تسدْ” (ترجمة: صباح قباني)، وفي حال ديلاكروا الذي كان له أبلغ التأثير، أنه “في عام 1833 زار ديلاكروا المغرب فأوحى إليه بسلسلة من اللوحات كان منها لوحة (نسوة من الجزائر) إلا أن صورة الشرق المطبوعة في ذهنه ظلت ترفده بالمواضيع حتى بعد أن جاء إلى الشرق وعرفه عن كثب. وقبل وفاته بثلاث سنوات كان لا يزال منكباً على مواضيع من ألف ليلة وليلة حسبما كتب في إحدى يومياته المؤرّخة في 23/12/1860″ (ص119). فديلاكروا، هنا، لا يكترث بـ”المغرب الجغرافي” أو بـ”الجغرافيا الثقافية” للبلد؛ فما يهمّه هو “الجغرافيا التخييلية”، ومن ثم منشأ تسمية “مغرب ديلاكروا” في عالم خطاب الاستشراق الفني. والمسألة، في عمقها، هي مسألة نسق فكري يقع في واجهة “عمارة الاستشراق”.

مقالب التنميط

والمسألة أيضاً هي مسألة “تقاليد الاستشراق ومكتبة الأعراف والأفكار المقبولة” بتعبير ناقد الاستشراق الأبرز إدوارد سعيد، وعلى النحو الذي يوسّع من دوائر الاستشراق وفي المدار ذاته الذي يطرح إشكالية “الموقف الغربي” أو يسرّب الموقف نفسه حتى في اللوحة الفنية التي توحي بالانغماس في الفن الممزوج بالاستعادة والإعجاب.

فإبقاء النساء مسترخيات وخالدات، على آرائك الحريم، وسجينات وعاطلات، وفي حالة من العريّ والإثارة، في حين أنهنّ في الواقع كنّ حرّات ونشيطات ومناضلات كما تقول المرنيسي، هو من باب مقالب التنميط أو التلفيق المنتظم في الاستشراق الفني المنتظم بدوره في خطاب الاستشراق الكبير. وعناوين الكتب، التي تصل ما بين النسوية والاستشراق، في حال الشرق، ومن منظور “أسطورة الجنس” وفي المدار ذاته الذي لا يتغافل عن “محتويات” اللوحة، كثيرة.

وحتى ننتقل إلى موضوع آخر، في سياق التأكيد على التحوّل الذي لا يمسّ جذر الثابت، تشير المرنيسي، في كتابها “هل أنتم محصنون ضد الحريم؟” (ترجمة: نهلة بيضون)، إلى أن ماتيس جمع ثروته من “الحمّى الحريمية” وعلى وجه التحديد في وقت كان الركود الاقتصادي فيه يجبر الناس على التقشف. ولم يتزحزح الوضع إلا مع ظهور آلة التصوير، في أواخر القرن التاسع عشر، حيث ستمكّن من استنساخ لوحات المحظيات بعد أن كان لا يقوى على اقتنائها إلا الأثرياء في القرن السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر. لقد وجّهت الآلة ضربة قاسية لتجارة الفن المزدهرة بالنسبة إلى الكثير من الفنانين، لأنها أتاحت تقليد أعمالهم واستنساخها (صص 43 ــ 46). لكن هل كان هناك من تحوّل مرافق لظهور الصورة الفوتوغرافية على مستوى الخضوع لغول الاستشراق؟ ومتى كانت التقنية بريئة؟ ومنْ يرى منْ؟ وقبل ذلك من الذي يرى؟ عين الكاميرا أم عين الإنسان؟ تجيب الباحثة السورية رنا قباني، في كتابها سالف الذكر، وبما يؤكد على استرسال الاستشراق، قائلة: “فالمصوّرون الفوتوغرافيون الأوائل الذين صوّروا الشرق الأدنى (بونفيس Bonfils بخاصة) قدّموا للمشاهدين نسوة جميلات (من بدويات ويهوديات وأوروبيات بملابس شرقية) في أوضاع تشكيلية تظهرهن كما لو كنّ حظايا في حريم السلطان وذلك كي يربطوا ما بين تقنياتهم الفوتوغرافية حديثة العهد ولوحات الرسامين الاستشراقيين” (ص147). فالأمر يتعلّق باستغلال كل ما هو متاح، من أدوات، من أجل أداء المهمة ذاتها.

المحظيات

القضية، هنا، هي قضية غرب في مقابل شرق لا يمكن التشابك معه إلا عبر التخييل والتنميط… وعلى نحو يفضي إلى إعادة إنتاج أو حتى اختراع الشرق. ولذلك كانت اللوحات الفنية حريصة على “إيقاف الزمن” طالما أنها توحي بأن لا شيء تغيّر في الشرق، وأن الشرقيين لا يحلمون البتة بالإصلاحات أو بالحداثة، وقبل ذلك هم “مشاكل يتعذّر حلّها”. وحصل ذلك كلّه مع أن المجلات التركية، منذ الثلاثينيات (من القرن المنصرم)، كما تستدل المرنيسي، كانت تبرز صور طالبات جامعة أنقرة وهن يرتدين الزيّ العسكري. وفي سنة 1930، وكما تسميها المرنيسي، كانت صبيحة كوكسن (وهي أوّل قائدة طائرة تركية) تصوِّر من على متن طائرتها. وخلال العقد المذكور بأكمله، كانت المحامية ثريا أكواكلو ترافع داخل المحاكم التركية (“شهرزاد ترحل إلى الغرب”، ص174). وتضيف الكاتبة السورية علياء تركي الربيعو في مقال “حادثة كولونيا”.. ثقافة ذكورية لا إسلامية” (متداول في شبكة الاتصال الدولي): “ومن أكثر نقاط التحوّل إثارة للانتباه ــ إن لم يكن للسخرية ــ أنه مع إتمام الفنان الفرنسي المشهور ماتيس لوحته المعروفة بـ”المحظية ذات السروال الأحمر” عام 1928 (تخصّص في رسم المحظيات فقط)، كان كمال أتاتورك يغيّر وجه تركيا، ممهّداً الأسس القانونية لثورة نسوية حقيقية؛ حيث قام بإصلاح قانون الأحوال الشخصية عام 1923 وحظر تعدّد الزوجات عام 1925″.

في تلك الفترة، كما تواصل المرنيسي ساخرة هذه المرة، “كان يجب فعلاً الذهاب إلى باريس للعثور على حريم للبيع”. فهذا الحريم كان لا يوجد إلا في لوحات مواطني الجمهورية الفرنسية. ومن ثم منشأ “الحريم التخييلي”. والمفارق، كما تلخّص، أن هذا الوهم، الذي يتخيّل النساء في الحالات السابقة، غائب تماما عن اللوحات التي أنتجها فنانو الشرق أو فنانو “شهرزاد الأخرى”؛ مما يستلزم، في نظرها، فهم التداخلات والإسقاطات النفسية بين أمرين يضاهي أحدهما الآخر غموضا: الخوف من الجنس الآخر ، والخوف من الثقافة الأخرى أو “العرق والثقافة” تبعا لعنوان الأنثروبولوجي الفرنسي كلود ليفي شتراوس.

فشهرزاد، المذهلة، التي أرجعت علوم الأواخر إلى علوم الأوائل وضمّت علوم العجم وعلوم العرب، وقرأت أمهات الكتب وطالعت المصنفات وأدركت الحكمة والمنطق، وحوّلت شهريار من شخص دموي غاصب وحانق وحاقد ومجنون… إلى إنسان ودود ومفارق للدم والكراهية… بسبب إستراتيجيتها المضادة والباهرة التي استمدتها من الثقة في الذات ومن الجمع بين العلم والذكاء ومن الوعي بخواء الخصم ذاته عدا من ناحية الإصرار على إراقة الدم، ستصير محطّ “رؤية دونية” في لوحات فنانين غربيين… وذلك كله في سياق أوسع هو سياق “الجغرافيا المجنسنة” (من الجنوسة أو الجندر (Gender) التي تغرق الشرق في الجنس أو أسطورة الجنس على نحو ما يمكن أن نتعمّق في كتاب “الاستشراق… جنسياً” لصاحبه الباحث التركي إرفن جميل شك. والمؤكد أن وراء ذلك تهيّؤات واستراتيجيات ومصالح وأغاليط… إلخ.  وتحتج سهير القلماوي (المشار إليها أعلاه)، في المدار ذاته الذي يشرك الرسوم في الجغرافيا نفسها قائلة: “فما هكذا كانت شهرزادنا في مقدمة الليالي؛ بل ما هكذا كان شهريارنا أيضا. إن شهريار لا يقتل عذراء كل فجر لأنه منهوم جنسيا كما خيّل إلى الغرب، لاستعدادهم إلى أن ينبهروا بموضوعات الجنس أيام ترجم جالان لهم الليالي. ونظرة إلى طبعة “مرديروس” مثلا لليالي وازدحامها بالصور الجنسية المثيرة عنوان على نظرة الغرب تلك”.

تفكِّر ولا ترقص!

وكان من المفهوم أن تتحدّد مرجعيات الحريم في التصوّر الغربي من خلال الفن، لأنه كان “البوابة” التي اطّلع من خلالها الغربيون على الحريم الشرقي. إلا أنه سرعان ما ستتسّع دوائر التنقيص، والتنميط، بانضمام المسرح إلى “المهمة الاستشراقية التنقيصية” ذاتها حين سيختزل شهرزاد في الرقص في العروض. تقول المرنيسي (ومن موقع المعاينة وفيما يدل على الماضي الممتد في الحاضر وعلى صنف من “الاستشراق العملي”): “فوجئت بأن شهرزاد في عرض الباليه في برلين كانت ترقص باستمرار، كنت انتظر منها أن تتوقف عن الرقص بين فقرتين وتروي إحدى الحكايات التي خلدتها على مرّ العصور”. وتوضّح المرنيسي: “شهرزاد الشرقية لا ترقص ولكنها تفكّر وتتحدث، إنها تنسج حكايات بالغة الجمال بواسطة الكلمات، إلى حد أن زوجها يفقد الرغبة في قتلها […] وإذا ما رقصت تفعل ذلك أثناء الليل في إطار لعبة تدعى السمر” (“شهرزاد ترحل إلى الغرب”، ص57).

وما يقال عن المسرح، من ناحية ارتكازه على “بيلدوزر التلفيق”، في ما يخصّ شهرزاد دائما، ينطبق على السينما التي هي بدورها فن آخر جذّاب ومؤثّر. وتكتمل دائرة “التواطؤ” بالكتابات التي اتخذت من “ألف ليلة وليلة” موضوعا لها. فالوظيفة ثابتة فيما الأداة مختلفة.

وكانت الحصيلة، الثقيلة، هي عرض”صورة مجرَّدة” من أخصّ خاصيّات شهرزاد التي هي “العقل والذكاء”. وفي جميع الأحوال، سواء تعلق الأمر بالرسم أو بغيره من أشكال التعبير والكتابة، فإن آليات الاختزال والقولبة والتكييف… تظل هي هي. وتظل متحكّمة في جميع هذه الأشكال وفي إطار من “الرؤية الاختزالية” (اللاهبة) نفسها.

-2-

تشير فاطمة المرنيسي، في سياق حيثيات زيارة شهرزاد للغرب، إلى أن أوّل رحلة لشهرزاد نحو الغرب كانت برفقة فرنسي يدعى أنطوان غالان (Antoine Galland) (مترجم “الليالي” الأوّل إلى الفرنسية). وقد نجحت شهرزاد، خلال فترة وجيزة جداً، كما تذكّرنا المرنيسي وبلغة أقرب إلى “الحرب الثقافية” هذه المرة، في تحقيق ما فشلت الجيوش فيه خلال الحروب الصليبية. لقد غزت العالم المسيحي معتمدة في ذلك على القوة الوحيدة التي تملكها، أي قوة الكلمات، فانقاد لجاذبيتها الزهاد الكاثوليكيون والبروتستانتيون والإغريق الأرثوذوكسيون تباعا.

وستكون بداية “الانزياح”، في التعاطي لها، من انصراف اهتمام الغربيين، خلال أكثر من قرن، إلى الشخصيات الذكورية كالسندباد وعلاء الدين وعلي بابا. ولذلك كان على شهرزاد أن تنتظر حتّى سنة 1845، أي حوالي قرن ونصف القرن، لكي ينعتها إدغار ألان بو بـ”سيدة العجائب” في قصته “الألف ليلة وليلتين لشهرزاد”. لقد جُرّدت من ذكائها حين غادرت الشرق وعبرت الحدود إلى الغرب، “إذ ما إن وطئت قدماها أرضه حتّى جردتها الجمارك الأوروبية من جواز سفرها، أي من كل ما يشكّـل هويتها متمثلا بالأساس في ذكائها”. ستفقد “لسانها” على الحدود، وستفقد “سلاح البلاغة”، بعد أن تمّ تلخيصها في الغرام والسمر… بدلاً من أن يتمّ التعامل معها باعتبارها “رائدة ثورة تحفز الضعفاء على التمرّد” ضد “الشهرياريين” من الذين لم يخل  منهم زمان ومكان.

وتفيد كتابات المرنيسي بأن شهرزاد ليست علامة ــ عبر التاريخ ــ على المرأة الشرقية فقط، وإنما تفيد بأنها علامة على المرأة المغربية أيضا. ولا نقصد، هنا، إلى ما سعت المرنيسي إليه من خلال كتابها “شهرزاد ليست مغربية” (1987)، وإنما نقصد إلى فاطمة المرنيسي ذاتها باعتبارها “أنثى” (وعقلاً طبعاً) على نحو ما يبدو جلياً في الفصل الثالث عشر “الحجم الصغير: حريم النساء الغربيات” من كتاب “شهرزاد ترحل إلى الغرب” نفسه. وهو ما يتجسد من خلال أهم خاصية تميّز المرأة التي هي خاصية اللباس باعتباره نمط ثقافة وعلامة هوية وليس مجرد أداة للتستّر أو التكيّف مع الطقس. فبمجرد ما أرادت المرنيسي التخلّص من “اللباس الشرقي”، متمثّلاً في قفطان قصير مثقل بالتطريز وأسورة  فضية ثقيلة هي الأخرى، عن طريق شراء تنورة في متجر في نيويورك يكبر متجراً تركيا بمائة مرة، حتى خاطبتها المشرفة على المتجر أن الرقم (38) الذي تطلبه “شهرزاد المغربية”  غير متوفّر… بسبب ردفيها الكبيرين. وتشرح الكاتبة والناشطة النسائية الأميركية الشهيرة بيتي فريدان (Betty Freidan) “الهوس الأنثوي الأميركي” بالجسد قائلة: “وعبر أميركا، هناك ثلاث نساء من كل عشر يصبغن شعرهن أشقر. ويأكلن طباشير تسمّى ميتريكال، بدلاً من الطعام، ليتقلصن إلى قياس العارضات الشابات النحيلات. وأفاد المشترون من مخازن بيع كبرى أن مقاسات النساء الأميركيات، منذ 1939، أصبحت أصغر بثلاثة وأربعة مقاسات”. وقال أحد المشترين: “تحاول النساء بحماسة أن يناسبن الملابس، بدلاً من العكس” (“النظرية النسوية”، مقتطفات مختارة، ترجمة: عماد إبراهيم، ص172).  فالمرأة، هنا، تظهر مجرد “قيمة استهلاكية”؛ مما يلزمها الظهور في شكل “سلعة” جذّابة وفاتنة. ومن ثم العنف الممارس على الحريم في الغرب من قبل شركات الاقتصاد ووسائل الإعلام والإشهار… إلخ.

فـ”الحريم 38″ خاضع لنوع من “التذويت” (Intersubjectivité)، وذلك كلّه في دلالة على ذلك النوع من “القراءة الأنطولوجية” التي تصل ــ على صعيد المعرفة والوجود معاً ــ ما بين القارئ/ القارئة والمقروء. وتأتي أهمية الأسئلة التي طرحتها فاطمة المرنيسي من كونها أنثى معنية بجسدها وحريتها عنايتها بالبحث والتنظير كما قال الكاتب المغربي أديب السلاوي في مقال بمناسبة رحيلها. فهي، في تعاطيها لشهرزاد،  لا تكتفي بـ”لسانها” فقط على نحو ما يفعل ــ مثلاً ــ عبد الفتاح كيليطو في “لسان آدم” و”العين والإبرة”. المسألة، في حالها، تتجاوز “اللسان” كما تتجاوز ما يصطلح عليه بـ”تفحّص العين المتعلّقة بعلم الاجتماع” نحو إشراك “التوابل الأتوبيوغرافية” في عجين التحليل. التحليل غير البارد، والتحليل الذي لا يضحي بالصوت النسوي الهادئ؛  وهو ما يدخل في “استراتيجيا الكتابة” لديها.

ومن هذه الناحية لا تظهر شهرزاد كأيقونة فقط، وإنما كقيمة فكرية تحث على التفكير والمناوشة والنبش في المتصلّب والمتحجّر خاصة وأننا ما نزال نعيش في عصر يتربّص به “شهريار العصر الحالي” ما لم نقل يتربّص به “الخصوم البدائيون” كما تنعتهم رجاء بن سلامة في كتابها “بنيان الفحولة”. يقول عبد الفتاح كيليطو في الكتاب النقدي “العين والإبرة” الذي خصّه لـ”ألف ليلة وليلة”: “أساتذتها هم الكتب فقط. والبالغ عددها ألفاً. حيث درست الطب والشعر والتاريخ وأقوال الحكماء والملوك. فمن هذه الذاكرة المكتوبة والزاخرة استقتْ مادة حكاياتها ونهلت مادة العبرة التي قدمتها لشهريار ليلة بعد ليلة. في البدء هناك خزانة” (ص19). وتقول المرنيسي، في “شهرزاد ترحل إلى الغرب”، عن “الخزانة” ذاتها أو عن شهرزاد التي قرأت وتعلمت كثيراً: “لكن العلم وحده غير كاف لإعطاء المرأة سلطة على الرجل: انظروا إلى هؤلاء الباحثات المعاصرات عندنا، إنهن متعددات ولامعات سواء في المشرق أو المغرب: لكنهن عاجزات عن تغيير غرائز الموت عند شهريار العصر الحالي… من هنا فائدة القيام بتحليل يقظ للكيفية التي خططت بها شهرزاد لنجاحاتها” (ص66). وتمكين شهرزاد من الاضطلاع بـ”دور معاصر”، في سياقات الاستعمار الذكوري والاستعمار الفقهي،  وقف على قمة الذكاء ووقف على الجمع بين العلم والذكاء… وليس على تلخيصها في استراتيجيا توظيف الفكر كـ”سلاح شهواني” يُنيم شهريار بالحكايات. و”الليالي” تسمح بصنوف من التأويل التي يمكن أن “نحيا بها”… طالما أنها تطرح فكرة “كتاب الكتب” و”كتاب لانهائي” و”مصير كتاب ما فتئ يغتني ويتعدّل ويكتمل عبر العصور” بتعبير عبد الفتاح كيليطو (ص12، ص21، ص47).

وحتى نظل في الثقافة الغربية، من ناحية شهرزاد والحريم بصفة عامة، تقول فاطمة المرنيسي، في “هل أنتم محصنون ضد الحريم؟”، وعلى وجه التحديد في أعقاب حرب الخليج، إنها تلقّت مكالمة من صحافية في مجلة “لوكلير” (Le Claire) تطلب منها إجراء حوار معها حول الحريم. فردّت عليها المرنيسي أنها تفضل إجراء حوار معها بخصوص كتابها “الخوف من الحداثة: الإسلام والديمقراطية” المستوحى من حرب الخليج ذاتها. فردّت الصحافية أن المجلة لن تغطي تكاليف الطائرة والسفر في حال عدم تمحور الحوار حول الحريم”. وقد أسرّت الصحافية للمرنيسي، فيما بعد، أن رئيس التحرير يعتقد أن الحريم يمثل الزاوية الوحيدة للحديث عن المرأة المسلمة. والمؤكد أن هناك مواضيع أخرى مثل الحمام (الشرقي) والرقص الشرقي والجواري… تسمح هي الأخرى بتنميط الشرق وإعادة إنتاجه. على أنه لا ردّ الصحافية، ولا توجيه المسؤول عنها، ينبغي قراءته قراءة سطحية؛ فهما معا مجلى لنسق فكري استشراقي ثقيل ومتوارث. يقول إرفن جميل شك: “باستعارة مجاز من فولتير ربما يمكن القول إنه لو لم تكن هناك مجتمعات الحريم وتعدّد الزوجات في بقاع آسيا وأفريقيا لكان على الأوروبيين أن يخترعوها. لكنها قد وجدت، وتشكلت المواقف الغربية تجاه تركيا، والإسلام عموما، على مدى عدّة قرون، عن طريق توليفة من الاستنكار الأخلاقي والشهوانية الجنسية التي لا يمكن كبتها، والمركزة على مجاز “الجنسانية الشرقية” (ترجمة: عدنان حسن، ص57).

وصحيح أن حكاية الردفين (سالفة الذكر) تحمّس على ربط المسألة بالشرق. الشرق في مقابل الغرب، خصوصا أن المرنيسي تذكّر بأن الردفين كانا محطّ تتبّع وإعجاب وطمع في المجتمع الذكوري لما كانت شابة في فاس كباقي بنات جنسها في الخمسينيات الصاعدة من القرن العشرين. فالحكاية لم تكن تخلو من دلالات. تقول المرنيسي في “شهرزاد ترحل إلى الغرب”: “يعد امتلاء الردفين مقياس جمال وليس مظهر نقص أو دمامة في الشارع المغربي، بل إنه كان على عهد شبابي في فاس من مقاييس الجمال المستحسنة لدى المرأة التي تثير تعليقات الجمال في أزقة المدينة. ولذلك لم أحس قط بالنقص رغم أن تقاسيم وجهي لم تكن تستجيب للمعايير السائدة عندنا، لذلك دافعت عن نفسي ضد التعليقات المزعجة كنعتي بالزرافة، لأن عنقي طويلة جدا في رأي من يضايقني” (ص228).

منجز المرنيسي، في مجال رحلة شهرازد وتصوّر الحريم، مغاير… ومفارق للاقتراب القومي التبسيطي الذي ينصّ على أن “الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا”. هي لا تسقط في المقترب الاستشراقي، سواء في منحاه العام أو منحاه التفصيلي، الذي طالما ألصقَ بالعرب والمسلمين ــ أو بـ”الآخر الخارجي” بالاصطلاح الأنثروبولوجي ــ جميع دلالات التنقيص بخصوص المرأة. وكما أنها لا تسقط في المقترب الاستشراقي المعكوس الذي يسارع إلى الرد على التنميط والتلفيق بالتنميط والتلفيق. هي تشرك التراث الإسلامي والتراث الغربي معا في النظرة الدونية للمرأة وفي “العنف الرمزي” تبعا للمصطلح الذي يعتمده السوسيولوجي الفرنسي الشهير بيير بورديو في كتابه “الهيمنة الذكورية”. والمرنيسي، بدورها، تعتمد الكتاب في الفصل الأخير من “شهرزاد ترحل إلى الغرب”.

من الجلي أن النظرة الدونية، للمرأة، “إرث ثقيل ومشترك ومتحرّك” ما بين التراث الإسلامي والتراث الغربي ما لم نقل ــ والأمر كذلك مع فاطمة المرنيسي ــ بأن التراث الغربي كان أعنف وأشد تحقيرا للحريم. وهو ما لاحظناه من قبل، إذ أن الحريم في الشرق يحيل على واقع تاريخي عكس الحريم الغربي الذي يحيل على واقع متخيّل هو قرين استيهامات تغرق المرأة في العري والشهوانية… إلخ.

ويبدو مفيداً أن نشير إلى فكرة لافتة لا يمكن استبعادها في سياق البحث في تصوّر المرنيسي للحريم. ومفاد الفكرة أن مفهوم الحريم لدى مؤلّفة “نساء على أجنحة الحلم” يأخذ أشكالاً عدة، منها ما هو سلبي ومنها ما هو إيجابي وإن كان الكثير منها إيجابيا. فنظام الحريم المعمول به أيام السلطنة العثمانية يختلف عن نظام الحريم الذي كانت تعاني منه النساء في البيت الكبير في فاس سواء الجدة الياسمين أو للا طامو (الزوجة الثانية للجد) والعمّات شامة وحبيبة، وكذلك الأم، وكذلك الطفلة فاطمة (في إشارة إلى المرنيسي ذاتها) ذات السبع سنوات التي باشرت الحريم بدورها أو بالأحرى أدركته. وهو النظام الذي اشتركت جميع النساء في مطمح التمرّد عليه. أما نظام الحريم في أيام الخليفة هارون الرشيد فكان مجلى للعقل والذكاء والفن… فكان مثار فخر وانبهار من جانب المرنيسي. وقبل ذلك كان هو الذي خوّل لها مجادلة الغرب وحتى مخاطبته بلغة أنثوية. تقول موجّهة خطابها للغرب في “هل أنتم محصنون ضد الحريم؟”: “اطمئنوا، ففيروس الحريم ليس فتاكًا كفيروس السيدا، بل على العكس، فالرجل المريض يبقى صحيحًا معافى من الناحية الجسدية على الأقل” (ص14). وفي الحق فحال بغداد أو بالأحرى “بغداد الرشيد” كانت قد بلغت مرتبة لا تخطر على البال. كانت أشبه بما نسميه الآن “العاصمة ــ العالم”. ويلخصها جابر عصفور، في كتابه “دفاعاً عن التراث” (وهو في الأصل مرافعة عن “ألف ليلة وليلة”) قائلاً: “بغداد الرشيد، حاضرة الدنيا الطّالعة، وملتقى الثقافات والأعراق والحرف والصناعات، وقبلة الشعراء والكتّاب والحكماء والتجّار والصنّاع، وفضاء المناظرات والمجالس التي تجمع الرجل والمرأة، العربي والأعجمي، المسلم وغير المسلم، في أفق مفتوح من الحوار” (ص39).

والحريم، على صعيد الثقافة الشرقية ذاتها، ليس موحّداً سواء على مستوى التصنيف المقولاتي أو على مستوى التوزيع الجغرافي والإقليم الثقافي. على مستوى التصنيف هناك الحريم العائلي والحريم الإمبراطوري، وهناك الحريم اللامرئي والحريم التاريخي. والحريم التركي، في دلالة على الإقليم الثقافي، ليس هو الحريم بتونس مثلاً. فهو مختلف باختلاف الجغرافيات والثقافات، وهو مختلف باختلاف السياقات التاريخية داخل الإقليم الواحد. ومن ثم  فـ”ليلة في حريم مغربي”، في إشارة إلى عنوان رواية لورد جورج هربرت (1902)، ليست هي “نساء على أجنحة الحلم” في دلالة على عنوان سيرة فاطمة المرنيسي التي ظهرت أوّل مرة باللغة الإنكليزية العام 1994.

يبدو جلياً أن المرنيسي راهنت، في قراءتها لـ”الليالي”، على انتشار شهرزاد في الفضاء الثقافي والاجتماعي للغرب الأوروبي بدلاً من جعلها حبيسة اللوحات الفنية والكتابات الأدبية فقط؛ ومن ثم أولوية تجريد معاول تفكيك الرؤى الثقافية المحاطة بشهرزاد في هذا الغرب. ذلك أن مشكلة شهرزاد، في هذا الغرب، ونتيجة إصرارها على عدم تجريدها من دلالتها، كانت مع ما يمكن نعته بـ”مقصلة الاستشراق” بشقيه النظري والعملي. مشكلتها مع “تمثيلها” في سياق مؤطَّر ثقافيا واجتماعيا، مشكلتها مع تمثيل تجاوز “عنف التمثيل” ذاته نحو “اغتصاب التمثيل”؛ مما جعلها تقاوم تجريدها من دلالتها. ومن وجهة نظر أنثروبولوجية فالفكرة، هنا، لا صلة لها بـ”عدم فهم ثقافة أخرى” في أفق تطوير المشترك والمختلف بين الثقافات… بقدر ما لها صلة بالإصرار على استعمال هذه الثقافة في سياقات أخرى تستجيب لـ”العطش للشرق المتخيَّل والمجنسَن”.

وكما أن المرنيسي راهنت على “صلاحية” مفهوم الحريم لا لقراءة التراث الإسلامي فقط، بل لقراءة تراث الفكر الغربي حول النساء أيضا؛ ومن ثم مفاجأتها للباحثين المكرّسين قبل القراء العاديين. وبالنسبة للعرب، في سياق المفاجأة الملتبسة بالجدّة والندرة المعرفيتين، فمؤسسة الحريم مستوردة من ثقافات أخرى، لأنه كان من غير الممكن أن يظهر الحريم في وسط مقفر وفاقد لأبسط العناصر التكوينية للحريم وفي مقدّمها الهندسة المعمارية ما دام أن الحريم مفهوم مكاني. وخلاصة المرنيسي في “شهرزاد ترحل إلى الغرب”: “ليس العرب آباء الحريم، فقبل ظهور الإسلام كان العرب يعيشون في فقر مدقع لا يسمح لهم بالحصول على الحريم، بل كانوا يطمحون إليه تقليداً لجيرانهم البيزنطيين الأقوياء، باعتباره ترفاً. وبمجرّد ما وضعهم الإسلام في مصاف الدول العظمى حتى استوردوه كما نستورد السيارات الفارهة اليوم”. وتضيف: “ولو قرأنا كتب التاريخ لاكتشفنا أن العرب لم يكونوا آباء الحريم، فقد عرف الحريم الإمبراطوري في تاريخ المتوسط قبل 700 عام على ظهور الإسلام، لدى الإغريق والرومان على حد سواء، وسيكون هؤلاء مثالا للخلفاء والسلاطين المسلمين”(ص93).

المرنيسي، في تصوّرنا، لا تراهن على التوجّه نحو القارئ الغربي لتقويض الصورة التي شكّلها الرسّامون والمصوّرون والكتّاب والرحّالة والمغامرون الأوروبيون عن الشرق العربي والإسلامي ككل وعن المرأة بصفة خاصة وشهرزاد بصفة أخص. فمقصلة الاستشراق من النسق الكبير السائد والجارف وقتذاك. واختلال النسق ذاته من الثقافة الغربية ذاتها باعتبارها رؤى وصيغا تحرص على ضم المعرفة والسلطة معاً عبر استراتيجيات مقصودة ومن خلال مواقع خطابية تخطط لخلق سياقات مجتمعية ملموسة وقائمة بذاتها.

في حال شهرزاد، وبمعنى من المعاني، فإن الشرق هو الذي تقدّم نحو الغرب وليس العكس. بكلام آخر: الغرب هو الذي استقدم الشرق إليه، هذه المرّة، ممثّلا في شهرزاد. واللافت أن رحلتها، نحو هذا الغرب، لم تكن في “سفن العبيد والحرب والاستشراق” الجاهزة والمنذورة للنهب والعنف والاغتصاب والتلفيق، وإنما كانت في سفن الثقافة والتأويل وضمنها سفينة فاطمة المرنيسي. وهي رحلة لم تنته بعد! وهو ما يستخلص من قراءة المرنيسي ذاتها.

ضفة ثالثة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى