صفحات الحوار

فايز سارة: لن يحدث فراغ إذا تغيّر النظام في سورية

 


«توافق كبير في المعارضة الداخلية والخارجية على رفض التدخل العسكري»

أكّد الكاتب والمعارض السوري فايز سارة، أنّ الحلّ الأمني لن يؤدّي إلى وقف الحركة الاحتجاجية في الشارع، داعياً النظام إلى «تطبيق الحلّ السياسي واتّخاذ إجراءات إصلاحية»، ومعتبراً «أنّ مبادرة إطلاق الحوار من السلطة ليست جدّيّة»، ومستبعداً حصول أيّ فراغ سياسي في حال تغيّر النظام.

وجاءت مواقف سارة في حديث إلى «الراي» في ما يأتي نصّه:

بعد مرور أكثر من شهرين على الحركة الاحتجاجية، ما أفق تحرّك الشارع في ظلّ استمرار القبضة الأمنيّة؟

– من الواضح أنّ الشارع السوري لن يتراجع عن قيادة الحركة الاحتجاجية، التي تتوسّع في كلّ المناطق. الحلّ الأمني لن يكون له أيّ فعالية، بل على العكس سيؤدّي إلى تمدُّد التظاهرات. وفي رأيي أنّه إذا لم تتجّه السلطة نحو الحلّ السياسي عبر اتّخاذ إجراءات ذات طبيعة إصلاحية، وإذا لم تطلق مبادرات حقيقية، لا يمكنها إقناع الشارع بالتوقّف. فحركة الاحتجاج إلى تزايد وإلى انتشار في عدد كبير من المدن السورية، باستثناء عمق دمشق، فالعاصمة في كلّ دول العالم الثالث تمثّل ثقل الحركة السياسية والدبلوماسية والثقافية، ما يؤدّي إلى تفعيل القبضة الأمنيّة عليها.

ثمة من يعتقد أنّ غياب البديل المعارض يدعم بقاء النظام. هل المعارضة في إطار صوغ بنية أكثر تماسكاً وتقديم برنامج موحّد؟

– لا أرجّح حصول فراغ سياسي في سورية في حال تغيّر النظام، والدليل على ذلك ما حصل في مصر وتونس. وسورية لن تكون مختلفة، ومنذ اندلاع الحركة الاحتجاجية في تونس ومصر، تساءل الكثيرون عن البديل السياسي في حال سقوط النظام، لكن اتّضح أنّ الفراغ تمّت معالجته. إذا وقع أيّ تغيير في سورية فلن يحدث أيّ فراغ، على قاعدة أنّ المجتمعات لا تنتظر. السوريون مع احترامي للجميع لا يحبّون الصدامات، وهم أناس يحبّون الحياة، وكلّ أطياف المعارضة السورية من التجمع الديموقراطي إلى الحركة الكردية إلى الحركة الآشورية وغيرها، لديها اتّجاهات قومية وليبرالية ويسارية، وحتى حركة الإخوان المسلمين لديها برنامج سياسي أعلنت عنه، وهو برنامج ليبرالي، والإخوان في سورية ما عادوا كما في السابق، وكانوا من أبرز موقّعي إعلان دمشق للتغيير الديموقراطي الذي يحتوي على تحالف واسع من الشيوعيين والليبراليين والقوميين.

رغم إطلاق النظام الحوار الوطني مع المعارضة، لم يتحقّق أيّ تقدّم حتى الآن. لماذا؟ وما المدخل لحوار من هذا النوع بالنسبة لكم؟

– أريد أن أسأل النظام نفسه أين أصبحت مبادرة الحوار الوطني؟ في رأيي ليست هناك جدّية لمتابعة الحوار. فكرة الحوار جيّدة، لكن ما مضمون الحوار وما بيئته؟ حتى الآن يتعلّق الأمر بفكرة، وعندما تتوافر الظروف المؤاتية نقرّر. مطالب المعارضة بالدرجة الأولى تتمثّل بالوقف الفوري للحلّ الأمنيّ والعمل على تفعيل الحلّ السياسي.

في ظلّ غياب الإعلام عن تغطية الأحداث في سورية، هناك انطباعات متناقضة عن حركة الشارع لجهة إدارتها. هل الحركة الاحتجاجية تحرّك عفوي أم أنّ هناك جهات منظّمة لها؟

– حركة الشارع بسورية لها طابع عفوي في جزء كبير منها، ومع الوقت بدا أنّها تتّخذ شكلها التنظيمي ولكنّني لا أعلم حجمها.

كيف قاربتم العقوبات التي فرضها الاتّحاد الأوروبي على الرئيس بشار الأسد وقيادات النظام؟

– المعضلة الأساسية للمشاكل الداخلية والخارجية تتمثّل في المسألة الأمنيّة. مشكلة النظام مع الخارج ليست نتاج اللحظة وكذلك بالنسبة إلى الشعب السوري. وفي رأيي أنّ المجتمع الدولي والنظام السوري كلاهما يملكان المفاتيح السلبية والإيجابية، وكلّما جرى تقارب بين الطرفين قد يساعد هذا التقارب على حلّ الأزمة الداخلية. سورية دفعت فواتير على المستويات الاقتصادية والسياسية والإقليمية بسبب الملف العراقي والعلاقة مع حزب الله ومع إيران.

بعدما اعتبر الرئيس الأميركي باراك أوباما أنّ أمام الرئيس الأسد فرصة لقيادة التغيير أو التنحّي هل تتوقّعون موقفاً دولياً أكثر حزماً في ظلّ استعصاء النظام على الإصلاح؟

– حول هذه المسألة لا يمكن الحديث عن توقعات أكثر جذرية، لأنّها تتوقف عند طبيعة هذا الغضب الدولي وأسبابه. وفي حال تدهورت الأوضاع بين سورية والمجتمع الدولي قد نصل إلى حدود معينة.

برز نموذجان في تعاطي المجتمع الدولي مع الحركات الاحتجاجية في العالم العربي، الأوّل بتقديم حزمة من الضغوط والثاني عبر التدخّل العسكري. إلى أين يتّجه الوضع في سورية؟

– أتمنّى ألا يحدث أيّ تدخّل عسكري في سورية. هناك توافق كبير في أوساط المعارضة الداخلية والخارجية على رفض فكرة التدخّل الأجنبي، خصوصاً إذا كان هذا التدخّل عسكرياً. أمام النظام خيار أساسي بالتخلّي عن الحلول الأمنيّة والاتّجاه نحو الحلّ السياسي، ولا أريد الخوض في مسألة التوقّعات المحتملة.

في وقت تسعى تركية إلى حضّ الأسد على الحوار والإصلاح، تدعم إيران النظام من منطلق مخاطر سقوطه. كيف تقرؤون مثل هذه المواقف؟

– كلّ دولة تنظر إلى الأحداث في سورية من زاوية المصالح. الأتراك موقفهم من الحركة الاحتجاجية والدعوة إلى الحوار والإصلاح هو في الدرجة الأولى موقف مصلحي، يرتبط بالجوار الجغرافي والحدود ومسألة الأقلّيات الكردية. أمّا إيران فإنّ رؤيتها للأحداث في سورية مختلفة عن تركية، وتندرج رؤيتها ضمن ملفّات متشابكة من بينها ملفّ حزب الله والصراع العربي- “الإسرائيلي”. ولكن يبدو أنّ إيران ضدّ الحركة الاحتجاجية وضدّ أطرافها وشعاراتها، في حين أنّ الأتراك أقرب إلى التظاهرات.

• ما مدى صحّة المعلومات التي تشير إلى دعم الحرس الثوري الإيراني للقوى الأمنيّة السورية في قمع التظاهرات؟

– ليست لديّ أيّ معلومات، وأعتقد أنّ مجرّد وقوف إيران إلى جانب النظام في مواجهة مطالب المتظاهرين يؤكّد الحضور الإيراني في الداخل السوري.

الراي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى