صفحات الناسوليد بركسية

فدوى سليمان.. والفيديو الذي أضحك وأبكى/ وليد بركسية

 

 

خمس سنوات كاملة احتاجتها حركة “نسكن” المعارضة، المجهولة لمعظم السوريين، كي تطلق بيانها التأسيسي الأول، والذي قرأته الممثلة السورية فدوى سليمان، المؤسسة للحركة، عبر مقطع فيديو نشرته صفحة الحركة الرسمية في “فايسبوك” الأحد.

المفاجئ ليس البيان في حد ذاته، بل الغرابة الشديدة التي غلبت على مضمونه، حيث يبتعد البيان كنص عن الواقع إلى حد كبير، فضلاً عن الصورة البصرية الفوضوية التي ظهرت بها سليمان جالسة مع شاب غريب مجهول، صامت طوال الوقت، ويرتدي شروالاً برتقالياً وكأنه خارج من أحد مسلسلات البيئة الشامية، فضلاً عن الخلفية الموسيقية التي تغني فيها فيروز “أحب دمشق”، لتقرأ سليمان البيان وكأنه بيان عسكري رسمي تبثه إذاعة في سنوات الخمسينيات من القرن الماضي.

الجو ككل كان مسرحياً للأسف، وحتى الأفكار المهمة التي تحدثت عنها سليمان بجدية مفرطة تحولت إلى أفكار هزلية نتيجة لذلك، لدرجة يظن المشاهد للوهلة الأولى أنه أمام مشهد تمثيلي ساخر ببراعة، من القوى السياسية الثورية المعارضة التي تفشل في تقديم رؤى سياسية جدية وواقعية وقابلة للتطبيق على أرض الواقع، بدلاً من الشعارات والميل للطوباوية، وربما يكون السبب في ذلك هو الخلفية المسرحية التي تجعل من سليمان ممثلة قديرة.

وتعددت مبادئ البيان بين “تحرير المناطق الخاضعة لسيطرة النظام من الاحتلال الأسدي الإيراني الروسي” إلى “الحفاظ على وحدة الأراضي السورية واستقلالها” وصولاً إلى “ضبط الحدود السورية لمنع المقاتلين الأجانب من الدخول إلى سوريا واستخدامها ملعباً لمشاريع وصراعات لا تمت للسوريين بصلة” و”البدء بعملية عدالة انتقالية ومصالحة وطنية حقيقية تحاسب مجرمي الحرب”، أما أكثر المبادئ سوريالية فكان “تحرير السياسة العالمية من هيمنة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وإسقاط نظام الفيتو”.

لتحقيق هذه الأهداف أورد البيان “خطة عمل” طويلة تضم نقاطاً مثل “إنشاء هيئة ثقافية من السوريين الأحرار تعبّر عن الثورة السورية وتشرف على إنشاء شبكة الدعم المجتمعي لخلق وعي جديد في المنطقة”، أو “فك ارتباط الداخل السوري عن العملة السورية وخلق عملة بديلة لا تخضع لصندوق النقد الدولي” وأيضاً “إيجاد بدائل للطاقة عن طريق مشاريع لتسخير الطاقة الحرة في الداخل السوري تُرعى من دول العالم، لخلق نظام بيئي جديد يخدم السوريين والعالم”!

البيان لاقى استهجاناً كبيراً من المعلقين، ربما لأنه يبتعد عن الواقع ويكرس صورة سلبية لمثقفي الثورة ونخبها الفنية، رغم أهمية موقفهم الإنساني والسياسي المناصر للشعب السوري، بشكل يعطي انطباعاً بأن الثورة فشلت في تقديم نخب حقيقية تكوّن نماذج إيجابية “محافظة” ومقبولة على المستوى الاجتماعي، بدلاً من نماذج الفوضوية والأناركية والطوباوية التي يظهر بها المثقفون المعارضون من حين إلى آخر.

الانتقادات تكررت من ناشطين سوريين، على مقطع الفيديو، لكن رد الصفحة المعنية كان بحظر أصحاب التعليقات السلبية مع تحذير لبقية المعلقين بحظرهم أيضاً، لتتحول التعليقات إلى الكلام عن أن هذا النوع من التصرفات “المتشنجة” لا يمثل الحرية التي خرج من أجلها السوريون إلى الشوارع وتحدوا قوات النظام الأمنية طوال سنوات، بل تبدو أقرب لتصرفات النظام نفسه، ومن السخيف أن يمتلك أشد المطالبين بالتغيير الديموقراطي هذه الطريقة الديكتاتورية في التعامل مع الآراء النقدية!

وعلى الأغلب، فإن حدة التعليقات السلبية ضد الفيديو كانت نتيجة لتجاوز السوريين حسن النية المفروغ منه لدى الحركة ككل، والملل العام من طول أمد الأزمة السورية، والضيق من الشعارات التي لا تنتهي مقابل قلة الخيارات على الأرض بالنسبة للأفراد في حياتهم اليومية، وحتى قلة الخيارات في ما يخص الأزمة السورية التي باتت أقرب لحرب أهلية.

في ضوء ذلك، لا يحمل الفيديو أكثر من اليأس والحزن العميقين، وربما لا يستحق توجه أصحابه إلى الطوباوية أو حدّة الرأي بهذه الطريقة، وتوجيه اللوم القاسي، إذ تبقى سليمان (46 عاماً) رمزاً من رموز الثورة وواحدة من أبرز الأسماء التي تشجعت ضد النظام وقادت المظاهرات السلمية ضده في حمص قبل أن تجبر على الرحيل إلى فرنسا العام 2012، لتظهر في هذا الفيديو مثقلة بالعجز الذي يغلب مثقفي الثورة الأوائل، والذين لم يحملوا أي سلاح ودعوا منذ اليوم الأول للحرية والمدنية وإنهاء العنف، وهي بالنهاية أفضل بكثير من فناني النظام الذين حملوا السلاح وقاتلوا في صفوف الميليشات أو دافعوا بكلماتهم عن المجازر بحق المدنيين.

المدن

https://www.facebook.com/Naskon.Souria/videos/564411780419006/

نص البيان

على ضوء مايحدث في سوريا اليوم، وفي حلب خصوصاً

تطلق نسكن بيانها السياسي الأول، رؤيتها

لنكن – لنسكن

نحو سوريا كما نحب.

للمتأملِ في مذبحةِ السوريينَ, كالمتأملِ في كلِّ مذابحِ التاريخِ, معرفةُ كيفَ يُختارُ الموتُ لمن يختارُ الحياةَ. ببساطةٍ لا تعقيدَ يشوبها مُذْ همسَ السوريونَ لأنفسهم سرَّاً: ليكنْ دمٌ يُغرِقُ العالمَ, فكانَ دمٌ أغرق العالمَ البشريَّ في وسوساتِ الموتِ والحريَّةِ.

الحرِّيَّةُ عملاً لا شكلاً هو ما كشفَ للسوريينَ عومَ العالمِ على الدمْ, لكنَّهُم من حينها أحرار.

ولأننا نحبُّ الحريَّةَ ونعشقها ونقدِّسُها, لأنها تجعلنا نحلمُ كما نشاءُ ونفكِّرُ كما نشاءُ ونبني مستقبلنَا كما نشاءُ, ونغنِّي ونرقص ونرسم لوحاتنا في المباني وفي الطرقِ, ونصنعُ منحوتاتنا في الحدائقِ وفي الشوارعِ كما نشاءُ, ونؤمنُ باللهِ كما نشاء ولأنها تخلقُ الفرحَ والإبداعَ والحبْ, ولأنَّ الحريَّةَ تجعلنا نحترمُ حرِّيَّةَ الآخرين فالحرُّ الحقيقي لا يمكنُ أن يسلبَ حريَّةَ الحرِّ الآخرِ.

عليهِ فقد تشكلتْ في صيفِ ألفينِ وأحدَ عشرَ في عاصمةِ السوريينَ: دمشقُ, حركةُ نسكن وهي حركة تحرُّر وطنية ثورية تجمع بين الأهداف الأصيلة للثورة السورية والنضالْ لتحرير سوريا من مستعمرين عدِّة.

المبادئ والمفاتيح الأساسية:

ا- تحرير المناطق الخاضعة لسيطرةِ النظام من الاحتلال الأسدي- الإيراني- الروسي.

ب- تحرير المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدّولة الإسلامية ومن لفَّ لفيفه.

ت- تحرير المناطق المحررة من احتلال السلاح الذي تمارسهُ بعض الفصائل المسلحة وداعموها الإقليميونَ والدُّوليُّونْ.

ث- الحفاظ على وحدة الأراضي السورية واستقلالها.

ج- ضبط الحدود السورية لمنع المقاتلين الأجانب من جميع الجنسيات من الدخول إلى الأراضي السّورية واستخدامها ملعباً لمشاريعَ وصراعاتٍ لا تمتُّ للسوريينَ بصلة.

ح- استعادة القرار السياسي السوري من الائتلافات والهيئاتِ التي تدَّعي تمثيل الثورة السورية وهي أسيرة أجندات إقليمية ودولية باتت المحرك الرئيس لما يحدث في سوريا اليوم.

خ- البدءُ بعمليَّةِ عدالةٍ انتقالية ومصالحة وطنية حقيقية تحاسب مجرمي الحرب من أي طرف كان كي لا يذهبَ دمُ السوريينَ وتضحياتهم سُدىً.

د- بناء هيئات مجتمعية من المدنيين تُنتخبْ عن طريق صناديق اقتراع للسوريين في الداخل والخارج.

ذ- استعادة أموال السوريين المهربة واستعادتها من جميع المنظمات الإغاثية التي تقومُ ببناءِ مشاريعٍ وهميِّةٍ باسمِ السوريينَ في الداخل المحاصر.

ر- تحرير السياسة العالمية من همينة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وإسقاط نظام الفيتو.

خطَّةُ العملْ

إنشاء هيئة ثقافية من السوريين الأحرار تعبر عن الثورة السورية وتشرف على إنشاء شبكة الدعم المجتمعي لخلق وعي جديد في المنطقة.

– فك ارتباط الداخل السوري عن العملة السورية وخلق عملة بديلة لا تخضع لصندوق النقد الدولي.

– إيجاد بدائل للطاقة عن طريق مشاريع لتسخير الطاقة الحرة في الداخل السوري تُرعى من دول العالم، لخلق نظام بيئي جديد يخدم السوريين والعالم، وفك ارتباط القرار السوري بالمكاسب الاقتصادية .

– دعم المشافي والمراكز الطبية والهيئات الصحية في الداخل السوري وتزويدها بالمواد اللازمة بشكل فوري.

– دعم أصحاب الخوذات البيضاء الذين حرموا من جائزة نوبل، بكافة الوسائل المتاحة لإنقاذ ثوار حلب والشعب السوري من المذبحة الأسدية الروسية والمليشيات التابعة لهما التي كسبت غطاءً دولياً من كافة الدول الأعضاء في مجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة عن طريق الفيتو.

– فك ارتباط جميع الهيئات السياسية السورية عن الأمم المتحدة إن لم تلبى مطالب السوريين الأحرار بحق تقرير مصيرهم فالثورة سوف تحاسب كل من وقف في وجهها بأي شكل كان حين تنتصر.

وستنتصر.

عاشت سورية حرة أبية

ملاحظة 1:

أي حركة أو حزب سوري لا يعمل اليوم من أجل جميع هذه الأهداف في الوقت نفسه سيؤدي غالباً إلى حرف الثورة عن مسارها أكثر، أو إلى تعزيز واحد أو أكثر من الاحتلالات الآنفة الذكر.

ملاحظة 2:

يتطلب ذلك أولاً الاعتراف بهذه الاحتلالات كأمر واقع، ثم العمل على مجابهتها وإنهائها بالوسائل المناسبة والمنسجمة مع الأهداف المحددة أعلاه، سياسياً وفكرياً وأخلاقياً.

ملاحظة 3:

لا يمكن لأي منا أن يحقق هذه الأهداف وحده. ليس أمامنا من خيار سوى أن نعمل معاً من أجل تحقيقها معاً. و”معاً” لا تعني الدمج والإقصاء، بل التعاون والتشبيك. هناك الكثيرون ممن يشبهوننا ويريدون ما نريد، داخل سوريا وخارجها على السواء.

لنكن-لنسكن

نحو سوريا كما نحب

نحو حركة ثورية شعبية لتحرير سوريا.

ملحق البيان رقم واحد:

لنصمّ آذاننا عن سماع صوت السلاح

ولنستمع للفكرة

فاليوم قيامة السلام

لسلامة القيام

من خلال توحيد الجهود للوصول إلى الهدف، إلى تحقيق مطالب الثورة، ندعو إلى بناء جسم عسكري للسوريين تحت مسمى “جيش الثورة” لتحرير الثورة من كل الإيديولوجيات والانتماءات، ولنكتب كسوريين ميثاق شرف هذا الجيش عن طريق صناديق اقتراع في الداخل والخارج، على أن يكون نسبة تمثيل النشطاء المدنيين فيه بنسبة 60% في مجالسه العسكرية، كي تنتصر حلب

كي تنتصر الثورة.

وبناءً عليه ندعوا كل السوريين المهجرين في بلاد الشتات للنزول إلى الساحات والشوارع والمنابر، للقيام باستعصاء سلميّ في وجه الانظمة العالمية التي تشارك في قتل السوريين في كامل سوريا كل يوم وفي حلب اليوم ، لنقل لهم: أوقفوا مجازركم بحق السوريين، أوقفوا هذه المجزرة.

نحو سوريا كما نحب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى