صفحات العالم

فكاهة وليد المعلم!


طارق الحميد

في الوقت الذي تقوم فيه قوات بشار الأسد بتمزيق مدينة حماه، وغيرها من المدن، بالدبابات والأسلحة الثقيلة، يتهم وليد المعلم أمام سفراء الدول العربية والأجنبية بدمشق المعارضة السورية بـ«السلبية» والتسبب بغياب الحوار الوطني.

واتهامات المعلم هذه للمعارضة، وأمام السفراء العرب والأجانب، ليست إلا فذلكة بليدة، وتأكيدا على أن النظام السوري غير قابل للإصلاح إطلاقا، فبعد حديث المعلم عن مسح أوروبا من الخارطة، ها هو يخرج أمام ممثلي المجتمع الدولي بسوريا قائلا إن المعارضة هي الملومة على ما يحدث في المدن السورية اليوم، وحديث المعلم هذا لا يختلف إطلاقا عن ذلك المشهد الشهير بإحدى المسرحيات المصرية الشهيرة، عندما قال احد النجوم الكوميديين مبررا صفعه لرجل على الوجه بالقول: «هو اللي ضربني بوجهه على إيدي»!

هذا بالضبط تفسير ما قاله المعلم، حيث يلوم المعارضة المقموعة بكل أنواع الأسلحة، وليس نظام الأسد الذي يقوم بقتل السوريين، إلا أن السؤال الآن هو: لماذا قال المعلم ما قاله أمام السفراء؟

الإجابة الواضحة أن النظام السوري بات يستشعر حقيقة الضغط الدولي، والآن العربي، وتحديدا البيان الصادر عن مجلس التعاون الخليجي، وهو مهم وإن تأخر، فبحسب ما سمعته من أحد المسؤولين الخليجيين فإن التحرك الخليجي ليس وليد اللحظة، بل كانت هناك مداولات مفادها أنه «لا يمكننا الانتظار أكثر من ذلك»، وهذا أمر اتضح من خلال الموقف القطري السابق، وبعده الكويتي، عدا عن الغضب الخليجي الشعبي تجاه ما يقوم به نظام الأسد في سوريا، ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة في السعودية، مثلا، وهذا ما لمسته شخصيا في الرياض وجدة هذه الأيام.

فنحن اليوم امام موقف معلن من ثماني دول عربية، منها ست دول خليجية، وهناك مصر والأردن، مما يوجب توجيه سؤال مباشر للسيد نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية الذي سبق وقال إن الجامعة معنية بسياسات الدول، وليس الشعوب، فما رده اليوم، خصوصا وأنه ممن دافعوا عن نظام الأسد مؤخرا؟ كل ما سبق يظهر ان ما قاله المعلم للسفراء في دمشق هو نتيجة قلق النظام البعثي من الموقف العربي والدولي، وتحديدا الروسي، حيث يقول لي مصدر خليجي آخر إن المعني أكثر بحديث المعلم هم الروس، حيث يريد المعلم إقناع موسكو بعدم الاندفاع في معاداة نظام الأسد إلى درجة مشابهة لما وصل اليه المجتمع الدولي.

لذا فلا يجب تجاهل تصريحات المعلم، والاكتفاء بالتندر عليها، وهذا امر مستحق، بل لا بد من تحرك دولي لفرض عقوبات على القطاع النفطي الممول لقتلة الشعب السوري، واستصدار قرار من محكمة العدل تجاه رموز النظام، وذلك نظير الجرائم المرتكبة بحق الإنسانية في سوريا، كما أن على العرب أيضا اتخاذ موقف معلن تجاه إيران، وخصوصا بعد إعلان تركيا ضبط أسلحة إيرانية مرسلة لنظام الأسد.

ملخص القول هنا إنه في حال أفلت نظام الأسد من مجزرة حماة الثانية فحينها لا يمكن لوم النظام البعثي فقط، بل يجب لوم العرب، والمجتمع الدولي ايضا. فواجبنا حماية الأبرياء السوريين، وبكل الطرق.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى