أحمد باشاصفحات الثقافة

فلسطين في جائزة “غريفين” الكندية

 

أحمد الباشا

 “ما الذي يفعله الشعر؟ كل شيء ولا شيء، مثل الهواء، الماء، التراب، مثل الطيور والسمك والشجر، مثل الحب والروح وكلماتنا اليومية.. التي تعيش معنا، داخلنا وخارجنا في كل الأماكن والأوقات، ونحن في غفلة عن هذه الهبة.غسان زقطان فعل ذلك. شعره أيقظ الأرواح الدفينة في الحدائق، في قلوبنا، في الماضي والحاضر والمستقبل. يثيرنا غناؤه للسؤال بشغف عن كيف ولماذا نحيا؟ في قلب الحرب واليأس والمتغيرات العالمية تأتي كلماته لتحيل الظلمة إلى ضوء، سحره يقودنا إلى اليقين الدائم بأن الأمل لا يزال ممكنًا”.

هذا ما أوردته لجنة التحكيم الخاصة بمسابقة “غريفين” العالمية للشعر على موقعها الرسمي في تقديمها لمجموعة ” كطير من القش يتبعني” للشاعر الفلسطيني غسان زقطان/ ترجمة فادي جودة، وذلك بعدما اختارتها أخيراً ضمن القائمة القصيرة للجائزة التي ضمت مجموعة الشاعر الفلسطيني إلى جانب ستة عناوين، منها ثلاثة لشعراء من كندا وثلاثة من الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا، “كطير من القش يتبعني” التي صدرت بنسختها العربية عن  “رياض الريس للكتب والنشر ـ الكوكب ـ 2008” ترجمها إلى الأنكليزية العام الماضي الشاعر الفلسطيني الأصل فادي جودة وصدرت عن جامعة “يال” الأميركية.

وسبق لفادي جودة أن ترجم أعمالاً للراحل محمود درويش، “لو كنت (شخصا) آخر” و”أثر الفراشة”ن ونال عنهما جوائز في أميركا وبريطانيا، كما فاز بمسابقة الشعراء الشباب والتي تقيمها جامعة “يال” العام 2007، عن ديوانه “الأرض في العليّة”.

في مجموعته “كطير من القش يتبعني”يحتفي غسان مجدداً بالأشياء البسيطة والهامشية، التفاصيل البسيطة والخافتة هي التي تعيد تشكيل الذاكرة المكانية داخل القصيدة، لتنبعث رائحة الأمكنة مستحضرةً معها شخوصها، ويبدو الواقع سحرياً، فيه شخوص تسير ببطء إلى متن النص، يصعب تلمس المسافة الفاصلة بين المكان الدرامي وبين تأمل الشاعر للذاكرة وإنشاده المتواصل لها، مما يزيد من ضبابية الصورة العامة، ويورط مخيلة القارئ في عملية إكمال الرسم بتأن. البرودة وبطء الإيقاع الذي يكسره الموت المحتم والقادم بصدفة مطلقة في معظم نصوص غسان، الموت على المستوى اللفظي أو الدلالي، فيكاد لا يخلو نص من مفردة الموت، أما على المستوى الدلالي فإن الصورة المركبة هي التي ستقتل نفسها بنفسها ليبقى السؤال هو الإرث الذي سيناله القارئ في النهاية، ربما سيكون هو المفتاح نحو الغموض الذي يتسيد معظم نصوص غسان، وكأن الموت استراحة ضرورية أو فاصل زمني بين حياة وأخرى، بين حكاية وأخرى.

النسخة الأولى لجائزة Griffin Poetry Prize انطلقت العام 2000 حيث أسسها رجل الأعمال الكندي سكوت غريفين. ويفوز بالجائزة التي تبلع قيمتها 65,000 دولار كندي شاعران يكتبان بالإنكليزية، أحدهما كندي الجنسية والآخر من خارج كندا، وتتم دعوة الشعراء الفائزين إلى احتفال تنظمه المؤسسة في تورونتو في 12 حزيران المقبل، حيث سيشارك الشعراء في أمسية مشتركة تسبق إعلان النتائج النهائية. والجدير بالذكر أن ترجمة الشاعر والمترجم الليبي خالد مطاوع لمختارات شعرية لأدونيس كانت في القائمة القصيرة للجائزة نفسها عام 2011.

يشار إلى أن غسان من مواليد بيت جالا 1954م، حاز على جائزة رابطة الكتاب الأردنيين 1977، من إصداراته: («صباح مبكر» 1981م و«رايات» 1984 و«بطولة الأشياء» 1988 و«ليس من أجلي»1992، كما ِأشرف على عدد من الملاحق الثقافية أبرزها ملحق “الحرية” إلى جانب زكريا وهلسا وراسم المدهون في ثمانينات القرن المنصرم.

وعن ترشحه للجائزة يقول صاحب “عربة بستائر قديمة” لـ”المدن” إن “اختيار لجنة التحكيم الدولية مختارات لشاعر فلسطيني، يعزز حضور الشعر العربي بقوة في المشهد الإنساني، الأمر الذي كان يتطلب بلا شك، ترجمة استثنائية كالتي أنجزها الشاعر فادي جودة الذي أنجز ترجمات هامة”.

ويضيف زقطان: “أعرف أهمية الجائزة التي تكاد تكون الأهم في نتاجات اللغة الإنجليزية، وقد أسعدني فعلا أن تكون مجموعة ” كطير من القش يتبعني” ضمن أربعة أسماء عالمية مرشحة لنيلها، كما أسعدني تقرير لجنة التحكيم حول المجموعة الذي يشي بقراءة متأنية وعميقة للنصوص”.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى