صفحات الحوار

فنجان قهوة مع خالد خليفة

 

 

يعود بنا ضيفنا الروائي وهو يرتشف قهوتنا بذاكرته الى حلب، ويحدثنا عن معنى الكتابة الباردة

*في “مديح الكراهية” و”لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة” تطرح أسئلة عن الحياة والتعصب والموت والحيرة، هل هناك أجوبة في ازدحام أسئلتك عن التشظي بين استبداد السلطة واستبداد المتدينين؟

لاأعتقد أن هناك أجوبة، لكن هناك المزيد من الأسئلة التي تتناسل بشكل يومي، لماذا وصلنا إلى هذه اللحظة، هناك ضرورة لتوجيه الأسئلة المؤجلة، والتي تم تأجيلها لأسباب مختلفة منها طغيان النفاق عند الأنظمة الحاكمة التي جعلت من القضية الوطنية حائط منع للأسئلة الضرورية لكل نهضة ثقافية واقتصادية واجتماعية، ولكن وصول المجتمع إلى هذا الحائط المسدود أدى إلى التكثيف في إنتاج هذه الأسئلة، ما كان يجب أن يتم عبر سنوات قليلة جرى عبر سنوات طويلة، ومرة أخرى نجح النظام في فرض رؤيته للحلول عبر شعار إما نحن أو الدمار.

*كيف يكتب المثقف في زمن الحرب وزمن الحيرة، وكيف يكتب خالد خليفة الآن مقارنة بخالد خليفة قبل عشر سنوات؟

لا أعتقد بأن طريقة الكتابة هي التي اختلفت إنما طريقة التلقي، كنا نكتب لمجتمع ساكن، يعيش خوفه ونفاقه ويعيد مرة أخرى إنتاج أشكال حياة مهادنة وغير جذرية، لكن الآن قوة الراديكالية هي التي تحدد كل شيء، إلى درجة بأن الكتاب الآن يحاولون تلمس ما يقودهم مرة أخرى إلى المعنى العميق للكتابة التي لا تحب الصراخ ولا تعيش في أزمنة الصراخ. لذلك نرى كل هذا الارتباك في التنظير للكتابة وممارستها، لا أعتقد بأن تبني الثورة بالضرورة سينتج نصاً قوياً، الكتابة دوماً تعيش في المكان البارد من الحدث الكبير وفي المنطقة المظلمة.

*بعد كل هذا الدمار والتخريب الذي لحق بسورية، هل ستعيش حلب، مدينة رواياتك، والبلد بأكمله أزمة هوية وتعايش في مرحلة ما بعد الحرب؟

كل ما يحدث الآن هو جزء من المستقبل، وأسئلة الهوية هي الأسئلة الأكثر عمقاً وسط كل هذا الركام، لأول مرة يناقش السوريون تلك الأسئلة ويعيدون طرحها من جديد، من نحن ولماذا حدث ما حدث؟ حلب وغيرها من المدن ستنهض مرة أخرى كمكان مختلف يليق بها إنتاج الاختلاف ورعايته وليس مدينة بملاءة من لون واحد، بل بكل ما يمكن أن يمنحها مرة أخرى الدور الذي كان يجب أن تلعبه خلال الخمسين سنة الماضية وجرى تعطيله من قبل النظام الذي حول المكان من مكان لإنتاج الحياة بكل ما تعنيه من أسئلة معرفية وفلسفية إلى مكان أحادي لا يمكن له إلا أن ينتج الخوف.

*حول ماذا تعمل هذه الأيام، وهل لديك رواية جديدة؟

خلال أيام قليلة ستصدر روايتي الجديدة عن دار هاشيت – نوفل في بيروت ودار العين المصرية في القاهرة، وأعمل منذ وقت طويل على كتابة رواية على ما يبدو ستكون كبيرة، سأعود فيها مرة أخرى إلى حلب بداية القرن العشرين.

بشكل عام لا أتوقف عن العمل، لكن المشكلة دوماً بالنسبة لي هي قرار النشر، إنه من أصعب القرارات التي يمكن لكاتب أن يتخذها، ومازلت حتى الآن أتعامل مع مسألة النشر بكل هذه الجدية، وبالنسبة لي ذهاب كتاب إلى المطبعة هو فعل حزين جداً، وينتابني شعور بأنه سيكون آخر كتاب، بالإضافة إلى فراغ رهيب، وإحساس بأنني فقدت كل علاقة لي مع الكتابة، وعلي أن أبدأ من جديد كأي أحد يتعلم من درجة الصفر. نعم النشر أمر رهيب بالنسبة لي ومخيف أيضاً.

العربي الجديد

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى