صفحات المستقبل

فوضى “برهان غليون.. مانك سمعان”

قد يستغرب الكثيرون ما اقول، المجلس الوطني هو أسوأ ما حصل لثورتنا، حيث يضيع صوت الناشطين الحقيقيين الذين اضطروا الهرب إلى تركيا لاجئين من بطش الأسد. المجلس الوطني لا يشرف الآن على اللاجئين أو أي من أوضاعهم بل هناك منهم من يعمل على هذا الموضوع، الأستاذ برهان غليون لم يزر اللاجئين حتى الآن، الأخوان المسلمون قاموا بألاعيب أقل ما يقال أنها قذرة حيث أرسل المجلس من يفاوض هيئة التنسيق للاتفاق على توحيد الجهود وبعد أن تم الاتفاق غادر مندوب المجلس على عجل دون أن يوقع، ليأتي الأستاذ غليون بعدها ويرفض الاتفاق لأنه لم يفاوض عليه، أهدروا 3 أيام على الأقل في وقت معدل الشهداء اليومي يقرب المئة.. يبدو أنّ الأخوان المسلمين كحزب يحاول سرقة الثورة بكل الطرق، ومنها محاولتهم التبرع لبعض فصائل الجيش الحر مقابل ولاء سياسي مستقبلي باءت بالفشل. المصيبة تكمن في أنّ الثورة ما زالت غير ناجحة حتى الآن ومحاولات السرقة وركوب الموجة تؤخرها يوميّاً..
إياد شربجي (المثقف) يحذر المسيحيين ويطالبهم كطائفة بتحديد موقفهم، ونعم المثقفين، ثمّ يدافع عن رأيه الوقح بكل وقاحة، لكنه يعود ليستغني عنه ويحذف ما كتبه، سلسلة من المواقف التي تلخص شخصيات تبحث عن الشهرة بأي طريقة، ويشتموننا (جماعة الأسماء المستعارة)..
ما الذي يحصل بين هؤلاء؟ ألا تكفينا مصائبنا؟ فبعد حملة اعتقالات الشهر الثامن التاريخية وانتشار السلاح وثقافة المقاومة المسلحة في سوريا، وارتفاع عدد الشهداء والاستقطاب والاحتقان، يأتينا من لبنان (حزب التحرير) من يقول أن علم الثورة السورية هو علم المجلس الوطني وسوريا ستصبح دولة إسلامية تحكمها (الشريعة) طبعاً الشريعة التي تعجبه هو. يا للوقاحة! وكأنها بلده الآن..
المجلس الوطني المسيطر عليه من قبل الأخوان المسلمين يتاجر بدماء الشهداء، الأخوان لا يريدون الديمقراطية بل يريدون السلطة، وهم بدعم حلفائهم رفعت الأسد وعبد الحليم خدام والولايات المتحدة يروجون للتدخل الخارجي طوال الوقت، وهذا رأيهم وهم أحرار به، لكن هل تعلم عزيزي القارئ أنّ شباب تنسيقيات إدلب يعبرون الحدود الملغمة بكثافة ليهربوا أجهزة البث الفضائي؟ أي أنّ المجلس الوطني لا يستطيع أن يدخل جهاز مودم فضائي إلى إدلب؟ هل تعلم انّ الجيش الحر هو من يجازف بحياته يوميّاً ليزيل الألغام ويوصل عائلات لتلجأ في تركيا؟ وأنّ السياسيين لا وقت لديهم لهذا لأنهم يحاولون الحصول على تدخل عسكري؟ هل تعلم أن هيثم المالح شكل تكتله ليصل إلى كرسيّ داخل المجلس؟ وأنّهم لم يبذلوا جهداً كافياً ليكسبوا روسيا والصين إلى جانبنا؟ كيف يمثلني هذا المجلس؟ كيف يخدمني؟ ظهروه الإعلامي مثل (الضراط ع البلاط) وكما يعرف جميع السورييين (الفص عالمرتكي هويّن)، هل تعلم ما هي ارتباطات الأخوان القديمة؟ لماذا لا يقوم الأخوان بتطمين الأقليات؟
هل تعلم أن أصوات ناشطين انضموا للمجلس الوطني مكبوتة ومكتومة؟ وهم من أكثر الناس فعالية على الأرض، يستغل المجلس اسمهم ولا يتحكمون بأي من سياساته بل يعملون كأفراد
أمّا عن هيئة التنسيق فقد نجحت والحمدلله بالتظاهر مرة في دمشق، وهي بداية ضعيفة ومتأخرة لكنها على الأقل تمثل حراكاً على الأرض بعيداً عن الشاشات، لكن لسبب ما توقفوا عن التظاهر، وكأن المظاهرة كانت رفع عتب. رغم انهم لم يستغنوا عن عقلياتهم المتحجرة فهم يحترموننا بما يكفي ليتظاهروا في وسط دمشق.
على الأرض تختلف الصورة، الجيش الحر بدأ يأخذ شكلاً سياسيّاً وتنظيمياً شيئاً فشيئاً، هو إلى جانب المتظاهرين السلميين اعتمادنا، الشعب السوري على الأرض أكثر من رائع، انخفضت نسبة الخطأ وازدادت صعوبة المرحلة، الشباب الذين يوصلون مساعدات إلى حمص وإدلب ودرعا لا يتمكنون من التظاهر غالباً. الأومة الإنسانية التي سببها النظام معتمداً على الأطراف المسلحة الأخرى تأخذ من جهد الثوار كثيراً ويستمر الأمن بملاحقتهم بتهمة مساعدة أخوتهم المتضررين. وما زالت الجزيرة والعربية تروج بكل الطرق الممكنة للطائفية والعنصرية و”مواجهة المشروع الصفوي في المنطقة” وما زالت الأقليات دون تطمينات سياسية..
أخاف من المستقبل، لأن الجميع يخاف من الشعب السوري، سياسيّوه، سياسيّو الغير. لا أحد يريد لبلدنا أن تخرج قوية من هذه الثورة، أخي القارئ، ضع هذه الفكرة في رأسك وشاهد ما يحصل على أساس هذه الفرضية لتتأكد من صحتها أو عدمه. يريد الكثيرون القضاء على الثورة الاجتماعية، ثورة اندماج العرب بالأكراد والحموية بالحماصنة والمظاهرات النسائية والناشطات اللاتي اعتمد عليهن الثورة فترات طويلة، ثورة الدولة المدنية التي تضمن حقوق الجميع. وهم ليسوا من النظام فقط، بل من المعارضة ومن المجتمع الدولي.
أخاف من المستقبل لأني أرى صوراً لطفلة فقدت ذراعها ويكتب على اسم الفيديو لا للتدخل العسكري، كاستفزاز لمن لا يؤمن بالتدخل العسكري الأجنبي، ولهؤلاء أقول: لم تحملون مسؤولية عدم التدخل للمعارضة؟ ألم يدعوا يوميّاً ومنذ أشهر للتدخل الخارجي؟ هل تدخل الخارج؟ كلينتون هددت الأسد بالمزيد من الضغوط؟ لم لا يشتمون أردوغان وكلينتون؟ لم يشتمون برهان غليون؟ الغرب لا يريد التدخل لأنه يريد سوريا ضعيفة، يعلمون أن الأسد لن يبقى، لكنهم يريدون الخروج بسوريا ضعيفة ممزقة، لست أدعي امتلاك الحلّ، لكن من يدّعي امتلاك الحل عليه يقع عاتق الحجّة والبرهان.
في إحدى المظاهرات الحمصية، اعتصام الخالدية تحديداً، وبعد كلمة غليون هتف الساروت بالحشد:
برهان غليون… مانك سمعان… الشعب بدو… حظر طيران
عبد الباسط، الله يحميك غيرلنا ياها هي، بما أنك تصورت مع السلاح وانتشرت، وبتعرف تماماً مين اللي حماك وحمى أهلك، صار لازم تعرف أنو ما حدي معنا، ما حدي بدو ينقذنا غير نحنا.. بتمنى أنك تغيرها لتصبح:
برهان غليون… مانك سمعان.. الشعب عايف.. سما النظام
برهان غليون… مانك سمعان.. الشعب عايف.. سما الأخوان
لننتهي من هذا النظام علينا أن ننجز الكثير، لأنّنا يجب أن نحمي بلدنا من المتاجرين بدماء السوريين، إن أتى التدخل الخارجي فهذا شأن “خارجي”، لن يفيدنا (نحن الموجودن في سوريا) أي مبالغة في أرقام شهداء مجازر النظام، بل يضرنا، لن تفيدنا نداءات الاستغاثة بالخارج، لنستغث بأخوتنا، والشعب يعلم بالضبط من معه، ويعلم من يستغله. يمكن لنا أن نعاتب الدمشقيين ويمكن أن يكون الأمر مجدياً، لكنّ العمل على الصعيد الخارجي استنفذ نفسه، المخابرات الأجنبية تعرف أكثر من شبكة شام ما يحصل، وبالطبع أكثر من المواطن الحلبي أو الدمشقي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى