صفحات العالم

في الأردن لا يتم قتل المتظاهرين ولكن في سوريا المجزرة تستمر دون توقف


نهاد إسماعيل

طلب الملك عبدالله الثاني ملك الأردن من بشار الأسد التنحي من السلطة من اجل سوريا ومصلحة سوريا ولكن بشار لم يستمع للنصيحة وسيدفع ثمنا باهظا كما فعل صدام حسين ومعمر القذافي.

الملك عبدالله كان اول زعيم عربي يتجرأ على توجيه النصيحة لبشار الأسد الغارق في بحر من دماء السوريين للتنحي من منصبه. ورغم ردود نظام دمشق الصبيانية بمهاجمة السفارة ثم الاعتذار مما يدل على تخبط الموقف السوري وفشله في ادارة الأزمة الا ان رسالة الملك واضحة وهي ان النهاية اقتربت حيث اجتاز النظام السوري نقطة اللاعودة.

الأردن جار لسوريا جغرافيا وما يحدث في سوريا يهم الأردن استراتيجيا. والأرض الأردنية تبقى مفتوحة لاستقبال المزيد من السوريين الهاربين من عنف الدولة. كما استقبل الأردن مئات الأ لوف من العراقيين وقبلهم ملايين من الفلسطينيين. الأردن بلد منفتح كريم ومعطاء ورغم كل ذلك هناك جوقة لا تتوقف عن التشكيك في المواقف الاردنية لاغراض خاصة بها واجندات معادية للأردن.

عندما يتكلم الملك عبدالله في المحافل الدولية العالم يصغي ويستمع لأن كلامه العقلاني لا يأتي من فراغ بل من قناعات مدروسة تعكس براغماتية وتقدير عميق للتغيرات الجيوسياسية وتسونامي التغيير الذي يعصف بالمنطقة. وهذا ما يميز العاهل الأردني عن رؤساء الجمهوريات الثورية الوراثية الشعاراتيه التي تصرخ بالمقاومة ولكنها لا تقاوم وتتحدث عن الممانعة ولا تمانع وتعزي كل صغيرة وكبيرة للمؤامرة وهي التي تتآمر على شعبها. فتارة الصهيونية العالمية وتارة اخرى الامبريالية ومرة الاسلام السلفي ومرة اخرى المندسين وفضائيات التحريض ولكن مأساة النظام انه لم يعد احد يصدق هذه الأكاذيب والألاعيب. يواجه الثوريون الوراثيون الهلاك بسبب غباءهم السياسي وخير الأمثلة على ذلك صدام حسين ومعمر القافي وها نحن نشهد نفس السيناريو يتكرر في سوريا تحت اشراف الطاغية بشار الأسد وفي اليمن تحت اشراف الطاغية المماطل علي عبدالله صالح.

رسالة ملك الأردن لبشار تحظى باهتمام الاعلام

في مقابلته مع البي بي سي وبلغة مسؤولة وبروح المحبة لسوريا والشعب السوري قال العاهل الأردني: لو كنت مكان بشار الأسد لتنحيت من اجل مصلحة سوريا. وتزامنت نصيحة الملك لبشار الأسد مع تصعيدات من الجامعة العربية لعزلة النظام السوري وضغوط من تركيا ومن الاتحاد الاووبي والولايات المتحدة. وما قاله الملك استحوذ على اهتمام اعلامي عالمي.

على سبيل المثال تصدر نبأ ما قاله الملك المواقع الالكيترونية وعلى رأسها موقع ايلاف ومواقع اعلامية اخرى وصحف عربية وعالمية بارزة. وخصصت الصحف البريطانية مساحات واسعة لما قاله العاهل الأردني. خصصت الفايننشال تايمز البريطانية كلمة رئيس التحرير لهذا الموضوع. كما ظهرت تصريحات الملك كخبر بارز في صحف الاندبندنت والتايمز والديلي تلغراف البريطانية. وحتى في النيويورك تايمز ظهر مانشيت كبير يقول:

“ملك الأردن اول زعيم عربي يقول للأسد عليك ان تذهب”

ولكن كيف تسير العملية الاصلاحية في الأردن؟

ولكن الاصلاح في الأردن يستمر على قدم وساق وبدون عنف وضحايا. ومن الجدير بالذكر ان الملك تطرق لموضوع الاصلاح في الأردن في حفل عقد مؤخرا في لندن بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثون لتأسيس غرفة التجارة العربية البريطانية وكان الملك عبد الله ضيف الشرف في هذا الحفل الذي حضره عدد كبير من الشخصيات الاعلامية البارزة في مقدمتها الاستاذ عثمان العمير ناشر موقع ايلاف وحضر الحفل عدد من السفراء العرب ووزراء بريطانيين ونواب برلمان. وشدد الملك في كلمته على الاصلاحات الدستورية ومباديء حفظ كرامة الانسان وتحقيق العدالة والحرية ووضع برامج لمكافحة البطالة بين الشباب كما اشاد بدرو المرأة والاجيال الناشئة ورحب بالربيع العربي كعنصر للتغيير الايجابي. كلام منطقي وعقلاني من قيادة اردنية واعية.

وسألني السير توماس هاريس وهو مستشار خاص لمصرف ستاندرد تشارترد الدولي وكان ضيفا في الحفل هل هناك مظاهرات واحتجاجات في الأردن؟. قلت له نعم الأردن لا يعيش بمعزلة عن العالم العربي وقد هبت رياح التغيير والربيع العربي وصل للأردن وتم اعتناقها بروح ايجابية وما اثار اهتمام واستغراب السير توماس هو غياب اخبار القتل والعنف في الأردن. عندما قلت له لم يقتل شخص واحد ولم يتم تعذيب فرد واحد ولم يتم حصار المدن وقصفها كما يحدث في سوريا. وكان رده على ذلك بأن الأردن يديرها حكماء وعقلاء. وكان السير توماس قد زار الأردن قبل عامين لحضور المنتدى الاقتصادي في البحر الميت وعبر عن اعجابه بالأردن.

يحكم الأردن ملك هاشمي واعي وعاقل ومتزن في اطار نظام ملكي دستوري يتمتع بشرعية دستورية ودينية وتاريخية. يحظى الملك باحترام دولي وعندما يتكلم يستمع له العالم.

الشعب الأردني يريد الاصلاح والاصلاحات الدستورية المطروحة هي بداية تبشر بالخير. ولكن الشعب الأردني بجميع اطيافه يتفق على شيء واحد وهو أن الشعب يريد الاصلاح ولكنه يرفض بشدة تغيير النظام أو المساس بالعائلة الهاشمية التي اكتسبت شرعية دستورية وتاريخية وشعبية كبيرة في قلوب الأردنيين. نعم للاصلاح ولكن الشعب يرفض تكرار سيناريوهات العنف السورية والليبية واليمنية.

خلاصة القول نعم للاصلاح وألف لا لتغيير النظام.

اعلامي عربي

لندن

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى