صفحات سورية

في المشهد السوري: “حوار” في دمشق ونار في حمص!


طارق حمو

انتهى اليوم الأول من “الحوار الوطني” الذي دعت اليه السلطات واشرف عليه نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع. الحوار نقلته وسائل الاعلام مباشرة عن التلفزة الرسمية السورية. لأول مرة في سوريا منذ انقلاب حزب البعث عام 1963 يجري لقاء معارض يبحث في “حقوق المواطنين” و”تداول السلطة” وينتقد “دولة الامن” و”عسكرة المجتمع”. عادة كانت اللقاءات التي تجري في دمشق لاتتجاوز الدعاية للحزب والقائد والثورة، مع كليشيهات اظهار العداء لاسرائيل والغرب. اللقاء اليوم الاحد لم يأت من خاطر السلطة، ولكنه جاء بعد دماء الآلآف من السوريين وبعد ترويع فظيع عاشه الشعب السوري على يد نظامه “الوطني الممانع”!.

الجيش والاستخبارات وبدل ان تحمي الشعب راحت تقتله وتمضي في ترويعه وخنق صوته الهادر بالحرية.

حوار وطني من جانب واحد، وجاء بعد شلالات من الدماء القانية. بعد كل هذه الخسائر وكل هذا التصدع في المجتمع السوري. وياليته كان حواراً جاداً، فهو وفضلا عن كونه “مونولجاً” أحاديا مفضوحا، تماهت احداثه مع سحق الشبيحة وقوات الاستخبارات للمدنيين المتظاهرين في عدة مناطق من محافظة حمص. أي “حوار” من جهة ونار من جهة أخرى. تفكير أمني بإمتياز مازالت السلطة متشبثة به وماضية في تطبيق خطوطه بشكل دقيق.

الشعب السوري رفض كل حوار غير جاد وطالب على الفور بوقف كل اعمال العسكرة والقتل والافراج عن المعتقلين ومحاسبة القتلة والبدء باجراءات تسليم السلطة بشكل سلمي. المعارضة وافقت الشعب على مطاليبه. هية التنسيق الوطنية ( وهي من أكبر تكتلات المعارضة السورية) أصدرت بياناً أعلنت فيه التزامها بكلمة الشعب.

الجولة الأولى من “الحوار” كانت عبارة عن كلام دار حول نفسه. كلام خشبي لم يأت بجديد. ورغم ان بعض الوجوه شاركت صادقة وارتضت بالحوار على أمل اخراج البلاد من ازمتها الحالية، الا ان الطيف الأكبر المشارك في اللقاء كان من طينة السلطة، وقبل ثورة الشعب السوري في منتصف آذار الماضي، لم يٌعرف عنها أي موقف معارض. بل حتى زمن قريب كانت الصوت الأقوى الذي يٌنظر لسياسة النظام ويمرر أحاجيجه في “المؤامرة” و”الدول السلفية” و”العصابات المسلحة” ووو…

لنرى اليوم الثاني من “الحوار الوطني” على طريقة نظام دمشق. ونحن لانتوقع أي جديد من “الحوار” هذا ولن نتابع التلفزة مشغوفين وقائعه ومترصدين كلام المشاركين فيه، لكننا سنتابع نتائج واقعة أخرى جرت الأحد في سوريا: حصيلة حملة العسكر والاستخبارات في أحياء حمص، وكم من المدنيين القتلى خلفت هذه الحملة!.

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى