خولة دنياصفحات سورية

في جمعة الشهداء … لماذا درعا ودوما؟

 


خولة دنيا

يوم الجمعة لم يكن كأي يوم مرَّ على تاريخ سورية الصامتة..

يوم الجمعة كان يوم الشهداء بامتياز.. الجميع كان متألماً للمجازر في درعا واللاذقية.. والجميع حتى من اختار البقاء في المنزل كان مفجوعاً بما يحدث في البلد.. والجميع كان خائفاً مما ستأتي به الأيام القادمة..

المظاهرات التي قامت في عدد من المدن والأحياء والبلدات السورية كانت رسالة احتجاج (ماتزال خجولة نسبياً) على ماحدثَ ويحدث في درعا.. واللاذقية.. وعلى حجم القتل والترويع والاعتقالات التي طالت الكثير من الناشطين والأهالي والمحتجين..

فلماذا رأينا الوحشية والقتل في دوما ودرعا.. بينما مشت المظاهرات في مدنٍ أخرى بسلاسة نسبية، وتوقف الأمر على الضرب والتفريق والاعتقال؟

سؤال سأحاول الإجابة عليه اليوم بعد هدوء بالي قليلاً ومحاولة معرفة مالذي حدثَ عليّ أرمم قليلاً من جرحي القلق تجاه ماحدث ويحدث:

درعا وبحكم كونها البداية كان من المتوقع أن تستمر فيها دائرة العنف والقتل تجاه المتظاهرين والأهالي.. خاصة وأنها مدينة مغلقة حتى الآن يحتاج من يزورها لهوية وسؤال لماذا أنتَ قادم إليها، لذلك لم يكن مفاجأً ما حدث فيها.

أما دوما فلها حديث آخر…

دأب النظام ومنذ البداية على الترويج للمؤامرة التي تستهدف سورية.. مؤامرة خارجية تريد النيل من الاستقرار والأمان في البلد، وكأن سورية تعيش في زمن آخر، ومنطقة جغرافية أخرى لا تمت بصلة لما يحصل في المنطقة من تغيرات وثورات ومطالبات عمت كل الساحات المحيطة بنا. وهو في دأبه هذا استخدم كل الوسائل الممكنة، كان أولها القمع الشديد والسريع وغير المسؤول الذي استخدم ضد أهالي درعا، كما استخدم فرقه الخاصة في اقتحام المسجد العمري في درعا، وقتل المعتصمين.. ولم يتوانى عن قتل المجند الذي رفض إطلاق النار على المتظاهرين.. في بادرة استمدها مما رأيناه في ليبيا، وهي رسالة تخويف لكل من لا يجرؤ على القتل..

حاول أن يصور الأمر على أنه فتنة (وهي فتنة فعلاً) ساعد هو في تجذيرها وإشعالها، وكأنه يريد استباق الأمور والتسريع بها إذ أخذ موقع الهجوم بدل أن يكون المدافع، وقد يكون هذا وراء التصعيد المفتعل لقضية أولاد درعا والتعامل البلطجي مع شيوخ ووجهاء درعا المطالبين بأولادهم، حتى أنه وفي اليوم الذي أعلنت فيه بثينة شعبان عن وقف إطلاق النار على المتظاهرين ، في نفس اليوم سقط شهداء في درعا واللاذقية..

حاول النظام إظهار مايحدث على أنه خارج عن إرادته وأن من يقوم بإطلاق النار هم مسلحون مجهولون يريدون إشعال الفتنة في البلد. مجهولون جاؤوا بسفن فضائية ربما، وعزز هذا بمظاهر عنف صغيرة وغير ضارة في أماكن مختلفة من البلد، وعموماً هي مناطق للأقليات الدينية.

تأكيد وجهة النظر هذه تحتاج إلى مناخ ديني ذو غالبية سكانية من طائفة واحدة، يتسم بالتدين والتزمت ربما.. فكانت دوما.

سبق ذلك وفي يوم الجمعة السابق لجمعة الشهداء.. وهو ما أطلق عليه (جمعة الوفاء لدرعا).. مظاهرات كبيرة في مدينة دوما التي تتميز بوجود حركة سياسية ناشطة من ابناء البلد (حزب الاتحاد الاشتراكي) يتمتعون بكلمة مسموعة وقادرين على ضبط الأمور.. فكان اختيار دوما لهذا أولاً .. ولعدم إمكانية التظاهر او الاعتصام في دمشق…فاختار المتظاهرون مدن الأطراف… كان يوم الجمعة مميزا في دوما، إذ خرج أكثر من 5000 متظاهر الكثير منهم من أبناء المدينة، فكانت مظاهرات شعبية بكل المقاييس وكانت هادئة ومضبوطة مما أخاف السلطة.. واتسمت بمفاوضات هادئة مع رجال الأمن للإفراج عن المعتقلين (ومن بينهم 6 شباب بعمر 17 كان قد سبق اعتقالهم بتهمة الكتابة على الجدران).. هذا الانضباط لا يريده النظام فكانت جمعة الشهداء..

1- أرادوا تعزيز فكرة المندسين الذين يقوموا بإطلاق النار ويثيروا الفتنة والفوضى (فتم إطلاق النار على المتظاهرين السلميين)… علماً بأن الأهالي أكدوا أن من أطلق النار كانوا هم أنفسهم من قاموا بالقمع وحملوا العصي وهم رجال الأمن

2- أرادوا ترويع الناس لعدم القيام بأي مظاهرات أو مطالبات من أي نوع (اتركوا درعا لأهلها ونحن).. وبذلك تتقطع الخيوط بين مدن سورية ولا يكون هناك أي تلاحم أو تكاتف بين الناس

3- أرادوا تعزيز الفتنة الطائفية، ودوما مثل درعا مؤهلة لذلك بما أنها من غالبية طائفية واحدة وتتسم بالتدين.

4- أرادوا إيصال رسالة لجميع أنحاء سورية بأننا لن نتوانى عن فعل أي شيء لقمع المظاهرات بكل الوسائل ومنها القتل

لكنهم نسوا أن رسالتهم كان ينقصها الكثير:

– قاموا بسحب الجثث من المشافي (كما فعلوا في درعا من قبل، وكما فعل القذافي في ليبيا) لمنع الناس والصحافة من معرفة ماحدث تماماً

– لم يخفوا أنفسهم جيداً خلال إطلاق النار.. على الرغم من وجود قناصة على الأسطح قاموا كذلك بما يلزم.

– إذا كانوا يريدون إلصاق التهمة بالإسلاميين.. فلماذا يقتل الإسلاميون من هم في الخانة الطائفية؟ .. ولماذا مرت باقي المظاهرات بسلام..؟

– رسالتهم عززت الغضب والرفض عند الأهالي بدل الخوف.. فأعلن أهالي دوما حدادهم على شهدائهم لثلاثة أيام..

أولاً درعا

ثانياً اللاذقية

ثالثاً دوما

رابعاً….

إلى متى هذا الصمت السوري الرهيب…!!!

نحن جميعاً مشاريع شهداء

وهم قتلة .. قتلة .. قتلة

 

3-4-2011

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى