صفحات مميزة

في «خسارة» المعارضة وعجز النظام وفشل دي ميستورا: مقالات وتحليلات تناولت الأمر

 

 

 

هدفان للإخوان وديمستورا/ عمر قدور

لقد نالت تصريحات ديمستورا حول هزيمة المعارضة، الأربعاء الماضي، ما نالته من ردود أفعال وصلت في ذروتها إلى المطالبة بتنحيته. غير أن المشكلة في ردود الأفعال تلك عدم تصديها للهدف الذي سجله ديمستورا في مرمى المعارضة عبر إعلان هزيمتها، فإذا كانت المعارضة تمثّل حقاً الفصائل العسكرية فتلك الفصائل قد هُزمت، وقادتها يطوّعون هزيمتهم في أستانا بموجب مفاوضات الرعاة الإقليميين. إلا إذا اعتبرنا مناطق خفض التصعيد، واستمرار تحكم هذه الفصائل بها، نوعاً من الانتصار لأولئك الذين يُفترض أن يكون هدفهم إسقاط تنظيم الأسد. تجنيب المدنيين القتل والدمار ذريعة أخلاقية جيدة للقبول بمناطق خفض التصعيد، مع ملاحظة أنها لم تحضر في مناسبات سابقة عندما لم يكن هناك اتفاق دولي وإقليمي على التهدئة، وبالطبع مع ملاحظة أنها تحدّ من شهوة تنظيم الأسد للإبادة.

يبدو أن المعارضة تحسست من استخدام كلمة الهزيمة، فبادر رئيس الهيئة العليا للمفاوضات إلى الرد بأن من هُزم هو مَن بات خاضعاً لإملاءات ملالي طهران، ومَن فقد الشرعية والسيادة والقرار الوطني “أي بشار الأسد”. مضيفاً أن من هُزم هي الوساطة الأممية. كبير مفاوضي الهيئة تحاشى الرد على منطق الهزيمة، فأشار إلى أن تصريحات ديمستورا تهدف إلى التغطية على تقرير للأمم المتحدة كان قد صدر محملاً تنظيم الأسد مسؤولية الهجوم الكيماوي في مجزرة خان شيخون وما يزيد عن عشرين هجوماً آخر. أيضاً مع ملاحظة أن صدور التقرير الأممي لم ينل الضجة الإعلامية التي نالتها تصريحات الوسيط الدولي، والبناء على التقرير ينبغي أن يكون مسؤولية المعارضة في حال وجود نوايا خبيثة للتغطية عليه.

قبل أسبوع من تصريحات ديمستورا كان “المجلس الإسلامي السوري” و”الحكومة المؤقتة” التابعة للائتلاف قد اشتركا في الدعوة إلى تشكيل جيش موحد للثورة، ومن سخرية الأقدار مجيء هذه الدعوة في الوقت الذي تتم فيه تصفية الخيار العسكري نهائياً، ومن دون أن توحي الدعوة بتغيير جذري في الاستراتيجية العسكرية التي اعتُمدت خلال السنوات الست الماضية. ما يجري تداوله على نطاق واسع أن المجلس الإسلامي السوري مقرّب من جماعة الإخوان المسلمين أو بمثابة واجهة لها، والجماعة كما هو معلوم منضوية في المجلس الوطني السوري وفي الائتلاف وحكومته تالياً، ما يعني عودة الجماعة إلى الواجهة بقوة ربطاً بالمتغيرات الميدانية والسياسية.

لكن الهدف الذي سجلته الجماعة في مرمى المعارضة أتى ببيانها الصادر بتاريخ 9 أيلول الحالي، والمعنون بـ”على ضوء المستجدات.. تأكيدات.. والتزامات”. البيان يؤكد نصاً على أن مشروع الجماعة الوطني في سوريا “إنما يدور على بناء سوريا الحديثة دولةً مدنية بمرجعية إسلامية، وأدوات ديموقراطية تعددية وتشاركية”. البيان كما هو واضح لا يقول “مشروع الجماعة الوطني السوري” وإنما مشروعها الوطني “في سوريا”، ومدلول ذلك لا يغيب عن واضعيه. أما الأهم فهو النص على المرجعية الإسلامية للدولة السورية العتيدة، والتأكيد على أنها من ثوابت الجماعة بعد كل ما اقترفته تنظيمات إسلامية في حق سوريين مسلمين أو غير مسلمين، بصرف النظر عما تنسبه الجماعة لنفسها من تأويل معتدل بالمقارنة مع تلك التنظيمات، إذ من المعلوم أن واحداً من أسباب تعدد التنظيمات الإسلامية ما ينسبه كل طرف منها لنفسه باعتباره صاحب الفهم الأصح للإسلام.

في هذا التوقيت، وبينما تتعرض المعارضة لما يشبه الإذلال بغية إخضاعها التام، وبينما هي مطالبة بالإقرار بالهزيمة وبقبول الذهاب بوفد موحد مع منصة تمثل الموقف الروسي بحذافيره، يأتي بيان الجماعة ليزيد الخناق عليها بوضع سقف إسلامي للتغيير الديموقراطي. وأهمية البيان لا تأتي من إصداره فحسب، وإنما من كون الجماعة موجودة بقوة في هيئات معارضة أساسية، أي أن الجماعة قادرة على إفشال عمل تلك الهيئات وإضعافها فوق ضعفها ما لم تراعِ متطلباتها. فوق ذلك لا تراعي الجماعة شركاءها في المعارضة، مع أن الأخيرة متهمة بـ”الأخونة” بسبب الشراكة معها، ولا يغيب عن واضعي البيان ذلك المزاج الدولي والإقليمي الرافض للتغيير بذريعة غلبة القوى الإسلامية على التحركات المطالبة به.

بالعودة إلى تصريحات ديمستورا، ومن ناحية تقنية، يمكن التأكيد على صحتها إذا كانت المعارضة في قسم منها تنطق باسم فصائل مهزومة وإسلام سياسي مهزوم أيضاً. مواجهة هذه التصريحات بإنكار الهزيمة، أو رميها على تنظيم الأسد الذي خسر السيادة والشرعية، يبقيان في الإطار التقني ذاته الذي لا يخدم المعارضة، ولا يخدم السوريين الذين يُفترض بالمعارضة أن تمثلهم. فحقوق السوريين وفق شرائع الأمم المتحدة ليست رهناً بالفوز بالحرب، إنما هي حقوق أساسية “فردية وجماعية” لا يحق لأحد التفريط بها، وبالمثل لا يحق لأحد التنازل في موضوع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

لن تستطيع المعارضة خوض المعركة، من أرضية حقوقية وأخلاقية، طالما كانت تحت ضغط التحالف مع جهتين؛ إسلام سياسي يرى شرعة حقوق الإنسان بانتقائية ويصر على المرجعية الإسلامية، ما يعني سلفاً مصادرة الحق الديموقراطي للسوريين أو لبعضهم، وفصائل عسكرية بعضها متهم بارتكاب جرائم حرب، الأمر الذي سيتُخذ ذريعة لمساواتها بالنظام وتبرئته. حتى تقرير الأمم المتحدة عن استخدام السلاح الكيماوي ترك ثغرة لهجمات لم يتهم النظام بها، وذلك يتطلب من المعارضة تجريم كل من استخدمه بلا تمييز، وأيضاً عدم الانتقائية في التعاطي مع كافة الانتهاكات المرتكبة خلال السنوات الماضية على أساس مرتكبيها.

في كل الأحوال لن تكون المعركة سهلة أو قصيرة أو مضمونة النتائج، لكن ما لم تسترجع المعارضة بشكل قاطع تفوقها الأخلاقي لن تحظى بالمصداقية الكافية داخلياً أو خارجياً. عطفاً على ذلك لا بأس في الاعتراف بالهزيمة، لا الهزيمة الميدانية التي تحدث عنها ديمستورا، وإنما الهزيمة التي تسببت بها فصائل بممارساتها تجاه الأهالي الصامدين في بيوتهم، وبعدم تقديم نموذج بديل جيد من قبلها أو من قبل الهيئات السياسية، وأيضاً الهزيمة التي يحاول اليوم الإخوان التنصل منها برميها فقط على من هم أكثر تشدداً منهم، وربما بتشكيل جيش موحد لم تبقَ له عملياً سوى مهمة محاربة إسلاميين آخرين.

المدن

 

 

 

عن الضحايا الذين هزمهم “دي مستورا”…/ مالك داغستاني

ببرود خالص، وكما ينبغي لأي ديبلوماسي تتحدد إحداثياته بمعايير النجاح أو الفشل في مهمته، وليس بحسب دماء الضحايا الذين لا يعنون له الكثير. طرح المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا في مؤتمره الصحفي قبل أيام، تساؤله على هذا النحو: “هل ستكون المعارضة قادرة أن تكون واقعية لتدرك أنها لم تربح الحرب؟”.

أما عن المعارضة، فشخصياً أعتقد بأنها على الأرجح سوف تجيب بنعم. سوف تكون واقعية وتقتنع ليس فقط أنها لم تربح الحرب (هي أساساً ليست متأكدة أنها طرفاً فيها) بل وخسرتها أيضاً. وأستطيع استباق جنيف القادم بعد أيام قليلة، لأقول أن وفد المعارضة سيتابعُ، كما عوّدَنا في كل محطة من سلسلة جنيف، السير برفقة “دي مستورا”، وإن خلفه بخطوة. خطوة واحدة ستكفي لكي نعتبره وفداً مفاوضاً ممثلاً عن المعارضة.

دأب السياسيون دوماً على الواقعية بل وعلى التمتع بالحسّ البراغماتي أيضاً، وهذه واحدة من سمات السياسة والسياسيين، ولست هنا بمعرض امتداح أو ذمّ هذه الخصيصة لدى السياسيين عموماً أو لدى وفد المعارضة على نحوٍ خاص.

لكن السؤال الذي يمكن أن يتفوق على سؤال دي مستورا، ليس أخلاقياً فقط ولكن واقعياً أيضاً، كما يفضل السيد دي مستورا. السؤال الذي سيواجه المبعوث الدولي أينما اتجه، ربما حتى أثناء نومه: وماذا عن ضحايا الأسد؟ وهنا، ومن باب الواقعية أيضاً، سأجمع الضحايا السوريين من الطرفين، ضحايا مجازر الأسد وبراميله إضافة لمن ورطهم الأسد للقتال إلى جانبه. فهل هُزم هؤلاء أيضاً؟

يستطيع السيد دي مستورا ببساطة ربما، إقناع وفد المعارضة، ومن خلال الخرائط أن الأسد يتقدم على الأرض ويستعيد من الشريك الغامض “داعش” الأرض بسرعة قياسية. وبحسابات السياسة فإن هذا سيظهر حتماً كنتائج على مائدة المفاوضات.

ولكن ماذا لو أن رجلاً سورياً فقد أبناءه في مجزرة الكيماوي الأشهر في غوطة دمشق، نهض من خلف الجموع ليسأل المبعوث الدولي، السؤال الأكثر بداهةً: وماذا عن أبنائي؟ هل هزموا هم أيضاً؟ وبعيداً عن حرب المعارضة مع نظام الأسد التي يتحدث عنها المبعوث الدولي، سوف تسأل أمهات الشهداء الذين سقطوا في المظاهرات السلمية خلال العام الأول للثورة تحديداً: ماذا عن أبنائنا الذين هتفوا للحرية، ولم يتعرفوا يوماً على السادة المعارضين؟ هل هُزِموا في الحرب التي لم يمهلهم رصاص قوات الأسد ليشهدوها؟

ماذا لو اقتحم المشهد (الممنتج بدقة عالية) أولئك الذين لم يُمَثَلوا في وفد المفاوضات. أهالي ضحايا مجازر الأسد الأولى، مجزرة “الحولة”، “البيضا”، “درعا البلد”، “جديدة الفضل” ومجزرة “الخالدية”؟ وماذا لو حضر أهالي ضحايا القذيفة التي أنهت أغنية الطفلة في حي بستان القصر؟ نعم ماذا لو حضروا مائدة المفاوضات وأخبروا السيد المبعوث الأممي الحكاية الأولى؟ وأن الثورة لم تكن ثورة المعارضة بمواجهة الأسد، وإنما هي ثورتهم هم وثورة أبناءهم، ثورة الناس السوريين البسطاء الذين أذلَّهم الأسد، وسجن وقتل أبناءهم وأباءهم لنصف قرن مضى، وأن كل هؤلاء الذين تجتمع إليهم في جنيف جاؤوا إلى المشهد تالياً.

ماذا لو جاء إلى باب قاعة المفاوضات في جنيف أهالي ثلاثة عشر شهيداً قتلتهم قوات الأسد وهم يحمون بأرواحهم مصور صحيفة “صندي تايمز” البريطانية الجريح “بول كونروي” والصحفية الفرنسية المصابة “إديث بوفييه” أثناء تهريبهم من بابا عمرو إلى لبنان، بعد أن أصابتهم قذائف الأسد التي قتلت الصحافية الأمريكية “ماري كولفن” والمصور الفرنسي “ريمي اوشليك”؟ أو جاءت السيدة فاطمة والدة الطبيب البريطاني عباس خان وسألت: أيها السيد ماذا عن دم ابني الذي مات تحت التعذيب في سجون الأسد؟

من باب الواقعية أيضاً، ولولا الخشية بأن مدينة جنيف بكاملها لن تتسع لهم، لكان بإمكاني أن أتابع حكايتنا الأولى، وأفترض حضور أولياء آلاف ضحايا الأسد تحت التعذيب الذين وثقتهم صور “قيصر”، وعشرات الآلاف من أولياء المختفين قسرياً في السجون، وأهالي آلاف المغتصبات الموثقات لدى الهيئات الحقوقية العالمية. وجيشاً لن تتسع المدينة له من الأطفال على كراسيهم (المدولبة) ممن فقدوا أطرافهم تحت براميل الأسد. وسلسلة تبدأ ولا تنتهي من ضحايا نظامٍ تراه بنظرتك الواقعية أنه انتصر.

هذه ليست “ميلودراما” تستدعي الدموع. إنها بمنتهى البساطة، الحكاية السورية الأكثر واقعية، بعيداً عن “الكلبية السياسية” والاختزال الإعلامي والسياسي الذي يتوافق مع ما يريده صناع القرار الدولي، نعم هي كذلك، وكما حدثت واقعياً يوماً بيوم، ولن يغير من حقيقتها ما يصرح به الديبلوماسيون حسب مقتضيات وظائفهم.

يمكن للسيد دي مستورا أن يطرد المعارضين المهزومين من مؤتمره لو أراد، أو أن يركلهم على أقفيتهم لو شاء. ولكن كيف له، ادعاء حقّ المجرم الكيماوي

(بحسب تقارير بعثات الأمم المتحدة)، المجرم الذي قتل مئات الآلاف من المدنيين أن يحضر إلى مائدة المفاوضات؟ هل يمكن أن يحضر بصفته قاتلاً انتصر على السوريين مدعوماً بالطيران الروسي والحرس الثوري الإيراني وميليشيات حزب الله الإرهابي وباقي الميليشيات العراقية والأفغانية الملمومة من حثالاتٍ جاءت بهدف الارتزاق، أو بدعوى الدفاع عن أوهام طائفية نكوصية. وكيف يمكن وصفه وتسميته خلال الجلسات؟ السيد مجرم الحرب المنتصر مثلاً؟

نعم. يمكن للمبعوث الأممي أن يدلي بما يشاء من التصريحات الباردة والتي لا تتحسس ما أصاب السوريين من جرائم الأسد. نعم، يمكن للإعلام العالمي تجاهل أصل الحكاية والجريمة، والقفز مباشرة إلى النتائج التي تركز على محاربة الإرهاب. لكن بالتأكيد سيكون من المتعذر على دي مستورا وألف مبعوث تالٍ، الحديث عن بناء سلام مستدام في سوريا بالقفز من فوق الحقائق الأكثر بداهةً، وأهمها أن السوريين (وليست المعارضة) خرجوا من أجل الكرامة والحرية، وأن الأسد قاتل ومجرم حرب ولا يمكنه حكم شعب من عائلات ضحاياه.

 

 

 

 

مَن الذي هُزم في الحرب السورية؟/ وائل السواح

قال مبعوث الأمم المتحدة لمحادثات السلام السورية ستيفان دي ميستورا قبل أيام إن على المعارضة السورية أن تقبل أنها لم تنتصر في الحرب على بشار الأسد، ولكنه نسي أن يفصل الأسباب.

في 2013، وصل بشار الأسد إلى حدّ من الضعف والانهيار دفعه إلى استخدام غاز السارين على نحو واسع في غوطة دمشق، وقتها تأهب العالم بقيادة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما ليتدخل في سورية. لم تكن داعش وقتها شيئاً يذكر، ولم تكن النصرة قد وصلت إلى ما وصلت إليه بعد أقل من سنة. هرع الروس لإنقاذ بشار ورشوة الأميركان والإسرائيليين بنزع سلاحه الكيماوي وتوقيعه على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة الكيماوية. النتيجة كانت بعد أشهر تشتت الجيش السوري الحر، وتقاسم المناطق المحررة ما بين داعش (الرقة ودير الزور وبعض مناطق الجنوب والقلمون) والنصرة (إدلب ومناطق أخرى من ريف حلب وحماة). أما جيش الإسلام وفيلق الرحمن فتكفّل واحدهما بالآخر.

على أن ذلك لم يمنع الانحدار الشاقولي للأسد، ما دفع الروس إلى التدخل مباشرة في الحرب ضدّ السوريين لدعمه. وقام سلاح الجو الروسي بتنفيذ نحو 28 ألف تحليق قتالي و90 ألف غارة على مواقع المعارضة السورية (معظمها مواقع مدنية)، وفق تصريحات رئيس غرفة العمليات في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية سيرغي رودسكوي، مؤخراً.

وبينما رفع الرئيس أوباما سقف تصريحاته الكلامية، فإنه توقف عند حدود الكلمات الشكسبيرية، من دون أن ينتقل إلى الفعل، وانسحب وسحب معه الدور الأميركي المؤثر من محادثات جنيف والمسار السياسي، تاركاً الملعب للرئيس بوتين والمرشد الإيراني علي خامنئي ليجولا فيه كما يشاءان ويشاء الهوى. في المقابل، تقاسمت القوى الإقليمية الفصائل المسلحة السورية وتنظيمات المعارضة وفق مبدأ المحاصصة، فانهارت مؤسسات المعارضة (الائتلاف الوطني والحكومة الموقتة)، وقتلت الفصائل المسلحة من عناصر بعضها بعضاً أضعاف ما قتلت من عناصر النــظام وشبــيحة الأسد والميليشيات الطائفية الغريبة.

وحين جاء الرئيس ترامب، ألغى كل إجراء كان أوباما قد اتخذه في السياسة الداخلية والخارجية، ما خلا موقفه من سورية. لطالما اتهم ترامب أوباما بأنه سبب الكارثة في سورية، ولكنه ينسى أنه هو الآن الرئيس الآن وليس أوباما وأن من واجبه بصفته كذلك أن يمارس دوره كرئيس للولايات المتحدة والعالم. وحين وجّه ضربته إلى مطار الشعيرات بعد مجزرة الأسد الكيماوية في خان شيخون، كان الجميع – بمن فيهم الروس والأسد – يعرف أن ذلك حدث عابر وانفعالي يتسق مع سياسة ترامب اللحظية المنفصلة عن إستراتيجية واضحة ومترابطة.

لقد ذكر رئيس الهيئة العليا للمفاوضات الدكتور رياض حجاب مرات لا حصر لها للمسؤولين الأميركيين (تحت الرئيسين أوباما وترامب) ولمختلف وسائل الإعلام أن المعارضة السورية مستعدة للمشاركة في الحرب ضدّ الإرهاب، وهي مستعدة وجاهزة لإدارة المناطق الآمنة (أو المنخفضة التصعيد)، كمرحلة موقتة بانتظار حل سياسي يضمن تحقيق انتقال سياسي ينقل سورية من نظامَي الاستبداد والإرهاب إلى نظام ديموقراطي تعددي يقوم على حقوق الإنسان والمواطنة المتساوية وسيادة القانون واللامركزية، ولكن محاوريه نادراً ما كانوا يصغون إليه، ورفضوا السماح للسوريين من أبناء منطقة الرقة ودير الزور أن يقاتلوا داعش، وسمحوا للورس والإيرانيين وبقايا جيش الأسد بالوصول إلى مدينة دير الزور واحتلال الضفة الغربية لحوض الفرات، بينما لا يزالون يفكرون في من سيقوم بالتدخل شرق الحوض.

لا يعني هذا بأي حال من الأحول أن المعارضة السورية معـــفاة من مسؤولية تطور الأحداث بهذا الشكل المخزي. فـــهي رهـــنت قراراتها بالخارج السوري (مهما كان ذلك الخارج). وهـــي ثانياً عجزت عن امتلاك خطاب سياسي متماسك حــول القضايا الراهنة للسوريين. وهي ثالثاً فشلت في وضع تصور عن اليوم التالي لسقوط الأسد أو لجلاء داعش. وأخيراً تشرذمت وتفرقت أيدي سبأ وخونت بعضها بعضاً أو كفّرته أو أنهته جسدياً ومعنوياً.

واليوم، نحن أمام سؤال مهم: من الذي انتصر ومن الذي هزم في الحرب السورية؟ حين سُئِل السيد دي ميستورا عما إذا كان يقول ضمنًا أن بشار الأسد انتصر في الحرب قال دي ميستورا «لست أنا من يكتب تاريخ هذا الصراع… لكن في اللحظة الحالية لا أعتقد أن أي طرف بإمكانه حقيقة إعلان الانتصار في الحرب». ولكن رئيس النظام السوري أعلن قبل أسابيع انتصاره على شعبه بلغة فاشية، قائلاً إن سورية «كسبت مجتمعاً صحياً متجانساً» نتيجة حربه المدمرة. فمن الذي هزم ومن الذي انتصر في المأساة السورية؟

نعرف جميعاً أن خطاب الرئيس مزحة سمجة. فمن المؤكد أن كلا النظام والمعارضة هُزِما، ليس فقط بسبب تحول سورية إلى مساحة من الخراب والخوف والقتل والتهجير، وإنما لأن مشروعيهما فشلا معاً. فلا الأسد استطاع إبقاء قبضته الحديدية على السوريين وعلى الدجاجة الذهبية، ولا المعارضة استطاعت إسقاط الأسد وتحويل سورية إلى ما تطمح إليه.

والحال أنه إذا اعترفنا – كما يقول كثر من القادة والمحللين بأن ما يجري في سورية كانت حرباً بالوكالة، فإن أكبر المنتصرين حتى اليوم هم الروس والإيرانيون. وأكبر الخاسرين هم الإدارة الأميركية وهيبتها ومكانتها في العالم، وحلفاؤها أيضاً. ولكنَّ بين الخاسرين أيضاً الحالمين بنشوء ديموقراطية جديدة في هذه البقعة من العالم.

في مطلع الثورة السورية، كانت ثمة فرصة ذهبية لإزالة سوء التفاهم التاريخي بين السوريين والإدارة الأميركية وتحقيق مصالحة تاريخية بين الطرفين. بل كان يمكن أن ينعكس ذلك في سلام دائم وحقيقي بين سورية وإسرائيل. ولكن هذه الفرصة ضاعت بسبب تردد إدارة الرئيس أوباما، كما ضاعت بعد ذلك بعد فشل الرئيس ترامب في تغيير السياسة الأميركية حيال سورية. واليوم، باتت إيران في قلب دمشق، وعلى أبواب إسرائيل، وها هي ذي تهيئ لاستدامة حكم آل الأسد وهي تمدّ لسانها للأميركيين والسوريين والعالم بأسره.

* كاتب سوري

الحياة

 

 

 

المعارضة السورية ودي ميستورا/ علي العبدالله

لم يكن رد قوى المعارضة السورية ومثقفيها على تصريح المبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا، الذي دعا فيه المعارضة إلى “الواقعية”، والاعتراف بأنها “لم تربح الحرب”، موفقاً، فقد تجاهلت معظم الردود فحوى تصريحه، وراحت تنتقده، وتطالب بإقالته، لأنه، من وجهة نظرها، انحاز إلى النظام وحلفائه، وتصرّف على الضد من المهمة التي كُلف بها، وهي التوسّط بين النظام والمعارضة، بتبنّيه الموقف الروسي، موقف النظام بالتالي، من الصراع في سورية، متجاهلاً المجازر والتدمير والتهجير، كما لم تلتفت إلى الجزء الثاني من التصريح الذي قال فيه إنه “لا يمكن لأحدٍ الآن أن يقول إنه ربح الحرب”.

لم تكن المعارضة موفقة في ردها على تصريح دي ميستورا بالحديث عن “صدمةٍ”، وإبراز وقوعها في “الخذلان”، ومهاجمتها الرجل، في حين أنها تدرك حراجة موقفها الميداني، وحتمية أخذه في الاعتبار، لكن ليس في السياق الذي أوحى به المبعوث الأممي، بل بالدفع باتجاه إعادة الموقف إلى طبيعته، وربط الحل بجذر الصراع: ثورة شعبية ضد نظام مستبد وفاسد، والعمل على تحريك تظاهراتٍ شعبيةٍ في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وفي الشتات السوري الواسع، ولإبلاغ المبعوث الأممي أن الصراع لم ينته بعد، وإعادته إلى جوهر الموقف، وتذكيره بأنه لم ينجح في التعاطي معه، ودعوته إلى الإجابة على مطالب الشعب السوري، والالتزام بالمراجع الدولية ذات الصلة، وخصوصاً بيان جنيف 2012 وقراري مجلس الأمن 2118 و2254 اللذين لامسا، بمستويات مختلفة، مطالب الشعب السوري، حيث يمكن للالتزام بمرجعيات التفاوض وضع محدّدات لتحرك المبعوث الأممي من جهة، والحد من تأثير اختلال ميزان القوى على المفاوضات من جهة ثانية.

واقع الحال أن ما قاله دي ميستورا صحيحٌ من حيث توصيف الواقع الميداني، حيث رجّحت

“المطلوب من المعارضة، وما تبقى من دول داعمة، الرد وفق مقتضيات إدارة الصراع” كفة النظام وحلفائه في الميزان العسكري، لكنه انطوى، في الوقت نفسه، على ثلاثة أخطاء سياسية فادحة، أولها أنه تعاطى مع الصراع بين المعارضة والنظام، باعتباره صراعاً عسكرياً محضاً، وراح يطبق عليه معايير الحرب بين الدول والجيوش، وما ترتبه خسارة جيشٍ ما للحرب من تسليمٍ بشروط المنتصر والقبول بكل طلباته، بتجاهل تام لطبيعة الصراع وجذره، والحلول التي تنسجم مع هذه الطبيعة، والتي يمكن أن تقود إلى انتهائه، عبر تسويةٍ سياسيةٍ مناسبة.

نحن هنا إزاء صراع سياسي، خلفيته موقف شعبي رافض نمط الحكم الذي ساد في سورية خمسة عقود، وارتكز إلى السيطرة والبطش والتمييز بين المواطنين والمناطق، مجسّداً ثنائية الاستبداد والفساد بامتياز. لم يغير من هذه الطبيعة أو يضعها خارج قوس بروز العامل العسكري، وتحوله إلى السمة الرئيسة في إدارة الصراع. وهذا أبقى الحل السياسي المطلوب مرتبطاً بجذر الصراع، ومعالجة جذر المشكلة، ما يعني ضرورة تلبية تطلعات السوريين إلى الحرية والكرامة هدفاً للثورة عبر حلٍّ حقيقي يعيد الحقوق، يطلق الحريات العامة والخاصة، يحقق العدل والمساواة بين المواطنين، بغض النظر عن العرق أو الجنس أو اللون، ويوفر الاستقرار والأمن. فمن دون ذلك لن نصل إلى نتيجةٍ مرضيةٍ تهيئ البلاد والعباد لولوج السلام.

وثانيها تجاهل المبعوث الأممي التطورات التي شهدها الصراع في سورية، والذي رتب سيطرة بُعد الصراع على سورية على المشهد، بفعل انخراط دول وقوى إقليمية ودولية بإمكاناتها الكبيرة وأجنداتها ومصالحها، ما يستدعي التركيز على هذا البُعد، وقراءة مواقف هذه القوى، بدلالة الصراع في سورية، وتقويم دورها وأدائها من منظار معالجة جذر هذا الصراع، وفتح الطريق لأطرافه، للاتفاق على حلٍّ يغطي كل جوانبه، مع التركيز على طبيعته وجذره، والضغط عليها للعب دور إيجابي في هذا الاتجاه. وهو جانب تجاهله دي ميستورا، حتى لا نقول إنه تصرّف على الضد من مقتضاه، حيث سعى إلى موازنة تحركاته واقتراحاته، بدلالة ممارسات هذه القوى ومطالبها، من دون إعطاء مطالب الشعب السوري وقوى الثورة والمعارضة الاهتمام المناسب، والعمل على وضعها على الطاولة، باعتبار مراعاتها ضرورةً لبلوغ الحل السياسي المناسب. المبعوث الأممي والعربي كوفي أنان وحده من بين مبعوثي الأمم المتحدة الثلاثة تعاطى مع هذا الجانب، عبر اقتراحه ذي البنود الستة.

ثالثها تصرف المبعوث الأممي خارج الدور الذي كلف به، فله دور محدّد، أساسه التوسّط بين

“الدور الرئيس لأي مبعوث أممي خاص معرفة مطالب أطراف الصراع، والبحث عن مشتركاتها وتقاطعاتها” أطراف الصراع والبحث عن قواسم مشتركة، واقتراح مخارج بدلالة هذه المشتركات وتطويرها لبلوغ حل نهائي، فالدور الرئيس لأي مبعوث أممي خاص معرفة مطالب أطراف الصراع، والبحث عن مشتركاتها وتقاطعاتها، من أجل البناء عليها لتقريب المواقف، ولا يدخل في مهمته طرح بدائل عن مطالب أطراف الصراع، أو وضع حل خارج توجهاتها. من حقه وضع ملاحظاتٍ على سلوك أطراف الصراع على طاولة التفاوض، وفي الغرف المغلقة كذلك، من حيث جدّيتها وإيجابيتها، ولكن ليس من حقه تقويم موقفها على مستوى المضمون، إلا في حالة طرحها مواقف خارج السياق، فما بالك إذا طرح تقويماتٍ غير دقيقة، أو بعيدة عن الواقع، مثل تقويماته في إحاطته التي قدمها يوم 30 أغسطس/ آب الماضي إلى مجلس الأمن عن نجاح المصالحات ومناطق خفض التصعيد في خفض العنف، وتراجع القتال وقتل المدنيين، من دون الالتفات إلى ما جرى من مجازر وتدمير وتهجير، واستخدام الحصار والتجويع لإجبار المعارضة المسلحة على الدخول في المصالحات، على الرغم من انطوائها على التهجير القسري، لإنقاذ المدنيين من القتل والموت جوعاً.

لا يمكن للتذمر والشكوى أن يكونا جواباً على دعواتٍ أو مواقف ميدانية أو سياسية، ولا المناكفات الكلامية تفيد في وقف تطورات المواقف وتداعياتها، إذ المطلوب، وكما طرح المخططون الإستراتيجيون، الرد على قاعدة: كلام.. كلام، عمل.. عمل. فالمطلوب من المعارضة، وما تبقى من دول داعمة، الرد وفق مقتضيات إدارة الصراع والتمسّك بمستدعيات جذره ومراعاتها في أي حل سياسي.

العربي الجديد

 

 

 

انتفاضة المعارضة ضد دي مستورا/ ماجد كيالي

لم يوفق ستافان دي مستورا في تصريحاته المتعلقة بواقع الحال في سوريا من موقعه كوسيط دولي، يفترض به ألا يطلق الأحكام على هذا الطرف أو ذاك، وأن يلتزم حدود ولايته المتعلقة بإدارة المفاوضات بين الأطراف المعنية وفقاً للمرجعية الدولية المتمثلة في بيان جنيف 2012، والقرارات ذات الصلة، سيما قرار مجلس الأمن 2254.

في المقابل فإن أوساط المعارضة السورية لم تكن موفقة أيضاً، في عرض أو في توضيح موقفها، من عدة جوانب: الأول، أنها تجاهلت أو أنكرت، حقيقة هشاشة وضعها، سيما عدم قدرتها على بناء كيان سياسي جامع للسوريين، وعدم قدرتها على الدفاع عن المقاصد الأساسية للثورة السورية المتمثلة بالحرية والكرامة والديمقراطية، كبديل عن نظام الاستبداد، في مواجهة الخطابات الدينية والطائفية التي تصدّرت الثورة السورية، ناهيك عن عدم قدرتها على تأطير فصائل المعارضة العسكرية تحت إدارتها.

الجانب الثاني الذي أخطأت فيه المعارضة، فيتمثل في تعاملها مع دي مستورا كأنه صاحب سلطة أو صاحب قرار، وتحميله فوق ما يحتمل في موقعه، في حين أنه موظف أممي بمرتبة وسيط دولي، أي أن مرجعيته الأمم المتحدة، وهذه الأخرى تخضع لسلطة أو لتحكم الدول الكبرى ولمعاييرها وإرادتها.

المبعوث الدولي لا يستطيع أن يفعل شيئاً، لم يستطعه أو لم يحسمه مجلس الأمن، ودوره يقتصر على تنسيق الاجتماعات بين الأطراف المعنيين، إلى حين حسم القوى الدولية والإقليمية الفاعلة في الصراع السوري لموقفها أو لرؤيتها، وذلك بسبب ضعف وتشتت السوريين وضعف كياناتهم المعارضة وارتهان معظمها لأطراف خارجية.

الجانب الثالث، يتعلق بالالتباس الناجم عن التصريح، إذ أن دي مستورا لم يقل إن النظام انتصر، أي أنه اعتبر أن لا حل عسكري للصراع السوري، لا من قبل النظام ولا من قبل المعارضة، وهذا ما أثبتته التجربة، رغم الدعم الذي يتمتع به النظام من إيران وروسيا، وبحكم ضعف المعارضة وتراجعها في ميدان الصراع العسكري، والخلافات في ما بينها.

من حق المعارضة السورية أن تنتقد المجتمع الدولي لموقفه المتخاذل من المأساة السورية، وضمن ذلك عدم حسمه في إنفاذ قراراته، وضمنها بيان جنيف 1 وقرارات مجلس الأمن الخاصة بالصراع السوري.

كما من حقها أن تكشف تلاعب الأطراف الدولية والإقليمية في الوضع السوري، وهذا لا يقتصر على دور إيران وروسيا كشركاء للنظام، وإنما يشمل دور ما يسمى”أصدقاء الشعب السوري”، الذين لم يفعلوا شيئاً يذكر لصالح دعم حقوق السوريين وتطلعاتهم العادلة والمشروعة، قياسا بدعم روسيا وإيران لنظام بشار الأسد، وضمن ذلك فهم لم يفعلوا شيئا لا لوقف القصف بالبراميل المتفجرة والصواريخ الفراغية وحتى الكيماوي، ولا لرفع الحصار عن مئات الألاف من السوريين في هذه المنطقة أو تلك، ولا لوقف تدمير المدن وتشريد الملايين.

وللتذكير فإن بيان جنيف 2012 تحدث عن إقامة هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة، وهذا يعني وضع حد لحكم الأسد، إلا أن التجاذب الدولي، سيما بين روسيا والولايات المتحدة، وعدم حسم هذه الأخيرة لموقفها، ميّع هذا البيان، وبعد اجتماعات فيينا 2015، وصدور القرار 2254 بات الحديث يدور عن حكومة مشتركة من النظام والمعارضة في تراجع واضح عن بيان جنيف.

وبعد ذلك طرح المبعوث الدولي فكرة السلال الأربع: الحكم الانتقالي والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب، بيد أنه رضخ في المفاوضات التي جرت منذ جنيف 3 (2016) حتى جنيف 7 (2017) لتلاعب وفد النظام والتدخلات الروسية، بشأن أن الأولوية يجب أن تتركز على مكافحة الإرهاب وعلى تشكيل وفد معارضة موحد.

القصد من كل ذلك أن ثمة طرفين يتحملان مسؤولية هذا التدهور في الوضع الدولي في التعامل مع الصراع السوري. الأول يتمثل بالدول المؤيدة للمعارضة السورية، لأن هذه الدول لم تحسم موقفها السياسي على نحو واضح، ولم تقدّم شيئا عمليا لدعم المعارضة السورية، أو دعم مطالب السوريين.

أما الطرف الثاني، فهو المعارضة السورية، لأنها لم تفعل شيئا لتعزيز صدقيتها إزاء العالم، وحتى إزاء السوريين في الداخل والخارج، بحكم تشتت إراداتها وارتهاناتها، وضعف قدرتها على تمثل تطلعات السوريين، مع الأهواء التي تجاذبتها طوال الفترة الماضية، ويأتي ضمن ذلك عدم تعاملها بمسؤولية مع وضعها كقيادة معارضة وعدم قيامها بمراجعة نقدية لتجربتها.

أخطأ دي مستورا لكن المعارضة السورية أخطأت أكثر بحق ذاتها وبحق السوريين.

كاتب سياسي فلسطيني

العرب

 

 

 

 

في «خسارة» المعارضة وعجز النظام وفشل دي ميستورا/ جورج سمعان

صدق المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في توصيفه للوضع الحالي في سورية. سأل المعارضة «هل هي قادرة على أن تتحد وأن تكون واقعية لتدرك أنها لم تربح الحرب»؟ وسأل أيضاً «هل ستكون الحكومة السورية مستعدة للمفاوضات بعد تحرير دير الزور والرقة أم أنها ستكتفي برفع راية النصر»؟ والجواب على السؤالين يعرفه المبعوث الأممي جيداً. ولكن كان الأجدى به أن يتحلى بالقدر المطلوب من الديبلوماسية. أو أقله مراعاة التوقيت. ليس من الحكمة إعلان «هزيمة» المعارضة في يوم إدانة زملائه الأممين المحققين في جرائم الحرب قوات النظام السوري بأنها استخدمت الأسلحة الكيماوية 27 مرة خلال الحرب ومنها في خان شيخون. صحيح أن المعارضة لم تربح الحرب، لكنها لم تهزم ولم تنتهِ فعلاً. ولو سلمت بخسارتها النهائية لانتهت معها مهمته. ولعله نسي تصريحات سابقة له عن عدم جدية النظام في المفاوضات بل عرقلته العملية السياسية في الجولات السابقة. وهي بين أسباب أخرى دفعت سلفيه في المهمة كوفي أنان والأخضر الإبرايهيمي إلى التنحي. علماً أنه يعي جيداً أن النظام كان ولى من زمن لولا دعم حليفيه إيران وروسيا. وهذا باعترافهما معاً. ويعي أيضاً أن الأزمة السورية عسكرها النظام والجماعات المتطرفة التي يقال الكثير عن دوره في تصديرها من سجونه، وعن رعايته ورعاية بعض جيرانه لعناصرها سابقاً أيام الغزو الأميركي، وإثر اندلاع التظاهرات المطالبة بالحرية والمساواة والعدالة في بلاد الشام. لم يوفق المبعوث الدولي، حتى وإن لطّف مواقفه بالإشارة إلى «أن لا أحد يمكنه القول إنه ربح الحرب».

وصدق «الائتلاف الوطني المعارض» في الرد على المبعوث الدولي بأن تصريحاته «هزيمة للوساطة الأممية»، وأن «عملية جنيف بهذا الشكل تفقد صدقيتها». لكن قادة المعارضة الذين لم يعجبوا بدي ميستورا منذ البداية، يأخذون عليه أنه ينسق خطواته وآراءه بما يتماهى مع الموقف الروسي إلى حد ما، إنما بغطاء أممي. لذلك كان عليهم أن يتوقعوا منه ما قال، فلا يصابون بـ «الصدمة» من مواقفه الأخيرة. وهو ليس الوحيد بين من يدعوهم إلى التعقل أو الواقعية. فهو يقرأ جيداً مثلما هم يقرأون أن «أصدقاءهم» سلموا لموسكو بدورها الأول في إدارة الأزمة السورية، وعلى رأسهم الولايات المتحدة. ولا يحتاج الرجل إذاً إلى مراعاة المشاعر أو التمسك بلغة ديبلوماسية من أولى صفات الوسطاء أو المبعوثين. منذ ثلاث سنوات وهو يتابع تنفيذ رؤية روسيا للتسوية. وما دام هناك شبه إجماع إقليمي ودولي على هذه الرؤية فإن من مصلحته الشخصية ربما أن يسير خلفها لعله يكون هو «الفائز» بهذه الحرب حيث فشل سلفاه! ولكن من حق المعارضة التعبير عن استيائها. فكيف يمكن مبعوثاً دولياً أن يدعو طرفاً في الحرب عدّه «مهزوماً» إلى مفاوضات سليمة وجدية وعادلة؟ كأنه يدعو ببساطة إلى تقديم تنازلات. بالطبع لا يشكف دي ميستورا جديداً بدعوة هذه المعارضة إلى وحدة تبدو مستحيلة لأسباب تتعلق بمكوناتها، مثلما تتعلق أكثر برعاتها في الخارج. وهو يدرك مثلها السبب وراء تشتتها. كان حرياً به أن يتحدث عن التغيير الذي نادى به بيان جنيف الأول (حزيران/ يونيو 2012) بدل أن يركب عربة مشروع الكرملين الذي لم يفعل شيئاً منذ دفع قواته إلى الميدان سوى طي صفحة هذا البيان، والعمل على إعادة تأهيل النظام. ألا يقرأ ما يكتب عن محنة سورية التي هجر نصف سكانها إلى الداخل والخارج ودمرت مدنها ودساكرها فضلاً عن مئات ألوف الضحايا فيما الدول المسؤولة عن حماية المدنيين من بطش حكامهم لا ترى ولا تسمع!

صحيح أن المعارضة لم تربح الحرب، ولن تربحها في ظل موازين القوى الحالي. إذ لا تقتصر عناصر هذا الميزان على حركة الميدان فقط، بل في صلبها شبكة العلاقات التي ينسجها كل من المعارضة والنظام. الفصائل التي حملت السلاح بعيداً من «داعش» و «النصرة» توزعت مجموعات بالمئات بل بالآلاف، وهذا ما سهل على اللاعبين الخارجيين استقطابها ثم الإمساك بقرارها. ولا يصح بعد هذا أن تلومهم بالتخلي عنها. قوات «جبهة الجنوب» التي قارب عديدها أربعين ألفاً تمتعوا برعاية أردنية وعربية وأميركية. ولم يصدر عنهم في السنتين الأخيرتين أي حراك. لذلك لم يعد لها أي دور قتالي والزمن زمن إقامة مناطق خفض توتر، سوى اللحاق بالحرب على «تنظيم الدولة» إلى جانب «قوات سورية الديموقراطية» وقيادتها الكردية، أو المساهمة في توفير أسباب الهدنة… لعلها تنتظر دوراً في المستقبل كما كان حالها في الماضي القريب. بل إن قوات النظام هي التي تتقدم للإمساك بالحدود مع إسرائيل والأردن. وعمان تعمل على إعادة بناء العلاقات مع دمشق لأسباب كثيرة داخلية معروفة وخارجية أولها هذا التردد الأميركي من أيام إدارة الرئيس باراك أوباما، ثم إهمال خلفه دونالد ترامب الذي سلم الراية لروسيا، وأوقف برنامج المساعدات العسكرية والمالية عن الفصائل. همّ البيت الأبيض فقط هزيمة «داعش». فيما سياسته لتطويق نفوذ إيران لم يعد لها أي معنى ما دام أن النظام وحليفه الإيراني يتقدمان كل يوم لملء الفراغ الذي يخلفه تقلص جغرافيا المعارضة المعتدلة من جهة وتآكل خريطة «دولة الخلافة». ولا شك في أن استكمال تحرير دير الزور سيتيح لطهران تعزيز «طريقها» إلى ساحل المتوسط.

جميع الرعاة الإقليميين والدوليين للمعارضة يدعونها، كما فعل المبعوث الدولي إلى الواقعية، ويلحون على وفد موحد إلى مفاوضات جنيف قريباً. «الائتلاف الوطني» يبدو أعزل ومعزولاً لا حيلة له ولا قوة. ويتعذر على «الهيئة العليا للمفاوضات» أن تصل إلى تصور واحد مع «منصة القاهرة» و «منصة موسكو». وإذا كانت الأولى ترغب في تأجيل بند رحيل الرئيس بشار الأسد أو حرمانه من أي دور في «المرحلة الانتقالية»، فإن الثانية ترفض البحث في هذا البند نهائياً، وتتحرك تحت عباءة روسيا وتبع رغبتها في بقاء رأس النظام حتى نهاية ولايته في 2021 وتأكيد حقه في الترشح لأي انتخابات رئاسية مقبلة قبل هذا التاريخ أو بعده. ولا ترى حتى ضرورة لإقرار دستور جديد. بل تدعو إلى مواصلة العمل بالدستور الذي أقره النظام في 2012 إثر استفتاء عام مثير لم تشارك فيه المعارضة. وتدرك الهيئة أن رحيل الأسد لم يعد على أجندة أي من «أصدقاء الشعب السوري». الإدارة الأميركية لا يعنيها شيء سوى دحر «داعش». ومثلها أوروبا التي تقر بالعجز عن ردع النظام وإن استخدم الأسلحة المحرمة. وفي المقدمة فرنسا التي كرر وزير خارجيتها قبل أيام ما كان رئيسه ايمانويل ماكرون قاله من أشهر أن بلاده لا تضع رحيل الأسد شرطاً مسبقاً لإطلاق عملية سياسية وبدء المرحلة الانتقالية. ولا حاجة إلى تعداد المواقف التي تبدلت جذرياً منذ التدخل العسكري الروسي. ولعل أبرزها موقف تركيا التي لم يعد يعنيها شيء من الساحة السورية سوى حصار أو قتال الكرد ومنعهم من الفوز بحكم ذاتي. هذا الهاجس المقيم يدفعها كل يوم بعيداً من شبكة علاقاتها التاريخية القديمة مع الولايات المتحدة الداعم الرئيس للكرد. ويدفعها إلى تمتين تحالفها مع روسيا وإيران.

هذا ما يعرفه دي ميستورا عن وضع المعارضة. ويعرف أكثر أن النظام السوري لا يملك قراره وإن قدم إليه حليفاه انتصارات وأعادا سلطته إلى أراضٍ واسعة. فهو عاجز اليوم وغداً عن الحد من هيمنة روسيا وإيران. ويجب ألا يغيب عن باله كوسيط دولي أن ما يهم موسكو حالياً بالتفاهم مع اللاعبين الآخرين هو التهدئة ووقف الحرب، لأنها كما قال هو نفسه، تحتاج إلى استراتيجية خروج من هذا المستنقع. أما ما يشاع عن «وعودها» بإخراج كل الميليشيات الحليفة لإيران من سورية فيبقى مجرد آمال في الظروف الحالية. تغلغل طهران عميق في قطاعات أساسية في بلاد الشام، من الأمن إلى الاقتصاد والمجتمع والثروة الوطنية نفطاً وغير نفط. ولا يمكن قوة أخرى مواجهتها ما لم تتبدل خريطة التحالفات في الداخل والخارج، وما لم تستجب إدارة الرئيس ترامب دعوات أميركية داخلية إلى ترجمة سياسة مواجهة الجمهورية الإسلامية في سورية والمنطقة عموماً، حفاظاً على ما بقي من مصالح للولايات المتحدة في الإقليم.

صدق المبعوث الدولي. لم تربح المعارضة الحرب، لكنها ستبقى في ثنايا أي تسوية تتجاهل أسباب انفجار الأزمة منذ ست سنوات. خسرت الحرب إلى حين لكنها لم تخسر القضية. وكذلك النظام انتهى من سنوات، ولم ولن يربح، وإن أعلن الأسد قبل أيام أن علامات النصر واضحة في ظل تقدم المعارك. وصدقت نظرة المعارضة إلى دي ميستورا. فهو أيضاً فشل ولم ينجح بعد ثلاث سنوات. وأسباب فشله تكاد تكون هي نفسها أسباب فشلها: تخلي المجتمع الدولي عن سورية وشعبها وتقدم روسيا وإيران إلى ملء الفراغ الأميركي… وعوامل أخرى كثيرة.

الحياة

 

 

 

لكن، هل نجحت المعارضة السورية؟/ ماجد كيالي

غطّى غضب بعض أوساط المعارضة السورية على تصريحات ستيفان ديميستورا، المبعوث الدولي إلى سورية، على السؤال الأساس الذي يطرحه أغلبية السوريين والذي يفترض أن تطرحه تلك الأوساط على نفسها منذ زمن، وهو: هل نجحت المعارضة حقاً، بكياناتها السياسية والعسكرية والمدنية، في إدارة صراعها مع النظام، وفي إدارة أحوالها، بأقوم وأسرع ما يمكن؟ وإذا كانت نجحت فأين وكيف؟ فهل استطاعت مثلاً تشكيل كيان وطني جامع يمثل أو يعبر عن السوريين أو معظمهم؟ وهل دافعت عن المقاصد الأساسية للثورة المتمثلة بالحرية والكرامة والمواطنة والديموقراطية في وجه الخطابات الطائفية والمذهبية والأيديولوجية والفئوية أم اشتغلت على محاباتها؟ ثم هل حدث ذلك في محاولاتها تفكيك جبهة النظام وتالياً توسيع جبهتها؟ أو في نجاحها في صراعها العسكري ضده؟ أو تمثل ذلك، مثلاً، في نمط إدارتها «المناطق المحررة»؟ وأخيراً هل شهدنا ذلك في تعزيزها صورتها أمام شعبها وأمام العالم؟ أو في تخفيفها مآسي السوريين اللاجئين في بلدان اللجوء؟

في المقابل، أي إذا كانت المعارضة لم تنجح، بعد مرور حوالى سبعة أعوام، فما الذي تفعله إذاً لتدارك هذا الواقع والارتقاء بأوضاعها وأدائها؟ ولماذا تنكر ضعف تمثيلها أو ضعف قدراتها أو ضعف تواصلها مع شعبها؟ أو لماذا لا تعترف بقصورها وتنتقد أحوالها، وتراجع تجربتها في السياسة والعسكرة، وتوضّخ لشعبها ما حصل؟ أي لماذا لا تبحث المعارضة في أسئلة من نوع أين أخطأت وأين أصابت وماهي المعوّقات، أو ماهي العوامل المؤثرة التي حالت دون قيامها بالمهمات المنوطة بها؟ وأخيراً ما الذي يتوجب عليها فعله كي لا تعيد انتاج التجربة ذاتها وكي تضع السوريين على سكة الخلاص، أو أقله على سكة توقف التدهور الحاصل؟

واضح من ذلك أن المعارضة أخطأت بتسرعها في الرد على ديمستورا، ولاسيما بخلطها بين الثورة والمعارضة، إذ الأولى كفكرة وكرؤيا وكحاجة وكمشروع، تتوقف أو تستمر تتراجع أو تتقدم، تخبو أو تشتعل، في حين أن الثانية، أي المعارضة، قد تنجح وقد تفشل، قد تنتصر وقد تنهزم، كما قد تنحرف أو قد تدخل في مساومات اضطرارية أو وفق مصالح المهيمنين عليها، أي لا يوجد شيء يقيني أو حتمي لا في الثورات ولا في المعارضات. وربما تجدر المصارحة هنا بأنه لا يوجد رابحون في الصراع السوري الطويل والمضني والمعقد، لا النظام ولا المعارضة، وأن الشعب السوري هو الذي يخسر نتيجة استمرار هذا الصراع، سيما على النحو الذي يجري عليه، وفي ظل التنكر الدولي لتضحيات السوريين ومآسيهم، ما يفترض بأن تكون المعارضة الطرف الأكثر تحسساً لأهوال الكارثة السورية التي تسبب بها النظام أساساً، وتسببت بها القوى الإرهابية، التي أضرّت بالشعب السوري وبثورته، والأطراف الخارجية التي تلاعبت بثورة السوريين.

على ذلك فإن ما يفترض ان تدركه أوساط المعارضة، أولاً، أنه لا يمكن الحديث عن ثورة في المطلق، أو إلى الأبد، فالثورات هي حالة انفجارية عفوية وقصيرة الأجل، لذا لا يمكن الحديث عن ثورة لسنوات، لأن هذا الوضع هو دلالة على حالة صراعية بين أغلبية الشعب والنظام (في الحالة السورية)، من دون أن يقلل ذلك من شرعيتها ونبل أهدافها، ولكنه يعطي التوصيف الصحيح (وطبعاً فإن هذا المعيار ينطبق على ما يسمى «الثورة الفلسطينية»). ثانياً، لا يمكن الحديث عن ثورة، بمعنى الكلمة، وهي محصورة في صراع مسلح فقط، تخوضه جماعات عسكرية مختلفة ومتضاربة الأهواء، من دون حراكات شعبية، سيما في وضع باتت فيه أغلبية الشعب أما مشردة أو محاصرة أو مغلوبة على أمرها، فذلك كان يصحّ في العام الأول للثورة، مثلاً، أما في ما بعد فقد اختلف الأمر. ثالثاً، إن إدراك المعارضة واقعها، وحدود إمكانياتها، وقدرات شعبها على التحمل، والمعطيات الدولية والإقليمية المؤثرة، وخوضها الصراع على هذا الأساس، هو الذي يمكّنها من تجنيب شعبها دفع الأثمان الباهظة، والحفاظ على قواها، وتلافي مزيد من المعارك الخاسرة. ولعل كل ذلك قد يعزز صدقيتها، ويسمح لها بمراكمة النقاط في صراع قد يمكن كسبه بإيجاد تقاطعات مع المصالح الدولية والإقليمية، وفي شكل تدريجي، بخاصة في ظل عدم استطاعة الفوز في الصراع بواسطة القوى الذاتية. رابعاً، في الصراع السوري، وغياب أغلبية الشعب عن معادلات الصراع، ووجود واقع خارجي لا يساعد بل ولا يسمح للمعارضة بالحسم، سيما في وضعها الراهن، على ما بيّنت التجربة، لا شيء يعيب المعارضة، أو ينتقص من ثوريتها، مراجعة طريقها، ورسم إستراتيجية جديدة لمواجهة التعقيدات والمداخلات الجديدة، لأن الإنكار أو المعاندة والبقاء على الطريق ذاتها بمثابة وصفة لمزيد من التردّي والتدهور، فضلاً عن أن ذلك ينمّ عن ضعف في المسؤولية السياسية والأخلاقية، لأن مهمة القيادة هي جلب الإنجازات بأقوم وأسرع ما يمكن، وليس مجرد التمسك بالشعارات أو الادعاءات التي لا يمكن إسنادها في الواقع.

وبكلام أكثر تحديداً، فإن المعارضة السورية مطالبة اليوم بتقديم إجابات واضحة، أو وضع إستراتيجية جديدة مغايرة للماضي، هذا إذا كان ثمة إستراتيجية، وذلك للتعاطي مع المتغيرات الحاصلة في الصراع السوري، وفي تموضعات القوى الدولية والإقليمية في هذا الصراع، وضمنها: أولاً، نشوء نوع من التوافق الروسي الأميركي، أو الروسي الإيراني التركي. ثانياً، إخراج «داعش» ولاحقاً «جبهة النصرة»، أو انحسار نفوذهما في الصراع السوري. ثالثاً، صعود مكانة «قوات سورية الديموقراطية»، وأخذها حيزاً مهما في خريطة القوى والجغرافيا السوريين، وطرح المسألة الكردية كمسألة وطنية سورية، بدلاً من تركها للنظام أو للتوظيفات والتجاذبات الخارجية. رابعاً، إخفاق الطريق العسكري لحل الصراع السوري، من جهة النظام والمعارضة، بسبب عوامل خارجية وداخلية، ومعها تحكم القوى الدولية (سيما الولايات المتحدة وروسيا)، بقرار الحل والصراع في سورية.

والمعنى أن مجرد قول المعارضة إن هدفها هو إسقاط النظام لم يعد كافياً، إذ إن أي سوري معارض يستطيع أن يقول مثل ذلك، لكن قيادة المعارضة مطلوب منها أكثر من مجرد التلويح ببضع كلمات، إذ عليها أن توضّح، أيضاً، كيف يمكن لها أن تسقط النظام، بأي قوى ووسائل وتحالفات، وأن توضح هل ستسقطه مرة واحدة، وهل تستطيع ذلك؟ وإذا كانت لاتستطيع فماهي إستراتيجيتها لمراكمة القوى وإسقاطه بالتدريج، أو للحفاظ على قواها وتطوير وضعها بانتظار اللحظة المناسبة؟ هل ستسقطه بواسطة القوة العسكرية أم بالوسائل السياسية أم بالاثنتين؟ وهل تملك ما يمكنها أن تفعل ذلك وحدها أم يلزمها تحالفات وخلق معطيات دولية مناسبة، ومن دون ارتهانات خارجية مضرّة؟ هل يتطلب الأمر شق جبهة النظام، واستقطاب فئات اخرى وتوسيع جبهتها والتصرف كممثل لكل السوريين أم بتكريس الانشقاق الأهلي في سورية وتقديم نفسها كممثل لجزء من السوريين، لا يهم أكانوا أقلية أم أكثرية؟ ثم ماذا عن واقع الأكراد، هل ستبقى تتعاطى معهم في العموميات، أم أنها ستقوم بتقديم مقاربة وطنية ديموقراطية تلبي فيها طموحات الأكراد للتعبير عن ذاتهم كشعب، له حقوق قومية وكأفراد مواطنين. وأخيراً ماهي رؤيتها لسورية المستقبل؟ أي هل ستبقى على مواقفها في محاباة خطابات جماعات المعارضة العسكرية الإسلامية المتطرفة، التي قدمت نموذجا سيئاً للسلطة في إدارتها «المناطق المحررة»، وفي نمط هيمنتها على السوريين في تلك المناطق، الأمر الذي أفاد النظام، أم ستعيد الاعتبار إلى المقاصد الأساسية للثورة باعتبارها ثورة ضد الاستبداد بكل أشكاله، ومن اجله الحرية والكرامة والمواطنة والديموقراطية، بحيث تكون سورية لكل السوريين، بغض النظر عن اية هوية دينية أو مذهبية أو اثنية أخرى.

هذه أسئلة يفترض بقيادة المعارضة أن تفكر فيها وأن تقدم الإجابات المناسبة عليها، بدل الاكتفاء بالتغطّي بهدف إسقاط النظام، لأن الوضع يستلزم حينها سؤالها ماذا فعلت حقاً لإسقاطه غير الكلام أو مجرد طرح الشعارات؟ ولماذا لم تسقطه حتى الآن؟

الآن، للتوضيح، أو منعاً للالتباس، فإن هذا الكلام يأخذ في اعتباره حجم القوى التي صبّت في خدمة استمرار نظام بشار الأسد، ولاسيما وقوف دولتين معه إلى أخر حد، هما روسيا وإيران، في مقابل الخذلان او الإنكار الذي لاقاه السوريون من قبل دول ما، سميت «أصدقاء الشعب السوري»، وكذلك الفارق في موازين القوى العسكرية، وضعف خبرات السوريين في السياسة، التي حرموا منها لنصف قرن. لذا فإن الحديث هنا يتعلق بدور العوامل الذاتية في تردي أحوال المعارضة، أي قصور الأوساط التي تصدرتها، وتحكمت بمساراتها وخطاباتها وأشكال عملها، وأخطاء المراهنات والارتهانات التي استندت إليها، مع التأكيد أن السياسة هي فعل بشر، وأنها لذلك تستوجب النقد، والتشجيع على التفكير النقدي.

* كاتب فلسطيني

الحياة

 

 

 

عواء الضحيّة عواء الجلاد/ إلياس خوري

في مقال له في صحيفة «الاندبندنت» البريطانية أعلن الصحافي روبرت فيسك انتصار نظام بشّار الأسد. لكن ما فات الصحافي الحصيف هو أن ما يسمى انتصارا جاء تتويجا لانتصارات صنعها فرقاء القتال في سوريا على خصم واحد هو الشعب السوري وعلى المدن والنواحي السورية المدمرة كلها.

السؤال ليس عن الانتصار بل عن معناه، وحين نسأل عن المعنى نكتشف أننا أمام الخواء الشامل. حين تصير سوريا بلدا محتلًا من قوى خارجية، وحين يسود الخراب كل مكان، يصير الكلام عن الانتصارات مجرد أكذوبة.

والانتصارات في سوريا بدأت حين اجتاح أرض الشام الغزاة من كل حدب وصوب. حزب الله انتصر في القصير وداعش انتصر في دير الزور والرقة والنصرة انتصرت في إدلب. القوى الخارجية التي أتت كي تحتل سوريا، استطاعت التسلل من ثقوب الوحشية المفرطة التي تعامل بها النظام مع الاحتجاجات الشعبية السلمية، لتحقق انتصاراتها عبر تعميم الخراب والإبادة والتهجير.

القوى الجهادية الأصولية انتصرت على الجيش السوري الحرّ في أكثر من مكان، ونجحت في تفكيكه، والمليشيات الشيعية بدأت مسلسل فتوحاتها في القصير دفاعًا عن «القرى الشيعية» المحاذية للبنان، بعدما نجحت في إنقاذ «زينب من السبي». وبدا أن هناك ما يشبه التناغم الموضوعي بين النظام وحلفائه الأصوليين الشيعة من جهة، وأعدائه الأصوليين الجهاديين السنّة من جهة ثانية، وكان هدف الطرفين إلغاء الشعب السوري وإخراجه من السياسة ومن الجغرافيا. مِن قتل غياث مطر في داريا 10 كانون الأول / ديسمبر 2011 على أيدي المخابرات السورية في بدايات الثورة، إلى خطف رزان زيتونة ورفاقها سميرة الخليل ووائل حمادة وناظم حمادي في 9 كانون الأول / ديسمبر 2013 على أيدي جيش الإسلام في دوما.

هنا يجب أن نسجل نقطة دهاء لآلة القمع السورية ومؤسسها حافظ الأسد، التي استطاعت أن تنسج علاقات دولية بالغة الالتباس والدقة سمحت بتمرير المذبحة ضد الثورة المدنية، ثم تلاعبت بالصراع المسلح بأقصى ما تملكه من كلبية، إلى أن بدا عليها الإنهاك، فجاء الجيش الروسي ليقلب الطاولة، بتواطؤ أمريكي يصل إلى حد التناغم.

المنتصرون في الجهتين: تركيا ودول الخليج بتواطؤ أمريكي مقنن من جهة وروسيا وإيران ومليشياتها من جهة أخرى، دخلوا اليوم في مرحلة جديدة من الصراع الوحشي بينهم، بينما يقف السوريون ذكورا وإناثا خارج المعادلة، يشهدون موتهم وتهجيرهم وتدمير بلادهم.

كيف يكون أي طرف سوري منتصرا في بلاد محتلة؟

هذا هو السؤال السوري بل العربي الكبير، كيف تستعيد هذه البلاد استقلالها بعدما أوصلها الاستبداد إلى هاوية الاحتلال مِن قبل قوى خارجية.

في مقال نشر في «الجمهورية» 5 ايلول / سبتمبر الحالي كتب ياسر الداغستاني جزءا من تجربته في سجن «الفرع 235 – فرع فلسطين» التابع للمخابرات العسكرية السورية بعنوان: «عواء الرجل الأوروبي». يشهد الداغستاني على عواء الضحيّة، الضحيّة تفقد قدرتها على الكلام، فتصير الحروف أصواتا متقطعة لا معنى لها.

عندما يصير الصوت عواءً، تنحلّ اللغة داخل آلة قمع تجمع الأساليب البدائية والحديثة معا، وتقوم بطحن لغة الضحيّة وتدميرها.

الداغستاني توقف في مقاله عند الفرق بين سرعة عواء الأوروبي الذي لم يتوقع أن يصير ضحية هذا النوع من التعذيب، وصمود المعتقلين السوريين. روى الكاتب أن المعتقل الأوروبي بدأ يعوي بعد ثلاثة أيام من التعذيب، بينما كان المعتقلون السوريون الذين تعرضوا لتعذيب أشد هولًا، يجدون متسعا لتبادل الطرائف بين جولتي تعذيب. لكنه يستدرك ليروي عن معتقل سوري في سجن المزة صار يعوي بعد قضاء أربعة عشر عاما في المنفردة.

مشكلة النظام السوري مع الشعب تتلخص في حكاية العواء هذه، فآلة الطحن الاستبدادية كانت تسعى إلى طحن اللغة في سياق طحنها لأجساد المعتقلين. هذا ما كشفت عنه الشهادات الخارجة من سجون سوريا، خصوصا سجن تدمر الرهيب، لكن النظام الذي اشترى صمت الناس بالتخويف، عجز عن إجبارهم على العواء.

وعندما انفجر الناس في وجه الطغيان استعادوا لغتهم أولًا، حملوا الكلمات على الأغاني والأهازيج، احتفلوا بأجسادهم التي تواجه الرصاص وبلغتهم التي تستعيد المعنى، وفي خضم هذا الاحتفال سقط النظام بسقوط هيبته، فلجأ إلى القتل، وبدأت أبواب سوريا تتخلع أمام الغزاة. تناوب الاستبداد من جهة والأصوليون من جهة أخرى على قتل الأجساد التي تقاوم وإخراس اللغة التي تتكلم.

أنظمة القتل تحتفل منذ أربع سنوات بالنصر، أي منذ استفحال المرض الأصولي المدعوم بأموال النفط سواء كان هذا النفط عربيًا أو ايرانيًا. براميل وكيميائي وإعدامات وحشية وفرض لغة مأخوذة من مقبرة اللغة، وصولا إلى الطيران الروسي.

الدم السوري الذي غطى وجه العالم كان وحيدا، وسيبقى وحيدا. هذا هو الدرس الذي يُستعاد في كل منعطف تاريخي، فالوهم الذي ساد في المراحل الأولى من الثورة بأن الدعم الغربي سيأتي، تجاهل أو تناسى أن إسرائيل ليست سوى حصن غربي متقدّم لا يتمنى سوى تصحير بلاد العرب، كي يتمكن من إنجاز مشروعه الكولونيالي الاستيطاني.

إنهم يحتفلون بالنصر، ويتوقعون من الضحيّة العُواء.

قد تصمت الضحية السورية لكنها لن (…)، فالشعب السوري الذي دفع ثمن حريته المشتهاة بلا حساب، وصار شعبا من اللاجئين، هو اليوم مرجعية أخلاقية تعيد لكلمة الكرامة الإنسانية معناها.

الجلّاد فقد لغته قبل ضحيّته، ماذا بقي من لغة النظام القومية، وماذا سيبقى من لغة الأصوليين التي تشوّه الماضي ولا تستعيده.

هذا الصخب الانتصاري الذي يصم الآذان عُواء، لكنه بالتأكيد ليس عُواء الضحيّة، إنه عواء الجلاد.

القدس العربي

 

 

 

 

تصريحات دي ميستورا.. واقعية أم انحياز للنظام؟/ عمر كوش

أثارت تصريحات مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، أخيرا، وطالب فيها المعارضة السورية بالواقعية والإقرار بالهزيمة أمام النظام الأسدي، سخط معظم أوساط المعارضة واستنكارها، وخصوصا الهيئة العليا للتفاوض التي اعتبرها منسقها العام، رياض حجاب، تصريحاتٍ غير مسؤولة، وتعكس سقوط الوساطة الأممية ممثلة بشخص دي ميستورا، فيما اعتبر كبير مفاوضي وفد المعارضة إلى جنيف، محمد صبرا، أن دي ميستورا لم يعد وسيطاً مقبولاً، لأنه فقد حياده، وتكلم كجنرال روسي.

واللافت أن تصريحات دي ميستورا تزامنت مع إعلان لجنة التحقيق الأممية أن نظام الأسد قام بهجمات بالأسلحة الكيميائية سبعا وعشرين مرة خلال حربه الشاملة ضد الحاضنة الاجتماعية للثورة السورية، واستخدم غاز السارين في هجومه على بلدة خان شيخون في أبريل/ نيسان الماضي. ولذلك اعتبرت أوساط المعارضة السورية التصريحات أنها جاءت للتغطية على جرائم الحرب التي ارتكبها نظام الأسد، حسب التقرير الأممي.

ولعل الكلام عن الواقعية يذكّرنا بأن دي ميستورا لم يطالب نظام الأسد بالواقعية، والإقرار بخسارة الحرب قبيل التدخل العسكري الروسي المباشر، حين فقد النظام السيطرة على معظم سورية، وكان يسيطر على أقل من ربع مساحتها خلال النصف الثاني من العام 2015، حيث أظهرت الوقائع الميدانية والعسكرية تقدماً كبيراً للمعارضة السورية المسلحة، وتراجع قوات النظام في المناطق التي كانت تسيطر عليها، بعد أن سيطرت فصائل الجبهة الجنوبية على معظم محافظة درعا، بما فيها المعابر الحدودية مع الأردن. وحدث الأمر نفسه في جبهة إدلب وريفها، حيث تم دحر قوات النظام وإخراجها من مدينة إدلب وما حولها، ثم سيطرت

“دي ميستورا يريد أن يستثمر، في تصريحاته، ما تشهده القضية السورية من تطورات ومتغيرات خطيرة في أيامنا هذه” المعارضة على مدينة جسر الشغور، وهو أمر اعترف به وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، حين قال إنه لولا التدخل الروسي لسقط النظام خلال أسبوع أو أسبوعين.

ولا شك في أن دي ميستورا يريد أن يستثمر، في تصريحاته، ما تشهده القضية السورية من تطورات ومتغيرات خطيرة في أيامنا هذه، في ظل انعدام أي أفق حقيقي لحل سياسي يحقق طموحات الشعب السوري في الحرية والخلاص من الاستبداد، وتحول الصراع في سورية وعليها إلى تقاسم نفوذ بين القوى الدولية والإقليمية التي تخوض في الدم السوري، وتضع مصالحها القومية والأمنية فوق أي اعتبار، وباتت تنظر إلى القضية السورية وفق ما تراه روسيا نزاعاً أهلياً، يحتاج إلى تبريد الجبهات، بغية تهدئة الأوضاع، عبر عقد مصالحات واتفاقات وقف إطلاق النار، وتقسيم سورية إلى مناطق خفض للتصعيد وأخرى مستثناة منه، إلى جانب مناطق السيطرة والنفوذ الأميركي والروسي والإيراني وسواها، وفق ما تقوم به هذه القوى، وتحاول تثبيته على الأراضي السورية.

والخطير في الأمر أن دي ميستورا ينحاز إلى ما يقوم به الروس والأميركيون والإيرانيون، والذي يهدف إلى إعادة إنتاج نظام الأسد، وإبقائه جاثماً من جديد على صدور السوريين. لذلك أراد من تصريحاته إيصال رسالة إلى المعارضة السورية، لكي تذعن لما تتطلبه المتغيرات والتطورات الجديدة، وإلزامها بمخرجات هذه التطورات ومفاعيلها.

ولعله يُراد من قضية توحيد المعارضة التي يركز عليها دي ميستورا إدخال أعضاء منصتي موسكو والقاهرة إلى الهيئة العليا للتفاوض، بغية تطويع المعارضة السورية وفق سياسات الساسة الروس والأميركيين ورغباتهم وتوجهاتهم، كي تقبل بالأسد خلال المرحلة التفاوضية وما بعدها، وهو أمر يرفضه السوريين الذين خرجوا طلباً للحرية واسترجاع الكرامة والخلاص من الاستبداد، وليس لكي يحققوا نصراً عسكريا، حسبما يزعم دي ميستورا الذي لا تغيب عنه محاولة استغلال ما جرى في الجولة الرابعة من جولات جنيف التفاوضية، التي لم تكن جولات تفاوض بالمعنى الحقيقي للتفاوض، بقدر ما كانت مشاورات ومباحثات بينه وبين مختلف الوفود، حيث استغل دي ميستورا هفوة قبول الوفد التفاوضي اقتراحات سلاله الأربع التي أعطى فيها الأولوية لمكافحة الإرهاب، نزولاً عند رغبة وفد النظام والروس، ثم راح يطالب بوفد تفاوضي موحد، فرضح وفد الهيئة العليا، وقبل الذهاب إلى الجلسة الافتتاحية مع وفد

“يتصرف كموظف أممي، يريد الحفاظ على موقعه، ولا يعنيه كثيراً سيلان الدم السوري، أو تحطيم الثورة السورية” منصتي القاهرة وموسكو في قاعة واحدة مع وفد النظام، الأمر الذي اعتبره دي ميستورا إنجازاً كبيراً، وراح يطالب بتشكيل وفد موحد للمعارضة بمنصاتها الثلاث، وزاود الساسة عليه بضرورة ضم ممثلين عن حزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي)، صاحب المشاريع الانفصالية عن سورية.

مشكلة دي ميستورا أنه يتصرف كموظف أممي، يريد الحفاظ على موقعه، ولا يعنيه كثيراً سيلان الدم السوري، أو تحطيم الثورة السورية والضرب بطموحات شعبها في التغيير السياسي، بل تعنيه مخططات الدول الخائضة في الدم السوري التي ركزت خلال السنوات السبع الماضية على إدارة الملف السوري، بوصفه أزمةً يجب تجنب إرهاصاتها الخارجية. لذلك حين بات الروس أصحاب كلمة قوية في هذه الأزمة، استدار نحوهم طالباً رضاهم، وبات ينظر مثلهم إلى الثورة السورية أنها مجرد نزاع داخلي، أهلي طائفي، وذلك بعد أن مكّنت الآلة العسكرية الروسية النظام من إعادة السيطرة على مناطق عديدة في سورية، وتقاسمت موسكو النفوذ مع واشنطن وطهران، وها هي تقوم بمحاولات لإعادة فرض الأسد على السوريين، ثم جاء الدور على إعادة تطويع المعارضة، لكي توافق على هذه العملية، خصوصا وأنها تحضر لعقد اجتماع الرياض 2، وستكون كل الاحتمالات مفتوحة عند انعقاده المرتقب.

ويبقى أن المسألة السورية هي مسألة شعب يتطلع إلى الحرية وبناء سورية جديدة، لا مكان فيها لحكم آل الأسد، وليست كما يصورها دي ميستورا في خسارة المعارضة عسكرياً أو انتصار معسكر النظام وحلفائه، وستبقى كذلك إلى أن يحقق هذا الشعب طموحاته.

العربي الجديد

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى