صفحات سوريةفاروق البرازي

في دلالات انتخاب عبد الباسط سيدا رئيساً للمجلس الوطني السوري


فاروق البرازي

في البدء، لا بد من الإشارة إلى أنّ الشارع الكردي(السياسيّ) انقسم بين الترحيب بانتخاب الدكتور عبد الباسط سيدا والحذر من هذا الانتخاب، فالخوف يساورهم من فشل إدارة المجلس الوطني السوريّ في هذه الدورة، التي يعتقد انّها ستكون من أصعب الدورات، لأن المسألة السوريّة هي بنفسها في ذروة دورتها.

يُفهم أنّ ترشيح سيدا، وأن كان توافقيّا، وكان ضرورة للخروج من أزمة الثقة بين الأطراف في المجلس السوريّ، انّما الضرورة أيضاً في اختيار سيدا تكمن في جذب رضى الغرب على المجلس (بحكم علمانيّة وليبراليّة سيدا)، وكذلك هي رسالة الى الكُرد وطمأنتهم على عدم التهميش وأن كل ما سلف ، من مواقف سلبيّة تجاه الكُرد ، ما هو إلا مواقف لحظيّة ناتجة عن غضب ما أو تصرّف شخصيّ بحت.

قد يكون من حق الكُرد التمعن بكل ما يجري من حولهم ،ومن حقهم أيضاً التعامل بحساسيّة قصوى، خصوصا ً انّ لقضيتهم حساسيّة كبيرة في ظل التداخل الدولي الإقليمي في المسألة السوريّة، وهذا ما يلقي بظلاله على أداء الكُرد أنفسهم في قلب الثورة السوريّة.

للوهلة الأولى لا يوجد كُردي واحد يشك بإمكانيات الدكتور عبد الباسط سيد، وبما يملكه من تجربة سياسيّة وحزبيّة أكثر من غالبيّة الهيئة التنفيذية للمجلس، وهو زيادة على انّه أكاديمي ومثقف كردي بارز ، كان من الكوادر السياسيّة والحزبيّة المتقدمة حتى أمس القريب في الحركة الكُردية المقاومة للاستبداد منذ 1957، وهو ما زال يقارب الحس الحزبيّ والوطني في الشارع السياسيّ الكرديّ، كما انّه ربما من القلة الذين انخرطوا في السجال والجدال بين الكُرد والعرب عندما كان ثمة مسافة شاسعة تفصل بين المثقفين العرب والكُرد وربما هو أول كردي نشر دراساته الى جانب أقلام عربيّة يساريّة مثل صادق جلال العظم وطيب تيزيني وعبدالحسين شعبان، وسمير أمين وغيرهم في المجلات اليسارية العربيّة كمجلة “النهج”(مثلاً) وكان لهذا الانخراط حضور في صميم المشهد الثقافيّ العربيّ.

ما أن أعلن انتخاب سيدا حتى ظهر على السطح في الشارع الكُردي مقاربتان لهذا الترشيح موقفين، الأول: جزء من الكُرد فرحوا فور سماعهم نبأ ترشيحه، واعتبروا ذلك انجازاً مهمّاً على مستوى تبدل في الذهنيّات في المعارضة العربيّة، وانّ هذا مؤشر على انّ زمن تهميش الكُرد ولى، وانّ وجود سيدا في هذا الموقع ستكون له انعكاسات ايجابية في بناء العلاقة العربيّة الكُرديّة على أسس صحيحة ما يمهد لبناء دولة الشراكة والتي لا تبنى من دون ثقافة قبول الاخر. الثاني: بدأ الخوف يساور بعض الكُرد من طعن الكُرد ومصداقيتهم من خلال فشل سيدا بالعمل لعقلنَة الثورة وتجسير الهوة بين مكونات الشعب السوريّ، ولعل مرد ذلك التخوف يعود إلى انّ المجلس الوطني السوري غارق في الأزمات، وما كان يجب ان يقبل سيدا، بهذا المنصب لأنّه من الاستحالة بمكان ان يخرج سيدا المجلس من أزماته، في ظل تابعيّة المجلس بالأساس لتركيا، ومن يدري (ربما ) يحوّل سيدا إلى شماعة لكل الأخطاء وتاليّا يتحوّل هذا التوافقيّ إلى ” وجه القبح”.

هل يستطيع سيدا استقطاب الكرد وإدماجهم في مجلسه؟ من خلال استضافة قناة “كله كردستان” في ساعتها المخصصة للسوريين والذي يقوم الإعلاميان البارزان في تسليط الضوء على كل تفاصيل الثورة، وهما سيما ابخزير(كردية إيرانيّة) ومحمد خير(كُردي سوري)، كلاً من عبدالباسط سيدا وإسماعيل حمه(رئيس المجلس الوطني الكردي)، وهو ربما صار فاتحة أي حوار ان حصل بين الكرد والمجلس الوطني، كان واضحاً في خطاب الشخصين مدى حماسة الطرفيين للعمل سويّا حتى تحت خيمة المجلس الوطني السوري، مع انّ هناك قراراً لدى المجلس الكُردي بانّ لا ينضم ولا يندمج، لكن يمكنه بناء أطر تحالفيّة أو تشاركيّة من اجل تحقيق أهداف الثورة السوريّة، وبناء دولة جديدة يكون كل مواطنيّها أحراراً.

المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى