خولة دنياصفحات سورية

في سورية زمن الانترنت والفيسبوك: النظام يخاف الحمام


خولة دنيا

قد تكون قصيدة محمود درويش ‘يطير الحمام… يحط الحمام’ هي الأنسب لما سأقوله هنا…

نتغنى بالحمام.. نحب الحمام… نربيه وفي الجوامع والساحات نأخذ معنا فتات الخبز كي نرميه له ونرى رفوفه الجميله تحط وتطير… في سورية كل شيء غير شكل – سبحان الله -‘فالحمام ممنوع أن تربيه بالقانون ويتم اعتقال المخالف ورميه بالسجن لفترة طويلة،’وذلك بموجب المرسوم التشريعي رقم 45 تاريخ 15/6/1966 ‘وما زال هذا المنع ساريا في عصر الإنترنت والبريد الإلكتروني.

لماذا؟

هل يخافون الحمام كذلك؟

لم أسمع للأسف بهذا القانون الغريب حتى أيام الثورة،… ولم أفهم ضرورة وجوده حتى هذه الأيام العصيبة حيث ا نقطعت سبل التواصل بيننا بسبب قطع الانترنت لفترات طويلة، أو إبطائه لدرجة يكون بدون فائدة، وكذلك قطع الاتصالات في المناطق المحاصرة… وانقطاع الأخبار منها..

هنا عرفت الحكمة من قانون منع تربية الحمام الزاجل (يعني مو معقول الدولة تصدر مرسوم بدون فائدة حتى لو كان قبل خمسين سنة ويستمر حتى الآن – أكيد في حكمة من وراء هذا!!).’

اليوم نحتاج لصلة وصل مع الآخرين ونتحسر على أيام الحمام الجميل الذي كان ينقل رسائلنا ويعيد الجواب عليها..

‘نعود لننبش كل ما نسيناه في غمره ثورة التقدم والتكنولوجيا، وكأن ثورتنا هي لإعادة النبش بالماضي واستذكار واستحضار ما نسيناه.

اليوم تعود الشمعة لتحتل مكانها، وبابور الكاز كذلك، والمؤونة وضرورتها، وليست تلك المؤونة التي نضعها في الفريزر لا فالكهرباء غير مضمونة وقد يفسد كل ما وضعناه فيها.

نعود لنجفف البندوره والباذنجان واللوبيا والملوخية على سطح الدار… ونمارس طقوسنا الجميلة في التباهي بأجمل مؤونة وأكثرها نصاعة ولمعانا.. نعود لنغرس إبرنا في الباذنجان المحفور لنعلقه على حبال الغسيل ونخاف أن يأتي طائر ما ويحط رحاله عليه..

نعود لنعصر البندورة ونضع الملح عليها ونقلبها على سطح الدار وندور بها بين المكان المشمس والفيء..

سوريا تولد من جديد وكأنها تنبذ الأربعين سنة ولا تعترف بها… وكأنها ترمي أحمالها الثقيلة التي خلفتها التكنولوجية وعصر برادات بردى والحافظ التي تبدو هرمة جداً بعد خمسين سنة (بالتقابل مع دعاية – أربعون عاماً نزداد شباباً).

نساء سورية يقدمن اليوم خبرا تهن المتراكمة لأبناء الجيل الجديد وكأنهن يقلن له هاهو اليوم الذي تحتاجونا فيه قد عاد وخبرتنا لم يتم رميها باسم التكنولوجيا..

لحمنا المقدد.. وطحيننا الأبيض والأسمر أصبح في الخوابي من جديد وسنرمم التنور القديم بأفضل أنواع الصلصال ‘لنصنع خبزنا بعد أن أغلقوا الأفران وأجبرونا على كمية محددة لكل عائلة….

‘والأهم الأهم سنعود إلى حمامنا الزاجل لنربيه بديلاً عن الفيس بوك والهاتف الفيس تو فيس والحمام الزاجل سيكونان ردنا على قطع المودة والتواصل… أهلاً بنا جميعاً في العودِ على البدء ونحن نعيش ثورتنا من الصفر سأرسل على جناح الحمامة أجمل شعار يرفرف على سهول سورية وجبالها الثائرة ‘سورية بدها حرية’

‘ كاتبة من سورية

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى