صفحات سوريةغسان المفلح

في نداء الدكتور غليون حول الطائفية


غسان المفلح

“أشهر طويلة من القتل المنهجي المنظم وإذكاء النظام الاجرامي الفتنة الطائفية بين أبناء شعبنا وشحن فئة من المجتمع ضد فئة أخرى قد أضعفت دفاعات بعضنا في مواجهة مخاطر الانقسام والتصادم الطائفي. وأصبحنا نشهد منذ أسابيع عمليات خطف واغتيال وتصفية حسابات بين أبناء الشعب الواحد، بل بين أبناء الثورة أنفسهم. وهو ما يشكل تهديدا خطيرا لمكاسب الثورة ويقدم خدمة كبرى لنظام القتل والاستبداد الذي يترصد بنا ويؤخر الانتصار”.

هذه أسطر من النداء المكتوب إلى الشعب السوري عامة وقوى الثورة خاصة، الذي وجهه الدكتور برهان غليون باسمه الشخصي كأكاديمي، وباسمه كرئيس للمجلس الوطني السوري، هذه الاسطر أثارت حفيظة الكثيرين من السوريين في الداخل والخارج، وهذه الاسطر بالذات اهتمت بها وسائل الاعلام العالمية وجرت حولها نقاشات على الأثير مع ناشطين ومهمتمين بالشأن السوري، وغالبية من تحدث عن هذا الموضوع اعتبر أن في هذه السطور تجني على الثورة والثوار، وعلى الشعب السوري، وفي النهاية على الحقيقة عينها، لأن هذه العبارات لاتعبر حقيقة عن واقع الحال على الأرض، وكنت من بين الذين كتبوا عن تسرب معلومات، عن احداث طائفية في مدينة حمص، في مقالي” إنها حمص قلبنا السوري” وضحت فيه موقفي وفق المعطيات المتوفرة بين يدي، ووفقا لهذه المعطيات أيضا وماتبعها من معطيات جديدة، أرى أن الدكتور غليون كان مخطئا هذه المرة، وفي هذه العبارات ذات الطابع العام والحيادي، والذي لم يترافق مع معطيات تؤكده أو تنفيه،

وربما يكون لدى الدكتور غليون معطيات تؤكد ما ذهب إليه في نداءه، ومع ذلك وقبل أن أكتب هذه التوضيح أيضا حاولت التأكد من جميع ماطالته يدي من مصادر، لم اجد مصدر واحد يؤكد أن هنالك خطف واغتيالات وتصفية حسابات بين أبناء الثورة، ولا حتى قام أبناء الثورة، باغتيالات طائفية وخاصة في حمص، وهي المقصودة من هذه التسريبات التي ترافقت مع انعقاد مجلس الجامعة العربية في القاهرة وازدادت قبل انعقاد المجلس بحضور تركي في الرباط، في الواقع هذا لايمنع وجود حوادث هنا وهناك، ولكن للأسف لا النظام استطاع أن يقدم بالدليل القاطع على وجود مثل هذه الاحداث ولا بعض المعارضين الذين يؤكدونها، وعلى الأقل أنا لم أقرأ ولم تصلني معلومات موثقة عن احداث من هذا القبيل، لا من جهة قيام الثوار في حمص بقتل أو خطف أحد على خلفية طائفية، ولا بتصفية حساب مع احد من ابناء الثورة على يد الثوار..وأتمنى في مثل هذه الامور أن يتم عرض الوثائق قبل الحديث عن الموقف المطلوب من الثورة والشعب السوري، وأنا أقدر حرص الدكتور برهان غليون على توجيه رسالته الاساس أن الثورة معركتها هي مع النظام وليس مع أي طرف آخر، حتى لو كان هذا الطرف يمثل قاعدة شعبية للنظام في هذه القرية أو تلك أو في هذا الحي أو ذاك..وليعذرني الصديق الدكتور برهان غليون وليعذروني أعضاء المجلس الوطني الموافقين على هذه الأسطر فقد أخطأ الدكتور برهان..

نحن لانخاف على ثورتنا وثوارنا من الشفافية المطلوبة بل العكس، نحن نكتب هنا لكي نؤكد تمسكنا بهذه الشفافية، ولكن الشفافية أول ما تقتضي تقتضي التوثيق والوقائع. وأعتقد أن الدكتور برهان قد اعتمد في مصادره على الحملة الشعواء التي يشنها بعض من يدعي معارضة، على أهلنا وثوارنا في مدينة حمص قلبنا السوري كما قلت..وهؤلاء يعتمدون على تسريبات النظام بغض النظر عن صحتها أو عدم صحتها، وبالمقابل ما أكتبه هنا لا يقلل أبدا من دعمي للدكتور برهان غليون كرئيس للمجلس الوطني، وجل من لايخطئ…والدكتور برهان من أكثر الشخصيات السياسية والفكرية التي تتقبل النقد، ومن أكثرها قدرة على التراجع عن الخطأ..فلاخوف على المجلس من هنات هنا وهناك..خاصة وأن مؤسسات المجلس الوطني السوري لم تكتمل بعد، ولاتزال عوائق موضوعية وذاتية تعيق اكتمالها والتي نحاول جميعا العمل من أجل تذليلها..!

ربما كان الدكتور برهان يريد الاشارة لما حدث في القاهرة من اعتداء بالأيدي والبيض على أعضاء من هيئة التنسيق الوطنية خاصة أن الدكتور برهان وموقفه المعروف في حرصه على وحدة المعارضة وانضمام هيئة التنسيق الوطنية للمجلس الوطني السوري كما صرح عدة مرات، لكن خانه التعبير ربما..وما تبقى من نداء الدكتور غليون أنا موافق عليه تماما..لهذا حاول بعض الناس الاصطياد بالماء العكر ومهاجمة المجلس من خلال هذه الهنات والمجلس ليس معصوما عن النقد، لكن التخوين والتشكيك وصل عند بعضهم إلى القول أن هناك أطراف داخل المجلس هي مع النظام، وهذا غير صحيح طبعا، لكن أن يحاول النظام اختراق المجلس مخابراتيا، عبر هذا الشخص أو ذاك أمر ليس غريبا على النظام وإن حدث فهذا لايغير أبدا من أن المجلس كان ولايزال وسيبقى حريصا على أفضل تمثيل سياسي للثورة ومطالبها في إسقاط هذه الطغمة الأسدية وتحقيق انتقال ديمقراطي سلمي نحو دولة سورية ديمقراطية لكل سورييها…

ليس مطلوب من المجلس أن يجاري بعض من يدعون معارضة، أو بعض من يرى في ذاته أكبر من المجلس ومن المعارضة، عدم مجاراتهم في كل تصريح او تلميح أو اتهام أوترديد تسريبات أمنية هنا وهناك.

النظام الآن يحاول أن يركز على أمرين أثنين” التشكيك بالثوار وبدماءهم وبالثورة التي هي سلمية وستبقى، وتصوير الأمر في سورية أن هنالك عنف وأحداث طائفية، وهذا ما تدعمه فيه روسيا ومخبريه من الأشقاء في لبنان الذين يظهرون على الفضائيات.. والأمر الثاني التشكيك بمصداقية المعارضة عموما والمجلس الوطني خصوصا. لهذا يجب أخذ الحيطة في كل تصريح او تعليق، وهنا أريد أن أوجه كلمة إلى الزملاء في المجلس الوطني، وخاصة من يخرجون إلى وسائل الاعلام، أن ينضوا تحت سقف خطاب المجلس، ويسعوا سريعا لكي يكون هنالك خطابا موحدا أزاء القضايا المصيرية التي تخص ثورتنا وسوريتنا…وإذا كان هنالك من لايوافق مطلقا على خطاب المجلس في بيانه التأسيسي فيمكن له ان يوضح افتراقه من جهة، ويمارس نشاطه الديمقراطي من أجل هيمنة خطابه هو على المجلس…لكن أن يخرج كل عضو ويعطي موقف مختلف عن العضو الآخر في القضايا الحساسة فهذا أمر لم يعد مقبول في ظروف شعبنا وثورتنا الآن..وخاصة لجهة مسألتين”

الأولى الموقف من التدخل الخارجي، والثانية الموقف من المسألة الطائفية والاثنية والدينية في سورية..فمشروع المجلس لسورية المستقبل مطروح، والمجلس وضع المجتمع الدولي منذ لحظة تأسيسه أمام مسؤولياته في حماية المدنيين والمتظاهرين السلميين..أما التدخل العسكري المباشر فقد بين المجلس رفضه له في بيانه التأسيسي، ولكن ترك الباب مفتوحا لكافة الخيارات الأخرى من أجل حماية شعبنا، وعندما يطرح اي خيار علينا، للمجلس الحق في البت فيه…

فليعذرني الدكتور برهان غليون بوصفه الشخصي وبوصفه رئيس مجلسنا الوطني السوري..

غسان المفلح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى