صفحات العالم

قرارات الجامعة لإبقاء الضغط على النظام وتعقيدات تُواكب تدويل الأزمة السورية

روزانا بومنصف
شهد مجلس الامن الدولي مطلع السنة الحالية متغيرات يراها البعض ايجابية من ناحية احتمال تأثيرها في اي مناقشة للأزمة السورية على طاولة المجلس، من بينها انتهاء عضوية لبنان الموقتة التي دامت سنتين في المجلس وكذلك انتهاء عضوية البرازيل وهما من الدول التي كانت مرتبكة او غير متجاوبة في الموضوع السوري لدى طرحه على المجلس، وحلول كل من المغرب وغواتيمالا مكانهما، والاخيران اكثر اقترابا في موقفيهما من الموقف الغربي ازاء هذا الموضوع. ويسجل البعض ايجابية اخرى نسبيا وهي انتهاء رئاسة روسيا للمجلس في شهر كانون الاول والتي اعلنت روسيا خلالها تقديم مشروع قرار حول سوريا تم الترحيب به الى حد ما من الدول الغربية مع الرغبة في مناقشته وادخال تعديلات عليه نظرا الى رفض الدول الغربية المساواة بين النظام في مواجهته المعارضة ودفاع الاخيرة عن نفسها وانتقال هذه الرئاسة الى جنوب افريقيا. لكن الآمال ليست كبيرة، حتى الآن على الاقل، على رغم هذه العناصر الجديدة وفق ما تقول مصادر ديبلوماسية، بأن تنتقل الازمة السورية لكي يتم بحثها على طاولة المجلس على رغم الجهود المستمرة لبعض الدول الغربية في هذا الاطار. اذ ان روسيا وعلى رغم اعلانها مشروع القرار الذي اعدته لهذه الغاية اكتفت بأن استخدمته على ما يبدو من اجل الضغط على النظام السوري من اجل القبول بالمبادرة العربية والتعاون مع بنودها تجنبا للتدويل واحراج حلفائها ولا سيما روسيا والصين في هذا الاطار، باعتبار ان النظام كان يمتنع عن التجاوب مع اي مبادرة. وتاليا فان روسيا لم تظهر اي استعداد لعرض هذا المشروع لمناقشته بين الدول الاعضاء في مجلس الامن حتى الآن، ما يجعل موضوع انتقال الازمة السورية الى مجلس الامن صعبا خصوصا ان روسيا لا تزال تعتبر كما بعض الدول العربية ان المبادرة العربية لم تستنفد بعد كل فرصها وانه يجب العمل على سد الثغر فيها قبل الانتقال الى التدويل باعتبار ان قلة خبرة المراقبين والتعثر في التطبيق هما مسؤولية الجامعة العربية تماما على غرار مسؤولية النظام في سوريا في عدم التعاون مع المبادرة. ووجود تناقض في الموقف العربي يترك فرصة لروسيا لإعطاء فرصة للنظام حتى اشعار آخر.
وثمة آراء مختلفة في هذا الاطار في ضوء معطيات عدة. بعضها يتحدث عن انزعاج اوروبي من عدم موازاة الحماسة الاميركية في موضوع نقل الازمة السورية الى مجلس الامن الحماسة الاوروبية، او على الاقل عدم التعاون والتنسيق بقوة في المجلس بين الولايات المتحدة واوروبا حول هذا الموضوع نتيجة اهتمامات واشنطن لدى مندوبيتها في الامم المتحدة بشؤون قارات اخرى. وذلك على رغم ان الاميركيين يظهرون رغبة قوية على الصعيد الاعلامي في نقل الازمة السورية الى مجلس الامن من اجل ان يتخذ عقوبات مؤثرة ضد النظام ترغمه على وقف القمع. في حين يتحدث البعض عن عدم اتخاذ الولايات المتحدة موقفا مؤثرا في هذا الاطار، بما يظهر من جانب ان ليس ما تريده واشنطن سهل التحقيق او قادرة على تحقيقه ويظهر من جانب اخر ان هناك مجموعة عناصر تأخذها العاصمة الاميركية في الاعتبار في هذا الموضوع وفي مقدمها بحسب بعض المعطيات الرغبة في معرفة البديل من الرئيس السوري بشار الاسد في السلطة ليس بالمعنى العام للكلمة بل شخص الرئيس المحتمل وكذلك رئيس الوزراء والتركيبة الوزارية المحتملة في حين ان هذه العناصر لم تنضج بعد ولم يظهر من المعارضة السورية ما يساعد الدول الغربية على الدفع بقوة في هذا الاتجاه. حتى ان هذه المعطيات تفيد بعدم وجود اتصالات مباشرة بين واشنطن والاخوان المسلمين في سوريا حتى الآن بل اتصالات غير مباشرة وفقا لهذه المعطيات وعلى ذمة اصحابها. يضاف الى ذلك عدم رغبة واشنطن كما تفيد هذه المعطيات في تكرار تجربة العراق في سوريا على عدة صعد من بينها تشرذم الجيش وانهيار المؤسسات نظرا الى صعوبة لملمتها لاحقا.
والبعض الآخر يتحدث عن محاولة كسب النظام السوري عبر الدعم الروسي والصيني لما يقول انها اصلاحات يريد ان يبدأ بتنفيذها هذه السنة وفقا لما اورده في الرسالة التي بعث بها الى مجلس الامن الدولي بعد انفجاري دمشق في 23 الشهر الماضي بحيث قال انه “كلما صدرت قوانين جديدة واتخذت اجراءات اصلاحية جدية في سوريا زاد التصعيد والضغوط الخارجية السياسية والاعلامية” معلنا عزمه على “استكمال البرنامج الاصلاحي الواعد الذي يجري تنفيذه”. وهذا الاعتقاد الذي تود روسيا الاقتناع به بعمق يعني بانه سيتم الافادة ايضا وايضا من مهمة بعثة المراقبين والمبادرة العربية لحل الازمة في سوريا بحيث يمكن ان يفيد منه الطرفان المتناقضان في هذه المعادلة الاول من حيث توافر الظروف لنضوج ضعف النظام وبروز البدائل والاخر من حيث اعطاء فرصة اضافية للنظام لاثبات قدرته على ادخال تغيير يقول انه سيقوم به مع الانتخابات المرتقبة في شباط المقبل.
ومن هذه الزاوية تبدو قرارات وزراء الخارجية العرب على خلفية جلسة المشاورات التي يعقدها مجلس الامن الدولي يوم غد الثلثاء في موضوع الازمة السورية في اطار المزيد من الضغط من اجل التزام النظام السوري المبادرة ما لم يبرز ما يبدل من هذه المعطيات على نحو مفاجئ.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى