خالد ممدوح العزيصفحات سورية

قراصنة النظام السوري للإعلام الالكتروني


خالد ممدوح العزي

مجلة زمان الوصل الالكترونية في سورية تقع تحت سيطرة جنود النظام الالكترونية ،تحتل المجلة وتمنع من الصدور إلى الخارج ،ترفع صور الرئيس بشار الأسد على صفحاتها ،وتكتب كلمة واحدة في الأسفل بنحبك، البلد يعيش حالة حرب فعلية تقوبن أنصار الرئيس وعامة الشعب السوري الذي يخرج للتظاهر ويحرق الصور ويمزقها ،ويرف شعار ارحل ،ما بنحبك .الاحتلال لم يعد مقتصر على القرى والمدن السورية والجوامع التي تهاجم يوميا بواسطة فرق الموت السورية والكتائب الأمنية والشبيحة،بل تعدت ذلك لتصل بدورها إلى مهاجمة المثقفين والكتاب والفانيين لذي نادوا الثورة السورية ووقفوا مع الشعب الحر الثائر المطالب في الحرية . فأحوال الصحف والصحافيين لم يكن بعيدا جدا عن ممارسة البلطجة التي كانت تطالب الإعلاميين بالخروج من وسائل الإعلام العربية والعالمية التي تفضح ممارسات النظام السوري وهمجيته اتجاه شعبه الأعزل ، فالشبيحة في سورية مستعدة لحرق البلد من اجل إبقاء الرئيس على كرسي الرئاسة،فالنظام السوري جهز جيش من القراصنة والبلطجيين ،من اجل التخريب الالكتروني من اجل منع التواصل مع العالم الحر .

المهمة بسيطة جدا وهي تكمن في:

1- تخريب المواقع المعادية للنظام ومنع المواطنين من الدخول إليها،وتزويدها بمعلومات وصور من المناطق المنكوبة والتي هي وثاق يومية لعمل الجيش والنظام،

2-كشف المواقع الشخصية للناشطين السورين من اجل منع التواصل فيما بينهم،

3-بث كمية هائلة من المعلومات الكاذبة والصور الغير حقيقية وإرسالها للمحطات الفضائية من اجل تكذيبها من قبل شبيحة النظام الإعلاميين لكي يسحب الثقة من يد هذه القنوات التي أضحت نارا وسلام على النظام.

4- الدخول على مواقع الكترونية وقرصنتها لمنعها من إيصال الخبر والصورة إلى الداخل والخارج .

5- الحد من استعمال شبكة النت،وقطع وسائل الاتصال الاجتماعي التي أضحت الرابط الحقيقي بين الداخل والخارج.

6- مراقبة الهواتف النقلة ومتابعة الأشخاص المتحدثين عبرها،ورصد الرسائل القصيرة من هواتف الشباب.

7- مراقبة وإقفال صفحات “الفيس بوك” التي تخص الثورة والثوار،وفتح صفحات تخص النظام ومناصريه .

8- متابعة جدية لأصحاب المدونات السورية التي تشكل مصدر إزعاج وقلق للسلطة،نظرا لما تمثله هذه المدونات في التأثير السريع على نشر الاخبار.

فالقرصنة كان من نصيب جريدة زمان الوصل الالكترونية التي كانت ومازالت منبرا ثقافيا وإعلاميا عربيا وسوريا،فالمجلة لم تكن متطرفة بمواضيعة ضد النظام أو المعارضة بل كانت تمارس الإعلام بموضعية كاملة دون فبركة وتقزيم لسير الأحداث الجارية في سورية . فالنظام السوري قد جهز فيلق القراصنة الالكترونية بأحدث المعادة التقنية والتكنولوجية ، وتزويد الأخصائيين بأحدث الأجهزة الحديثة التي تم جلبها من دول مختلفة تساعد النظام في قمع الثورة السورية ولكي يتمكن من خلالها مراقبة عمل المعارضة السورية وشبابها ، ومن اجل السيطرة على كل المواقع المعارضة ،بالرغم من تحكم النظام بوسائل الاتصال الاجتماعي من خلال سيطرته على شبكة النت،وشركات الاتصال الداخلية الرسمية والخاصة

لقد مارست المجلة عملها المهني دون التبجيل والتمجيد بأحد، فاستقبلت المقالات المختلفة التي تعبر عن رأي كتابها وليس رأي المجلة،فكانت تميل إلى المهنية الإعلامية الموضوعية أكثر بكثير من ميلها إلى تتبوأ مركز أو منبر سياسيا محسوب على احد،لهذا السبب نجحت المجلة في العمل المهني منذ تأسيسها عام 2005 وبظل القمع الذي يمارسه النظام السوري ،والرقابة المفروضة على حرية الكلمة ،في داخل نظام لا يؤمن بالتعددية والديمقراطية وحرية الرأي والاستماع للآراء الأخرى،نجحت المجلة نجاحا باهرا بان تكون منبرا ثقافيا وإعلاميا حرا ،هذا ما أزعج النظام السوري الذي عمد فورا لاحتلال المجلة الكترونيا من خلال جيشه الهمجي وشبيحته ،فرفعت صور الرئيس على الموقع بدل أن يرفع العلم السوري ،عندما يتم احتلال منطقة أو مدينة يرفع علم البلد الذي احتل الموقع،لكن في سورية الانتماء للشخص وليس للوطن .

طبعا هذا النظام الذي يعلن إلى الجميع يعمل على إصلاحات ويريد محاورة المعارضة ،ويريد أطلاقة حرية الإعلام والأحزاب، لكننا نرى العكس احتلال للمدن السورية واحتلال للمواقع الالكترونية ، منع التظاهر ، إطلاق النار الحي على المتظاهرين ،شن أوسع حملات الاعتقالات في القطر السوري، ممارسة البلطجة الإعلامية من خلال تلفزيون الدولة الرسمي وأخواته، منع الإعلاميين من ممارسة عملهم ،منع الناشطين الحقوقيين من الوقف على أعمال النظام الوحشية والمخزية.

أمام هذه الممارسة يخرج الرئيس بشار الأسد ليقول للعالم بأنه وجد في شعبه، كثيرا من الحب الذي يضمره باتجاه الرئيس، بالوقت الذي يخرج الشعب في مظاهرات مليونية تطلبه بالرحيل وتسقط الشرعية عنه .

فالقرصنة الالكترونية تمارس من قبل مجموعة صغيرة من فئات المجتمع لثبت للجميع بأنها قادرة على العبث في هذه الأجهزة ،وهذا العمل ليس من شيم الدول المحترمة لكون هذه الدول تحارب القرصنة الالكترونية الذي يعتز بها النظام السوري في مواجهته مع المعارضة التي ترفع سلاحها الالكتروني بوجه ترسانته العسكرية،وقوته الأمنية الفتاكة،لكن الكلمة أقوى من صوت الرصاص، وتأثيرها كبير في عقل الناس ،فالنظام ضعيف جدا بسبب بعد الشعب عنها وأصبح متأزم نفسيا، لذلك يقوم بقطع كل شيء من اجل تخويف الجماهير.

فالمجلة سلاح قوي بيد المثقفين السورين الذين حسم أمرهم والانخراط بحركة التغير التي تعصف بسورية والمنطقة العربية ،هم يدفعون ضريبة الحرية ،لان إسكات القلم ليقل اهتماما عن إسكات الصوت،فالأنظمة الشمولية والدكتاتورية والاستبدادية تخاف من الكلمة التي تفقدها ،لذلك تتوجه نحو نطقيها وصانعيها من اجل حدها عن طريق التهديد والقتل والإقفال،وهذه الحالة تم ممارستها سابقا في الأنظمة الدكتاتورية “الاتحاد السوفياتي ،ألمانيا ،اسبانيا ،الأرجنتين،ايطاليا،العراق،وسورية”.

أيها الزملاء في مجلة زمان الوصل نشد على أيديكم ونتضامن معكم في معركتكم مع النظام السوري الذي لنا تجربة طويلة معه من خلا ممارسته للقمع والإقفال وحتى الاعتقال والقتل .

فالصحافة السورية كان لها تجربة طويلة مع الانتداب الفرنسي الذي مارس عليها ابشع التنكيل والإقفال والاعتقال لإخماد صوتها وأسكتها،لكنه لم يستطيع ابد وتجربة نجيب الريس في جريدة القبس السورية كافية لتروي العذاب التي مرت به الصحافة السورية الورقية.

لأخوف بعد اليوم من جبروت النظام السوري وأعوانه، انتم الذين صنعتم من لاشيء شيء، في مواجهة هذا النظام القمعي والاستبدادي، تجربتكم سوف تكون درس لكل الشعوب التي تقاتل من اجل تقرير مصيرها، ونيل حريتها.

أيها الزملاء في مجلة زمان الوصل فما عليكم إلا التحلي بالصبر، والفرج قادم ،”لبد للقد أن ينكسر، ولليل أن ينجلي”، هذا هو النضال الذي اخترتموها انتم من اجل مستقبل سورية الحرة والجديدة.

التحية لكم ولعملكم بظل الظروف البشعة التي تسيطر على بلدكم الشقيق،متمنيا لكم خلاصا سريعا وسلميا من اجل المحافظة على بلدكم سورية وأهلها الطيبين،لتبقى سورية حرة أبية، لتستمر الصحافة الموضوعية في سورية بالرغم من كل الهزات التي تحاول أن تعصف فيها،لتبقى الأقلام الحرة والجريئة مملوءة بالحبر لكي تكتب وتعارض كل شيء وتصارع من اجل غدا أفضل وجميل.

تحية لكل المواقع التي تتعرض لقرصنة من قبل النظام ،تحية لكل الأقلام الحرة التي تكتب في سورية وتواجه المجهول لان القلم هو سلاحنا والكلمة هي روحنا وفيهما يتم خوض اكبر المعارك ،و بهما يتم عبور مثلت برمودا.

الكلمة الحرة باقية والإعلام النزيه مستمرة والصحافيين في المقدمة فإلى الأمام، والأنظمة إلى زوال لان الشعب هو الباقي،والكلمة خالدة،والقلم لن يجف .

د.خالد ممدوح العزي

صحافي وباحث إعلامي،و مختص بالإعلام السياسي والدعاية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى