صفحات العالم

قرب انهيار النظام السوري يعجّل في تشكيل حكومة انتقالية

 

ربى كبارة

تتكاثر المؤشرات على قرب انهيار النظام السوري، فيما انعقد مؤتمر “اصدقاء الشعب السوري” وسط دلائل توحي باقترابه من تشكيل حكومة انتقالية بعد الاعتراف الدولي به “ممثلا شرعيا للشعب السوري” بما يفتح الباب امام مدّ ذراعه العسكرية، الذي شكل قيادة موحدة غاب عنها المتطرفون، بأسلحة نوعية تسمح له بالحسم، وأوحى بها خصوصاً ضم الولايات المتحدة الاميركية “جبهة النصرة” الى لائحة التنظيمات الارهابية.

ففي المؤتمر، الوزاري الرابع لـ”اصدقاء الشعب السوري” الذي بدأ امس اجتماعاته في مدينة مراكش المغربية، اعترفت اكثر من مئة دولة ومنظمة بائتلاف المعارضة السوري “ممثلا شرعيا للشعب السوري ومظلة تنظيمية تأتلف تحتها اطياف المعارضة” وفق ما تسرب عن مسودة البيان الختامي.

قبيل انطلاق المؤتمر، كشف الرئيس الاميركي باراك اوباما عن قرار اعتبار الائتلاف “الممثل الشرعي للسوريين” لانه “جمع ما يكفي من الفصائل التي تعكس وتمثل بشكل كاف الشعب السوري”. وسبقه في ذلك اعتراف الاتحاد الاوروبي وقبله جامعة الدول العربية. وقد استبق أوباما اعترافه بإدراج مقاتلي “جبهة النصرة في بلاد الشام” على لائحة التنظيمات الارهابية باعتبارها من فروع تنظيم “القاعدة” في العراق تمهيدا للدعم العسكري الذي طالما ترددت اميركا به خشية وقوعه في يد “ارهابيين” بما ساعد على انتشار العنف الطائفي المدمر الذي يفاقم صعوبة اعادة الاعمار بعد انتهاء العمليات العسكرية.

وقد انتقدت روسيا الاعتراف الاميركي ورأت أنه يتعارض مع اتفاق جنيف للحل عبر حوار سياسي ، تخطته فعليا الاحداث، ويعني مراهنة على “الانتصار المسلح” للمعارضة وفق ما صرح به وزير خارجيتها سيرغي لافروف. وبذلك تصبح تحركات الموفد الاممي العربي الاخضر الابراهيمي للوصول الى حوار سياسي بين ممثلين عن النظام والمعارضة عبثية اسوة بسابقاتها من تحركات عدنان الدابي الى كوفي انان.

وتتميز “جبهة النصرة” منذ ظهورها على مسرح الاحداث مطلع العام 2011 بنشاط ميداني ناجح، خصوصا وان غالبية عناصرها يتمتعون بخبرات قتالية اكتسبوها على ارض العراق مما استدعى ادانة، ولو شكلية، من بعض مسؤولي الثورة السورية للخطوة الاميركية. ويذكّر سياسي لبناني متابع بموقف اميركا السابق الداعم لاسامة بن لادن ومقاتليه في مواجهة المدّ الشيوعي في افغانستان، ويقول ممازها “يستخدمون اصحاب اللحى للاعمال القذرة التي تساعد على الحسم ثم يرمونهم جيفة”.

وتشير مصادر المعارضة الى انها ستنكب على تشكيل حكومة انتقالية مؤقتة سيعتبرها العالم، باستثناء ابرز حلفاء دمشق من روسيا الى الصين وايران، ممثلا شرعيا “وحيدا” للشعب السوري يحتل مندوبوها مقاعد النظام في الجامعة العربية ومناصب السفراء، بما يحكم طوق العزلة الدولية الى جانب العقوبات.

ويعزو المراقبون الخطوات الدولية الى تكاثر الادلة على الانهيار الحتمي مع فقدان النظام السيطرة على الوضع لاستعادة الامساك بزمام السلطة وسط مؤشرات على ان الانتفاضة، المستمرة منذ نحو 20 شهرا سقط خلالها اكثر من 40 الف ضحية الى جانب الدمار الكبير، تقترب من مرحلة الحسم الاخيرة خصوصا مع انتقال المعارك الى محيط مطار دمشق الدولي والى احياء في قلب العاصمة منها كفر سوسة والمزة حيث أبرز المقارّ الامنية.

وبذلك يصبح الاسد امام خيار من ثلاثة: إما يسلّم السلطة، او يحتفظ بها في مربع جغرافي طائفي يعمل على توسيعه قدر المستطاع خصوصا عبر ضم منطقة حمص التي يدمرها بسبب نجاح الثوار في التمسك ببعض مناطقها، او يستخدم الاسلحة الكيماوية ضد شعبه.

ويتساءل السياسي اللبناني المتابع ساخراً “هل يرتضي الاسد بمنطقة تحرسها قاعدة روسية بحرية في طرطوس ستكون على غرار قبرص التركية لا يعترف بها العالم باستثناء حلفائه المقربين”؟. كما يلفت الى ان استخدامه الاسلحة الكيماوية سيكون بمثابة انتحار فعلي لان التدخل العسكري الخارجي، المستبعد حاليا، والذي سيكون مد المعارضة بأسلحة نوعية بديلاً له، يصبح متاحا خصوصا في ظل معلومات صحافية عن خطط عسكرية جاهزة للتدخل حينها، وتلميح بريطانيا الى عدم استبعاد أي خطوة في حال اللجوء الى هذا المخرج. اضافة الى ان استخدامها سيحرج روسيا والصين اللتين تحميانه من أي قرار يساعد على إطاحته عبر استخدام حق النقض في مجلس الامن الدولي.

ومن المتوقع ان ترخي تطورات الاوضاع السورية حكماً بظلالها على مواقف “حزب الله” الذي سيكون على غرار حليفه الاسد امام خيار من ثلاثة: افتعال معركة مع اسرائيل، او معركة في الداخل، او الانخراط في تسوية داخلية على قاعدة الخضوح لسيطرة الدولة. ويرى المصدر نفسه أن الخيار الاول يعني انتحارا وتملكه فقط ايران، اما الثاني فقد سبق له ان جرب خسائره في 7 ايار 2008، والثالث المتوفر هو التفاوض مع شركائه في الوطن، لافتا الى مرونة ما بدأت تظهر في مواقفه عبر سعيه إلى التحاور مع “تيار المستقبل” حدا لخسائره.

المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى