صفحات الثقافةفواز القادري

قصيدة -استشراف- والثورة السورية بعد عشرين عاماً


 

فواز قادري

فاجأتني رسالة الأديب العراقي صباح كنجي، بالحديث عن قصيدة “استشراف” المنشورة في كتابي ” بصمات جديدة لأصابع المطر” التي مضى على كتابتها أكثر من عشرين عاماّ؛ أمر مثير للاهتمام أن يتذكر الأديب صباح قصيدة سمعها في أحد الأمسيات، وتبقى هذه القصيدة عالقة في الذاكرة. بل وأكثر من ذلك، يقول عنها الاديب صباح: إنها استشرفت ما يحدث الآن في سورية، ويبحث عن الشاعر كاتب القصيدة الذي لا تربطه به أيّة علاقة ويراسله ويسأله عن القصيدة، فهذا يدعو أكثر للاهتمام، ويدعوني إلى شكر الأديب صباح كنجي.

أترك لكم رسالة الأديب صباح كنجي وقصيدة “استشراف” لتحكموا كم حملت القصيدة من معنى عنوانها؟ رغم أن ما يحدث في سورية قد تجاوز كل أشكال الإجرام، في مراحل كثيرة من التاريخ وفي وقتنا الحاضر، وليس بوسع قصيدة واحدة، أو مئات القصائد أن تحيط بعظمة هذه الثورة.

رسالة صباح كنجي:

اخي فواز

تحية حارة ..

“اتابع كتاباتك وما تضعه على النيت .. منذ فترة يراودني سؤال بالاستفسار عن قصيدة سمعتها عام 1990 او 1991

في لقاء شعري /أدبي في الجزيرة / القامشلي حضره عدد من الشعراء والادباء من دير الزور وأدلب.. كنت حينها قد

تجاوزت العراق بحثاً عن نصف حرية خلف الحدود .. القصيدة كانت بعنوان استشرف وجه البلاد .. تصور ما سيلحق

بسوريا من مجازر وقمع وتتنبأ بالكثير مما يحدث اليوم…هل هذه القصيدة لك؟ .. .. وأذكر من بين الشعراء المتواجدين

شاعر شعبي من دير الزور القى قصيدة باللغة المحكية ( شعر شعبي ) هل تعرفه ؟ وهل لديك اخباراً عنه ؟ ..

مع امنياتي لك بالمزيد من الابداع .

صباح كنجي “

قصيدة استشراف

أستشرف مستقبل البلاد

أرى النار الجليلية تعمُّ

بارودة في يد الطفل القتيل

دم يسيل في المجاري

قبلة موقوتة في المعطف

جنديّ يطارد الحياة

والأطفال لا يعون

أستشرف جرح البلاد

من السواد إلى السواد

أيّها الجمر

استفق في الأغاني

ولا تغادر أمكنة الدمع الذليل

قتيل يسأل عن القتلى المكدّسين

يجيء الموتى فرادى

ولا تجيء الحياة

يتزاحم الشهداء

على صنبور المياه

تغتسل الأغاني من خطايا الحياد

ولا تغادرنا البلاد إلى حتفها

ولن نقف مكتّفين

في جنازة الدم الشهيد

موتى على الأبواب

يقرعون القلب

موتى في الحدائق

ينزحون عن نضارة العشب

موتى بلا ذكريات

ولا أسماء

الفاشيّة استفاقت

احترسوا

أيّها الموتى القادمون.

00

موت في البلاد التي لا تستفيق

موت للرفيق الفتيّ

للزهرة وللعصفورة العاشقة

مشنقة تتجوّل في الطريق

بيت عتيق متراس الكادحين

دم، وطين، وماء

اغنيات مضرّجة في العويل

نباح نجمة قريبة من الموتى

مصباح شاهد زور

دورة للحياة

موت في البلاد التي لا تستفيق

تختفي الجثث

عن أعين المجنزرات

وأعزل.. أعزل دم الكادحين

فيا أيّها النهار المؤجّل

ارتقب

هجوم الليل الأخير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى