صفحات العالم

قلها يا جربا/ خليل حرب

من تعاسة حظ السوريين انهم وصلوا الى الحد الذي يجري تصوير مصيرهم وكأنه مرهون بكلمة واحدة من احمد الجربا.

واشنطن تأمل وموسكو تراهن والامم المتحدة تتمنى، ان يحزم الاخوة الاعداء في «الائتلاف» اليوم في اسطنبول حضورهم مؤتمر «جنيف 2» من عدمه.

«مجرد احلام»، قال مؤخرا ديبلوماسي عربي مطلع على خلفيات المؤتمر السويسري، عند حديثه عن فكرة تشكل وفد موحد لقوى المعارضة السورية في الداخل والخارج. صدق تشاؤمه، وخرجت شخصيات «المجلس الوطني» متمردة، بينما قررت «هيئة التنسيق» المقاطعة، فيما تبعثرت شخصيات «الائتلاف» كل بحسب ولائه الخارجي، او مصالحه.

لا يسعفك التاريخ الحديث اذا حاولت استحضار حالة تتعلق بقوة سياسية او عسكرية في صراعات العالم وحروبه، رفضت فكرة الحوار او التفاوض كمبدأ، مثلما فعلت قوى المعارضة السورية في الخارج على مدار سنوات الازمة السورية. ان «جنيف 1»، لمن سها عنه الامر، انعقد على قواعد اساسية من بينها محاولة نزع الشرعية عن النظام السوري، ومحاولة احتكار التحدث باسم السوريين، وتهميش كل القوى المعارضة التي لا تتلاءم طروحاتها مع التيارين الأساسيين لـ«قرضايات دمشق» المرتبطين بكل من السعودية وقطر وتركيا.

من فيتنام الى الجزائر والفيليبين وسريلانكا ونزاعات اميركا اللاتينية. امبراطور اليابان هيروهيتو في نهاية الحرب العالمية الثانية. حتى ملوك الطوائف اللبنانية، انصاعوا بعد 15 سنة من الاحتراب الى مؤتمر الطائف. الدويلات البلقانية تقاتلت في قلب اوروبا طوال خمسة اعوام، ثم راحت الى التفاوض في دايتون. اصحاب «الرايخ الثالث»، النازيون في المانيا، وهم كانوا أصحاب مشروع للهيمنة عالميا، قاتلوا طويلا دفاعا عنه ثم جلسوا مع «أعدائهم» الى طاولة واحدة، ووقعوا صك الاستسلام في 7 أيار العام 1945.

قل لنا يا جربا إنك لن تنتظر خراب برلين ولن تنتحر. قل للسوريين وغيرهم بجرأة إن لا مشروع لدى جماعتك ومموليهم، للارتقاء بسوريا، أفضل مما يبدو عليه «ائتلافك». قل لنا ولا تستسلم لا في اسطنبول اليوم ولا في جنيف غداً. لكن قل، إذا كان «ائتلافك» يمثل ما يدعيه، أنك ستنخرط في التسوية، لا باسم الهزيمة، وإنما دفعاً لتهمة دورك في استباحة حياة السوريين، ومساهمة في حقن دمائهم التي تتهم النظام وحده بسفكها.

قلها اليوم يا جربا، كن شجاعاً لمرة، أو استقل.

السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى